تفسير سورة السجدة

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة السجدة من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٤١٢- أنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدَّثني محمد بن الصَّبَّاحِ، قال: حدَّثنا أبو عبيدة الحدادُ، قال: نا الأخضرُ بن عجلان، عن ابن جُريجٍ المكِّيِّ، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة،" أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال: " يا أبا هريرة إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش يوم السابعِ وخلق التُّربة يوم السبتِ والجبال يوم الأحدِ والشجر يوم الاثنينِ والتِّقنَ يوم الثُّلاثاء والنُّور يوم الأربعاء والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجُمعةِ في آخرِ ساعةٍ من النهار بعد العصر وخلق أديم الأرض أحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها، من أجل ذلك جعل اللهُ عزَّ وجلَّ من آدم الطَّيِّبَ والخَبيثَ ". ٤١٣- أنا محمدُ بن بشارٍ، نا يحيى بن سعيدٍ، نا سُفيانُ وأنا عمرو بن عليٍّ، نا عبدُ الرحمن، نا سُفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن الأعرجِ، عن أبي هُريرة،" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأُ في صلاة الصُّبحِ يوم الجُمُعةِ ﴿ الۤـمۤ * تَنزِيلُ ﴾ [السجدة: ١-٢]، وَ ﴿ هَلْ أَتَىٰ ﴾ [الإنسان: ١] ".- اللَّفْظُ لِعَمْرٍو.
قوله تعالى: ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ ﴾ [١٦]وقوله تعالى: ﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [١٧]٤١٤- أنا محمد بن عبد الأعلى، نا محمد بن ثورٍ، عن معمرٍ عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن مُعاذ بن جبلٍ، قال:" كُنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحتُ قريباً منه ونحنُ نسير فقلتُ: يا نبيَّ الله أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنة ويُبعدُني عن النار قال: " لقد سألت عن/ عظيمٍ وإنه ليسيرٌ على من يسرهُ الله عليه. تُقيمُ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومُ رمضان، وتحُجُ البيتَ، ثم قال: ألا أدُلُّكَ على أبواب الخير، الصومُ جُنَّةٌ، والصدقةُ تُطفىء الخطيئة كما يُطفىء الماءُ النارَ، وصلاةُ الرجل من جوف الليلِ، ثُم تلا ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ ﴾ حتى ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ ثم قال: ألا أُخبرك برأسِ الأمر وعمودِهِ وذِروَةِ سَنَامِهِ [قلتُ: بلى يا رسول الله، قال: " رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وَعَمُودُهُ الصلاةُ وذِرْوَةُ سَنَامِهِ] الجهادُ "، ثم قال: " ألا أخبرك بملاكَ ذلك كُلِّهِ؟ " قُلتُ: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانِهِ فقال: " كُفَّ عليك هذا " قلتُ: يا رسول الله وإنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بما نتكلمُ به؟ قال: " ثكلتك أُمك يا مُعاذُ، وهل يَكُبُّ الناس في النار على وُجُوهِهِمْ - أو قال على مناخِرِهِمْ - إلاَّ حَصائِدُ ألْسِنَتِهِمْ ".
قوله تعالى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [٢١]٤١٥- أنا عمرو بن عليٍّ، نا عبد الرحمنِ بن مَهدِيٍّ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوصِ وأبي عُبيدة، عن عبد الله ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ ﴾ قال: سُنُونَ أصَابتهُمْ.- انقضى الجُزُءُ الثالثُ من أجزاءِ: " حمزة " والحمدُ لله.
سورة السجدة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (السَّجْدة) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإنذارِ الكافرين من النار، وتوبيخِهم على اتِّباع الآلهة الزائفة التي لا تغني من الحقِّ شيئًا، ودعَتْهم إلى التواضُعِ واتِّباع دِينِ الله الحقِّ؛ من خلال تَرْكِ التكبُّر، والسجودِ لله، مذكِّرةً لهم بأصلِ خِلْقتهم، وبقوَّةِ الله عز وجل وقُدْرته؛ فهو المستحِقُّ للعبادة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في صلاةِ فَجْرِ يوم الجمعة.

ترتيبها المصحفي
32
نوعها
مكية
ألفاظها
374
ترتيب نزولها
75
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
29
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* قوله تعالى: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ هذه الآيةَ: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]  نزَلتْ في انتظارِ الصَّلاةِ التي تُدْعى العَتَمةَ». أخرجه الترمذي (٣١٩٦).

و(صلاةُ العَتَمةِ): هي صلاةُ العِشاءِ؛ لِما جاء في الحديثِ عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «صلَّى لنا رسولُ اللهِ ﷺ العِشاءَ، وهي التي يَدْعو الناسُ العَتَمةَ ...». أخرجه البخاري (٥٦٤).

* سورة (السَّجْدة):

سُمِّيت بذلك لِما ذكَر اللهُ تعالى فيها من أوصافِ المؤمنين، الذين إذا سَمِعوا آياتِ القرآن {خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]. وقال البِقاعيُّ: «واسمُها (السَّجْدة) منطبِقٌ على ذلك بما دعَتْ إليه آيَتُها من الإخباتِ، وتركِ الاستكبار». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" (2 /361).

* سورة ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ})، أو ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ):

دلَّ على ذلك افتتاحُ السُّورة بذلك، واحتواؤها على سَجْدةٍ، وصحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

ولها أسماءٌ أخرى غيرُ ما ذكرنا.

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /47-48).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في فَجْرِ يوم الجمعة:

 عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها قبل نومِه:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ}، و{تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٣٤٠٤).

اشتمَلتْ سورةُ (السَّجْدة) على الموضوعات الآتية:

1. القرآن حقٌّ مُنزَّل (١-٣).

2. الخَلْقُ: مُدَّته، وأنه حسَنٌ (٤-٩).

3. إثبات البعث (١٠-١١).

4. ذلُّ المجرمين يوم الدِّين (١٢-١٤).

5. علامات الإيمان (١٥- ١٧).

6. الجزاء العادل (١٨-٢٢).

7. الإمامة في الدِّين (٢٣-٢٥).

8. آياتٌ وعِظات (٢٦- ٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /51).

مقصدُ السُّورة الأعظم: هو إنذارُ الكفار بهذا الكتاب، وأنه مِن عندِ الله عزَّ وجلَّ؛ فلا يأتيه الباطلُ مِن بينِ يديه ولا مِن خلفِه، وبيانُ بطلانِ آلهتهم وزيفِها، والتذكيرُ بقدرة الله والبعث، وكذا تذكيرُهم بوجوب اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم المرسَل بهذا الكتاب؛ فمِن خلال الاتباع يكون الفوزُ بالجنة، والنجاةُ من النار، ولتحقيقِ ذلك لا بد من الاستجابة لله، والتواضُعِ لأمره، وتركِ الاستكبار والعناد، واسمُ السورة دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /361)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /204).