تفسير سورة السجدة

تفسير ابن عباس

تفسير سورة سورة السجدة من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس.
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الم﴾ يَقُول أَنا الله أعلم وَيُقَال قسم أقسم بِهِ
﴿تَنْزِيل الْكتاب﴾ إِن هَذَا الْكتاب تكليم من الله ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ لَا شكّ فِيهِ أَنه ﴿مِن رَّبِّ الْعَالمين﴾
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ بل يَقُولُونَ كفار مَكَّة ﴿افتراه﴾ اختلق مُحَمَّد الْقُرْآن من تِلْقَاء نَفسه ﴿بَلْ هُوَ الْحق﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿مِن رَّبِّكَ﴾ نزل بِهِ جِبْرِيل عَلَيْك ﴿لِتُنذِرَ﴾ بِهِ لكَي تخوف بِالْقُرْآنِ ﴿قَوْماً﴾ يَعْنِي قُريْشًا ﴿مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ لم يَأْتهمْ رَسُول مخوف قبلك يَا مُحَمَّد ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ من الضَّلَالَة
﴿الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ من الْخلق والعجائب ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ من أَيَّام أول الدُّنْيَا طول كل يَوْم ألف سنة مِمَّا تَعدونَ من سِنِين الدُّنْيَا أول يَوْم مِنْهَا يَوْم الْأَحَد وَآخر يَوْم مِنْهَا يَوْم الْجُمُعَة ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش﴾ وَكَانَ الله على الْعَرْش قبل أَن خلقهما ﴿مَا لَكُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿مِّن دُونِهِ﴾ من دون الله ﴿مِن وَلِيٍّ﴾ من قريب ينفعكم ﴿وَلاَ شَفِيعٍ﴾ يشفع لكم من عَذَاب الله ﴿أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾ تتعظون بِالْقُرْآنِ فتؤمنوا
﴿يُدَبِّرُ الْأَمر مِنَ السمآء إِلَى الأَرْض﴾ يبْعَث الْمَلَائِكَة بِالْوَحْي والتنزيل والمصيبة ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ يصعد إِلَيْهِ يَعْنِي الْمَلَائِكَة ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ﴾ مِقْدَار صُعُوده على غير الْمَلَائِكَة ﴿أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ من سِنِين الدُّنْيَا
﴿ذَلِك﴾ الْمُدبر ﴿عَالِمُ الْغَيْب﴾ مَا غَابَ عَن الْعباد وَمَا يكون ﴿وَالشَّهَادَة﴾ مَا علمه الْعباد وَمَا كَانَ ﴿الْعَزِيز﴾ بالنقمة من الْكفَّار ﴿الرَّحِيم﴾ بِالْمُؤْمِنِينَ
﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ أحكم كل شَيْء خلقه ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَان﴾ يَعْنِي آدم ﴿مِن طِينٍ﴾ أَخذ من أَدِيم الأَرْض
﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ﴾ ذُريَّته ﴿مِن سُلاَلَةٍ﴾ نُطْفَة
347
﴿مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ﴾ من نُطْفَة ضَعِيفَة من مَاء الرجل وَالْمَرْأَة
348
﴿ثُمَّ سَوَّاهُ﴾ جمع خلقه فِي بطن أمه ﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾ جعل الرّوح فِيهِ ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السّمع﴾ خلق لكم السّمع لكَي تسمعوا بِهِ الْحق وَالْهدى ﴿والأبصار﴾ لكَي تبصروا بهَا الْحق وَالْهدى ﴿والأفئدة﴾ يَعْنِي الْقُلُوب لكَي تفقهوا بهَا الْحق وَالْهدى ﴿قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾ شكركم بِمَا صنع إِلَيْكُم قَلِيل
﴿وَقَالُوا﴾ يعْنى أَبَا جهل وَأَصْحَابه ﴿أئذا ضللنا﴾ هلكنا ﴿فِي الأَرْض﴾ بعد الْمَوْت ﴿أئنا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ تجدّد بعد الْمَوْت هَذَا مَا لايكون ﴿بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿كافرون﴾ جاحدون
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿يَتَوَفَّاكُم﴾ يقبض أرواحكم ﴿مَّلَكُ الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ بِقَبض أرواحكم ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ فِي الْآخِرَة
﴿وَلَو ترى إِذْ المجرمون﴾ الْمُشْركُونَ ﴿ناكسو رؤوسهم﴾ مطأطئو رُءُوسهم ﴿عِندَ رَبِّهِمْ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿رَبَّنَآ﴾ يَقُولُونَ يَا رَبنَا ﴿أبصرنا﴾ علمنَا مالم نعلم ﴿وَسَمِعْنَا﴾ أيقنا بِمَا لم نَكُنْ بِهِ موقنين ﴿فارجعنا﴾ حَتَّى نؤمن بك ﴿نَعْمَلْ صَالِحاً﴾ خَالِصا ﴿إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ مقرون بك وبكتابك وَرَسُولك وبالبعث بعد الْمَوْت
﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا﴾ لأعطينا ﴿كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ تقواها ﴿وَلَكِن حَقَّ القَوْل﴾ وَجب القَوْل ﴿مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجنَّة وَالنَّاس﴾ من كفار الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿أَجْمَعِينَ﴾ لَوْلَا ذَلِك لأكرمت كل نفس بالمعرفة والتوحيد
﴿فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ﴾ تركْتُم الْإِقْرَار وَالْعَمَل ﴿لِقَآءَ يومكم﴾ بلقاء يومكم ﴿هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ تركناكم فِي النَّار ﴿وَذُوقُواْ عَذَابَ الْخلد﴾ الدَّائِم ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فِي الْكفْر
﴿إِنَّمَا يُؤمن﴾ يصدق ﴿بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿الَّذين إِذَا ذُكِّرُواْ﴾ دعوا ﴿بِهَا﴾ إِلَى الصَّلَوَات الْخمس بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَة ﴿خَرُّواْ سُجَّداً﴾ أَتَوا تواضعاً ﴿وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ صلوا بِأَمْر رَبهم ﴿وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ لَا يتعظمون عَن الْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن والصلوات الْخمس فِي الْجَمَاعَة
نزلت هَذِه الْآيَة فِي شَأْن الْمُنَافِقين وَكَانُوا لَا يأْتونَ الصَّلَاة إِلَّا كسَالَى متثاقلين
﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ تتقلب جنُوبهم ﴿عَنِ الْمضَاجِع﴾ عَن الْفراش بعد النّوم بِاللَّيْلِ لصَلَاة التَّطَوُّع ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ يعْبدُونَ رَبهم بالصلوات الْخمس وَيُقَال ترفع جنُوبهم من الْفراش حَتَّى يصلوا صَلَاة الْعشَاء الْأَخِيرَة وَيُقَال ترفع جنُوبهم عَن الْفراش بعد النّوم بِاللَّيْلِ لصَلَاة التَّطَوُّع ﴿خَوْفاً﴾ مِنْهُ وَمن عَذَابه ﴿وَطَمَعاً﴾ إِلَيْهِ وَإِلَى رَحمته ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ أعطيناهم من المَال ﴿يُنفِقُونَ﴾ يتصدقون بِهِ
﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ﴾ فَلَيْسَ تعلم أنفسهم ﴿مَّآ أُخْفِيَ لَهُم﴾ مَا أعد لَهُم وَمَا رفع لَهُم وَمَا ذخر لَهُم ﴿مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ من طيبَة النَّفس وَالثَّوَاب والكرامة فِي الْجنَّة ﴿جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا من الْخيرَات
﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً﴾ مُصدقا فِي إيمَانه وَهُوَ عَليّ بن أبي طَالب ﴿كَمَن كَانَ فَاسِقاً﴾ منافقاً فِي إيمَانه وَهُوَ الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط ﴿لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا بِالطَّاعَةِ وفى الْآخِرَة بِالصَّوَابِ والكرامة عِنْد الله وَكَانَ بَينهمَا كَلَام وتنازع حَتَّى قَالَ على بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ يَا فَاسق
ثمَّ بيَّن مستقرهما بعد الْمَوْت فَقَالَ ﴿أَمَّا الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الْخيرَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ المأوى نُزُلاً﴾ منزلا ثَوابًا لَهُم فِي الْآخِرَة ﴿بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا من الْخيرَات
﴿وَأَمَّا الَّذين فَسَقُواْ﴾
348
نافقوا فِي إِيمَانهم ﴿فَمَأْوَاهُمُ﴾ فمصيرهم ﴿النَّار كُلَّمَآ أَرَادوا أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ﴾ من النَّار ﴿أُعِيدُواْ﴾ ردوا ﴿فِيهَا﴾ فِي النَّار بمقامع الْحَدِيد ﴿وَقِيلَ لَهُمْ﴾ قَالَت لَهُم الزَّبَانِيَة ﴿ذُوقُواْ عَذَابَ النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿تكذبون﴾ أَنه لَا يكون
349
