تفسير سورة المطفّفين

المحرر في أسباب نزول القرآن

تفسير سورة سورة المطففين من كتاب المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة المعروف بـالمحرر في أسباب نزول القرآن.
لمؤلفه خالد بن سليمان المزيني .

سورة المطففين
١٩٤ - قال الله تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج النَّسَائِي وابن ماجه عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: لما قدم نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) فحسنوا الكيل بعد ذلك.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث عند تفسيرها منهم الطبري والبغوي وابن العربي والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
1073
قال القرطي: (قال ابن عبَّاسٍ: هي أول سورة نزلت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساعة نزل المدينة، وكان هذا فيهم، كانوا إذا اشتروا استوفوا بكيل راجح، فإذا باعوا بخسوا المكيال والميزان، فلما نزلت هذه السورة انتهوا فهم أوفى الناس كيلاً إلى يومهم هذا) اهـ.
وقال ابن عاشور: (اجتمعت كلمة المفسرين على أن أهل يثرب كانوا من أخبث الناس كيلاً فقال جماعة من المفسرين: إن هذه الآية نزلت فيهم فأحسنوا الكيل بعد ذلك) اهـ.
وقال ابن عطية: (قال ابن عبَّاسٍ فيما روي عنه نزل بعضها بمكة ونزل أمر التطفيف بالمدينة لأنهم كانوا أشد الناس فساداً في هذا المعنى فأصلحهم الله تعالى بهذه السورة) اهـ.
وعندي - والله أعلم - قبل الوصول إلى نتيجة أن الأمر يحتاج إلى نظرين:
الأول: هل السورة مكية أو مدنية؟
اختلفت في هذا أقوال العلماء فذهب بعضهم إلى أنها مكية لذكر الأساطير فيها في قوله: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)، ولأن معظم ما اشتملت عليه التعريض بمنكري البعث.
وذهب بعضهم إلى أنها مدنية لهذا الحديث الذي معنا، وغيرِه في معناه، ولأن التفصيل في الأحكام إنما كان في المدينة لا مكة.
وقال بعضهم وهو مروي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - نزل بعضها بمكة ونزل أمر التطفيف بالمدينة.
والراجح - والله أعلم - أن السورة مبعضة بين مكة والمدينة، والحامل على اختيار هذا اجتماع المفسرين على أن أهل المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً.
الثاني: هل التطفيف سببُ النزول، أو سياق القرآن بعمومه تناول أحوال المطففين؟
1074
الظاهر الأول لوجهين:
الوجه الأول: أن اللَّه بدأ السورة بتهديدهم ووعيدهم، ولولا أهميته ما بدأ الله به إذ الشأن أن يُبدأ بالأهم فالأهم.
الوجه الثاني: أنه جاء في الحديث أنهم كانوا أخبث الناس كيلاً وهذا يستدعي المبادرة في المعالجة.
ولعل هذا سبب قول ابن عبَّاسٍ: أنها نزلت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساعة نزل المدينة. واللَّه أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول الآية الكريمة لاحتجاج المفسرين به وتصريحه بالنزول، وعدم مخالفته لسياق القرآن. والله أعلم.
* * * * *
1075
سورة الضحى
1077
سورة المطففين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُطفِّفين) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بوعيد المُطفِّفين الذين يتلاعبون بالميزان بُغْيةَ خداع الناس، متناسِين أنَّ هناك يومًا يبعثُ اللهُ فيه الخلائقَ، يحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، وقد جاء فيها وعيدُ الفُجَّار بالعقاب الأليم، ووعدُ الأبرار بالثواب العظيم، وإكرامُ المؤمنين وإيلامُ المجرمين يوم البعث؛ جزاءً لهم على أعمالهم، وفي هذا كلِّه دعوةٌ للمُطفِّفين أن يؤُوبُوا إلى الله، ويَرجِعوا عن باطلهم.

ترتيبها المصحفي
83
نوعها
مكية
ألفاظها
170
ترتيب نزولها
86
العد المدني الأول
36
العد المدني الأخير
36
العد البصري
36
العد الكوفي
36
العد الشامي
36

* قوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، كانوا مِن أخبَثِ الناسِ كَيْلًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ فأحسَنوا الكَيْلَ بعد ذلك». أخرجه ابن حبان (٤٩١٩).

* سورة (المُطفِّفين):

سُمِّيت سورة (المُطفِّفين) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ وهم: الذين يتلاعبون في المكيال بُغْيةَ خداع الناس.

1. إعلان الحرب على المُطفِّفين (١-٦).

2. وعيد الفُجَّار بالعقاب الأليم (٧-١٧).

3. وعد الأبرار بالثواب العظيم (١٨-٢٨).

4. إكرام المؤمنين، وإيلام المجرمين (٢٩-٣٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /66).

يقول ابن عاشور: «اشتملت على التحذيرِ من التطفيف في الكيل والوزن، وتفظيعِه بأنه تحيُّلٌ على أكلِ مال الناس في حال المعاملة أخذًا وإعطاءً.
وأن ذلك مما سيُحاسَبون عليه يوم القيامة.
وتهويل ذلك اليوم بأنه وقوفٌ عند ربهم؛ ليَفصِلَ بينهم، وليجازيَهم على أعمالهم، وأن الأعمال مُحصاةٌ عند الله.
ووعيد الذين يُكذِّبون بيوم الجزاء، والذين يُكذِّبون بأن القرآن منزل من عند الله.

وقوبل حالُهم بضدِّه من حال الأبرار أهلِ الإيمان، ورفعِ درجاتهم، وإعلان كرامتهم بين الملائكة والمقربين، وذكرِ صُوَرٍ من نعيمهم.
وانتقل من ذلك إلى وصف حال الفريقين في هذا العالم الزائل؛ إذ كان المشركون يَسخَرون من المؤمنين، ويَلمِزونهم، ويستضعفونهم، وكيف انقلب الحالُ في العالم الأبدي». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /188).