تفسير سورة سورة السجدة من كتاب تفسير السمعاني
المعروف بـتفسير السمعاني.
لمؤلفه
أبو المظفر السمعاني
.
المتوفي سنة 489 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة السجدةوهي مكية إلا ثلاث آيات نزلت في علي رضي الله عنه سنذكرها.
وقد روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام كل ليلة حتى يقرأ. " الم تنزيل " السجدة، و " تبارك الذي بيده الملك ". ( ١ )
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح من يوم الجمعة سورة السجدة، وسورة " هل أتى ". ( ٢ )
١ - رواه البخاري في الأدب المفرد (٣٥٠)، والترمذي (٥/١٥٢ رقم ٢٨٩٢)، والنسائي في الكبرى (٦/١٧٨ رقم ١٠٥٤٢ ١٠٥٤٥)، وأحمد (٣/٣٤٠)، وابن أبي شيبة (١٠/٤٢٤)، والدارمي (٢/٥٤٧ رقم ٣٤١١)، وعبد بن حميد (٣١٨ رقم ١٠٤٠)، والحاكم في مستدركه (٢/٤١٢) وصححه على شرط مسلم، والبيهقي في الشعب (٥/٣٩١-٣٩٢ رقم ٢٢٢٨، ٢٢٢٩)، والبغوي في تفسيره (٣/٥٠٤)..
٢ - متفق عليه من حديث أبي هريرة، رواه البخاري (٢/٤٣٨-٤٣٩ رقم ٨٩١، ١٠٦٨)، ومسلم (٦/٢٣٩، ٢٤٠ رقم ٨٨٠)، ورواه مسلم (٦/٢٣٨-٢٣٩ رقم ٨٧٩)، والترمذي (٢/٣٩٨ رقم ٥٢٠) وقال: حسن صحيح، وأبو داود (١/٢٨٢ رقم ١٠٧٤)، والنسائي (٢/١٥٩ رقم ٩٥٦)، وأحمد في المسند (١/٢٢٦، ٣٣٤، ٣٤٠) به من حديث ابن عباس..
٢ - متفق عليه من حديث أبي هريرة، رواه البخاري (٢/٤٣٨-٤٣٩ رقم ٨٩١، ١٠٦٨)، ومسلم (٦/٢٣٩، ٢٤٠ رقم ٨٨٠)، ورواه مسلم (٦/٢٣٨-٢٣٩ رقم ٨٧٩)، والترمذي (٢/٣٩٨ رقم ٥٢٠) وقال: حسن صحيح، وأبو داود (١/٢٨٢ رقم ١٠٧٤)، والنسائي (٢/١٥٩ رقم ٩٥٦)، وأحمد في المسند (١/٢٢٦، ٣٣٤، ٣٤٠) به من حديث ابن عباس..
ﰡ
ﭑ
ﰀ
قَوْله تَعَالَى: ﴿الم تَنْزِيل الْكتاب لَا ريب فِيهِ من رب الْعَالمين﴾ أَي: لَا شكّ فِيهِ، والريب: هُوَ الشَّك، وَقد بَينا من قبل
( تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ) أي : لا شك فيه، والريب : هو الشك،
قَوْله: ﴿أم يَقُولُونَ افتراه﴾ مَعْنَاهُ: بل يَقُولُونَ افتراه، قَالَ الشَّاعِر فِي أم بِمَعْنى: بل:
تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب
وَهِي مَدَنِيَّة فِي قَول الْجَمِيع
(كذبتك عَيْنك أم رَأَيْت بواسط | غلس الظلام على الربَاب جبالا) |
(إِن بنى الأدرم لَيْسُوا من أحد | وَلَا توفيهم قُرَيْش من عدد) |
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون﴾ أَي: تصيرون.
246
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رُءُوسهم﴾ مَعْنَاهُ: وَلَو ترى الْمُجْرمين ناكسين رُءُوسهم من فرط النَّدَم وَشدَّة الوجل، وَفِي الْآيَة حذف، والمحذوف هُوَ: أَنَّك لَو ترى الْمُجْرمين ناكسين رُءُوسهم عِنْد رَبهم لرأيت مَا يعْتَبر بِهِ.
