تفسير سورة المطفّفين

جهود ابن عبد البر في التفسير

تفسير سورة سورة المطففين من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٥٢٤- أما التطفيف في لسان العرب، فهو الزيادة على العدل والنقصان منه، وذلك ذم لفاعله، قال الله تعالى :﴿ ويل لمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ﴾، ومن ذمه الله تعالى، استحق عقوبته، كما أن من مدحه استحق ثوابه، وروى ابن عيينة وغيره، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن مغيث بن سمي :﴿ ويل للمطففين ﴾، قال : التطفيف في الصلاة، والوضوء، والمكيال، والميزان. ( س : ١/٣٧٨ )
٥٢٥- قال الحسن : وحدثنا يعقوب، قال حدثنا الربيع بن سليمان، قال : سمعت الشافعي يقول في قول الله- عز وجل :﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾، أعلمنا بذلك أن ثم قوما غير محجوبين ينظرون إليه لا يضامون في رؤيته، وهم المؤمنون، كما جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال :( ترون ربكم- عز وجل- يوم القيامة كما ترون الشمس لا تضامون في رؤيتها )١. ( الانتفاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء : ٧٩ )
٥٢٦- الصحيح ما ذكره المزني عن ابن هرم٢، قال : سمعت الشافعي يقول في قول الله تعالى :﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾ن دليل على أن أولياء الله يرونه في الآخرة، وهذا الصريح منه رحمه الله. ( المصدر السابق : ٨١-٨٢ ).
١ سبق تخريجه..
٢ قال ابن عبد البر: إبراهيم بن هرم، ويقال: ابن الهرم العامري، كان من ملوك مصر مشهور بالطلب والعناية بالعلم، شغلته دنياه، فخفي ذكره، أخذ عن الشافعي وكتب كتبه. الانتقاء: ١١٤..
سورة المطففين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُطفِّفين) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بوعيد المُطفِّفين الذين يتلاعبون بالميزان بُغْيةَ خداع الناس، متناسِين أنَّ هناك يومًا يبعثُ اللهُ فيه الخلائقَ، يحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، وقد جاء فيها وعيدُ الفُجَّار بالعقاب الأليم، ووعدُ الأبرار بالثواب العظيم، وإكرامُ المؤمنين وإيلامُ المجرمين يوم البعث؛ جزاءً لهم على أعمالهم، وفي هذا كلِّه دعوةٌ للمُطفِّفين أن يؤُوبُوا إلى الله، ويَرجِعوا عن باطلهم.

ترتيبها المصحفي
83
نوعها
مكية
ألفاظها
170
ترتيب نزولها
86
العد المدني الأول
36
العد المدني الأخير
36
العد البصري
36
العد الكوفي
36
العد الشامي
36

* قوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، كانوا مِن أخبَثِ الناسِ كَيْلًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ فأحسَنوا الكَيْلَ بعد ذلك». أخرجه ابن حبان (٤٩١٩).

* سورة (المُطفِّفين):

سُمِّيت سورة (المُطفِّفين) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ وهم: الذين يتلاعبون في المكيال بُغْيةَ خداع الناس.

1. إعلان الحرب على المُطفِّفين (١-٦).

2. وعيد الفُجَّار بالعقاب الأليم (٧-١٧).

3. وعد الأبرار بالثواب العظيم (١٨-٢٨).

4. إكرام المؤمنين، وإيلام المجرمين (٢٩-٣٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /66).

يقول ابن عاشور: «اشتملت على التحذيرِ من التطفيف في الكيل والوزن، وتفظيعِه بأنه تحيُّلٌ على أكلِ مال الناس في حال المعاملة أخذًا وإعطاءً.
وأن ذلك مما سيُحاسَبون عليه يوم القيامة.
وتهويل ذلك اليوم بأنه وقوفٌ عند ربهم؛ ليَفصِلَ بينهم، وليجازيَهم على أعمالهم، وأن الأعمال مُحصاةٌ عند الله.
ووعيد الذين يُكذِّبون بيوم الجزاء، والذين يُكذِّبون بأن القرآن منزل من عند الله.

وقوبل حالُهم بضدِّه من حال الأبرار أهلِ الإيمان، ورفعِ درجاتهم، وإعلان كرامتهم بين الملائكة والمقربين، وذكرِ صُوَرٍ من نعيمهم.
وانتقل من ذلك إلى وصف حال الفريقين في هذا العالم الزائل؛ إذ كان المشركون يَسخَرون من المؤمنين، ويَلمِزونهم، ويستضعفونهم، وكيف انقلب الحالُ في العالم الأبدي». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /188).