تفسير سورة الفرقان

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿نُشُورًا﴾ النُّشُورُ: الإِحْيَاءُ بَعْدَ المَوْتِ.
﴿تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ صَوْتًا مُزْعِجًا مِنْ تَغَيُّظِهَا عَلَى أصحابِها المشركين بالله الكافرين به، والغَيْظُ: الغَضَبُ الشَّدِيدُ.
﴿مُقَرَّنِينَ﴾ مُصَفَّدِينَ، قُرِنَتْ أَيْدِيهِمْ إلى أَعْنَاقِهِمْ في الأغلالِ، أو قُرِنُوا مع الشَّيَاطِينِ.
﴿ثُبُورًا﴾ هَلَاكًا.
﴿بُورًا﴾ هَلْكَى، جَمْعُ بَائِرٍ أي: هَالِكٍ.
﴿وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ طَغَوْا طُغْيَانًا كَبِيرًا حتى طَالَبُوا بنزولِ الملائكةِ ورؤيةِ الربِّ تَعَالَى.
﴿حِجْرًا مَّحْجُورًا﴾ أي: تَقُولُ الملائكةُ: حَرَامًا مُحرَّمًا عليكم أن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ.
﴿هَبَاء﴾ الهباءُ: ما يَخْرُجُ من الكُوَّةِ مع ضوءِ الشمسِ شَبِيهٌ بِالْغُبَارِ، يُضْرَبُ مَثَلًا في مُحَقَّرَاتِ الأُمُورِ.
﴿مَنثُورًا﴾ مُفَرَّقًا.
﴿بِالْغَمَامِ﴾ الغَمَامُ: هُوَ سحابٌ أبيضُ رَقِيقٌ.
﴿مَهْجُورًا﴾ مَتْرُوكًا.
﴿سُبَاتًا﴾ رَاحَةً لِأَبْدَانِكُمْ.
﴿أَنَاسِيَّ﴾ جمع إِنْسَانٍ، أو جمع إِنْسِيٍّ، وهو واحدُ الإِنْسِ مثل: كُرْسِيٍّ وَكَرَاسِيَّ.
﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾ أَرْسَلَهُمَا مُتَجَاوِرَيْنِ، لا يبغي أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ فَيُفْسِدُهُ، وَيُخْرِجُهُ عن طَبِيعَتِهِ، والبحرُ: الماءُ الكثيرُ سواءٌ كان مَالِحًا أو حُلْوًا، وَأَرَادَ بالبحرين: البحرَ المالحَ، والنهرَ الكبيرَ.
﴿مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ شَدِيدُ المُلُوحَةِ.
﴿بُرُوجًا﴾ النُّجُومُ، عُمُومُهَا أو مَنَازِلُ الشَّمْسِ والقمرِ التي تَنْزِلُ مَنْزِلَةً مَنْزِلَةً، وهي بمنزلةِ البروجِ والقِلَاعِ للمُدُنِ في حِفْظِهَا، كذلك النجومُ بِمَنْزِلَةِ البروجِ المَجْعُولَةِ للحراسةِ؛ فإنها رُجُومٌ لِلشَّيَاطِينِ.
﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا﴾ فيه النورُ والحرارةُ، وهي الشمسُ.
﴿وَقَمَرًا مُّنِيرًا﴾ فيه النورُ لا الحَرَارَةُ، وهذا من أدلةِ عَظَمَتِهِ وَكَثْرَةِ إِحْسَانِهِ، فإن ما فيها من الخَلْقِ البَاهِرِ والتدبيرِ المُنَظَّمِ والجَمالِ العظيمِ دَالّ عَلَى عَظَمَةِ خَالِقِهَا في أوصافِه كُلِّهَا، وما فيها من المصالحِ لِلْخَلْقِِ والمنَافِعِ دَلِيلٌ عَلَى كَثْرَةِ خَيْرَاتِهِ.
﴿يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ أي: سَاكِنِينَ مُتَوَاضِعِينَ للهِ وَلِلْخَلْقِ، فهذا وصفٌ لهم بالوَقَارِ والسَّكِينَةِ والتواضعِ للهِ ولعِبَادِهِ.
﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ﴾ أي: خطابَ جَهْلٍ، بدليلِ إضافةِ الفِعْلِ، وَإِسْنَادِهِ لهذا الوَصْفِ.
﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ أي: خَاطَبُوهُمْ خِطَابًا يَسْلَمُونَ فيه مِنَ الإِثْمِ، وَيَسْلَمُونَ من مُقَابَلَةِ الجَاهِلِ بِجَهْلِهِ، وهذا مدحٌ لهم بالحِلْمِ الكثيرِ، ومقابلةِ المُسِيءِ بالإحسانِ.
﴿غَرَامًا﴾ مُلَازِمًا لأَهْلِهَا بمنزلةِ مُلَازَمَةِ الغَرِيمِ لِغَرِيمِهِ.
﴿وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ أي: تَقَرُّ بِهِمْ أَعْيُنُنَا.
﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ أي: أَوْصِلْنَا يَا رَبَّنَا إلى هذه الدرجةِ العاليةِ، درجةِ الصِّدِّيقِينَ وَالْكُمَّلِ من عبادِ اللهِ الصَّالحِينَ، وهي درجةُ الإمامةِ في الدِّينِ، وأن يكونوا قُدْوَةً لِلْمُتَّقِينَ في أَقْوَالهِمْ وأَفْعَالِهمْ.
﴿الْغُرْفَةَ﴾ المنازلُ الرفيعةُ والمساكنُ الأنيقةُ الجَامِعَةُ لكلِّ مَا يُشْتَهَى.
﴿مَا يَعْبَأُ﴾ ما يُبَالِي وَمَا يَهْتَمُّ.
﴿لِزَامًا﴾ أي: مُلَازِمًا لَكُمْ.
77
سُورة الشُّعَرَاء
سورة الفرقان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الفُرْقان) من السُّوَر المكِّية التي تحدَّثتْ عن معجزةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وما أيَّده اللهُ به؛ وهو هذا القرآنُ الكريم، ودلَّلت السورة على أن هذا الكتابَ جاء فُرْقانًا بين الحق والباطل؛ فلم يترُكْ خيرًا إلا دلَّ عليه، ولم يترُكْ شرًّا إلا حذَّر منه، وقد جاءت هذه السورة بشُبهاتِ الكفار والمعانِدين، ورَدَّتْها بما يؤيد صِدْقَ رسالته صلى الله عليه وسلم، وقد أقامت الحُجَّةَ على كلِّ مَن ترك الحقَّ ومال إلى الباطل؛ لأن اللهَ أوضَحَ طريقَ الحق، وأبانه أيَّما بيانٍ؛ فللهِ الحُجَّةُ البالغة!