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ﴾ لنصيبنهم يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿مِّنَ الْعَذَاب الْأَدْنَى﴾ من عَذَاب الدُّنْيَا بِالْقَحْطِ والجدوبة والجوع وَالْقَتْل وَغير ذَلِك وَيُقَال عَذَاب الْقَبْر ﴿دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر﴾ قبل عَذَاب النَّار يخوفهم بذلك ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ عَن كفرهم فيتوبوا
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ لَيْسَ أحد أَعْتَى وأظلم ﴿مِمَّن ذُكِّرَ﴾ وعظ ﴿بِآيَاتِ رَبِّهِ﴾ نزلت فِي الْمُنَافِقين الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالْقُرْآنِ ﴿ثمَّ أعرض عَنْهَا﴾ جاحدابها ﴿إِنَّا من الْمُجْرمين﴾ منالمشركين ﴿منتقمون﴾ بِالْعَذَابِ
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿مُوسَى الْكتاب﴾ التَّوْرَاة جملَة وَاحِدَة ﴿فَلَا تكن﴾ يامحمد ﴿فِي مِرْيَةٍ﴾ فِي شكّ ﴿مِّن لِّقَآئِهِ﴾ من لِقَاء مُوسَى لَيْلَة أسرِي بك إِلَى بَيت الْمُقَدّس ﴿وَجَعَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي كتاب مُوسَى ﴿هُدىً لبني إِسْرَائِيلَ﴾ من الضَّلَالَة
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ﴾ من بني إِسْرَائِيل ﴿أَئِمَّةً﴾ قادة بِالْخَيرِ ﴿يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ يدعونَ الْخلق إِلَى أمرنَا ﴿لَمَّا صَبَرُواْ﴾ حِين صَبَرُوا على الْإِيمَان وَالطَّاعَة ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿يُوقِنُونَ﴾ يصدقون فِي كِتَابهمْ
﴿إِن رَبك﴾ يامحمد ﴿هُوَ يَفْصِلُ﴾ يقْضِي ﴿بَيْنَهُمْ﴾ بَين الْكَافِر وَالْمُؤمن وَيُقَال بَين بني إِسْرَائِيل ﴿يَوْمَ الْقِيَامَة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ﴾ فِي الدّين ﴿يَخْتَلِفُونَ﴾ يخالفون
﴿أولم يهد لَهُم﴾ أولم يبيِّن لكفار مَكَّة ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿مِّنَ الْقُرُون﴾ الْمَاضِيَة ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ فِي مَنَازِلهمْ منَازِل قوم شُعَيْب وَصَالح وَهود ﴿إِن فِي ذَلِك﴾ فِيمَا فعلنَا بهم ﴿لآيَات﴾ لعلامات وعبرات لمن بعدهمْ (أَفَلاَ يَسْمَعُونَ) أَفلا يطيعون من فعل بهم ذَلِك
(أَوَلَمْ يَرَوْاْ) يعلمُوا كفار مَكَّة ﴿أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأَرْض الجرز﴾ الملساء الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا ﴿فَنُخْرِجُ بِهِ﴾ بالمطر ﴿زَرْعاً﴾ نباتاً ﴿تَأْكُلُ مِنْهُ﴾ من العشب ﴿أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ﴾ من الْحُبُوب وَالثِّمَار والبقول ﴿أَفَلاَ يُبْصِرُونَ﴾ أَفلا يعلمُونَ أَنه من الله
﴿وَيَقُولُونَ﴾ يَعْنِي بني خُزَيْمَة وَبني كنَانَة ﴿مَتى هَذَا الْفَتْح﴾ فتح مَكَّة ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَن يفتح لكم يسخرون بذلك على الْمُؤمنِينَ
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لبني خُزَيْمَة وكنانة ﴿يَوْمَ الْفَتْح﴾ فتح مَكَّة ﴿لاَ يَنفَعُ الَّذين كفرُوا﴾ بني خُزَيْمَة ﴿إِيَمَانُهُمْ﴾ من الْقَتْل ﴿وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ﴾ يؤجلون من الْقَتْل
﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ عَن بني خُزَيْمَة وَلَا تشتغل بهم ﴿وانتظر﴾ هلاكهم يَوْم فتح مَكَّة ﴿إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ﴾ هلاكك فأهلكهم الله يَوْم فتح مَكَّة
349
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْأَحْزَاب وهى كلهَا مَدَنِيَّة آياتها ثَلَاثَة وَتسْعُونَ وكلماتها ألف ومائتان وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ وحروفها خَمْسَة آلَاف وَسَبْعمائة
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
350
سورة السجدة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (السَّجْدة) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإنذارِ الكافرين من النار، وتوبيخِهم على اتِّباع الآلهة الزائفة التي لا تغني من الحقِّ شيئًا، ودعَتْهم إلى التواضُعِ واتِّباع دِينِ الله الحقِّ؛ من خلال تَرْكِ التكبُّر، والسجودِ لله، مذكِّرةً لهم بأصلِ خِلْقتهم، وبقوَّةِ الله عز وجل وقُدْرته؛ فهو المستحِقُّ للعبادة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في صلاةِ فَجْرِ يوم الجمعة.

