بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة السجدةوهي مكية إلا ثلاث آيات نزلت في علي رضي الله عنه سنذكرها.
وقد روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام كل ليلة حتى يقرأ. " الم تنزيل " السجدة، و " تبارك الذي بيده الملك ". ( ١ )
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح من يوم الجمعة سورة السجدة، وسورة " هل أتى ". ( ٢ )
٢ - متفق عليه من حديث أبي هريرة، رواه البخاري (٢/٤٣٨-٤٣٩ رقم ٨٩١، ١٠٦٨)، ومسلم (٦/٢٣٩، ٢٤٠ رقم ٨٨٠)، ورواه مسلم (٦/٢٣٨-٢٣٩ رقم ٨٧٩)، والترمذي (٢/٣٩٨ رقم ٥٢٠) وقال: حسن صحيح، وأبو داود (١/٢٨٢ رقم ١٠٧٤)، والنسائي (٢/١٥٩ رقم ٩٥٦)، وأحمد في المسند (١/٢٢٦، ٣٣٤، ٣٤٠) به من حديث ابن عباس..
ﰡ
وَقَوله: ﴿بل هُوَ الْحق من رَبك لتنذر قوما مَا أَتَاهُم [من نَذِير من قبلك] ﴾
مَا هَا هُنَا بِمَعْنى النَّفْي، وَمَعْنَاهُ: لتنذر قوما لم [يشاهدوا] وآباؤهم قبلك نَبيا، فَإِن قيل: إِذا لم يشاهدوا نَبيا وَلم ينذروا، كَيفَ يستجوبوا النَّار بترك الْإِيمَان؟ وَالْجَوَاب: أَنه لَزِمَهُم الْإِيمَان بِاللَّه بإرسال الرُّسُل الَّذين كَانُوا من قبل، وَقد سمعُوا ذَلِك.
وَقَالَ بَعضهم: إِن إِسْمَاعِيل كَانَ نَبيا إِلَى الْعَرَب، وَقد تركُوا دينه، وَيُقَال: إِنَّهُم تركُوا دين إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ﴾ أَي: يرشدون.
وَقَوله: ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿مَا لكم من دونه ولي وَلَا شَفِيع أَفلا تتذكرون﴾ مَعْنَاهُ: أَفلا تتعظون.
وَقَوله: ﴿ثمَّ يعرج إِلَيْهِ﴾ ثمَّ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: ثمَّ يعرج الْملك إِلَيْهِ بعد نُزُوله بِالْأَمر. وَالْقَوْل الثَّانِي: ثمَّ يعرج إِلَيْهِ أَي: يعرج الْأَمر إِلَيْهِ، وَمعنى عروج الْأَمر إِلَيْهِ: صيرورة الْأَمر كُله إِلَيْهِ، وَسُقُوط أَمر الْخلق كلهم.
وَقَوله: ﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ﴾ هَذِه الْآيَة تعد مشكلة، وَوجه الْإِشْكَال: أَن الله تَعَالَى قَالَ فِي آيَة أُخْرَى: ﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة﴾ قَالَ مُجَاهِد: ﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة﴾ مَعْنَاهُ: أَن من السَّمَاء إِلَى الأَرْض إِذا نزل الْملك خَمْسمِائَة سنة، وَإِذا صعد خَمْسمِائَة سنة فَيكون ألف سنة.
وَأما قَوْله: ﴿خمسين ألف سنة﴾ هُوَ من قَرَار الأَرْض إِلَى الْعَرْش. وَقَالَ بَعضهم: خمسين ألف سنة، وَألف سنة كلهَا فِي الْقِيَامَة، فَيكون يَوْم الْقِيَامَة على بَعضهم ألف سنة، وعَلى بَعضهم خمسين ألف سنة، وَالْيَوْم وَاحِد.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: " أَن الله تَعَالَى يقصره على الْمُؤمن حَتَّى يكون كَمَا بَين صَلَاتَيْنِ ".
وَقَالَ بَعضهم: يعرج بعض الْأَمْلَاك فِي مِقْدَار ألف سنة، ويعرج بعض الْأَمْلَاك فِي مِقْدَار خمسين ألف سنة، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿الْعَزِيز الرَّحِيم﴾ أَي: المنيع فِي ملكه، الرَّحِيم بخلقه.
وَقَوله: ﴿وبدا خلق الْإِنْسَان من طين﴾ أَي: آدم وَذريته.
