تفسير سورة الصف

تفسير البيضاوي

تفسير سورة سورة الصف من كتاب أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بـتفسير البيضاوي.
لمؤلفه البيضاوي . المتوفي سنة 685 هـ
سورة الصف مدنية وقيل مكية وآيها أربع عشرة آية.

(٦١) سورة الصف
مدينة، وقيل مكية وآيها أربع عشرة آية
[سورة الصف (٦١) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ (٣)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سبق تفسيره.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
روي أن المسلمين قالوا: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فأنزل الله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا فولوا يوم أحد فنزلت.
ولِمَ مركبة من لام الجر وما الاستفهامية والأكثر على حذف ألفها مع حرف الجر لكثرة استعمالهم معاً واعتناقهما في الدلالة على المستفهم عنه.
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ المقت أشد البغض ونصبه على التمييز للدلالة على أن قولهم هذا مقت خالص كَبُرَ عند من يحقر دونه كل عظيم، مبالغة في المنع عنه.
[سورة الصف (٦١) : الآيات ٤ الى ٥]
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥)
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا مصطفين مصدر وصف به. كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ في تراصهم من غير فرجة، حال من المستكن في الحال الأولى. والرص اتصال بعض البناء بالبعض واستحكامه.
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ مقدر باذكر أو كان كذا. يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي بالعصيان والرمي بالادرة. وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ بما جئتكم من المعجزات، والجملة حال مقررة للإنكار فإن العلم بنبوته يوجب تعظيمه ويمنع إيذاءه، وَقَدْ لتحقيق العلم. فَلَمَّا زاغُوا عن الحق. أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ صرفها عن قبول الحق والميل إلى الصواب. وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ هداية موصلة إلى معرفة الحق أو إلى الجنة.
[سورة الصف (٦١) : آية ٦]
وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)
وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ ولعله لم يقل يَا قَوْمِ كما قال موسى لأنه لا نَسب له فيهم. إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً في حال تصديقي لما تقدمني من التوراة وتبشيري بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي. والعامل في الحالين ما في الرسول من معنى الإِرسال لا الجار لأنه لغو إذ هو صلة للرسول فلا يعمل. بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ يعني محمدا عليه الصلاة والسلام،
والمعنى أن ديني التصديق بكتب الله وأنبيائه، فذكر أول الكتب المشهورة الذي حكم به النبيون والنبي الذي هو خاتم المرسلين. فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ الإِشارة إلى ما جاء به أو إليه، وتسميته سحر للمبالغة ويؤيده قراءة حمزة والكسائي «هذا ساحر» على أن الإِشارة إلى عيسى عليه السلام.
[سورة الصف (٦١) : الآيات ٧ الى ٩]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ أي لا أحد أظلم ممن يدعى إلى الإِسلام الظاهر حقيته المقتضى له خير الدارين فيضع موضع إجابته الافتراء على الله بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحراً فإنه يعم إثبات المنفي ونفي الثابت وقرئ «يدعى» يقال دعاه وادعاه كلمسه والتمسه. وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم.
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا أي يريدون أن يطفئوا، واللام مزيدة لما فيها من معنى الإِرادة تأكيداً لها كما زيدت لما فيها من معنى الاضافة تأكيداً لها في لا أبا لك، أو يُرِيدُونَ الافتراء لِيُطْفِؤُا. نُورَ اللَّهِ يعني دينه أو كتابه أو حجته. بِأَفْواهِهِمْ بطعنهم فيه. وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ مبلغ غايته بنشره وإعلائه، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بالإضافة. وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ إرغاماً لهم.
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى بالقرآن أو المعجزة. وَدِينِ الْحَقِّ والملة الحنيفية. لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ليغلبه على جميع الأديان. وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ لما فيه من محض التوحيد وإبطال الشرك.
[سورة الصف (٦١) : الآيات ١٠ الى ١١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ وقرأ ابن عامر تُنْجِيكُمْ بالتشديد.
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ استئناف مبين للتجارة وهو الجمع بين الإِيمان والجهاد المؤدي إلى كمال عزهم، والمراد به الأمر وإنما جيء بلفظ الخبر إيذاناً بأن ذلك مما لا يترك.. ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ يعني ما ذكر من الإِيمان والجهاد. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إن كنتم من أهل العلم إذ الجاهل لا يعتد بفعله.
[سورة الصف (٦١) : الآيات ١٢ الى ١٣]
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣)
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ جواب للأمر المدلول عليه بلفظ الخير، أو لشرط أو استفهام دل عليه الكلام تقديره أن تؤمنوا وتجاهدوا، أو هل تقبلون أن أدلكم يغفر لكم، ويبعد جعله جواباً لهل أدلكم لأن مجرد دلالته لا توجب المغفرة وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الإشارة إلى ما ذكر من المغفرة وإدخال الجنة.
وَأُخْرى تُحِبُّونَها ولكم إلى هذه النعمة المذكورة نعمة أخرى عاجلة محبوبة، وفي تُحِبُّونَها تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الآجل، وقيل أُخْرى منصوبة بإضمار يعطيكم، أو تحبون أو مبتدأ خبره: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وهو على الأول بدل أو بيان وعلى قول النصب خبر محذوف، وقد قرئ بما عطف
عليه بالنصب على البدل، أو الاختصاص أو المصدر. وَفَتْحٌ قَرِيبٌ عاجل. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عطف على محذوف مثل: قل يا أيها الذين آمنوا وَبَشِّرِ، أو على تُؤْمِنُونَ فإنه في معنى الأمر كأنه قال: آمنوا وجاهدوا أيها المؤمنون وبشرهم يا رسول الله بما وعدتهم عليهما آجلاً وعاجلاً.
[سورة الصف (٦١) : آية ١٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ وقرأ الحجازيان وأبو عمرو بالتنوين واللام لأن المعنى كونوا بعض أنصار الله. كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ أي من جندي متوجها إلى نصرة الله ليطابق قوله تعالى: قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ والإِضافة الأولى إضافة أحد المتشاركين إلى الآخر لما بينهما من الاختصاص، والثانية إضافة الفاعل إلى المفعول والتشبيه باعتبار المعنى إذ المراد قل لهم كما قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ، أو كونوا أنصاراً كما قال الحواريون حين قال لهم عيسى مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ.
والحواريون أصفياؤه وهم أول من آمن به وكانوا اثني عشر رجلاً من الحور وهو البياض. فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ أي بعيسى. فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ بالحجة وبالحرب وذلك بعد رفع عيسى. فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ فصاروا غالبين.
عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من قرأ سورة الصف كان عيسى مصلياً عليه مستغفراً له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه».
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).