تفسير سورة الذاريات

حومد

تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد.
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

﴿الذاريات﴾
(١) - يُقسِمُ اللهُ تَعَالى بِالرِّياحِ التي تَذْرُو التُّرَابَ ذَرْواً.
الذَّرْوُ - التَّفْرِيقُ وَالبَعْثَرَةُ.
﴿فالحاملات﴾
(٢) - وَيُقْسِمُ تَعَالى بِالسِّحَابِ المُثْقَلِ بِالمَاءِ.
الوِقْرُ - حِمْلُ البَعِيرِ.
﴿فالجاريات﴾
(٣) - وَيُقْسِم اللهُ تَعَالَى بِالسُّفُنِ التي تَجْري عَلَى سَطْحِ المَاءِ جَرْياً سَهْلاً مُيَسَّراً.
اليُسْرُ - السُّهُولَةُ.
﴿فالمقسمات﴾
(٤) - وَيُقْسِمُ تَعَالى بِالمَلائِكَةِ تََنْزِلُ بأوامرِ اللهِ الشَّرعِيةِ والكَونيةِ، وَتُوَزِّعُها وَفْقَ مَشِيئَتِهِ، فَتَفْصِلُ في الشُّؤُونِ المُخْتَصَّةِ بها، وتُقَسِّمُ الأمُورَ في الكَوْنِ بِحَسبِها.
﴿إِنَّمَا﴾
(٥) - لَقَدْ أقْسَمَ تَعَالى بجَميعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى أنَّ مَا يُوعَدُ بِهِ النَّاسُ مِنْ مَوْتٍ ثُمَّ بَعْثٍ ثُمَّ حَشْرٍ ثُمَّ جَزاءٍ لَخَبَرٌ صَادِقٌ وَحَقٌّ وَسَيَتَحَقَّقُ وُقُوعُهُ.
﴿لَوَاقِعٌ﴾
(٦) - وَإِنَّ يَوْمَ الحِسَابِ الذِي يُوعَدُونَ بِهِ وَاقِعٌ لاَ مَحَالَة.
الدِّينَ - الجَزَاءَ وَالحِسَابَ.
(٧) - وَيُقْسِمُ تَعَالى بالسَّماءِ ذَاتِ الاتِّسَاقِ وَالتَّرْكِيبِ المُحْكَمِ، كاتِّسَاقِ الزَّرَدِ المُتَشَابِكِ المُتَدَاخِلِ الحَلَقَاتِ.
ذَاتِ الحُبُكِ - ذَاتِ الجَمَالِ وَحُسْنِ التَّركيبِ.
(٨) - لَقَدْ أقسَمَ تَعَالى عَلَى أنَّكُمْ يَا أيُّها المُشْرِكُونَ المُكَذِّبون للرُّسُلِ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ مُضْطَرِبٍ، لا يَلْتَئِمُ وَلاَ يَجْتَمِعُ، وَلاَ يَثْبُتُ ولا يَسْتَقرُّ، وَلا يُروجُ إلا عَلَى ضَالٍّ لأنّهُ قَوْلٌ بَاطِلٌ.
(٩) - وَإِنَّ هذا القَوْلَ المُخْتَلِفَ، يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ، وَيَبقَى مَنْ بَقِيَ، فَلا اسقرارَ عَليهِ، وَلاَ تَوَافُقَ، وَلا ثَبَاتَ.
أُفِكَ - صُرِفَ.
﴿الخراصون﴾
(١٠) - لُعِنَ المُرْتَابُونَ الذِينَ يَظُنُّونَ ظَنّاً، وَيَقُولُونَ قَوْلاً لا يَسْتَنِدُونَ فِيهِ إلى دَليلٍ وَلا حُجَّةٍ.
الخَرَّاصُ - الكَذَّابُ - أوِ الذِي يَظُنُّ وَيُقَدِّرُ جُزَافاً.
قُتِلَ - لُعِنَ وَقُبِّحَ فِعْلُه.
(١١) - الذِينَ هُمْ في جَهْلٍ عَمِيقٍ، وَغَفْلَةٍ عَظِيمةٍ عمَّا أُمرُوا بهِ، وَهُمْ مَغْمُورُونَ بِالأَباطِيلِ وَالأضَالِيلِ والأوْهَامِ لا يُفِيقُونَ ولا يَسْتَيقظُونَ.
غَمْرةٍ- جَهَالةٍ غَامِرَةٍ.
سَاهُونَ - غَافِلُونَ عَمَّا أُمِرُوا بِهِ.
