تفسير سورة النصر

تفسير السمرقندي

تفسير سورة سورة النصر من كتاب بحر العلوم المعروف بـتفسير السمرقندي.
لمؤلفه أبو الليث السمرقندي . المتوفي سنة 373 هـ
سورة النصر، وهي ثلاث آيات، مكية.

سورة النصر
وهي ثلاث آيات مكية
[سورة النصر (١١٠) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣)
قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وروى عبد الملك بن سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير يقول كان أناس من المهاجرين قد وجدوا عمر وفي إدنائه ابن عباس رضي الله عنهما دونهم وكان يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم منه اليوم ما تعرفون به فضله فسأله عن هذه السورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قال بعضهم: أمر الله تعالى نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلم إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره فقال لابن عباس تكلم، فقال أعلمه الله متى يموت فقال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فهي آيتك من الموت فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ، قال مقاتل لما نزلت هذه السورة قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أصحابه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فاستبشروا فسمع بذلك ابن عباس فبكى فقال النبي صلّى الله عليه وسلم ما يبكيك فقال نعيت نفسك فقال:
«صَدَقْتَ» فعاش بعد هذه السورة سنتين. وروى أبو عبيد بن عبد الله أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول: «سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمِدكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» وقال علي رضي الله عنه لما نزلت هذه السورة مرض النبيّ صلّى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فخطبهم وودعهم ثم دخل المنزل وتوفي بعد أيام. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ يعني: إذا أتاك نصر من الله تعالى على الأعداء من قريش وغيرهم، وَالْفَتْحُ يعني: فتح مكة والطائف وغيرها وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً يعني: جماعة جماعة وقبيلة قبيلة، وكان قبل ذلك يدخلون واحداً واحداً فدخلوا فوجاً فوجاً فإذا رأيت ذلك فاعلم أنك ميت فاستعد للموت بكثرة التسبيح والاستغفار فذلك قوله: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ يعني: سبحه، ويقال: يعني: سبح صل لربك وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً يعني: مسبحاً وذلك لمن تاب.
سورة النصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّصْرِ) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (التوبة)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت للإعلام بتمام الدِّين، وانتصارِ النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، وانتشارِ الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وانحسار  الشرك، والإخبارِ بدُنُوِّ أجَلِ النبي  صلى الله عليه وسلم - كما فَهِم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما -، وأمرِه بتسبيح ربِّه وحمدِه عند الفتوحات، وفي كلِّ حين.


ترتيبها المصحفي
110
نوعها
مدنية
ألفاظها
19
ترتيب نزولها
114
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (النَّصْرِ):

سُمِّيت سورة (النَّصْرِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ النصر؛ وهو: فتحُ مكَّةَ المكرَّمة.

* سورة: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد وردت هذه التسميةُ في كلام السلف رضوان الله عليهم؛ ومن ذلك:

ما جاء عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «ما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزَلتْ عليه: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ} إلا يقولُ فيها: «سُبْحانَك ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي»». أخرجه البخاري (4967).

* سورة (النَّصْر) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

تمام الدِّين، وانتصارُ النبي عليه السلام (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /422).

الوعدُ بنصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفتحِ مكة، ودخولِ الناس في هذا الدِّين أفواجًا، والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك، فقد اقترب انتقالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرَّفيقِ الأعلى.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /589).