وَقَوله: ﴿رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا﴾ أَي: قائلين رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا أَي: أبصرنا صدق وعيدك، وَسَمعنَا مِنْك تَصْدِيق رسلك. قَالَ قَتَادَة: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر. وسمعوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع. وَيُقَال: أبصرنا معاصينا، وَسَمعنَا مَا قيل فِينَا.
وَقَوله: ﴿فارجعنا نعمل صَالحا﴾ أَي: ردنا نعمل صَالحا.
وَقَوله: ﴿إِنَّا موقنون﴾ أَي: مصدقون بِالْبَعْثِ.
وَقَوله: ﴿رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا﴾ أَي: قائلين رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا أَي: أبصرنا صدق وعيدك، وَسَمعنَا مِنْك تَصْدِيق رسلك. قَالَ قَتَادَة: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر. وسمعوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع. وَيُقَال: أبصرنا معاصينا، وَسَمعنَا مَا قيل فِينَا.
وَقَوله: ﴿فارجعنا نعمل صَالحا﴾ أَي: ردنا نعمل صَالحا.
وَقَوله: ﴿إِنَّا موقنون﴾ أَي: مصدقون بِالْبَعْثِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها﴾ أَي: هدايتها، وَمَعْنَاهُ: لَو شِئْنَا
246
﴿لِقَاء يومكم هَذَا إِنَّا نسيناكم وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّمَا يُؤمن﴾ لأدخلناهم فِي الْإِيمَان.
وَقَوله: ﴿وَلَكِن حق القَوْل مني﴾ أَي: وَجب القَوْل مني، وَيُقَال: سبق القَوْل مني. قَالَ الشَّاعِر:
وَقَوله: ﴿لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ﴾،
وَقَوله: ﴿الْجنَّة﴾ هم الْجِنّ، والجآن: أَب الْجِنّ، كآدم أَب (الْإِنْس).
وَرفع خَارِجَة خَبرا إِلَى النَّبِي " أَنه سُئِلَ هَل يدْخل مؤمنو الْجِنّ الْجنَّة؟ فَقَالَ: نعم. قيل: هَل يصيبون من نعيمها؟ قَالَ: يلهمهم الله تَسْبِيحَة وَذكره، فيصيبون من لَدنه مَا يُصِيبهُ بَنو آدم من نعيم الْجنَّة " حَكَاهُ النقاش فِي تَفْسِيره.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " تَحَاجَّتْ الْجنَّة وَالنَّار؛ فَقَالَت النَّار: أُوثِرت بالجبابرة والمتكبرين، وَقَالَت الْجنَّة: مَا بالي يدخلني سفلَة النَّاس وَسَقَطهمْ وَفِي رِوَايَة: ضعفاء النَّاس ومساكينهم، وَهُوَ الْأَشْهر فَقَالَ الله تَعَالَى للجنة: أَنْت رَحْمَتي، أرْحم بك من شِئْت، وَقَالَ للنار: أَنْت عَذَابي، أعذب بك من شِئْت، وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا ".
وَقَوله: ﴿وَلَكِن حق القَوْل مني﴾ أَي: وَجب القَوْل مني، وَيُقَال: سبق القَوْل مني. قَالَ الشَّاعِر:
(فَإِن تكن العتبى فأهلا ومرحبا | وحقت لَك العتبى لدينا وَقلت) |
وَقَوله: ﴿الْجنَّة﴾ هم الْجِنّ، والجآن: أَب الْجِنّ، كآدم أَب (الْإِنْس).