﴿يَسْأَلُونَ﴾
(١٢) - الذينَ يَقُولُونَ تَكْذِيباً وَشَكّاً واسْتِبْعَاداً، لاَ طَلَباً لِلْعِلمِ، وَالمعرِفةِ: مَتَى يكُونُ يَوْمُ الحِسَابِ هذا الذِي تَعِدُونَنَا بِه؟
أيَّانَ - مَتَى.
يَوْمُ الدِّينِ - يَوْمُ الحسَابِ والجَزَاءِ.
(١٣) - وَيَوْمُ الجَزَاءِ الذِي يَسْألُونَ عَنْهُ مُكَذِّبِينَ بِهِ، مُسْتَبْعِدِينَ لِوُقُوعِهِ، هُوَ اليومُ الذِي يُعذِّبُ اللهُ فِيهِ الكُفَّارَ في نَارِ جَهَنَّمَ.
يُفتَنُونَ - يُحْرَقُونَ وَيُعَذَّبُونَ.
(١٤) - وَيَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ جهَنَّمَ مُوَبِّخينَ مُقَرِّعينَ: ذُوقُوا هذا العَذَابَ الذِي كُنْتُمْ تَسْتَعْجِلُونَ بِوُقُوعِهِ اسْتِهَزاءً، وَتَظُنُّونَ أنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ.
﴿جَنَّاتٍ﴾
(١٥) - أمَّا الذِينَ آمَنُوا باللهِ وَرُسُلِهِ، وَاتقَوا رَبَّهُمْ وَأطَاعُوهُ، وَاجْتَنَبُوا مَعَاصِيَهِ، فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ في ذَلكَ اليَومِ في بَسَاتِينَ وَجَنَّاتٍ تَجْري فيها الأنْهارُ.
﴿آخِذِينَ﴾ ﴿آتَاهُمْ﴾
(١٦) - قَرِيرَةً أعينُهُمْ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهمْ مِنْ نَعيمٍ يَفُوقُ مَا كَانُوا يُؤَمِّلُونَ، لأنهم كَانُوا في الحَيَاةِ الدُّنيا يَعْمَلُونَ الأعمالَ الصَّالِحَةَ، طَلَباً لمَرْضَاةِ رَبِّهِمْ، فَنَالُوا هذا الجَزَاءَ العَظِيمَ.
﴿الليل﴾
(١٧) - كَانُوا يَنَامُونَ القَلِيلَ مِنْ سَاعَاتِ الْلِّيلِ، وَيَقُومُونَ لِلصلاةِ وَالعِبَادةِ في مُعْظَمِهِ.
يَهْجَعُون - يَرقُدون وَيَنَامُونَ.
(١٨) - وَكَانُوا يُحيُون الْلِّيلَ مُتَهَجِّدِينَ، فَإذا جَاءَ وَقْتُ السَّحَرِ أخَذُوا في الاسْتِغْفَارِ كَأنَّهمْ أسْلَفُوا في ليلتِهِم الذُّنُوبَ.
الأسْحَارِ - أوَاخِرِ اللِّيْلِ.
﴿أَمْوَالِهِمْ﴾ ﴿لَّلسَّآئِلِ﴾
(١٩) - وَجَعَلُوا في أمْوالِهِمْ جُزْءاً مُعَيِّناً خَصَّصُوهُ للسَّائِلِ المُحْتَاجِ، وَلِلْمُتَعَفِّفِ الذِي لا يَجدُ ما يُغْنِيهِ، وَلاَ يَسْألُ النَّاسَ، وَلا يَفْطَنُ إليهِ أحَدٌ لِيَتَصَدَّق عَليه.
المَحْرُومُ - الذِي حُرِمَ الصَّدَقَةَ لِتَعَفُّفِهِ عَنِ السُّؤَالِ مَعَ حَاجَتِهِ.
﴿آيَاتٌ﴾
(٢٠) - وَفي الأرْضِ آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى عَظَمَةِ الخَالِقِ وَقُدْرتِهِ البَاهِرَةِ، تَسْتَبينُ لِمَنْ فَكَّر فيها، وَتَدَبَّرَ مَعْنَى هَذِهِ الآيَاتِ فآمَنَ وَزَادَ يَقِيناً.
(٢١) - وفي خَلْقِ الإِنْسَانِ، وَتَطَوُّرِ نُمُوِّهِ، وَإِدْرَاكِهِ وَظَائِفَ خَلاَيا جِسْمِهِ، وَتَوَالُدِهِ، واختِلافِ ألوانِ البَشَرِ وأشْكَالِهم وَلُغَاتِهِمْ... الخ في كُلِّ ذَلِكَ آيَاتٌ تَدْعُو، مَنْ عَمَرَ قَلْبَهُ اليَقِينُ، إلى التَّفكِيرِ وَالتَّأَمُّلِ في عَظَمَةِ هذا الخَالِقِ وَقُدْرَتِهِ وَإِبْداعِهِ.
