تفسير سورة البينة

التبيان في إعراب القرآن

تفسير سورة سورة البينة من كتاب التبيان في إعراب القرآن
لمؤلفه أبو البقاء العكبري . المتوفي سنة 616 هـ

سُورَةُ الْبَيِّنَةِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْمُشْرِكِينَ) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى «أَهْلِ» وَ (مُنْفَكِّينَ) : خَبَرُ كَانَ. وَ (مِنْ أَهْلِ) : حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «كَفَرُوا».
قَالَ تَعَالَى: (رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَسُولٌ) : هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْبَيِّنَةِ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
وَ (مِنَ اللَّهِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِرَسُولٍ، أَوْ مُتَعَلِّقًا بِهِ.
وَ (يَتْلُو) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْجَارِّ، أَوْ صِفَةٌ لِـ (رَسُولٌ).
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «مِنَ اللَّهِ» حَالًا مِنْ صُحُفٍ؛ أَيْ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً مُنَزَّلَةً مِنَ اللَّهِ.
وَ (فِيهَا كُتُبٌ) : الْجُمْلَةُ نَعْتٌ «لِصُحُفٍ».
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)).
وَ (مُخْلِصِينَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «يَعْبُدُوا». وَ (حُنَفَاءَ) : حَالٌ أُخْرَى، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «مُخْلِصِينَ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: (دِينُ الْقَيِّمَةِ) : أَيِ الْمِلَّةِ، أَوِ الْأُمَّةِ الْقَيِّمَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي نَارِ جَهَنَّمَ) : هُوَ خَبَرُ إِنَّ.
وَ (خَالِدِينَ فِيهَا) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ.
وَ (الْبَرِيَّةِ) غَيْرُ مَهْمُوزٍ فِي اللُّغَةِ الشَّائِعَةِ، وَأَصْلُهَا الْهَمْزُ، مِنْ بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ؛ أَيِ ابْتَدَأَهُ، وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ، وَهِيَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ لِأَنَّهَا يُذْكَرُ مَعَهَا الْمَوْصُوفُ.
وَقِيلَ: مَنْ لَمْ يَهْمِزْهَا أَخَذَهَا مِنَ الْبَرَى، وَهُوَ التُّرَابُ، وَقَدْ هَمَزَهَا قَوْمٌ عَلَى الْأَصْلِ.
قَالَ تَعَالَى: (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (خَالِدِينَ فِيهَا) : هُوَ حَالٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: ادْخُلُوهَا خَالِدِينَ، أَوْ أُعْطَوْهَا. وَلَا يَكُونُ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي «جَزَاؤُهُمْ» لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ ذَلِكَ لَفَصَلْتَ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِالْخَبَرِ، وَقَدْ أَجَازَهُ قَوْمٌ، وَاعْتَلُّوا لَهُ بِأَنَّ الْمَصْدَرَ هُنَا
لَيْسَ فِي تَقْدِيرِ أَنْ وَالْفِعْلِ، وَفِيهِ بُعْدٌ. فَأَمَّا «عِنْدَ رَبِّهِمْ» فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِـ «جَزَاؤُهُمْ»، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْهُ.
وَ (أَبَدًا) : ظَرْفُ زَمَانٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
سورة البينة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (البَيِّنة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الطَّلاق)، وقد افتُتحت بالبراءة من الشِّرك والمشركين، وبيَّنتْ موقف الكفار من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأوضحت هدايةَ هذا الكتاب، ووبَّختِ المشركين على تكذبيهم به، وخُتِمت بافتراقِ أهل الكتاب، وحالِ الفريقين من مؤمنٍ بالله ومكذِّب.

ترتيبها المصحفي
98
نوعها
مدنية
ألفاظها
94
ترتيب نزولها
100
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
9
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورةُ (البَيِّنةِ):

سُمِّيت سورةُ (البَيِّنةِ) بهذا الاسم؛ لورود هذا اللَّفظ في مفتتحها؛ قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ وَاْلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ اْلْبَيِّنَةُ} [البينة: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {لَمْ يَكُنِ}، و{لَمْ يَكُنِ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ}؛ للسببِ نفسه.
وغيرها من الأسماء.

1. مهمة الرسول، وفضيلة القرآن (١-٣).

2. افتراق أهل الكتاب (٤-٥).

3. حال الفريقينِ: مَن عصى، ومَن أطاع  (٦-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /273).

الإعلامُ بعظمةِ هذا الكتاب، وأنه نورٌ وهدًى للناس، وتوبيخُ المشركين على تكذيبهم به.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /220)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /468).