وَرفع خَارِجَة خَبرا إِلَى النَّبِي " أَنه سُئِلَ هَل يدْخل مؤمنو الْجِنّ الْجنَّة؟ فَقَالَ: نعم. قيل: هَل يصيبون من نعيمها؟ قَالَ: يلهمهم الله تَسْبِيحَة وَذكره، فيصيبون من لَدنه مَا يُصِيبهُ بَنو آدم من نعيم الْجنَّة " حَكَاهُ النقاش فِي تَفْسِيره.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " تَحَاجَّتْ الْجنَّة وَالنَّار؛ فَقَالَت النَّار: أُوثِرت بالجبابرة والمتكبرين، وَقَالَت الْجنَّة: مَا بالي يدخلني سفلَة النَّاس وَسَقَطهمْ وَفِي رِوَايَة: ضعفاء النَّاس ومساكينهم، وَهُوَ الْأَشْهر فَقَالَ الله تَعَالَى للجنة: أَنْت رَحْمَتي، أرْحم بك من شِئْت، وَقَالَ للنار: أَنْت عَذَابي، أعذب بك من شِئْت، وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا ".
247
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا﴾ أَي: بِمَا تركْتُم من التَّصْدِيق بلقاء يومكم هَذَا.
وَقَوله: ﴿إِنَّا نسيناكم﴾ أَي تركناكم من الْخَيْر وَالرَّحْمَة، وَقيل: تركناكم فِي الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ أَي: الْعَذَاب الدَّائِم جَزَاء على
وَقَوله: ﴿إِنَّا نسيناكم﴾ أَي تركناكم من الْخَيْر وَالرَّحْمَة، وَقيل: تركناكم فِي الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ أَي: الْعَذَاب الدَّائِم جَزَاء على
247
﴿بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا وسبحوا بِحَمْد رَبهم وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ (١٦) ﴾ عَمَلكُمْ. وَحكى عَن قَتَادَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: ﴿وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ﴾ أَي: بِذُنُوبِهِمْ. قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ كَمَا قَالَ.
248
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا﴾ أَي: إِذا دعوا إِلَى الصَّلَوَات الْخمس أجابوا إِلَيْهَا، حَكَاهُ أَبُو معَاذ النَّحْوِيّ، وَيُقَال: إِذا وعظوا بآيَات الله اتعظوا.
وَقَوله: ﴿خروا سجدا﴾ أَي: وَقَعُوا سجدا، والخرور فِي اللُّغَة: هُوَ السُّقُوط، وَعَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: " بَايَعت رَسُول الله أَن لَا أخر إِلَّا قَائِما " أَي: لَا أَمُوت إِلَّا وَأَنا ثَابت على الْإِسْلَام، وَقَوله: ﴿وسبحوا بِحَمْد رَبهم﴾ أَي: وصلوا بِأَمْر رَبهم.
وَيُقَال: سبحوا [الله] وحمدوه.
وَقَوله: ﴿وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَي: لَا يتكبرون، وَيُقَال: من سجد لله فقد طرح التكبر عَن رَأسه، وَفِي بعض الْأَخْبَار: من سجد لله سَجْدَة رَفعه الله بهَا دَرَجَة.
وَقَوله: ﴿خروا سجدا﴾ أَي: وَقَعُوا سجدا، والخرور فِي اللُّغَة: هُوَ السُّقُوط، وَعَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: " بَايَعت رَسُول الله أَن لَا أخر إِلَّا قَائِما " أَي: لَا أَمُوت إِلَّا وَأَنا ثَابت على الْإِسْلَام، وَقَوله: ﴿وسبحوا بِحَمْد رَبهم﴾ أَي: وصلوا بِأَمْر رَبهم.
وَيُقَال: سبحوا [الله] وحمدوه.
وَقَوله: ﴿وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَي: لَا يتكبرون، وَيُقَال: من سجد لله فقد طرح التكبر عَن رَأسه، وَفِي بعض الْأَخْبَار: من سجد لله سَجْدَة رَفعه الله بهَا دَرَجَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿تَتَجَافَى جنُوبهم﴾ أَي: تنبوا وترتفعوا، وَمَعْنَاهُ: أَنهم يتركون الْمضَاجِع ويقومون إِلَى الصَّلَاة، قَالَ حسان بن ثَابت:
وَاخْتلف القَوْل فِي هَذِه الْآيَة، فروى عَن عَطاء أَنه قَالَ: كَانُوا لَا ينامون حَتَّى يصلوا الْعَتَمَة، فَانْزِل الله هَذِه الْآيَة.