وَقَوله: ﴿وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة﴾ أَي: الأسماع والأبصار والأفئدة.
وَقَوله: ﴿قَلِيلا مَا تشكرون﴾ أَي: قَلِيلا تشكرون.
وَقَوله: ﴿أئنا لفي خلق جَدِيد﴾ أَي: نرْجِع أَحيَاء بعد مَا متْنا، وَقَالُوا هَذَا على طَرِيق الْجحْد وَالْإِنْكَار.
وَقَوله: ﴿بل هم بلقاء رَبهم كافرون﴾ أَي: بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت جاحدون.
وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لَقِي جِبْرِيل ملك الْمَوْت ببحر فَارس، فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت، كَيفَ تقبض أَرْوَاح النَّاس إِذا وَقع الوباء، فَيَمُوت من هَذَا الْجَانِب عشرَة آلَاف، وَمن هَذَا الْجَانِب عشرَة آلَاف؟ فَقَالَ: تزوي الأَرْض بَين عَيْني فألتقطهم التقاطا.
وروى جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه: " أَن النَّبِي دخل على رجل من الْأَنْصَار يعودهُ، فَرَأى ملك الْمَوْت عِنْد رَأسه، فقتال لَهُ: ارْفُقْ بِهَذَا الرجل من أَصْحَابِي، فَقَالَ: طب نفسا وقر عينا، فَإِنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق، ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أردْت قبض روح بعوضة مَا قدرت عَلَيْهِ حَتَّى يَأْمر الله بِقَبْضِهِ، وَإِنِّي أتصفح وُجُوه النَّاس كل يَوْم خمس مَرَّات " وَالْخَبَر غَرِيب.
وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة أنس أَن النَّبِي قَالَ: " الْأَمْرَاض والأوجاع رسل الْمَوْت، فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روح عبد، فتصارخوا عَلَيْهِ قَالَ: مَاذَا تصرخون؟ وَالله مَا نقصت لَهُ رزقا، وَلَا قدمت لَهُ أَََجَلًا، وَلَا ظلمت مِنْكُم أحدا، وَإِنَّمَا دَعَاهُ الله فَأَجَابَهُ، فليبك كل امْرِئ على نَفسه، وَإِن لي إِلَيْكُم عودات ثمَّ عودات حَتَّى لَا أبقى مِنْكُم أحدا " وَالْخَبَر من الغرائب أَيْضا.
وَأما التوفي فَهُوَ اسْتِيفَاء الْعدَد، وَمَعْنَاهُ: أَنه يقبض أَرْوَاحهم حَتَّى لَا يبْقى أحد من الْعدَد الَّذِي كتب مَوْتهمْ، قَالَ الشَّاعِر:
(كذبتك عَيْنك أم رَأَيْت بواسط | غلس الظلام على الربَاب جبالا) |
(إِن بنى الأدرم لَيْسُوا من أحد | وَلَا توفيهم قُرَيْش من عدد) |
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون﴾ أَي: تصيرون.
وَقَوله: ﴿رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا﴾ أَي: قائلين رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا أَي: أبصرنا صدق وعيدك، وَسَمعنَا مِنْك تَصْدِيق رسلك. قَالَ قَتَادَة: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر. وسمعوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع. وَيُقَال: أبصرنا معاصينا، وَسَمعنَا مَا قيل فِينَا.
وَقَوله: ﴿فارجعنا نعمل صَالحا﴾ أَي: ردنا نعمل صَالحا.
وَقَوله: ﴿إِنَّا موقنون﴾ أَي: مصدقون بِالْبَعْثِ.
وَقَوله: ﴿وَلَكِن حق القَوْل مني﴾ أَي: وَجب القَوْل مني، وَيُقَال: سبق القَوْل مني. قَالَ الشَّاعِر:
(فَإِن تكن العتبى فأهلا ومرحبا | وحقت لَك العتبى لدينا وَقلت) |
وَقَوله: ﴿الْجنَّة﴾ هم الْجِنّ، والجآن: أَب الْجِنّ، كآدم أَب (الْإِنْس).