(٢٢) - وَفِي السَّماء أسْبَابُ رِزْقِكُمْ، مِنْ مَطَرٍ يَخرُجُ بهِ الزَّرْعُ والنَّبَاتُ، وَيَرْوِي العِطَاشَ مِنَ المخْلُوقَاتِ، وَمَنْ شَمْسٍ وَقَمَرٍ ونُجُومٍ، تُؤثِّرُ في جَوِّ الأرْضِ، وَتُثيرُ الرِّياحَ، فَتَكُونُ الفُصُولُ الأرْبعةُ، وَتَكُونُ الرِّيَاحُ وَسِيلةً لسَوْقِ الغُيُومِ المُثقَلَةِ بالماءِ منْ مَكَانٍ إلى مَكَانٍ، وَتَنْقُلُ الرِّيَاحُ لَقَاحَ النَّبَاتَاتِ وَالأشْجَارِ مِنْ مَكَانٍ إلى مَكَانٍ فَتَتَلَقَّح وتُعطِي أُكَلَهَا، وَتَسْتكْمِلُ وَظِيفَتَها، وَكُل ذَلِكَ يَتِمُّ بِتَقْديرِ اللهِ وَتَيسِيرِهِ، وَيَحْصُل كلُّ وَاحِدٍ مِنَ الخَلْقِ عَلى مَا قسَمَهُ اللهُ مِنْ رِزْقٍ. وَفي السَّماءِ أيضاً مَا تُوعَدُونَ مِنْ جَزاءٍ عَلَى أعْمالِكُم إنْ خَيْراً فَخَيراً، وَإن شَرّاً فَشَرّاً.
(٢٣) - يُقسِمُ تَعَالى بذَاتِهِ الكَريمَةِ عَلَى أنَّ مَا وَعَدَ بهِ العِبَادَ مِنْ أمرِ القِيَامَةِ، وَالبَعْثِ والجَزاءِ كَائِنٌ لاَ مَحَالَةَ وَحَقٌّ لاَ مِرْيَةَ فِيهِ، فَلاَ تَشُكُّوا فِيهِ كَما أنَّكُمْ لاَ تَشُكُّونَ في نُطْقِكُم حِينَ تَنطِقُونَ.
﴿أَتَاكَ﴾ ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾
(٢٤) - وَيَعُودُ تَعَالى لِيُذَكِّرَ رَسُولَهُ الكَرِيمَ ﷺ بِقَصَصِ الأنبياءِ الكِرَامِ مَعَ أقوامِهم، وَمَا لَقوهُ من تَكْذِيبٍ وَإيذاءٍ فَثَبَتُوا عَلى ما أصَابَهُمْ، وَتَابَعُوا أَدَاءَ مَهَمَّتِهِم التي كَلَّفَهُمْ بها رَبُّهُمْ، ، بِعَزْمٍ وَصَبْرٍ فَنَصَرَهُمُ اللهُ، وَدَمَّرَ أقَوْامَهُمْ.
وَفي هَذِهِ القَصَصِ تَثْبِيتٌ لِقَلْبِ الرَّسُولِ ﷺ، وَتَسْلِيَةٌ لَهُ، وَتَحْذيرٌ للكَافِرِينَ مِنْ عَذابِ اللهِ وَعِقَابِهِ، وَلفتٌ لأنْظارِهِمْ إلى أنَّ سُنَّةَ اللهِ قَدْ مَضَتْ في نَصْرِ الرُّسُلِ، وَتَدْمِيرِ الكُفْرِ وَأهْلِهِ، وَليسَ لِسُنةِ اللهِ تَبْدِيلٌ، وَلا تَحْويلٌ.
وَيَبْدَأ اللهُ تَعَالى بِقصَّةِ إبراهيمَ، عليه السَّلامُ، حينَما جَاءَهُ ضُيُوفٌ مُكَرَّمونَ مِنَ الملائكةِ الأطْهَارِ.
ضَيْفُ إبرَاهيمَ - أضْيَافُهُ مِنَ المَلاَئِكَةِ.
﴿سَلاَماً﴾ ﴿سَلاَمٌ﴾
(٢٥) - وَقَدْ دَخَلَ هَؤُلاءِ الأضْيَافُ عَلَى إبراهِيمَ، عَليهِ السَّلامُ، فَحَيَّوْهُ بالسَّلامِ، فَرَدَّ تَحِيَّتَهُمْ بأحْسَنَ مِنْها. وَقَدْ جَاءَهُ الرُّسُلُ في هَيِْئةِ شُبَّانٍ صِبَاحِ الوُجُوهِ، عَلَيهِم المَهَابَةُ، فأَنْكَرَ وُجُودَ مِثْلِهِمْ في المِنْطَقَةِ.