وَعَن الْحسن وَقَتَادَة قَالَا: هُوَ الصَّلَاة بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
وَقَالَ الضَّحَّاك: إِذا استيقظوا ذكرُوا الله وسبحوه.
وَعَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا: هُوَ
(يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه | إِذا استثقلت بالمشركين الْمضَاجِع) |
وَعَن الْحسن وَقَتَادَة قَالَا: هُوَ الصَّلَاة بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
وَقَالَ الضَّحَّاك: إِذا استيقظوا ذكرُوا الله وسبحوه.
وَعَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا: هُوَ
248
﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ (١٧) أَفَمَن كَانَ﴾ صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَالْفَجْر فِي جمَاعَة.
وَأشهر الْأَقَاوِيل: أَن المُرَاد مِنْهُ صَلَاة اللَّيْل، قَالَه مُجَاهِد وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَجَمَاعَة.
وَعَن النَّبِي أَنه قَالَ: " عَلَيْكُم بِصَلَاة اللَّيْل، فَإِنَّهَا دأب الصَّالِحين قبلكُمْ ".
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي عبد الله بن عمر: نعم الرجل عبد الله لَو كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَلم يتْرك بعد ذَلِك صَلَاة اللَّيْل حَتَّى توفاه الله تَعَالَى ".
وَفِي حَدِيث معَاذ بن جبل أَن النَّبِي قَالَ: " الصَّوْم جنَّة، وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطِيئَة، وَالصَّلَاة جَوف اللَّيْل، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: (تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع) ".
وَقَوله: ﴿يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا﴾ أَي: خوفًا من النَّار، وَطَمَعًا فِي الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ يُقَال: إِن المُرَاد مِنْهَا الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وَيُقَال: الصَّدَقَة والتطوع.
وَأشهر الْأَقَاوِيل: أَن المُرَاد مِنْهُ صَلَاة اللَّيْل، قَالَه مُجَاهِد وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَجَمَاعَة.
وَعَن النَّبِي أَنه قَالَ: " عَلَيْكُم بِصَلَاة اللَّيْل، فَإِنَّهَا دأب الصَّالِحين قبلكُمْ ".
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي عبد الله بن عمر: نعم الرجل عبد الله لَو كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَلم يتْرك بعد ذَلِك صَلَاة اللَّيْل حَتَّى توفاه الله تَعَالَى ".
وَفِي حَدِيث معَاذ بن جبل أَن النَّبِي قَالَ: " الصَّوْم جنَّة، وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطِيئَة، وَالصَّلَاة جَوف اللَّيْل، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: (تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع) ".
وَقَوله: ﴿يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا﴾ أَي: خوفًا من النَّار، وَطَمَعًا فِي الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ يُقَال: إِن المُرَاد مِنْهَا الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وَيُقَال: الصَّدَقَة والتطوع.
249
﴿مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون (١٨) أما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم جنَّات﴾
250
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ وَقُرِئَ: " قرات أعين ".
وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن ابي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ، وَلَا أذن سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إِن شِئْتُم قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ ".
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بِهَذَا بِالْحَدِيثِ أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن [فراس] أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُقْرِئ، أخبرنَا جدي مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد.. الْخَبَر.
وَقَوله: ﴿من قُرَّة أعين﴾ أَي: مَا تقر بِهِ أَعينهم، وَحكى النقاش فِي تَفْسِيره عَن مُوسَى بن يسَار قَالَ: يمْكث الْمُؤمن فِي الْجنَّة مَعَ زَوجته حينا، فَتَطلع عَلَيْهِ أُخْرَى، فَتَقول لَهُ: أما آن يكون لنا مِنْك دولة؟ فَيَقُول لَهَا: من أَنْت؟ فَتَقول: أَنا من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا اخفي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ فَينْتَقل إِلَيْهَا وَيمْكث مَعهَا حينا، فتشرف عَلَيْهِ أُخْرَى، وَتقول مثل مَا قَالَت الأولى، فَيَقُول لَهَا: من أَنْت؟ فَتَقول: أَنا من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ولدينا مزِيد﴾.