وَرفع خَارِجَة خَبرا إِلَى النَّبِي " أَنه سُئِلَ هَل يدْخل مؤمنو الْجِنّ الْجنَّة؟ فَقَالَ: نعم. قيل: هَل يصيبون من نعيمها؟ قَالَ: يلهمهم الله تَسْبِيحَة وَذكره، فيصيبون من لَدنه مَا يُصِيبهُ بَنو آدم من نعيم الْجنَّة " حَكَاهُ النقاش فِي تَفْسِيره.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " تَحَاجَّتْ الْجنَّة وَالنَّار؛ فَقَالَت النَّار: أُوثِرت بالجبابرة والمتكبرين، وَقَالَت الْجنَّة: مَا بالي يدخلني سفلَة النَّاس وَسَقَطهمْ وَفِي رِوَايَة: ضعفاء النَّاس ومساكينهم، وَهُوَ الْأَشْهر فَقَالَ الله تَعَالَى للجنة: أَنْت رَحْمَتي، أرْحم بك من شِئْت، وَقَالَ للنار: أَنْت عَذَابي، أعذب بك من شِئْت، وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا ".
وَقَوله: ﴿إِنَّا نسيناكم﴾ أَي تركناكم من الْخَيْر وَالرَّحْمَة، وَقيل: تركناكم فِي الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ أَي: الْعَذَاب الدَّائِم جَزَاء على
وَقَوله: ﴿خروا سجدا﴾ أَي: وَقَعُوا سجدا، والخرور فِي اللُّغَة: هُوَ السُّقُوط، وَعَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: " بَايَعت رَسُول الله أَن لَا أخر إِلَّا قَائِما " أَي: لَا أَمُوت إِلَّا وَأَنا ثَابت على الْإِسْلَام، وَقَوله: ﴿وسبحوا بِحَمْد رَبهم﴾ أَي: وصلوا بِأَمْر رَبهم.
وَيُقَال: سبحوا [الله] وحمدوه.
وَقَوله: ﴿وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَي: لَا يتكبرون، وَيُقَال: من سجد لله فقد طرح التكبر عَن رَأسه، وَفِي بعض الْأَخْبَار: من سجد لله سَجْدَة رَفعه الله بهَا دَرَجَة.
(يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه | إِذا استثقلت بالمشركين الْمضَاجِع) |
وَعَن الْحسن وَقَتَادَة قَالَا: هُوَ الصَّلَاة بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
وَقَالَ الضَّحَّاك: إِذا استيقظوا ذكرُوا الله وسبحوه.
وَعَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا: هُوَ
وَأشهر الْأَقَاوِيل: أَن المُرَاد مِنْهُ صَلَاة اللَّيْل، قَالَه مُجَاهِد وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَجَمَاعَة.
وَعَن النَّبِي أَنه قَالَ: " عَلَيْكُم بِصَلَاة اللَّيْل، فَإِنَّهَا دأب الصَّالِحين قبلكُمْ ".
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي عبد الله بن عمر: نعم الرجل عبد الله لَو كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَلم يتْرك بعد ذَلِك صَلَاة اللَّيْل حَتَّى توفاه الله تَعَالَى ".
وَفِي حَدِيث معَاذ بن جبل أَن النَّبِي قَالَ: " الصَّوْم جنَّة، وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطِيئَة، وَالصَّلَاة جَوف اللَّيْل، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: (تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع) ".
وَقَوله: ﴿يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا﴾ أَي: خوفًا من النَّار، وَطَمَعًا فِي الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ يُقَال: إِن المُرَاد مِنْهَا الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وَيُقَال: الصَّدَقَة والتطوع.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن ابي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ، وَلَا أذن سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إِن شِئْتُم قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ ".
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بِهَذَا بِالْحَدِيثِ أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن [فراس] أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُقْرِئ، أخبرنَا جدي مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد.. الْخَبَر.
وَقَوله: ﴿من قُرَّة أعين﴾ أَي: مَا تقر بِهِ أَعينهم، وَحكى النقاش فِي تَفْسِيره عَن مُوسَى بن يسَار قَالَ: يمْكث الْمُؤمن فِي الْجنَّة مَعَ زَوجته حينا، فَتَطلع عَلَيْهِ أُخْرَى، فَتَقول لَهُ: أما آن يكون لنا مِنْك دولة؟ فَيَقُول لَهَا: من أَنْت؟ فَتَقول: أَنا من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا اخفي لَهُم من قُرَّة أعين﴾ فَينْتَقل إِلَيْهَا وَيمْكث مَعهَا حينا، فتشرف عَلَيْهِ أُخْرَى، وَتقول مثل مَا قَالَت الأولى، فَيَقُول لَهَا: من أَنْت؟ فَتَقول: أَنا من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ولدينا مزِيد﴾.