(٢٦) - فأنْسَلَّ مِنْ ضُيُوفِهِ مُسْرِعاً، وَذَهَبَ خفْيَةً عَنْهُمْ إلى أهْلِهِ، فَجَاءَ ضُيُوفِهِ بِعِجْلٍ سَمِينٍ مَشْوِيٍّ.
رَاغَ - ذَهَبَ بِسُرْعَةٍ، أوْ ذَهَبَ خفْيَةً بِانْسِلاَلٍ.
(٢٧) - وَوَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ أيْدِي ضُيُوفِهِ، وَسَأَلَهُمْ مُتَلَطِّفاً إِنْ كَانُوا يُريدُونَ الأكْلَ مِنْهُ.
بِغُلاَمٍ}
(٢٨) - فَلَمْ يَمُدَّ الأضْيَافُ أيْدِيَهُمْ إلى الطَّعَامِ وَلَم يَأكُلُوا مِنْهُ، فَاسْتَشْعَرَ، إِبراهِيمُ، عَلَيهِ السَّلامُ، في نفسِه الخَوْفَ مِنْهُمْ ظَنّاً مِنْهُ أنهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ شَرّاً فَطَمْأنُوهُ وَقَالُوا لَهُ: لا تَخَفْ مِنَّا فَإِنَّنا رُسُلُ اللهِ تَعَالى جِئْنا لإِهْلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ، وَبَشَّرُوهُ بِأنهُ سَيُرْزَقُ وَلَداً ذَكَراً يَمْتَازُ بِالعِلْمِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ قُرَّةً لِعُيونِ وَالِدَيهِ.
أوْجَسَ - أحَسَّ في نَفْسِهِ.
(٢٩) - وَلَمَّا سَمِعَتْ زَوْجَةُ إِبْراهِيمَ، عَلَيهِ السَّلامُ، بِشَارَةَ المَلاَئِكَةِ لَها وَلَزَوْجِها بوِلادَة وَلَدٍ لَها اسْتَغْرَبَتْ ذَلِكَ، وَدَخَلَتْ عَلَى الضُّّيُوفِ، وَلَطَمَتْ وَجْهَهَا وَهيَ تَقُولُ مُسْتَغْرِبَةً: كَيْفَ أَلِدُ وأَنا عَجُوزٌ، وَلَيْسَ مِنْ طَبْعِ العَجُوزِ أنْ تَلِدَ، وَكُنْتُ عَقِيماً وأنَا شَابَّةٌ لَمْ أرْزَقْ بِوَلَدٍ؟
(وَجَاءَ في آيةٍ أخْرَى أَنَّها قَالَتْ: ﴿قَالَتْ ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً.﴾ صَرَّةٍ - صَيْحَةٍ وَضَجَّةٍ.
صَكَّتْ وَجْهَهَا - لَطَمَتْهُ بِيَدِها تَعَجُّباً مِمَّا سَمِعَتْ.
(٣٠) - فَقَالَ لها رُسُلُ الله: أخْبَرْنَاكِ بِما قَالَهُ ربُّكِ، فَنَحْنُ نُخْبِرُكِ عَنِ اللهِ تَعَالى، وَاللهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَلاَ يَعْجِزُه شَيءٌ، وَهُوَ الحَكيمُ في أفْعَالِهِ، العَلِيمُ بِما تَسْتَحِقُّون مِنَ الكَرامةِ.
(٣١) - فَقَالَ إبراهيمُ، عَليهِ السَّلامُ، لِرُسُلِ اللهِ تَعَالى: مَا شَأنُكُمْ؟ وَلأيِّ أمْرٍ خَطِيرٍ أتَيتُم يَا أيُّها المُرْسَلُونَ؟
الخَطْبُ - الأمرُ الخَطِيرُ.
(٣٢) - فَقَالُوا لَهُ: إنَّهم مُرْسَلُون لإِهْلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ، لإِجْرَامِهِمْ، وَفِسْقِهِمْ، وَفَسَادِهِمْ.
(٣٣) -وَقَالُوا لَهُ: إنَّهُمْ سَيُلْقُونَ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ هِيَ فِي صَلابتِهَا كَالحِجَارَةِ.
(٣٤) - وَعَلَيها عَلاَمَاتٌ أُعِدَّتْ لِهَلاَكِ المُسْرِفينَ، المُتَجَاوِزِينَ الحُدُودَ في كُفْرِهِم وَفَسَادِهِمْ.