وَعَن ابْن سِيرِين قَالَ: مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين: هُوَ النّظر إِلَى الله تَعَالَى. (وَعَن بَعضهم) قَالَ: أخفوا أَعْمَالهم فأخفى الله ثوابهم.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: الْخفية بالخفية، وَالْعَلَانِيَة بالعلانية.
وَقَوله: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن ابي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ، وَلَا أذن سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إِن شِئْتُم قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ ".
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بِهَذَا بِالْحَدِيثِ أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن [فراس] أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُقْرِئ، أخبرنَا جدي مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد.. الْخَبَر.
وَقَوله: ﴿من قُرَّة أعين﴾ أَي: مَا تقر بِهِ أَعينهم، وَحكى النقاش فِي تَفْسِيره عَن مُوسَى بن يسَار قَالَ: يمْكث الْمُؤمن فِي الْجنَّة مَعَ زَوجته حينا، فَتَطلع عَلَيْهِ أُخْرَى، فَتَقول لَهُ: أما آن يكون لنا مِنْك دولة؟ فَيَقُول لَهَا: من أَنْت؟ فَتَقول: أَنا من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا اخفي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ فَينْتَقل إِلَيْهَا وَيمْكث مَعهَا حينا، فتشرف عَلَيْهِ أُخْرَى، وَتقول مثل مَا قَالَت الأولى، فَيَقُول لَهَا: من أَنْت؟ فَتَقول: أَنا من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ولدينا مزِيد﴾.
وَعَن ابْن سِيرِين قَالَ: مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين: هُوَ النّظر إِلَى الله تَعَالَى. (وَعَن بَعضهم) قَالَ: أخفوا أَعْمَالهم فأخفى الله ثوابهم.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: الْخفية بالخفية، وَالْعَلَانِيَة بالعلانية.
وَقَوله: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
250
﴿المأوى نزلا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ (١٩) وَأما الَّذين فسقوا فمأواهم النَّار كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون (٢٠) ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُم يرجعُونَ (٢١) وَمن أظلم﴾
251
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا﴾ أَكثر الْمُفَسّرين أَن الْآيَة نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب والوليد بن عقبَة بن أبي معيط، وَذكر بَعضهم: عقبَة، وَالأَصَح هُوَ الأول. قَالَ الْوَلِيد: أَنا أحد مِنْك سِنَانًا، وأبسط مِنْك لِسَانا، وَأَمْلَأُ مِنْك للكتيبة. فَقَالَ لَهُ عَليّ: اسْكُتْ، إِنَّمَا انت فَاسق، فَانْزِل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَقد بَينا أَن ثَلَاث آيَات من هَذِه السُّورَة نزلت بِالْمَدِينَةِ، وَهِي من هَذِه الْآيَة إِلَى آخر الثَّلَاث، وَاسْتدلَّ أهل الاعتزال بِهَذِهِ الاية فِي القَوْل بالمنزلة بَين المنزلتين، وَأَن الْفَاسِق لَا يكون مُؤمنا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِم ظَاهر. وَأما الْفَاسِق هَا هُنَا بِمَعْنى الْكَافِر. وَقَالَ بَعضهم: سَمَّاهُ فَاسِقًا على مُوَافقَة قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَقيل: إِن الْآيَة على الْعُمُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يستوون﴾ أَي: لَا يستوون فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يستوون﴾ أَي: لَا يستوون فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم جنَّات المأوى نزلا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ أَي: عَطاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ، وجنات المأوى هِيَ الجنات الَّتِي يأوي الْمُؤْمِنُونَ إِلَيْهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأما الَّذين فسقوا فمأواهم النَّار﴾ أَي: [يأوون] إِلَى النَّار، ويأوون: يَنْقَلِبُون.
