تفسير سورة البينة

تفسير البيضاوي

تفسير سورة سورة البينة من كتاب أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بـتفسير البيضاوي.
لمؤلفه البيضاوي . المتوفي سنة 685 هـ
سورة البينة مختلف فيها، وآيها ثماني آيات.

(٩٨) سورة لم يكن
مختلف فيها، وآيها ثمان آيات
[سورة البينة (٩٨) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اليهود والنصارى فإنهم كفروا بالإِلحاد في صفات الله سبحانه وتعالى ومِنْ للتبيين. وَالْمُشْرِكِينَ وعبدة الأصنام. مُنْفَكِّينَ عما كانوا عليه من دينهم، أو الوعد باتباع الحق إذا جاءهم الرسول صلّى الله عليه وسلم. حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ الرسول عليه الصلاة والسلام أو القرآن، فإنه مبين للحق أو معجزة الرسول بأخلاقه والقرآن بإفحامه من تحدى به.
[سورة البينة (٩٨) : الآيات ٢ الى ٣]
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بدل من الْبَيِّنَةُ بنفسه أو بتقدير مضاف أو مبتدأ. يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً صفته أو خبره، والرسول عليه الصلاة والسلام وإن كان أمياً لكنه لما تلا مثل ما في الصحف كان كالتالي لها. وقيل المراد جبريل عليه الصلاة والسلام وكون الصحف مُطَهَّرَةً أن الباطل لا يأتي ما فيها، أو أنها لا يمسها إلا المطهرون.
فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ مكتوبات مستقيمة ناطقة بالحق.
[سورة البينة (٩٨) : الآيات ٤ الى ٥]
وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)
وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم أو تردد في دينه، أو عن وعدهم بالإِصرار على الكفر. إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ فيكون كقوله: وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ وإفراد أهل الكتاب بعد الجمع بينهم وبين المشركين للدلالة على شناعة حالهم، وأنهم لما تفرقوا مع علمهم كان غيرهم بذلك أولى.
وَما أُمِرُوا أي في كتبهم بما فيها. إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لا يشركون به. حُنَفاءَ مائلين عن العقائد الزائغة. وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ولكنهم حرفوا وعصوا. وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ دين الملة القيمة.
[سورة البينة (٩٨) : آية ٦]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أي يوم القيامة، أو في الحال لملابستهم ما يوجب ذلك، واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب اشتراكهما في نوعه فلعله يختلف
لتفاوت كفرهما. أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أي الخليقة. وقرأ نافع «البريئة» بالهمز على الأصل.
[سورة البينة (٩٨) : الآيات ٧ الى ٨]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً فيه مبالغات تقديم المدح، وذكر الجزاء المؤذن بأن ما منحوا في مقابلة ما وصفوا به والحكم عليه بأنه من عِنْدَ رَبِّهِمْ، وجمع جَنَّاتُ وتقييدها إضافة ووصفاً بما تزداد لها نعيماً، وتأكيد الخلود بالتأبيد. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ استئناف بما يكون لهم زيادة على جزائهم. وَرَضُوا عَنْهُ لأنه بلغهم أقصى أمانيهم. ذلِكَ أي المذكور من الجزاء والرضوان. لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ فإن الخشية ملاك الأمر والباعث على كل خير.
عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من قرأ سورة لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلا».
سورة البينة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (البَيِّنة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الطَّلاق)، وقد افتُتحت بالبراءة من الشِّرك والمشركين، وبيَّنتْ موقف الكفار من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأوضحت هدايةَ هذا الكتاب، ووبَّختِ المشركين على تكذبيهم به، وخُتِمت بافتراقِ أهل الكتاب، وحالِ الفريقين من مؤمنٍ بالله ومكذِّب.

ترتيبها المصحفي
98
نوعها
مدنية
ألفاظها
94
ترتيب نزولها
100
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
9
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورةُ (البَيِّنةِ):

سُمِّيت سورةُ (البَيِّنةِ) بهذا الاسم؛ لورود هذا اللَّفظ في مفتتحها؛ قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ وَاْلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ اْلْبَيِّنَةُ} [البينة: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {لَمْ يَكُنِ}، و{لَمْ يَكُنِ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ}؛ للسببِ نفسه.
وغيرها من الأسماء.

1. مهمة الرسول، وفضيلة القرآن (١-٣).

2. افتراق أهل الكتاب (٤-٥).

3. حال الفريقينِ: مَن عصى، ومَن أطاع  (٦-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /273).

الإعلامُ بعظمةِ هذا الكتاب، وأنه نورٌ وهدًى للناس، وتوبيخُ المشركين على تكذيبهم به.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /220)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /468).