(وَقِيلَ إِنَّ التَّسويمَ، هُنَا يَعْني أنَّ الحِجَارَة مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدةٍ مِنْها اسْمُ الشَّخْصِ الذِي أعِدَّتْ لِهَلاكِهِ.
مُسَوَّمَةً - ذَاتَ عَلاَمَاتٍ.
(٣٥) - وَقَبْلَ أنْ يُدَمِّرَ رُسُلُ اللهِ قُرى قَوْمِ لُوطٍ أخْرَجَ اللهُ مَنْ كَانَ في هَذِهِ القُرَى مِنَ المُؤْمِنينَ باللهِ، اسْتِجَابَةً لِدَعْوةِ لَوطٍ، عَلَيهِ السَّلاَمُ، وَلِكَيْلاَ يَهْلِكُوا مَعَ الهَالِكَينَ.
(٣٦) - وَلَمْ يجدْ رُسُلُ اللهِ في هذِه القُرَى غَيْرَ بَيْتٍ وَاحِدٍ أسْلَمَ أهْلُهُ، وَهُمْ لُوطٌ وَأهْلُهُ إِلاَّ امْرأتَهُ.
﴿آيَةً﴾
(٣٧) - وَبَعْدَ أنْ أخْرَجَ اللهُ تَعَالى. لُوطاً وأهْلَهُ مِنَ القَرْيَةِ دمَّرَها رُسُلُهُ عَلَى أهْلِها عِنْدَ الصَّبَاحِ، وَجَعَلُوا عَالَيهَا سَافِلَها فَلَمْ يَنْجُ أحَدٌ مِنْ أهلِها الفَاسِقينَ، فَجَعَلَها اللهُ عِبْرةً لِلْمُعْتَبِرينَ بِمَا أنْزَلَهُ بِها مِنَ العَذَابِ والنَّكَالِ، وَخَسَفَتِ الأرْضُ بالقَرِيةِ، فَكَانَتْ تِلْكَ عَلامَةً أرادَها اللهُ عَلى هَلاَكِ المُكَذِّبِينَ الفَاجِرِينَ مِنْ أهْلِها.
﴿أَرْسَلْنَاهُ﴾ ﴿بِسُلْطَانٍ﴾
(٣٨) - وَجَعَلْنا في قِصَّةِ مُوسى عِظَةً لِقَومٍ يَعْقِلُونَ، إذْ أرْسَلَهُ اللهُ إلى فِرَعَونَ بِحُجَجٍ ظِاهِرَةٍ، وَمُعْجِزاتٍ وَاضِحَةٍ.
﴿سَاحِرٌ﴾
(٣٩) - وَأعْرضَ فِرْعَونُ عَمَّا جَاءَهُ مُوسَى مِنَ الحقِّ المُبينِ، مُسْتَكْبِراً مُسْتَعِزّاً بِقَومِهِ وَجُنُودِهِ وَمُلْكِهِ، وَقَالَ لَهُ إنَّ أمرَكَ فيما جِئْتَني بهِ لا يَعدُو أنْ يَكُونَ وَاحِداً منِ اثْنينِ: فَإما أنْ تَكُونَ سَاحِراً، وَإما أنْ تَكُونَ مجنوناً.
تَوَلَّى بِرُكْنِهِ - أعْرَضَ فِرْعَوْنُ بِقوَّتِهِ، وَاسْتَعَزَّ بِسُلْطَانِهِ عَنِ الإِيمَانِ.
﴿فَأَخَذْنَاهُ﴾ ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ﴾
(٤٠) - فَعَاقَبَهُ اللهُ تَعَالى عَلَى كُفْرِهِ وَتَكْذِيبِهِ رَسُولَهُ مُوسَى، عَليهِ السَّلامُ، بِأنْ ألْقَاهُ اللهُ وَجُنُودَهُ في البَحْرِ، فأغْرقَهُم جَميعاً، وَقَدْ أَتى فِرعَوْنُ مَا يُلامُ عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ والطُّغْيَانِ، وَتكذِيبِ رَسُولِ اللهِ.
مُليمٌ - فَعَلَ مَا يَسْتَوجِبُ اللَّوْمَ عَليهِ.
نَبَذَهُ - قَذَفَهُ كَما تُقْذَفُ النَّواةُ.
(٤١) - وَجَعَلْنَا في قِصَّةِ عَادٍ آيَةً لِكُلِّ مُعْتَبِرٍ، إذْ أرْسَلَ اللهُ تَعَالى عَلَيهِم رِيحاً صَرْصَراً عَاتِيةً فَأهْلَكَهُم جَميعاً، وَلم يُبْقِ مِنْهُم أحَداً.