وَقَوله: ﴿كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا﴾ فِي بعض التفاسير: أَن لِجَهَنَّم ساحلا كساحل الْبَحْر، فَيخرج الْكفَّار إِلَيْهِ فَتحمل عَلَيْهِم حيات لَهَا أَنْيَاب كالنخيل، فيرجعون إِلَى النَّار ويستغيثون بهَا.
وَقَوله: ﴿وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ والأثر الَّذِي ذَكرْنَاهُ أوردهُ أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره.
وَقَوله: ﴿كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا﴾ فِي بعض التفاسير: أَن لِجَهَنَّم ساحلا كساحل الْبَحْر، فَيخرج الْكفَّار إِلَيْهِ فَتحمل عَلَيْهِم حيات لَهَا أَنْيَاب كالنخيل، فيرجعون إِلَى النَّار ويستغيثون بهَا.
وَقَوله: ﴿وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ والأثر الَّذِي ذَكرْنَاهُ أوردهُ أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره.
251
﴿مِمَّن ذكر بآيَات ربه ثمَّ أعرض عَنْهَا إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون (٢٢) وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل (٢٣) وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة﴾
252
قَوْله تَعَالَى: ﴿ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: هُوَ الْجُوع الَّذِي أصَاب الْكفَّار حَتَّى أكلُوا الميتات والجيف، وَذَلِكَ بِمَا دَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله من السنين، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ الْقَتْل ببدر، وَعَن جمَاعَة من التَّابِعين أَنهم قَالُوا: هُوَ المصائب. وَعَن بَعضهم: هُوَ الْحُدُود، وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد: الْعَذَاب الْأَدْنَى هُوَ غلاء السّعر، وَالْعَذَاب الْأَكْبَر هُوَ خُرُوج الْمهْدي بِالسَّيْفِ. وعَلى أَقْوَال من ذكرنَا من قبل الْعَذَاب الْأَكْبَر: يَوْم الْقِيَامَة، ونعوذ بِاللَّه مِنْهَا.
وَقَوله: ﴿دون الْعَذَاب الْكبر﴾ أَي: سوى الْعَذَاب الْأَكْبَر.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يرجعُونَ﴾ أَي: يرجعُونَ عَن الْكفْر.
وَقَوله: ﴿دون الْعَذَاب الْكبر﴾ أَي: سوى الْعَذَاب الْأَكْبَر.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يرجعُونَ﴾ أَي: يرجعُونَ عَن الْكفْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن أظلم مِمَّن ذكر بآيَات ربه﴾ أَي: وعظ بآيَات ربه، وآيات ربه هُوَ الْقُرْآن.
وَقَوله: ﴿ثمَّ أعرض عَنْهَا إِنَّا من لمجرمين منتقمون﴾ روى معَاذ أَن النَّبِي قَالَ: " ثَلَاث من فعلهن فَهُوَ مجرم، من عقد لِوَاء بِغَيْر حق فَهُوَ مجرم وَمن مَشى مَعَ ظَالِم لِيَنْصُرهُ فَهُوَ مجرم، وَمن عق وَالِديهِ فَهُوَ مجرم، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون﴾ ".
وَقَوله: ﴿ثمَّ أعرض عَنْهَا إِنَّا من لمجرمين منتقمون﴾ روى معَاذ أَن النَّبِي قَالَ: " ثَلَاث من فعلهن فَهُوَ مجرم، من عقد لِوَاء بِغَيْر حق فَهُوَ مجرم وَمن مَشى مَعَ ظَالِم لِيَنْصُرهُ فَهُوَ مجرم، وَمن عق وَالِديهِ فَهُوَ مجرم، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون﴾ ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب﴾ أَي: التَّوْرَاة.