ترتيبها المصحفي
25
نوعها
مكية
ألفاظها
897
ترتيب نزولها
42
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
77
العد الكوفي
77
العد الشامي
77

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «سألتُ أو سُئِلَ رسولُ اللهِ ﷺ: أيُّ الذَّنْبِ عند اللهِ أكبَرُ؟ قال: «أن تَجعَلَ للهِ نِدًّا وهو خلَقَك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: «ثم أن تقتُلَ ولَدَك خشيةَ أن يَطعَمَ معك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: أن تُزَانِيَ بحَلِيلةِ جارِك»، قال: ونزَلتْ هذه الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ ﷺ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]». أخرجه البخاري (٤٧٦١).

وفيها سببٌ آخَرُ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ ناسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قتَلوا وأكثَروا، وزَنَوْا وأكثَروا، فأتَوْا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ، لو تُخبِرُنا أنَّ لِما عَمِلْنا كفَّارةً؛ فنزَلَ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]، ونزَلتْ: {قُلْ ‌يَٰعِبَادِيَ ‌اْلَّذِينَ ‌أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ} [الزمر: 53]». أخرجه البخاري (٤٨١٠).

* قوله تعالى: {إِلَّا ‌مَن ‌تَابَ ‌وَءَامَنَ ‌وَعَمِلَ ‌عَمَلٗا ‌صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اْللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ اْللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قال ابنُ أَبْزَى: سَلِ ابنَ عباسٍ عن قولِه تعالى: {وَمَن ‌يَقْتُلْ مُؤْمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا} [النساء: 93]، وقولِه: {وَلَا ‌يَقْتُلُونَ ‌اْلنَّفْسَ ‌اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ} [الفرقان: 68] حتى بلَغَ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ} [الفرقان: 70]،  فسألْتُه، فقال: لمَّا نزَلتْ، قال أهلُ مكَّةَ: فقد عدَلْنا باللهِ، وقد قتَلْنا النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأتَيْنا الفواحشَ؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا} إلى قولِه: {غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]». أخرجه البخاري (٤٧٦٥).

* سورة (الفُرْقان):

سُمِّيت سورةُ (الفُرْقان) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (الفُرْقان) في افتتاحها، وهو اسمٌ من أسماء القرآن الكريم.

تضمَّنتْ سورةُ (الفُرْقان) عِدَّة موضوعات؛ جاءت على النحو الآتي:

1. صفات الإلهِ الحقِّ، وعَجْزُ الآلهة المزيَّفة (١-٣).

2. شُبهاتهم حول القرآن، وردُّها (٤-٦).

3. شُبهاتهم حول الرسول، وردُّها (٧-١٠).

4. الدوافع الحقيقية وراء تكذيبهم (١١-١٩).

5. سُنَّة الله في اختيار المرسَلين، وعادة المكذِّبين (٢٠-٢٩).

6. شكوى الرسول من قومه، وتَسْليتُه (٣٠-٤٠).

7. الاستهزاء والسُّخْريَّة سلاح العاجز (٤١-٤٤).

8. الحقائق الكونية في القرآن من دلائل النُّبوة (٤٥-٥٥).

9. مهمة الرسول ونهجُه في دعوة المعانِدين (٥٦-٦٢).

10. ثمرات الرسالة الربانية (٦٣-٧٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /270).

مقصدُ السُّورة الأعظم: إظهارُ شَرَفِ الداعي صلى الله عليه وسلم؛ بإنذارِ المكلَّفين عامةً بما له سبحانه من القدرة الشاملة، المستلزم للعلم التامِّ، المدلول عليه بهذا القرآنِ المبين، المستلزم لأنه لا موجودَ على الحقيقة سِوى مَن أنزله؛ فهو الحقُّ، وما سِواه باطلٌ.

وتسميتُها بـ(الفُرْقان) واضحُ الدَّلالة على ذلك؛ فإن الكتابَ ما نزل إلا للتفرقة بين الملتبِسات، وتمييزِ الحقِّ من الباطل؛ ليَهلِكَ مَن هلَك عن بيِّنة، ويَحيَى مَن حَيَّ عن بيِّنة؛ فلا يكون لأحدٍ على الله حُجَّةٌ، وللهِ الحُجَّة البالغة!

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /317).