تفسير سورة البينة

تيسير التفسير

تفسير سورة سورة البينة من كتاب تيسير التفسير
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة البيّنة مدنية، وآياتها ثمان، نزلت بعد سورة الطلاق.
لم يكن خافيا على أهل الكتاب من كتبهم أن نبيا في آخر الزمان سيأتي. وكانت نعوته وأوصافه ظاهرة في كتبهم، بل كان كثير من أحبارهم يبشّر به وينتظر قدومه. وكان اليهود في المدينة يذكرون ذلك للأوس والخزرج ويهددونهم به، حيث زعموا أنه سينصرهم عليهم، لأنهم سيؤمنون به إذا بُعث. فلما بعث رسول الله مؤيَّدا بالقرآن الكريم اختلفوا، وأخلفوا وعدهم، وكفروا به.
فهذه السورة الكريمة، على قِصَرها، تعرض حقائق تاريخية، وتتحدث عن الإيمان وإخلاص العبادة، وأن بعثة الرسول الكريم ضرورية لتصحيح ما طرأ على الديانات السابقة لها من تحريف وتبديل. وهي تقرّر أن أهل الكتاب لم يختلفوا في دينهم عن جهالة منهم، ولا عن غموض فيه، وإنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم وجاءتهم البيّنة. وتؤكد السورة أن الدين كله أصله واحد، وأن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مصيرهم جهنم، لأنهم شر البرية، فيما المؤمنون خير البريّة ﴿ جزاؤهم عند ربهم جنات عدن ﴾ لما قدّموا من أعمال صالحة ﴿ رضي الله عنهم ورضوا عنه ﴾.

أهل الكتاب : اليهود والنصارى.
المشركون : عَبَدَة الأصنام من العرب وغيرهم.
منفكّين : منتهين عما هم عليه، منصرفين عن غفلتهم.
البيّنة : الحجة الواضحة، والمراد بها هنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
كان العالَم قبل مبعث النبيّ عليه الصلاة والسلام مضطرباً وفي حالة سيئة من الفساد الذي عَمّ أرجاءَه، والظلم والاستبداد الطاغيينِ. وكان أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى والمشركون الوثنيّون يقولون قبل مبعث الرسول الكريم : لا ننفَكّ مما نحن عليه من دِيننا ولا نتركه حتى يُبعثَ النبيُّ الموعود الذي هو مكتوبٌ في التوراة والإنجيل. وهو محمدٌ صلى الله عليه وسلم. وهذا معنى هذه الآية الكريمة.
لم يكن الذين كفروا باللهِ ورسولِه من اليهودِ والنصارى ومن المشركين منتَهِين عما هم علَيه من الكُفر والجحود حتى تأتيَهم البيّنة.
صحفا مطهّرة : القرآن الكريم.
والتي هي رسولٌ مبعوثٌ من عند الله يقرأُ عليهم القرآنَ الكريم في صُحُفٍ مطهَّرة منزَّهَةٍ عن الباطل.
قيّمة : مستقيمة.
وتحتوي كتباً تشتمل على أحكامٍ مستقيمة ناطقةٍ بالحقّ والصواب.
﴿ من بعد ما جاءتهم البينة ﴾ الدليل الثابت.
لم يختلف اليهودُ والنصارى في شأن محمد عليه الصلاة والسلام إلا من بعدِ ما جاءتهم الحجَّةُ الواضحة، والدالّةُ على أنه الرسولُ الموعود به في كتُبهم. وقد خُصّ أهلُ الكتاب هنا بالذِكر لأنهم يعلمون صحّةَ نبوّته بما يجدون في كتبهم.
حنفاء : مفردها حنيف، وهو المائل عن الشِرك المؤمنُ الخالص الإيمان.
لماذا لم يُؤمنوا بهذا النبيّ الكريم الذي يَعرفونه حقَّ المعرفة، مع أنه ما أَمَرَهُم إلا بعبادة الله وحدَه مخلِصين له الدينَ حُنفاء مستقيمين على الحق، وأن يُحافِظوا على الصلاة، ويؤدوا الزكاة.. وهذه الأوامر السامية هي دينُ الإسلام، دينُ الملّة المستقيمة ! ؟
البريّة : الخليقة.
إن كلَّ مَنْ كفر من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان مصيرُه جهنَّم خالداً فيها. وأمثالُه هم شرُّ الخليقة على الإطلاق.
قراءات
قرأ نافع وابن ذكوان : البريئة بالهمزة. والباقون : البريّة بدون همز.
وأما المؤمنون الذين آمنوا وعمِلوا صالحاً فإنهم خيرُ الخليقة.
وثوابُهم في الآخرة جنّاتُ إقامة دائمة تجري من تحتها الأنهارُ ماكثين فيها أبدا. فلقد قبلَ اللهُ أعمالَهم فرضيَ عنهم، كما شكَروا إحسانَه إليهم. هذا هو الجزاءُ الطيّبُ لمن خاف عقاب ربه.
سورة البينة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (البَيِّنة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الطَّلاق)، وقد افتُتحت بالبراءة من الشِّرك والمشركين، وبيَّنتْ موقف الكفار من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأوضحت هدايةَ هذا الكتاب، ووبَّختِ المشركين على تكذبيهم به، وخُتِمت بافتراقِ أهل الكتاب، وحالِ الفريقين من مؤمنٍ بالله ومكذِّب.

ترتيبها المصحفي
98
نوعها
مدنية
ألفاظها
94
ترتيب نزولها
100
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
9
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورةُ (البَيِّنةِ):

سُمِّيت سورةُ (البَيِّنةِ) بهذا الاسم؛ لورود هذا اللَّفظ في مفتتحها؛ قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ وَاْلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ اْلْبَيِّنَةُ} [البينة: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {لَمْ يَكُنِ}، و{لَمْ يَكُنِ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ}؛ للسببِ نفسه.
وغيرها من الأسماء.

1. مهمة الرسول، وفضيلة القرآن (١-٣).

2. افتراق أهل الكتاب (٤-٥).

3. حال الفريقينِ: مَن عصى، ومَن أطاع  (٦-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /273).

الإعلامُ بعظمةِ هذا الكتاب، وأنه نورٌ وهدًى للناس، وتوبيخُ المشركين على تكذيبهم به.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /220)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /468).