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ أَي: فِي شكّ فِي لِقَائِه، وَفِي مَعْنَاهُ أقاويل:
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ أَي: فِي شكّ فِي لِقَائِه، وَفِي مَعْنَاهُ أقاويل:
252
﴿يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون (٢٤) إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَو لم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون﴾ أَحدهَا: مَا روى أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن مَعْنَاهُ: فَلَا تكن فِي شكّ من لقائك مُوسَى، وَقد كَانَ لقِيه لَيْلَة الْإِسْرَاء. وَفِي الْخَبَر ان النَّبِي قَالَ: " رَأَيْت مُوسَى آدم طوَالًا جعد الشّعْر كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة، وَرَأَيْت عِيسَى رجلا ربعَة إِلَى الْحمرَة سبط الشّعْر... " وَالْخَبَر طَوِيل. وَالْقَوْل الثَّانِي: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه أَي: من لِقَاء مُوسَى الْكتاب، ولقاء مُوسَى الْكتاب: تلقيه بِالْقبُولِ، ذكره الزّجاج وَغَيره، وَالْقَوْل الثَّالِث: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء مُوسَى ربه، حَكَاهُ النقاش، وَفِي الْآيَة قَول رَابِع: وَهُوَ أَن مَعْنَاهُ على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل.
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ رَاجع إِلَى مَا سبق من قَوْله تَعَالَى: ﴿ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر﴾ وَمَعْنَاهُ: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء يَوْم الْعَذَاب، وَالله أعلم. ﴿وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل﴾ يُقَال: إِنَّه رَاجع إِلَى مُوسَى، وَيُقَال: رَاجع إِلَى الْكتاب.
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ رَاجع إِلَى مَا سبق من قَوْله تَعَالَى: ﴿ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر﴾ وَمَعْنَاهُ: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء يَوْم الْعَذَاب، وَالله أعلم. ﴿وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل﴾ يُقَال: إِنَّه رَاجع إِلَى مُوسَى، وَيُقَال: رَاجع إِلَى الْكتاب.
253
وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة﴾ أَي: قادة إِلَى الْخَيْر، وَقَالَ بَعضهم: هم الْأَنْبِيَاء، وَقَالَ بَعضهم: أَتبَاع الْأَنْبِيَاء.
وَقَوله: ﴿يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا﴾ أَي: يرشدون بوحينا لما صَبَرُوا، وَقُرِئَ " لما صَبَرُوا " أَي: عَن الْمعاصِي، وَقيل: عَن شهوات الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون﴾ أَي: يصدقون.
وَقَوله: ﴿يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا﴾ أَي: يرشدون بوحينا لما صَبَرُوا، وَقُرِئَ " لما صَبَرُوا " أَي: عَن الْمعاصِي، وَقيل: عَن شهوات الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون﴾ أَي: يصدقون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة﴾ أَي: يحكم بَينهم حكم الْفَصْل.
وَقَوله: ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
253
﴿يَمْشُونَ فِي مساكنهم إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ (٢٦) أَو لم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم وأنفسهم أَفلا يبصرون (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين (٢٨) قل يَوْم الْفَتْح لَا ينفع الَّذين كفرُوا﴾
254
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم يهد لَهُم﴾ مَعْنَاهُ: أَو لم يبين لَهُم مُحَمَّد؟ وَقيل: الْكتاب، وَقُرِئَ: " أَو لم نهد لَهُم " أَي: نبين لَهُم.
وَقَوله: ﴿كَمَا أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم﴾ أَي: يمشي أهل مَكَّة فِي مساكنهم.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ﴾ أَي: سَماع قبُول.
وَقَوله: ﴿كَمَا أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم﴾ أَي: يمشي أهل مَكَّة فِي مساكنهم.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ﴾ أَي: سَماع قبُول.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز﴾ أَي: الْيَابِس الَّذِي لَا ينْبت شَيْئا، قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ ارْض بِالْيمن، وَقَالَ مُجَاهِد: بأندلس، وَيُقَال: الأَرْض الجرز هُوَ الَّذِي أكل زَرعهَا وَلم يبْق فِيهَا شَيْء.
