تفسير سورة المطفّفين

الموسوعة القرآنية

تفسير سورة سورة المطففين من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية.
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

٨٣ سورة المطففين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ١ الى ٧]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤)
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧)
١- وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ:
وَيْلٌ هلاك.
لِلْمُطَفِّفِينَ الذين يحيفون فى الكيل والوزن.
٢- الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ:
أي الذين إذا أخذوا لأنفسهم الكيل من الناس يأخذونه وافيا زائدا.
٣- وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ:
أي إذا كالوا للناس أو وزنوا لهم ينقصونهم الوزن الواجب لهم وهو اعتداء عليهم.
٤- أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ:
أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ ألا يخطر ببال هؤلاء المطففين.
أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ أنهم سيبعثون.
٥- لِيَوْمٍ عَظِيمٍ:
عَظِيمٍ هوله.
٦- يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ:
لِرَبِّ الْعالَمِينَ لأمر رب العالمين وقضائه.
٧- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ:
كَلَّا ارتدعوا عن التطفيف والغفلة عن البعث.
إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ إن ما كتب على الفجار من عملهم.

[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٨ الى ٩]

وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩)
٨- وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ:
وَما أَدْراكَ وما أعلمك.
٩- كِتابٌ مَرْقُومٌ:
مَرْقُومٌ مسطور بين الكتابة.
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ١٠ الى ١٥]
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)
١٠- وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ:
وَيْلٌ هلاك.
يَوْمَئِذٍ يوم إذ يكون البعث والجزاء.
١١- الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ:
بِيَوْمِ الدِّينِ بيوم الجزاء.
١٢- وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ:
بِهِ بيوم الجزاء.
مُعْتَدٍ متجاوز الحد.
أَثِيمٍ كبير الذنب.
١٣- إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ:
آياتُنا الناطقة بحصول الجزاء.
أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أباطيل السابقين.
١٤- كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ:
كَلَّا أي ارتدع أيها المعتدى عن هذا القول الباطل.
بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ بل غطى على قلوب المعتدين.
ما كانُوا يَكْسِبُونَ ما اكتسبوه من الكفر والمعاصي.
١٥- كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ:
كَلَّا حقا.
إِنَّهُمْ إن المكذبين.
عَنْ رَبِّهِمْ عن رحمة ربهم.
لَمَحْجُوبُونَ بسبب ما اكتسبوه من المعاصي.
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ١٦ الى ٢٣]
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠)
يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣)
١٦- ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ:
لَصالُوا الْجَحِيمِ لمحترقون بنارها.
١٧- ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ:
ثُمَّ يُقالُ تبكيتا لهم.
هذَا العذاب النازل بكم.
الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ فى الدنيا.
١٨- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ:
كَلَّا حقا.
إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ إن ما يكتب من أعمال المحسنين.
١٩- وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ:
وَما أَدْراكَ وما أعلمك.
٢٠- كِتابٌ مَرْقُومٌ:
مَرْقُومٌ مسطور بين الكتابة.
٢١- يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ:
يَشْهَدُهُ يحضره ويحفظه.
الْمُقَرَّبُونَ من الملائكة.
٢٢- إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ:
إِنَّ الْأَبْرارَ إن المحسنين أعمالا.
لَفِي نَعِيمٍ الجنة.
٢٣- عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ:
يَنْظُرُونَ إلى ما أولاهم الله من النعمة والكرامة.
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٢٤ الى ٣٠]
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠)
٢٤- تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ:
نَضْرَةَ النَّعِيمِ بهجته ونضارته.
٢٥- يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ:
رَحِيقٍ شراب خالص.
مَخْتُومٍ مصون.
٢٦- خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ:
خِتامُهُ مِسْكٌ لا تزيده الصيانة إلا طيبا.
وَفِي ذلِكَ وفى نيل ذلك.
فَلْيَتَنافَسِ فليتسابق.
الْمُتَنافِسُونَ المتسابقون.
٢٧- وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ:
وَمِزاجُهُ ومزاج الرحيق.
مِنْ تَسْنِيمٍ من ماء تسنيم فى الجنة.
٢٨- عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ:
عَيْناً نصب على المدح.
يَشْرَبُ بِهَا يشرب منها.
الْمُقَرَّبُونَ دون غيرهم من أهل الجنة.
٢٩- إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ:
أَجْرَمُوا ارتكبوا الجرم فى حق الدين.
يَضْحَكُونَ فى الدنيا استهزاء من الذين آمنوا.
٣٠- وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ
وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ
وإذا مر المؤمنون بهم.
يَتَغامَزُونَ
يغمز بعضهم بعضا استهزاء.
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٣١ الى ٣٦]
وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)
٣١- وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ:
وَإِذَا انْقَلَبُوا وإذا رجع المجرمون.
إِلى أَهْلِهِمُ رجعوا إلى أهلهم.
فَكِهِينَ متلذذين باستخفافهم بالمؤمنين.
٣٢- وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ:
وَإِذا رَأَوْهُمْ وإذا رأوا المؤمنين.
لَضالُّونَ لإيمانهم بمحمد صلّى الله عليه وسلم.
٣٣- وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ:
وَما أُرْسِلُوا وما أرسل المجرمون.
عَلَيْهِمْ حافِظِينَ حاكمين على المؤمنين بالرشد والضلال حافظين لأعمالهم.
٣٤- فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ:
فَالْيَوْمَ يوم الجزاء.
٣٥- عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ:
يَنْظُرُونَ ما أولاهم الله من النعيم.
٣٦- هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ:
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ هل جوزى الكفار فى الآخرة.
ما كانُوا يَفْعَلُونَ فى الدنيا.
سورة المطففين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُطفِّفين) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بوعيد المُطفِّفين الذين يتلاعبون بالميزان بُغْيةَ خداع الناس، متناسِين أنَّ هناك يومًا يبعثُ اللهُ فيه الخلائقَ، يحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، وقد جاء فيها وعيدُ الفُجَّار بالعقاب الأليم، ووعدُ الأبرار بالثواب العظيم، وإكرامُ المؤمنين وإيلامُ المجرمين يوم البعث؛ جزاءً لهم على أعمالهم، وفي هذا كلِّه دعوةٌ للمُطفِّفين أن يؤُوبُوا إلى الله، ويَرجِعوا عن باطلهم.

