تفسير سورة الذاريات

مجاز القرآن

تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب مجاز القرآن
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً ﴾ هي الريح وناس يقولون : المذريات للريح، ذر وأذرت لغتان.
﴿ فَالْحَامِلاَتِ وِقْراً ﴾ السحاب.
﴿ فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً ﴾ السفن.
﴿ فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً ﴾ الملائكة.
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ الطرائق ومنها سمي حباك الحائط الإطار وحباك الحمام طرائق على جناحيه، وطرائق الماء حبكه وقال زهير :
مُكَللٌ بأصول النَّجم تَنْسِجه ر يحٌ خَرِيقٌ لضاحِي مائه حُبُكُ
{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِك { يدفع عنه ويحرمه كما تؤفك الأرض.
﴿ قُتِلَ الْخرَّاصُونَ ﴾ المتكهنون.
﴿ يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ﴾ يوم الحساب، متى يوم الدين.
﴿ ذُوقَوا فِتْنَتَكُمْ ﴾ تم الكلام ثم جاء هذا بعد ائتناف.
﴿ إِنَّ الْمتَّقِينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذينَ ﴾ انتصب لأن الكلام قد تم خبره فإن شئت رفعته وإن شئت أخرجته إلى النصب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:﴿ إِنَّ الْمتَّقِينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذينَ ﴾ انتصب لأن الكلام قد تم خبره فإن شئت رفعته وإن شئت أخرجته إلى النصب.
﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ أي يهجعون قليلاً من الليل.
﴿ وَفِي السَّماءِ رِزْقُكْم وَما تُوعَدُونَ ﴾ فيه مضمر مجازه : عند من في السماء رزقكم وعنده ما توعدون، وفي آية أخرى ﴿ أَيّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقونَ ﴾، ﴿ وَسَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ فهذا كله فيه إضمار والعرب تفعل ذلك قال نابغة بني ذبيان :
كأنك من جِمال بني أُقَيْشٍ يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيِهْ بِشَنِّ
أراد كأنك جملٌ من جمال بني أقيش، وقال الأسدي :
كذبتم وبيتِ اللهِ لا تَنْكحونها بني شاب قَرْناها تَصُرُّ وَتَحْلُبُ
فيه ضمير ﴿ التي ﴾ شاب قرناها. وقوله ﴿ وسل القرية ﴾ سل من في القربة.
﴿ إِنَّه لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ مجازها : كما أنكم تنطقون.
﴿ هْلْ أَتَاكَ حِدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلوا عَلَيْهِ ﴾ ضيف مثل خصم يقع على الواحد والجميع.
﴿ قَالوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ ﴾ قال تجيء للحكاية وفي موضع فعل يعمل فجاءت المنصوبة وقد عمل فيها ﴿ قالوا ﴾ وجاء المرفوع كأنه حكاية.
﴿ فَرَاغَ إِلى أَهْلِهِ ﴾ عدل إلى أهله.
﴿ فأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ﴾ أضمر خيفة أي خوفاً.
﴿ فِي صَرّةٍ ﴾ شدة صوت، يقال : أقبل فلان يصطر أي يصوت صوتأً شديداً.
﴿ قَالَتْ عَجُوزٌ عَقيمٌ ﴾ مختصر أي أنا عجوز عقيم.
﴿ مُسَوَّمَةً ﴾ معلمة ويقال : إنه كان عليها مثل الخواتيم.
﴿ فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ ﴾ وبجانبه سواء إنما هي ناحيته. ﴿ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ أو ها هنا في موضع الواو التي للمولاة لأنهم قد قالوهما جميعاً له قال جرير :
أَثعلبَة الفوارس أو رياحا عدَلَتْ بهم طُهَيّةَ والخِشابا
الخشاب بنو رزام بن مالك وربيعة وكعب بن مالك بن حنظلة.
﴿ أَتَوَاصَوْا به ﴾ أتواطئوا عليه وأخذه بعضهم عن بعض وإذا كانت شيمة غالبة على قوم قيل كأنما تواصوا بكذا وكذا.
﴿ فَتَولَّ عَنْهُمْ ﴾ أي أعرض عنهم واتركهم قال حصين بن ضمضم
أمّا بنو عَبْس فإنَّ هَجِينهم ولّى فوارسُه وأَفِلت أَعْورا
والأعور الذي عور فلم يقض حاجته ولم يصب ما طلب قال العجاج :
وعوّر الرحمنُ مَن ولّى العَوَرْ
وليس هو من عور العين ويقال للمستجيز الذي يطلب الماء فإذا لم يسقه قيل : قد عورت شربه قال الفرزدق :
متى ما تردْ يوماً سَفارِ تجدْ به أَدْيهِمَ يرمى المستَجيزَ المعوّرا
﴿ فَإِنَّ للِذّينَ ظَلمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابهمْ ﴾ أي نصيباً قال علقمة بن عبدة :
وفي كل يوم قد خبطْتَ بنائلٍ فحُقَّ لشأشٍ مِنَ نداك ذَنُوبُ
فقال الملك وأذنبه، أي نصيب. وإنما أصلها من الدلو والذنوب والسجل واحد وهو ملء الدلو وأقل قابلاً، قال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب :
مَن يساجِلْني يساجلْ ماجداً يملأ الدلوَ إلى عَقْد الَكرَبْ
سورة الذاريات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الذَّاريَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الأحقاف)، وقد جاءت ببيانِ عظمة الله، وقُدْرتِه على التصرُّف في الكون، وإنزالِ العذاب بمَن شاء، كيف شاء، متى شاء، ومِن ذلك قَسَمُه بـ(الذَّاريَات)، وهي: الرِّياح، وهي آيةٌ من آيات الله، يُصرِّفها اللهُ إن شاء للرَّحمة، وإن شاء للعذاب؛ فعلى الناسِ الفرارُ إلى الله، الذي هو طريقُ النجاة.