وَعَن ابْن سِيرِين قَالَ: مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين: هُوَ النّظر إِلَى الله تَعَالَى. (وَعَن بَعضهم) قَالَ: أخفوا أَعْمَالهم فأخفى الله ثوابهم.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: الْخفية بالخفية، وَالْعَلَانِيَة بالعلانية.
وَقَوله: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يستوون﴾ أَي: لَا يستوون فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا﴾ فِي بعض التفاسير: أَن لِجَهَنَّم ساحلا كساحل الْبَحْر، فَيخرج الْكفَّار إِلَيْهِ فَتحمل عَلَيْهِم حيات لَهَا أَنْيَاب كالنخيل، فيرجعون إِلَى النَّار ويستغيثون بهَا.
وَقَوله: ﴿وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون﴾ والأثر الَّذِي ذَكرْنَاهُ أوردهُ أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره.
وَقَوله: ﴿دون الْعَذَاب الْكبر﴾ أَي: سوى الْعَذَاب الْأَكْبَر.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يرجعُونَ﴾ أَي: يرجعُونَ عَن الْكفْر.
وَقَوله: ﴿ثمَّ أعرض عَنْهَا إِنَّا من لمجرمين منتقمون﴾ روى معَاذ أَن النَّبِي قَالَ: " ثَلَاث من فعلهن فَهُوَ مجرم، من عقد لِوَاء بِغَيْر حق فَهُوَ مجرم وَمن مَشى مَعَ ظَالِم لِيَنْصُرهُ فَهُوَ مجرم، وَمن عق وَالِديهِ فَهُوَ مجرم، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون﴾ ".
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ أَي: فِي شكّ فِي لِقَائِه، وَفِي مَعْنَاهُ أقاويل:
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ رَاجع إِلَى مَا سبق من قَوْله تَعَالَى: ﴿ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر﴾ وَمَعْنَاهُ: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء يَوْم الْعَذَاب، وَالله أعلم. ﴿وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل﴾ يُقَال: إِنَّه رَاجع إِلَى مُوسَى، وَيُقَال: رَاجع إِلَى الْكتاب.
وَقَوله: ﴿يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا﴾ أَي: يرشدون بوحينا لما صَبَرُوا، وَقُرِئَ " لما صَبَرُوا " أَي: عَن الْمعاصِي، وَقيل: عَن شهوات الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون﴾ أَي: يصدقون.
وَقَوله: ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿كَمَا أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم﴾ أَي: يمشي أهل مَكَّة فِي مساكنهم.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ﴾ أَي: سَماع قبُول.
وَقَوله: ﴿فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم﴾ يَعْنِي: من العشب والتبن.
وَقَوله: ﴿وأنفسهم﴾ من الْحِنْطَة وَالشعِير وَسَائِر الأقوات.
وَقَوله: ﴿أَفلا يبصرون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَلَا هم ينظرُونَ﴾ أَي: يمهلون ليتوبوا أَو يعتذروا، وَقد كَانُوا يمهلون فِي
وَقَوله: ﴿وانتظر إِنَّهُم منتظرون﴾ أَي: وانتظر عَذَابهمْ ووعيدنا فيهم فَإِنَّهُم منتظرون. كَذَلِك فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: ﴿إِنَّهُم منتظرون﴾ الْعَذَاب، وَمَا كَانُوا آمنُوا بِالْعَذَابِ؟ وَالْجَوَاب: لما كَانَ الله تَعَالَى وعدهم بِالْعَذَابِ، وَكَانَ ذَلِك واصلا إِلَيْهِم لَا محَالة؛ سماهم: منتظرين على مجَاز الْكَلَام، وَيُقَال: فَإِنَّهُم منتظرون: أَي موتك وحوادث الدَّهْر لَك؛ ليستريحوا مِنْك.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ إِن الله كَانَ عليما حكيما (١) وَاتبع مَا يُوحى إِلَيْك من رَبك إِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا (٢) وتوكل على الله﴾تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب
وَهِي مَدَنِيَّة فِي قَول الْجَمِيع