تفسير سورة الذاريات

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

١١٦٢- كان رجل يأتي الناس في أسواقهم ومجالسهم، فيقول :﴿ والذاريات ذروا ﴾، ويقول :﴿ والنازعات غرقا ﴾١ ما ﴿ الذاريات ﴾ ؟ ما ﴿ النازعات ﴾ ؟ ﴿ ما الفارقات ﴾ ؟ ٢ ما ﴿ الحاملات ﴾٣ ما ﴿ الذاريات ﴾ وكان يتهم بالحرورية٤. فكتب أبو موسى إلى عمر فيه فأمر بإقدامه عليه. فقال عمر : عما تسأل ؟ تسأل عن الذاريات والنازعات ؟ فضربه عمر رضي الله عنه بجريد النخل حتى أدمى جسده كله ثم حبسه حتى كاد يبرأ، فضربه، وسجنه، فعل ذلك به مرارا. فقال : يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد قتلي فأوجز وإن كنت تريد الدواء فقد بلغ الدواء مني. فأطلقه وأمره ألا يجالس أحدا، إلى أن كتب إليه أبو موسى : إنه قد حسن حاله فأمر بمجالسته٥. ولم ينكره أحد من الصحابة، فكان إجماعا. ( الذخيرة : ١٢/١٢٠-١٢١ )
١ - سورة النازعات : ١..
٢ - سورة المرسلات : ٤..
٣ - سورة الذاريات : ٢..
٤ - الحرورية نسبة على حاروراء وهي قرية بناحية الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج بها فنسبوا إليها. ن : وفيات الأعيان : ٢/٤٥٨..
٥ - ن : القصة كاملة في "مناقب عمر بن الخطاب" لابن الجوزي : ١٢٦، والإصابة لابن حجر : ٣/٥٢٨، وفتوح البلدان : ٤٤٨..
١١٦٣- قال الباجي : أول من ضيف إبراهيم عليه السلام، قال تعالى :﴿ هل آتاك ضيف إبراهيم المكرمين ﴾ فاخبر تعالى أنهم أكرموا. ( نفسه : ١٣/٣٣٥ )
١١٦٤- احتج مالك على منع المصافحة باليد بقوله تعالى :﴿ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام ﴾ ولم يذكر المصافحة. ( نفسه : ١٣/٢٩٧ )
١١٦٥- قال ابن رشد : المصافحة مستحبة، وعن مالك كراهتها، والأول هو المشهور١. حجة الكراهة قوله تعالى حكاية عن الملائكة لما دخلوا على إبراهيم عليه السلام :﴿ فقالوا سلاما قال سلام ﴾ قال مالك : ولم يذكر المصافحة، ولأن السلام تنتهي فيه البركات ولا يزاد فيه قول ولا فعل.
حجة المشهور : ما في الموطإ : قال عليه السلام : " تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ". ٢ ( الفروق : ٤/٢٥٣ )
١١٦٦- قولنا : " السلام عليك " إن جعلنا السلام اسما لله تعالى، فيكون معناه : الله عليك حفيظ، أو راض، وقيل : هو مصدر، تقدير الكلام : سلم الله عليك سلاما، ثم نقلناه من الدعاء إلى الخير، كما قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام :﴿ فقالوا سلاما قال سلام ﴾ فسلامه أبلغ من سلامهم لأجل النقل. ( الذخيرة : ٢/٢١٥-٢١٦ )
١ - قال ابن رشد :"والمشهور عن مالك إجازة المصافحة واستحبابها..." ن : البيان والتحصيل : ١٨/٢٠٦..
٢ - رواه مالك في الموطإ : في كتاب الجامع، باب ما جاء في المهاجرة..
١١٦٧- أي : في نساء مجتمعات. ( نفسه : ٥/٦٣ )
١١٦٨- قالت المعتزلة : هذه الآية من أدل الأدلة على أن الطاعة هي مراد الله تعالى دون المعصية لأن الله تعالى حصر السبب الموجد للخلق في إرادة العبادة، فإن لام كي تفيد ذلك كما أنك إذا قلت : " ما خرجت إلا لأسلم عليك " يكون السلام مقصودا لك، وتكون أغراضك محصورة فيه وللعلماء في الجواب على هذه الآية طرق :
أحدها : قال ابن عباس رضي الله عنهما : " معناه : ما خلقتهم إلا لأمرهم بعبادتي " ١ فعبر بالعبادة عن الأمر بها من باب التعبير بالمتعلق عن المتعلق لما بينهما من الملازمة. وقال غيره : هذا عام مخصوص، واللام لام العاقبة. ولام العاقبة لا قصد فيها.
ويحتمل أن يقال : المراد بالعبادة انقيادهم للقدرة، وظهور آثارها فيهم عرفوا ذلك أو جهلوه. ( الاستغناء : ٥١٤ )
١ - ن : تفسير ابن كثير : ٤/٣٦٧..
سورة الذاريات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الذَّاريَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الأحقاف)، وقد جاءت ببيانِ عظمة الله، وقُدْرتِه على التصرُّف في الكون، وإنزالِ العذاب بمَن شاء، كيف شاء، متى شاء، ومِن ذلك قَسَمُه بـ(الذَّاريَات)، وهي: الرِّياح، وهي آيةٌ من آيات الله، يُصرِّفها اللهُ إن شاء للرَّحمة، وإن شاء للعذاب؛ فعلى الناسِ الفرارُ إلى الله، الذي هو طريقُ النجاة.

ترتيبها المصحفي
51
نوعها
مكية
ألفاظها
360
ترتيب نزولها
67
العد المدني الأول
60
العد المدني الأخير
60
العد البصري
60
العد الكوفي
60
العد الشامي
60

* سورة (الذَّاريَات):

سُمِّيت سورةُ (الذَّاريَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَم بـ(الذَّاريَات)؛ وهي: الرِّياح.

* أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الذَّاريَات) في صلاة الظُّهر:

عن البراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كُنَّا نُصلِّي خلفَ النبيِّ ﷺ الظُّهْرَ، فيُسمِعُنا الآيةَ بعد الآياتِ مِن لُقْمانَ والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

1. وقوع البعثِ والجزاء (١-٢٣).

2. دلائل القدرة الإلهية (٢٤-٤٦).

3. الفرارُ إلى الله طريق النجاة (٤٧- ٦٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /443).

مقصودُ سورة (الذَّاريَات) هو الدعوةُ إلى طاعة الله، والاستجابة لأمره؛ من خلال التحذير من وقوع العذاب بالأقوام؛ فإن اللهَ في هذه السورة أقسَمَ بـ(الذَّاريَات)، وهي الرِّياح التي يُعذِّب الله بها من يشاء من عباده، يقول البِقاعي: «مقصودها: الدلالة على صدقِ ما أنذَرتْ به سورةُ (ق) تصريحًا، وبشَّرت به تلويحًا، ولا سيما من مُصاب الدنيا، وعذابِ الآخرة.

واسمها (الذَّاريَات): ظاهرٌ في ذلك، بملاحظة جواب القَسَم؛ فإنه - لِشِدة الارتباط - كالآية الواحدة وإن كان خمسًا.

وللتعبير عن الرِّياح بـ(الذَّاريَات) أتمُّ إشارةٍ إلى ذلك؛ فإن تكذيبَهم بالوعيد لكونهم لا يشعُرون بشيءٍ من أسبابه، وإن كانت موجودةً معهم». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /25).