ترتيبها المصحفي
51
نوعها
مكية
ألفاظها
360
ترتيب نزولها
67
العد المدني الأول
60
العد المدني الأخير
60
العد البصري
60
العد الكوفي
60
العد الشامي
60

* سورة (الذَّاريَات):

سُمِّيت سورةُ (الذَّاريَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَم بـ(الذَّاريَات)؛ وهي: الرِّياح.

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الذَّاريَات) في صلاة الظُّهر:

عن البراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كُنَّا نُصلِّي خلفَ النبيِّ ﷺ الظُّهْرَ، فيُسمِعُنا الآيةَ بعد الآياتِ مِن لُقْمانَ والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

1. وقوع البعثِ والجزاء (١-٢٣).

2. دلائل القدرة الإلهية (٢٤-٤٦).

3. الفرارُ إلى الله طريق النجاة (٤٧- ٦٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /443).

مقصودُ سورة (الذَّاريَات) هو الدعوةُ إلى طاعة الله، والاستجابة لأمره؛ من خلال التحذير من وقوع العذاب بالأقوام؛ فإن اللهَ في هذه السورة أقسَمَ بـ(الذَّاريَات)، وهي الرِّياح التي يُعذِّب الله بها من يشاء من عباده، يقول البِقاعي: «مقصودها: الدلالة على صدقِ ما أنذَرتْ به سورةُ (ق) تصريحًا، وبشَّرت به تلويحًا، ولا سيما من مُصاب الدنيا، وعذابِ الآخرة.

واسمها (الذَّاريَات): ظاهرٌ في ذلك، بملاحظة جواب القَسَم؛ فإنه - لِشِدة الارتباط - كالآية الواحدة وإن كان خمسًا.

وللتعبير عن الرِّياح بـ(الذَّاريَات) أتمُّ إشارةٍ إلى ذلك؛ فإن تكذيبَهم بالوعيد لكونهم لا يشعُرون بشيءٍ من أسبابه، وإن كانت موجودةً معهم». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /25).