العَقِيمَ - المُهْلِكَةَ القَاطِعَةَ لِنَسْلِهِمْ أوْ هِيَ الرِّيحُ التي لا تَسُوقُ مَطَراً.
(٤٢) - وَلَم تَتْرُكْ هذَهِ الرِّيحُ العَقِيمُ شَيْئاً أتَتْ عَلَيهِ إلاَّ جَعَلَتْهُ كَالعَظْمِ البَالِي، (وَسُمِّيَتْ هذِهِ الرِّيحُ عَقِيماً لأنَّها تُفْسِدُ وَلا تُنْتِجُ شَيْئاً).
الرَّمِيمِ - العَظْمِ البَالي المُفَتَّتِ.
(٤٣) - وَجَعَلْنا في قِصَّةِ ثَمُودَ عِظَةً وَعِبْرةً لمنْ تَفَكَّرَ وَتَدَبَّرَ آيَاتِ اللهِ، إذْ قَالَ لَهُمْ نَبيُّهُمْ صَالِحٌ: تَمَتَّعُوا في دَارِكُمْ ثَلاَثةَ أيَّامٍ، ثُمَّ يَأْتِيكُمْ عَذابُ رَبِّكُمْ لِعَقْرِكُمْ نَاقةَ اللهِ، هَذا وَعْدٌ مِنَ اللهِ غَيْرُ مَكْذُوبٍ.
﴿الصاعقة﴾
(٤٤) - فَكَذَّبَتْ ثَمُودُ صَالحاً عليه السَّلامُ، واسْتَكْبَرُوا، وَعَتَوْا عَنْ أمْرِ رَبِّهمْ، فأرْسَلَ اللهُ تَعَالى عَلَيْهِمْ صَاعِقَةً مِنَ السَّماءِ، وَرَجَفَتْ بِهِمْ الأرْضُ فَهَلَكُوا جَميعاً، وَهُمْ يَنْظُرُون إلى وُقُوعِها بِهِمْ.
فَعَتَوْا - فَاسْتَكْبَرُوا وَتَمَرَّدُوا.
أخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ - أهْلَكَتْهُمْ صَيْحَةٌ أوْ نَارٌ مِنَ السَّماءِ.
﴿استطاعوا﴾
(٤٥) - فَلَمْ يَجِدُوا مَهْرَباً وَلاَ مَفرّاً منَ العَذَابِ الذِي نَزَلَ بِهِمْ وَلَمْ يَجِدُوا نَاصِراً لَهُمْ يَدْفَعُ عَنْهُمْ بَأسَ اللهِ وَعَذَابَهُ.
﴿فَاسِقِينَ﴾
(٤٦) - وَقدْ أهْلَكَ اللهُ أهْلَكَ اللهُ تَعَالى قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلِ هَؤُلاءِ بالطُّوفَانِ، بِسَبَبِ فِسْقِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ عَنْ طَاعَةِ اللهِ.
﴿بَنَيْنَاهَا﴾ ﴿بِأَييْدٍ﴾
(٤٧) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى أنَّهُ بَنَى السَّماءَ بِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَبَدِيعِ صَنْعَتِهِ، وَأنهُ لَقَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، لاَ يَمَسُّهُ تَعَبٌ وَلاَ نَصَبٌ.
بِأيْدٍ - بقُوّةٍ وَقُدْرَةٍ.
مُوسِعُونَ - قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى أنَّهُ وَسَّع أرْجَاءَها.
وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنى قَادِرُونَ أيْ إِنَّ خَلْقَها في طَاقَتِهِ تَعَالى وَقُدْرَتِهِ، وَإِنَّ في طَاقَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أنْ يَخْلقَ غَيْرَها إِذا شَاءَ.
﴿فَرَشْنَاهَا﴾ ﴿الماهدون﴾
(٤٨) - وَجَعَلَ اللهُ تَعَالى الأرضَ فرَاشاً لِلْمَخْلُوقَاتِ، وَمَهَّدَهَا وَجَعَلَهَا صَالِحَةً لاسْتِقْرارِ المَخْلُوقَاتِ عَليها، مِنْ حَيَوانٍ وَنَبَاتٍ.
الماهِدُونَ - المُصْلِحُونَ المُسَوُّونَ.
(٤٩) - وَقَدْ خَلَقَ اللهُ تَعَالى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ المَخْلُوقَاتِ ثَانِياً لَهُ مُخَالِفاً لَهُ في مَبْنَاهُ، فَأصْبحَ كُلُّ وَاحِدٍ منهما زَوْجاً للآخَرِ، فَخَلَقَ السَّماءَ وَالأَرْضَ، وَخَلَقَ البَرَّ والبَحْرَ، وَخَلَقَ اللَّيْلَ والنَّهارَ.. وَذَلِكَ لِيتَذَكَّرَ الخَلْقُ وَيَعْتَبِرُوا، وَيَعْلَمُوا أنَّ الخَالِقَ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ.