ترتيبها المصحفي
32
نوعها
مكية
ألفاظها
374
ترتيب نزولها
75
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
29
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* قوله تعالى: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ هذه الآيةَ: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]  نزَلتْ في انتظارِ الصَّلاةِ التي تُدْعى العَتَمةَ». أخرجه الترمذي (٣١٩٦).

و(صلاةُ العَتَمةِ): هي صلاةُ العِشاءِ؛ لِما جاء في الحديثِ عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «صلَّى لنا رسولُ اللهِ ﷺ العِشاءَ، وهي التي يَدْعو الناسُ العَتَمةَ ...». أخرجه البخاري (٥٦٤).

* سورة (السَّجْدة):

سُمِّيت بذلك لِما ذكَر اللهُ تعالى فيها من أوصافِ المؤمنين، الذين إذا سَمِعوا آياتِ القرآن {خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]. وقال البِقاعيُّ: «واسمُها (السَّجْدة) منطبِقٌ على ذلك بما دعَتْ إليه آيَتُها من الإخباتِ، وتركِ الاستكبار». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" (2 /361).

* سورة ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ})، أو ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ):

دلَّ على ذلك افتتاحُ السُّورة بذلك، واحتواؤها على سَجْدةٍ، وصحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

ولها أسماءٌ أخرى غيرُ ما ذكرنا.

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /47-48).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في فَجْرِ يوم الجمعة:

 عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها قبل نومِه:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ}، و{تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٣٤٠٤).

اشتمَلتْ سورةُ (السَّجْدة) على الموضوعات الآتية:

1. القرآن حقٌّ مُنزَّل (١-٣).

2. الخَلْقُ: مُدَّته، وأنه حسَنٌ (٤-٩).

3. إثبات البعث (١٠-١١).

4. ذلُّ المجرمين يوم الدِّين (١٢-١٤).

5. علامات الإيمان (١٥- ١٧).

6. الجزاء العادل (١٨-٢٢).

7. الإمامة في الدِّين (٢٣-٢٥).

8. آياتٌ وعِظات (٢٦- ٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /51).

مقصدُ السُّورة الأعظم: هو إنذارُ الكفار بهذا الكتاب، وأنه مِن عندِ الله عزَّ وجلَّ؛ فلا يأتيه الباطلُ مِن بينِ يديه ولا مِن خلفِه، وبيانُ بطلانِ آلهتهم وزيفِها، والتذكيرُ بقدرة الله والبعث، وكذا تذكيرُهم بوجوب اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم المرسَل بهذا الكتاب؛ فمِن خلال الاتباع يكون الفوزُ بالجنة، والنجاةُ من النار، ولتحقيقِ ذلك لا بد من الاستجابة لله، والتواضُعِ لأمره، وتركِ الاستكبار والعناد، واسمُ السورة دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /361)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /204).