تفسير سورة الذاريات

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ إنما توعدون لصادق ﴾ [ الذاريات : ٥ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن الصادق وصف للواعد، لا لما يوعد ؟
قلتُ : وُصف به ما يوعد مبالغة، أو هو بمعنى مصدوق، كعيشة راضية( ١ )، وماء دافق.
١ - أي عيشة مرضية، وماء مدفوق، فاسم الفاعل جاء بمعنى اسم المفعول..
قوله تعالى :﴿ إنّ المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربّهم... ﴾ [ الذاريات : ١٥، ١٦ ].
ختم الآية هنا بقوله :﴿ وعيون آخذين ﴾ وفي الطور بقوله :﴿ ونعيم فاكهين ﴾ لأن ما هنا متّصل بما به يصل الإنسان إلى الجنات، وهو قوله :﴿ إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾ [ الذاريات : ١٦ ] الآيات، وما في الطور متّصل بما يناله الإنسان فيها، وهو قوله :﴿ ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم كلوا واشربو ﴾ [ الطورك ١٨، ١٩ ] الآية.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:قوله تعالى :﴿ إنّ المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربّهم... ﴾ [ الذاريات : ١٥، ١٦ ].
ختم الآية هنا بقوله :﴿ وعيون آخذين ﴾ وفي الطور بقوله :﴿ ونعيم فاكهين ﴾ لأن ما هنا متّصل بما به يصل الإنسان إلى الجنات، وهو قوله :﴿ إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾ [ الذاريات : ١٦ ] الآيات، وما في الطور متّصل بما يناله الإنسان فيها، وهو قوله :﴿ ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم كلوا واشربو ﴾ [ الطورك ١٨، ١٩ ] الآية.

قوله تعالى :﴿ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلّكم تذكّرون ﴾ [ الذاريات : ٤٩ ] أي صنفين.
فإن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن العرش، والكرسي، واللوح، والقلم، لم يُخلق من كل منها إلا واحد ؟
قلتُ : معناه ومن كل حيوان، خلقنا ذكرا وأنثى، ومن كل شيء يشاهدونه خلقنا صنفين، كالليل والنهار، والنور والظلمة، والصيف والشتاء، والخير والشر، والحياة والموت، والشمس والقمر.
قوله تعالى :﴿ ففرّوا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ﴾ [ الذاريات : ٥٠ ].
قاله هنا وبعدُ، وليس بتكرار، لأن الأول متعلق بترك الطاعة إلى المعصية، والثاني بالشرك بالله.
قوله تعالى :﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ].
لا ينافي ذلك عدم عبادة الكافرين، لأن الغاية لا يلزم وجودُها، كما في قولك : بريت القلم لأكتب به، فإنك قد لا تكتب به، أو لأن ذلك عام أُريد به الخصوص، بدليل قوله تعالى :﴿ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ﴾ [ الأعراف : ١٧٩ ] ومن خُلِق لجهنم لا يكون مخلوقا للعبادة( ١ ).
١ - لا يراد بالآية (إلا ليعبدون) العبادة لله من صلاة، وصيام، وحج، وزكاة، وإنما يراد بها هنا: معرفة الله وتوحيده، قال مجاهد: أي ليوحّدوني، وليعرفوا أني أنا الله ربّهم، فيطيعوا أمري، وقوله سبحانه: ﴿وما أريد أن يطعمون﴾ يعني: لا أريد منهم أن يطعموني، فأنا الغنيّ الحميد، وفي الآية تعريض بأوثان المشركين، حيث كانوا يُحضرون للأصنام أنواع المآكل واللذائذ، فربّما أكلتها الكلاب ثم بالت عليها. اﻫ من التفسير الواضح للصابوني..
قوله تعالى :﴿ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ﴾ [ الذاريات : ٥٧ ].
إن قلتَ : ما فائدة تكرار لفظ ﴿ ما أُريد ﴾ ؟
قلتُ : فائدته إفادة حكم زائد على ما قبله، إذ المعنى ما أريد منهم أن يطعموا أنفسهم، وما أريد منهم أن يطعموا عبيدي، وإنما أضاف تعالى الإطعام إلى نفسه، لأن الخلق عيالُه وعبيده، ومن أطعم عيال غيره فكأنه أطعمه، ويؤيده خبر ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني )( ١ )، أي استطعمك عبدي فلم تطعمه.
١ - الحديث رواه مسلم، ولفظُه: «يقول الله عز وجل يوم القيامة:
* يا ابن آدم: مرضت فلم تَعُدني ؟ فيقول العبد: يا ربّ كيف أعودك وأنت ربّ العالمين ؟ يقول: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟أما علمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده ! ؟
* يا ابن آدم: استطعمتك فلم تطعمني ؟ فيقول العبد: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ فيقول: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ! ؟
- يا ابن آدم: استقيتك فلم تسقني ؟ فيقول: يا ربّ كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين ؟ فيقول: استسقاك عبدي فلان فلم تسقيه ! أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي ! ؟»
رواه مسلم..

سورة الذاريات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الذَّاريَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الأحقاف)، وقد جاءت ببيانِ عظمة الله، وقُدْرتِه على التصرُّف في الكون، وإنزالِ العذاب بمَن شاء، كيف شاء، متى شاء، ومِن ذلك قَسَمُه بـ(الذَّاريَات)، وهي: الرِّياح، وهي آيةٌ من آيات الله، يُصرِّفها اللهُ إن شاء للرَّحمة، وإن شاء للعذاب؛ فعلى الناسِ الفرارُ إلى الله، الذي هو طريقُ النجاة.

ترتيبها المصحفي
51
نوعها
مكية
ألفاظها
360
ترتيب نزولها
67
العد المدني الأول
60
العد المدني الأخير
60
العد البصري
60
العد الكوفي
60
العد الشامي
60

* سورة (الذَّاريَات):

سُمِّيت سورةُ (الذَّاريَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَم بـ(الذَّاريَات)؛ وهي: الرِّياح.

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الذَّاريَات) في صلاة الظُّهر:

عن البراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كُنَّا نُصلِّي خلفَ النبيِّ ﷺ الظُّهْرَ، فيُسمِعُنا الآيةَ بعد الآياتِ مِن لُقْمانَ والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

1. وقوع البعثِ والجزاء (١-٢٣).

2. دلائل القدرة الإلهية (٢٤-٤٦).

3. الفرارُ إلى الله طريق النجاة (٤٧- ٦٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /443).

مقصودُ سورة (الذَّاريَات) هو الدعوةُ إلى طاعة الله، والاستجابة لأمره؛ من خلال التحذير من وقوع العذاب بالأقوام؛ فإن اللهَ في هذه السورة أقسَمَ بـ(الذَّاريَات)، وهي الرِّياح التي يُعذِّب الله بها من يشاء من عباده، يقول البِقاعي: «مقصودها: الدلالة على صدقِ ما أنذَرتْ به سورةُ (ق) تصريحًا، وبشَّرت به تلويحًا، ولا سيما من مُصاب الدنيا، وعذابِ الآخرة.

واسمها (الذَّاريَات): ظاهرٌ في ذلك، بملاحظة جواب القَسَم؛ فإنه - لِشِدة الارتباط - كالآية الواحدة وإن كان خمسًا.

وللتعبير عن الرِّياح بـ(الذَّاريَات) أتمُّ إشارةٍ إلى ذلك؛ فإن تكذيبَهم بالوعيد لكونهم لا يشعُرون بشيءٍ من أسبابه، وإن كانت موجودةً معهم». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /25).