وَقَوله: ﴿فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم﴾ يَعْنِي: من العشب والتبن.
وَقَوله: ﴿وأنفسهم﴾ من الْحِنْطَة وَالشعِير وَسَائِر الأقوات.
وَقَوله: ﴿أَفلا يبصرون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم﴾ يَعْنِي: من العشب والتبن.
وَقَوله: ﴿وأنفسهم﴾ من الْحِنْطَة وَالشعِير وَسَائِر الأقوات.
وَقَوله: ﴿أَفلا يبصرون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح عَن كُنْتُم صَادِقين﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهمَا: أَن الْفَتْح هُوَ فتح مَكَّة. وَالْآخر: أَنه الْقَتْل بِالسَّيْفِ. وَالثَّالِث: هُوَ يَوْم الْقِيَامَة. وَالرَّابِع: هُوَ قَضَاء الله بَين الْعباد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل يَوْم الْفَتْح لَا ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة. وَمن حمل الْفَتْح على فتح مَكَّة أَو الْقَتْل بِالسَّيْفِ يَوْم بدر، فَقَالَ: معنى قَوْله: ﴿لَا ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم﴾، أَي: بعد الْمَوْت.
وَقَوله: ﴿وَلَا هم ينظرُونَ﴾ أَي: يمهلون ليتوبوا أَو يعتذروا، وَقد كَانُوا يمهلون فِي
وَقَوله: ﴿وَلَا هم ينظرُونَ﴾ أَي: يمهلون ليتوبوا أَو يعتذروا، وَقد كَانُوا يمهلون فِي
254
{إِيمَانهم وَلَا هم ينظرُونَ (٢٩) فاعرض عَنْهُم وانتظر إِنَّهُم منتظرون (٣٠). الدُّنْيَا ليتوبوا أَو يعتذروا.
255
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَعْرض عَنْهُم﴾ هَذِه الْآيَة قبل آيَة السَّيْف، وَقد نسختها آيَة السَّيْف، وَيُقَال: فَأَعْرض عَن أذاهم وَإِن أذوك.
وَقَوله: ﴿وانتظر إِنَّهُم منتظرون﴾ أَي: وانتظر عَذَابهمْ ووعيدنا فيهم فَإِنَّهُم منتظرون. كَذَلِك فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: ﴿إِنَّهُم منتظرون﴾ الْعَذَاب، وَمَا كَانُوا آمنُوا بِالْعَذَابِ؟ وَالْجَوَاب: لما كَانَ الله تَعَالَى وعدهم بِالْعَذَابِ، وَكَانَ ذَلِك واصلا إِلَيْهِم لَا محَالة؛ سماهم: منتظرين على مجَاز الْكَلَام، وَيُقَال: فَإِنَّهُم منتظرون: أَي موتك وحوادث الدَّهْر لَك؛ ليستريحوا مِنْك.
وَقَوله: ﴿وانتظر إِنَّهُم منتظرون﴾ أَي: وانتظر عَذَابهمْ ووعيدنا فيهم فَإِنَّهُم منتظرون. كَذَلِك فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: ﴿إِنَّهُم منتظرون﴾ الْعَذَاب، وَمَا كَانُوا آمنُوا بِالْعَذَابِ؟ وَالْجَوَاب: لما كَانَ الله تَعَالَى وعدهم بِالْعَذَابِ، وَكَانَ ذَلِك واصلا إِلَيْهِم لَا محَالة؛ سماهم: منتظرين على مجَاز الْكَلَام، وَيُقَال: فَإِنَّهُم منتظرون: أَي موتك وحوادث الدَّهْر لَك؛ ليستريحوا مِنْك.
255
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ إِن الله كَانَ عليما حكيما (١) وَاتبع مَا يُوحى إِلَيْك من رَبك إِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا (٢) وتوكل على الله﴾تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب
وَهِي مَدَنِيَّة فِي قَول الْجَمِيع
256