زَوْجَينِ - صِنْفَينِ وَنَوعَينِ مُخْتَلِفَينِ.
(٥٠) - فَالجَؤوا إلى اللهِ يَا أَيُّها النَّاسُ، وَأسْرِعُوا إلى طَاعَتِهِ، وَاعتَمِدُوا عَلَيه في جَميعِ أُمُورِكُمْ، فَإني لَكُم مِنْهُ نَذيرٌ، أنذِرُكُم عِقَابَه، وَأخَوِّفُكُمْ مِنْ عَذابِه الذِي أنزَلَهُ بالأمَمِ الخَاليةِ التي كَذَّبَتْ رُسُلَها، وَكَفَرتْ بِرَبِّها، وَإِني مُبَيِّنٌ لَكُم مَا يَجِبُ عَلَيكُمْ أنْ تَحْذُروه.
فِرُّوا - اهْرُبُوا مِنْ عِقَابِ اللهِ إلى ثَوَابِهِ.
﴿آخَرَْ﴾
(٥١) - وَلاَ تَجْعَلُوا لَكُم مَعْبُوداً آخَرَ تَعْبُدُونَهُ مَعَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ الخَالِقُ، وَهُوَ وَحْدَه الرَّبُّ الذِي تَجِبُ العِبَادَةُ لهُ، وَإِني نَذِيرٌ أنْذِرُكُمْ مِنْ عَذَابِهِ عَلَى إشْراكِكُم مَعَهُ غَيْرَهُ في العِبَادَةِ.
(٥٢) - يُسَلِّي اللهُ تَعَالى رَسُولَهُ الكَرِيمَ ﷺ وَيُعْلِمُهُ أنَّ مَا قَالَه هؤُلاءِ المُشْرِكُونَ المُكَذِبُونَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ سَاحِرٌ.. أوْ مَجْنُونٌ، سَبَقَ أنْ قَالَهُ المُكَذِّبُونَ مِنَ الأمَمِ الأخْرى الخَالِيَةِ لِرُسُلِهِمْ، فَصَبُروا عَلَى إِيذاءِ أقوامِهِمْ، حَتَّى جَاءَ نَصْرُ اللهِ.
(٥٣) - أأوْصَى بَعْضُهُم بَعْضاً بِهَذا القَوْلِ، فَتَنَاقَلَهُ الخَلَفُ عَن السَّلَفِ حَتَّى قَالَهُ المُكَذِّبُونَ مِنْ قَومكَ؟ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ طُغَاةٌ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ وَتَلاَقَتْ في الطَّعْنِ عَلَى الرُّسُلِ، فَقال مُتَأخِّرُهُمْ كَمَا قَالَ مُتَقَدِّمُهُمْ.
طَاغُونَ - مُتَجَاوِزونَ الحَدَّ في الكُفْرِ.
(٥٤) - فَأعْرِضْ عَنْهُمْ يَا مُحَمَّدُ، وَلاَ تَأسَفْ عَلَى إصِرَارِهِمْ عَلَى الكُفْرِ وَالتَّكْذيبِ فَأنْتَ غَيْرُ مَلُومٍ عَلَى ذَلِكَ، لأنَّكَ رَسُولٌ وَقَدْ قُمْتَ بمَا أمرَكَ بِهِ رَبُّكَ مِنْ إِبلاغِ الرِّسَالةِ عَلَى خَيْرِ وِجْهٍ.
(٥٥) - وَثَابِرْ عَلَى دَعْوةِ النَّاسِ إلى اللهِ، وَذَكِّرْهُمْ بِهذا القُرآنِ، فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ القُلُوبَ المُوقِنَةَ التي فِيها اسْتِعْدَادٌ للهِدَايةِ.
(٥٦) - وَاللهُ تَعَالى لَمْ يَخْلُقِ الإِنْسَ وَالجِنَّ إلاَّ لِيَعْرِفُوهُ، وَيَقُومُوا بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَحَمْدِهِ عَلَى أنْعُمِهِ التي لا تُحصَى.
لِعَيْبُدونِ - لِيَعْرِفُوني أوْ لِيَخْضَعُوا لِي وَيَتَذَلَّلُوا.
