تفسير سورة السجدة

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة السجدة من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة السجدة١
١ في (م) سورة ألم السجدة..

بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق قال : أنا ابن جريج قال : أنا ابن أبي مليكة قال : دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان على عبد الله بن عباس قال : فقال له ابن فيروز : يا أبا عباس٢، قول الله تبارك وتعالى :﴿ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ﴾ الآية قال ابن عباس : من أنت ؟ قال : أنا عبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان، فقال ابن عباس :﴿ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ﴾ فقال له ابن فيروز : أسألك يا أبا عباس٣، فقال ابن عباس : أياما سماها الله لا أدري ما هي، أكره أن أقول فيها ما لا أعلم. قال ابن أبي مليكة : فضرب الدهر حتى دخلت على سعيد بن المسيب، فسئل عنها فلم يدر ما يقول فيها، قال : فقلت له : ألا أخبرك ما حضرت من ابن عباس ؟ فأخبرته، فقال ابن المسيب للسائل : هذا ابن عباس قد اتقى أن يقول فيها وهو أعلم مني.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ﴾ قال : ينحدر الأمر ويصعد إلى السماء من الأرض في يوم واحد مقداره ألف سنة خمس مائة في المسير حين٤ ينزل وخمس مائة حين٥ يعرج.
١ البسملة من (م)..
٢ في (م) يا ابن عباس. ورواية الدر المنثور كالتي أثبتناها..
٣ في (م) يا ابن عباس. ورواية الدر المنثور كالتي أثبتناها..
٤ في (م) (حتى) بدل (حين)..
٥ في (م) (حتى) بدل (حين)..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه ﴾ قال : أحسن خلق كل شيء.
عبد الرزاق عن الثوري عن جويبر عن الضحاك في قوله :﴿ تتجافى جنوبهم ﴾ قال : كانوا إذا استيقظوا ذكروا الله وكبروا.
عبد الرزاق عن معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل في قوله :﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت يا رسول الله : أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني١ من النار، وقال :" لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ :﴿ تتجافى جنوبهم ﴾ حتى ﴿ يعملون ﴾ ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ فقلت : بلى يا رسول الله، قال : رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت : بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه ثم قال : كف عليك هذا، فقلت : يا رسول الله، أو إنا لؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " ؟ ؟ ٢.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى :﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ قال : الصلاة من الليل.
١ في (م) ويبعدني..
٢ رواه الترمذي في الإيمان ج ٤ ص ١٢٤ وقال: حديث حسن صحيح.
وابن ماحه في الفتن ج ٢ ص ١٣١٥. وأحمد ج ٥ ص ٢٣١، ٢٣٧..

عبد الرزاق عن معمر قال تلا قتادة :﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾ قال : قال الله : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
[ عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ]١.
١ هذا السند غير موجود في (م)، وقد أخرج الحديث البخاري في التوحيد ج ٨ ص ١٩٧ ورواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها ج ٨ ص ١٤٢ والترمذي في التفسير ج ٥ ص ٢٦ والدارمي في الرقاق ج ٢ ص ٢٣٥. وعند الشيخين والترمذي والدارمي (لعبادي الصالحين)..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى ﴾ قال : قال أبي بن كعب : هو يوم بدر. عبد الرزاق : قال معمر : وقال الحسن : العذاب الأدنى عقوبات الدنيا.
معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز ﴾ قال : هي أبين١ التي لا تنبت.
١ في رواية الدر المنثور: قال هي التي لا تنبت هن أبين ونحوها من الأرض. وفي حاشية (ق) أبين: أرض باليمن وهي عدن، وهو ما ذكره صاحب لسان العرب: ج ١٣ ص ٦. وفي رواية الطبري عن ابن عباس: الأرض التي لا تمطر إلا قطرا لا يغني عنها شيئا إلا ما يأتيها من السيول..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ يوم الفتح ﴾ قال : الفتح القضاء.
سورة السجدة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (السَّجْدة) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإنذارِ الكافرين من النار، وتوبيخِهم على اتِّباع الآلهة الزائفة التي لا تغني من الحقِّ شيئًا، ودعَتْهم إلى التواضُعِ واتِّباع دِينِ الله الحقِّ؛ من خلال تَرْكِ التكبُّر، والسجودِ لله، مذكِّرةً لهم بأصلِ خِلْقتهم، وبقوَّةِ الله عز وجل وقُدْرته؛ فهو المستحِقُّ للعبادة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في صلاةِ فَجْرِ يوم الجمعة.

ترتيبها المصحفي
32
نوعها
مكية
ألفاظها
374
ترتيب نزولها
75
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
29
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* قوله تعالى: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ هذه الآيةَ: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]  نزَلتْ في انتظارِ الصَّلاةِ التي تُدْعى العَتَمةَ». أخرجه الترمذي (٣١٩٦).

و(صلاةُ العَتَمةِ): هي صلاةُ العِشاءِ؛ لِما جاء في الحديثِ عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «صلَّى لنا رسولُ اللهِ ﷺ العِشاءَ، وهي التي يَدْعو الناسُ العَتَمةَ ...». أخرجه البخاري (٥٦٤).

* سورة (السَّجْدة):

سُمِّيت بذلك لِما ذكَر اللهُ تعالى فيها من أوصافِ المؤمنين، الذين إذا سَمِعوا آياتِ القرآن {خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]. وقال البِقاعيُّ: «واسمُها (السَّجْدة) منطبِقٌ على ذلك بما دعَتْ إليه آيَتُها من الإخباتِ، وتركِ الاستكبار». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" (2 /361).

* سورة ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ})، أو ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ):

دلَّ على ذلك افتتاحُ السُّورة بذلك، واحتواؤها على سَجْدةٍ، وصحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

ولها أسماءٌ أخرى غيرُ ما ذكرنا.

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /47-48).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في فَجْرِ يوم الجمعة:

 عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها قبل نومِه:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ}، و{تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٣٤٠٤).

اشتمَلتْ سورةُ (السَّجْدة) على الموضوعات الآتية:

1. القرآن حقٌّ مُنزَّل (١-٣).

2. الخَلْقُ: مُدَّته، وأنه حسَنٌ (٤-٩).

3. إثبات البعث (١٠-١١).

4. ذلُّ المجرمين يوم الدِّين (١٢-١٤).

5. علامات الإيمان (١٥- ١٧).

6. الجزاء العادل (١٨-٢٢).

7. الإمامة في الدِّين (٢٣-٢٥).

8. آياتٌ وعِظات (٢٦- ٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /51).

مقصدُ السُّورة الأعظم: هو إنذارُ الكفار بهذا الكتاب، وأنه مِن عندِ الله عزَّ وجلَّ؛ فلا يأتيه الباطلُ مِن بينِ يديه ولا مِن خلفِه، وبيانُ بطلانِ آلهتهم وزيفِها، والتذكيرُ بقدرة الله والبعث، وكذا تذكيرُهم بوجوب اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم المرسَل بهذا الكتاب؛ فمِن خلال الاتباع يكون الفوزُ بالجنة، والنجاةُ من النار، ولتحقيقِ ذلك لا بد من الاستجابة لله، والتواضُعِ لأمره، وتركِ الاستكبار والعناد، واسمُ السورة دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /361)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /204).