تفسير سورة السجدة

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة السجدة من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
هي مكية إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة ١ وهي قوله تعالى :﴿ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ( ١٨ ) ﴾ [ السجدة : ١٨ ] إلى تمام ثلاث آيات ٢. وقال جابر بن عبد الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام حتى يقرأ : الم السجدة، وتبارك الذي بيده الملك. وفيها موضعان من الأحكام والنسخ.
١ "منها نزلت بالمدينة" كلام ساقط في (ح)..
٢ نسبه القرطبي إلى الكلبي ومقاتل. وقال القرطبي: وقيل خمس آيات. راجع الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ٨٤..

– قوله تعالى :﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع... ﴾ الآية :
اختلف في تأويل الآية، فقال أنس بن مالك أراد بهذه الآية الصلاة بين المغرب والعشاء وقال عطاء وغيره أراد صلاة العشاء الأخيرة. وقال الضحاك هو أن يصلي العشاء والصبح في جماعة. وقال ابن عباس عنى بذلك ملازمة ذكر الله تعالى، كلما استيقظوا ذكروا الله إما في صلاة وإما في قيام وأما في قعود وعلى جنوبهم. وقال الجمهور أراد بها التجافي في صلاة النوافل بالليل، وبه قال مالك رحمه الله تعالى. وهذا التأويل أظهر ١ وقد جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فيها قيام الليل ثم يستشهد بهذه الآية ٢. ورجح الزجاج هذا القول بأنهم جوزوا بإخفاء فدل ذلك على أن العمل إخفاق أيضا وهو قيام الليل. وقد قال عبد الله بن رواحة :
يبيت تجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع٣
قوله تعالى :﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ قيل يعني الزكاة المفروضة. وقيل النوافل والصدقات غير المفروضة. وهذا القول أظهر لأنه أمدح.
١ "أظهر" كلمة ساقطة في (ح)..
٢ منها ما ذكره القرطبي عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل". قال ثم تلا قوله تعالى: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ حتى بلغ: ﴿يصلون﴾ أخرجه الترمذي وأبو داود. راجع الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ١٠٠، وأحكام القرآن للجصاص ٥/ ٢٢١..
٣ البيت من البحر الطويل..
– قوله تعالى :﴿ ولقد آتينا ﴾ :
في هذه الآية مهادنة الكفار. وهذا مما نسخته آية الجهاد.
سورة السجدة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (السَّجْدة) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإنذارِ الكافرين من النار، وتوبيخِهم على اتِّباع الآلهة الزائفة التي لا تغني من الحقِّ شيئًا، ودعَتْهم إلى التواضُعِ واتِّباع دِينِ الله الحقِّ؛ من خلال تَرْكِ التكبُّر، والسجودِ لله، مذكِّرةً لهم بأصلِ خِلْقتهم، وبقوَّةِ الله عز وجل وقُدْرته؛ فهو المستحِقُّ للعبادة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في صلاةِ فَجْرِ يوم الجمعة.

ترتيبها المصحفي
32
نوعها
مكية
ألفاظها
374
ترتيب نزولها
75
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
29
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* قوله تعالى: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ هذه الآيةَ: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اْلْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]  نزَلتْ في انتظارِ الصَّلاةِ التي تُدْعى العَتَمةَ». أخرجه الترمذي (٣١٩٦).

و(صلاةُ العَتَمةِ): هي صلاةُ العِشاءِ؛ لِما جاء في الحديثِ عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «صلَّى لنا رسولُ اللهِ ﷺ العِشاءَ، وهي التي يَدْعو الناسُ العَتَمةَ ...». أخرجه البخاري (٥٦٤).

* سورة (السَّجْدة):

سُمِّيت بذلك لِما ذكَر اللهُ تعالى فيها من أوصافِ المؤمنين، الذين إذا سَمِعوا آياتِ القرآن {خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]. وقال البِقاعيُّ: «واسمُها (السَّجْدة) منطبِقٌ على ذلك بما دعَتْ إليه آيَتُها من الإخباتِ، وتركِ الاستكبار». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" (2 /361).

* سورة ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ})، أو ({الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ):

دلَّ على ذلك افتتاحُ السُّورة بذلك، واحتواؤها على سَجْدةٍ، وصحَّ عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

ولها أسماءٌ أخرى غيرُ ما ذكرنا.

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /47-48).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها في فَجْرِ يوم الجمعة:

 عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الفَجْرِ يومَ الجُمُعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ اْلدَّهْرِ}، وأنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجُمُعةِ سورةَ الجُمُعةِ، والمُنافِقِينَ». أخرجه مسلم (٨٧٩).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرؤُها قبل نومِه:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ}، و{تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٣٤٠٤).

اشتمَلتْ سورةُ (السَّجْدة) على الموضوعات الآتية:

1. القرآن حقٌّ مُنزَّل (١-٣).

2. الخَلْقُ: مُدَّته، وأنه حسَنٌ (٤-٩).

3. إثبات البعث (١٠-١١).

4. ذلُّ المجرمين يوم الدِّين (١٢-١٤).

5. علامات الإيمان (١٥- ١٧).

6. الجزاء العادل (١٨-٢٢).

7. الإمامة في الدِّين (٢٣-٢٥).

8. آياتٌ وعِظات (٢٦- ٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /51).

مقصدُ السُّورة الأعظم: هو إنذارُ الكفار بهذا الكتاب، وأنه مِن عندِ الله عزَّ وجلَّ؛ فلا يأتيه الباطلُ مِن بينِ يديه ولا مِن خلفِه، وبيانُ بطلانِ آلهتهم وزيفِها، والتذكيرُ بقدرة الله والبعث، وكذا تذكيرُهم بوجوب اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم المرسَل بهذا الكتاب؛ فمِن خلال الاتباع يكون الفوزُ بالجنة، والنجاةُ من النار، ولتحقيقِ ذلك لا بد من الاستجابة لله، والتواضُعِ لأمره، وتركِ الاستكبار والعناد، واسمُ السورة دالٌّ على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /361)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /204).