ترتيبها المصحفي
83
نوعها
مكية
ألفاظها
170
ترتيب نزولها
86
العد المدني الأول
36
العد المدني الأخير
36
العد البصري
36
العد الكوفي
36
العد الشامي
36

* قوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، كانوا مِن أخبَثِ الناسِ كَيْلًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ فأحسَنوا الكَيْلَ بعد ذلك». أخرجه ابن حبان (٤٩١٩).

* سورة (المُطفِّفين):

سُمِّيت سورة (المُطفِّفين) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ وهم: الذين يتلاعبون في المكيال بُغْيةَ خداع الناس.

1. إعلان الحرب على المُطفِّفين (١-٦).

2. وعيد الفُجَّار بالعقاب الأليم (٧-١٧).

3. وعد الأبرار بالثواب العظيم (١٨-٢٨).

4. إكرام المؤمنين، وإيلام المجرمين (٢٩-٣٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /66).

يقول ابن عاشور: «اشتملت على التحذيرِ من التطفيف في الكيل والوزن، وتفظيعِه بأنه تحيُّلٌ على أكلِ مال الناس في حال المعاملة أخذًا وإعطاءً.
وأن ذلك مما سيُحاسَبون عليه يوم القيامة.
وتهويل ذلك اليوم بأنه وقوفٌ عند ربهم؛ ليَفصِلَ بينهم، وليجازيَهم على أعمالهم، وأن الأعمال مُحصاةٌ عند الله.
ووعيد الذين يُكذِّبون بيوم الجزاء، والذين يُكذِّبون بأن القرآن منزل من عند الله.

وقوبل حالُهم بضدِّه من حال الأبرار أهلِ الإيمان، ورفعِ درجاتهم، وإعلان كرامتهم بين الملائكة والمقربين، وذكرِ صُوَرٍ من نعيمهم.
وانتقل من ذلك إلى وصف حال الفريقين في هذا العالم الزائل؛ إذ كان المشركون يَسخَرون من المؤمنين، ويَلمِزونهم، ويستضعفونهم، وكيف انقلب الحالُ في العالم الأبدي». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /188).