(٥٧) - وَاللهُ تَعَالى لا يُريدُ أنْ يَسْتَعِينَ بِالخَلْقِ لِجَلْبِ مَنْفَعةٍ لَهُ، وَلا لِدَفْعِ ضَرَرٍ عَنْهُ، وَلا يُصَرِّفهُمْ في تَحْصِيلِ الأرْزَاقِ وَالمطَاعِمِ، كما يَفْعَلُ المَوالي مَعَ عَبِيدِهِمْ.
(٥٨) - وَالله تَعَالى غَيْرُ مُحتَاجٍ إليهم فَهُوَ خَالِقُهُم وَرَازِقُهُمْ، وَهُمْ مُحتَاجُونَ إليهِ، وَهُوَ الغَنَيُّ عَنْهُم، وَعَمَّنْ سِوَاهُمْ، وَهُوَ تَعالى ذُو القُوَّةِ الشَّدِيدُ الذِي لا يُعْجِزُه شَيءٌ.
وَجَاءَ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أمْلأْ صَدْرَكَ غنىً، وأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإلا تَفْعَلْ مَلأتُ صَدْرَكَ شُغْلاً وَلَمْ أسُدَّ فَقْرَكَ.
﴿أَصْحَابِهِمْ﴾
(٥٩) - فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُم بالاشْتِغَالِ في غَيْرِ ما خُلِقُوا لَهُ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَظَلَمُوها بالكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ، نَصيباً مِنَ العَذابِ، مِثْلَ نَصِيبِ أصْحَابِهِم، الكَفَرَةِ المُكَذِّبِينَ مِنَ الأمَمِ الخَاليةِ، فَلاَ تَسْتَعْجِلُوني بإنزالِ العَذَابِ بِهِمْ، قَبْلَ حُلُولِ موعِدِهِ المُقَرَّرِ.
ذُنُوباً - نَصِيباً مِنَ العَذَابِ.
(٦٠) - فَهَلاَكٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ اليَوْمِ الذِي وُعِدُوا بِهِ، لأنَّهُ إذا جَاءَ نَزَلَ بِهِم العَذَابُ الشَّدِيدُ.
فَوْيلٌ - فَهَلاكٌ وَحَسْرَةٌ، أوْ شِدَّةُ عَذابٍ.
سورة الذاريات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الذَّاريَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الأحقاف)، وقد جاءت ببيانِ عظمة الله، وقُدْرتِه على التصرُّف في الكون، وإنزالِ العذاب بمَن شاء، كيف شاء، متى شاء، ومِن ذلك قَسَمُه بـ(الذَّاريَات)، وهي: الرِّياح، وهي آيةٌ من آيات الله، يُصرِّفها اللهُ إن شاء للرَّحمة، وإن شاء للعذاب؛ فعلى الناسِ الفرارُ إلى الله، الذي هو طريقُ النجاة.

ترتيبها المصحفي
51
نوعها
مكية
ألفاظها
360
ترتيب نزولها
67
العد المدني الأول
60
العد المدني الأخير
60
العد البصري
60
العد الكوفي
60
العد الشامي
60

* سورة (الذَّاريَات):

سُمِّيت سورةُ (الذَّاريَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَم بـ(الذَّاريَات)؛ وهي: الرِّياح.

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الذَّاريَات) في صلاة الظُّهر:

عن البراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كُنَّا نُصلِّي خلفَ النبيِّ ﷺ الظُّهْرَ، فيُسمِعُنا الآيةَ بعد الآياتِ مِن لُقْمانَ والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

1. وقوع البعثِ والجزاء (١-٢٣).

2. دلائل القدرة الإلهية (٢٤-٤٦).

3. الفرارُ إلى الله طريق النجاة (٤٧- ٦٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /443).

مقصودُ سورة (الذَّاريَات) هو الدعوةُ إلى طاعة الله، والاستجابة لأمره؛ من خلال التحذير من وقوع العذاب بالأقوام؛ فإن اللهَ في هذه السورة أقسَمَ بـ(الذَّاريَات)، وهي الرِّياح التي يُعذِّب الله بها من يشاء من عباده، يقول البِقاعي: «مقصودها: الدلالة على صدقِ ما أنذَرتْ به سورةُ (ق) تصريحًا، وبشَّرت به تلويحًا، ولا سيما من مُصاب الدنيا، وعذابِ الآخرة.

واسمها (الذَّاريَات): ظاهرٌ في ذلك، بملاحظة جواب القَسَم؛ فإنه - لِشِدة الارتباط - كالآية الواحدة وإن كان خمسًا.

وللتعبير عن الرِّياح بـ(الذَّاريَات) أتمُّ إشارةٍ إلى ذلك؛ فإن تكذيبَهم بالوعيد لكونهم لا يشعُرون بشيءٍ من أسبابه، وإن كانت موجودةً معهم». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /25).