تفسير سورة المطفّفين

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة المطففين من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ ويل للمطفّفين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ﴾ [ المطففين : ١، ٢ ].
فإن قلتَ : هلا قال : اكتالوا واتّزنوا، كما قال في مقابله ﴿ وإذا كالوهم أو وّزنوهم ﴾ ؟   ! [ المطففين : ٣ ].
قلتُ : لأن المطففين كانت عادتهم، ألا يأخذوا ما يُكال وما يُوزن، إلا بالمكيال، لأن استيفاء الزيادة بالمكيال أمكن لهم، وأهون عليهم منه بالميزان، وإذا أعطوا كالوا ووزنوا، لتمكنهم من البخس فيهما( ١ ).
١ - قوله تعالى: ﴿كالوهم أو وزنوهم﴾ أي إذا كالوا لهم، أو وزنوا لهم، عند البيع، نقصوا لهم حقّهم، فهم ظلمة يأخذون حقّهم وافيا كاملا عند الشراء، ويبخسون حقوق الآخرين عند البيع..
قوله تعالى :﴿ وما أدراك ما سجّين كتاب مرقوم وما أدراك ما عليّون كتاب مرقوم ﴾ [ المطففين : ٨-٢٠ ].
إن قلتَ : كيف فسّر " سجّينا " و " علّيينّ بكتاب مرقوم، مع أن سِجِّينا اسم للأرض السابعة( ١ )، و " عِلِّيين " اسم لأعلى الجنة، أو لأعلى الأمكنة، أو للسماء السابعة، أو لسدرة المنتهى ؟   !
قلتُ :﴿ كتاب مرقوم ﴾ وصف معنويّ لكتاب الفُجّار، ولكتاب الأبرار، لا تفسير لسجّين ولعليين، والتقدير : وهو كتاب مرقوم.
١ - سجّين: مأخوذ من السَّجين وهو الضّيق، وكتاب الفُجّار في مكان ضيّق، وفي أسفل سافلين، أما كتاب الأبرار، ففي مكان عليّ رفيع، في أعلى الجنة، فالآية الكريمة ذكرت مكان كلّ من الأشرار والأبرار..
سورة المطففين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُطفِّفين) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بوعيد المُطفِّفين الذين يتلاعبون بالميزان بُغْيةَ خداع الناس، متناسِين أنَّ هناك يومًا يبعثُ اللهُ فيه الخلائقَ، يحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، وقد جاء فيها وعيدُ الفُجَّار بالعقاب الأليم، ووعدُ الأبرار بالثواب العظيم، وإكرامُ المؤمنين وإيلامُ المجرمين يوم البعث؛ جزاءً لهم على أعمالهم، وفي هذا كلِّه دعوةٌ للمُطفِّفين أن يؤُوبُوا إلى الله، ويَرجِعوا عن باطلهم.

ترتيبها المصحفي
83
نوعها
مكية
ألفاظها
170
ترتيب نزولها
86
العد المدني الأول
36
العد المدني الأخير
36
العد البصري
36
العد الكوفي
36
العد الشامي
36

* قوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، كانوا مِن أخبَثِ الناسِ كَيْلًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ فأحسَنوا الكَيْلَ بعد ذلك». أخرجه ابن حبان (٤٩١٩).

* سورة (المُطفِّفين):

سُمِّيت سورة (المُطفِّفين) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ وهم: الذين يتلاعبون في المكيال بُغْيةَ خداع الناس.

1. إعلان الحرب على المُطفِّفين (١-٦).

2. وعيد الفُجَّار بالعقاب الأليم (٧-١٧).

3. وعد الأبرار بالثواب العظيم (١٨-٢٨).

4. إكرام المؤمنين، وإيلام المجرمين (٢٩-٣٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /66).

يقول ابن عاشور: «اشتملت على التحذيرِ من التطفيف في الكيل والوزن، وتفظيعِه بأنه تحيُّلٌ على أكلِ مال الناس في حال المعاملة أخذًا وإعطاءً.
وأن ذلك مما سيُحاسَبون عليه يوم القيامة.
وتهويل ذلك اليوم بأنه وقوفٌ عند ربهم؛ ليَفصِلَ بينهم، وليجازيَهم على أعمالهم، وأن الأعمال مُحصاةٌ عند الله.
ووعيد الذين يُكذِّبون بيوم الجزاء، والذين يُكذِّبون بأن القرآن منزل من عند الله.

وقوبل حالُهم بضدِّه من حال الأبرار أهلِ الإيمان، ورفعِ درجاتهم، وإعلان كرامتهم بين الملائكة والمقربين، وذكرِ صُوَرٍ من نعيمهم.
وانتقل من ذلك إلى وصف حال الفريقين في هذا العالم الزائل؛ إذ كان المشركون يَسخَرون من المؤمنين، ويَلمِزونهم، ويستضعفونهم، وكيف انقلب الحالُ في العالم الأبدي». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /188).