تفسير سورة المطفّفين

تفسير العز بن عبد السلام

تفسير سورة سورة المطففين من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام.
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة المطففين مكية أو مدنية إلا ثمان آيات من قوله :﴿ إن الذين أجرموا ﴾ [ ٢٩ ] إلى آخرها مكي أو نزلت بين مكة والمدينة وكان أهل المدينة من أخبث الناس كيلاً إلى أن نزلت فأحسنوا الكيل.

١ - ﴿وَيْلٌ﴾ وادٍ في جهنم أو النار أو صديد أهلها أو الهلاك أو أشق العذاب أو النداء بالخسار والهلاك أو أصله وي لفلان أي الحرب لفلان ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة، والتطفيف: التقليل فالمطفف مقلل بحق صاحبه بنقصانه في كيل أو وزن أو أخذ من طف الشيء وهي جهته.
٦ - ﴿يوم يقوم الناس﴾ [٢١٨ / أ] مقدار ثلاثمائة سنة بين يديه قياماً لفصل القضاء أو يقومون من قبورهم أو جبريل يقوم لرب العالمين.
﴿كلا إن كتاب الفجار لفي سجين (٧) وما أدراك ما سجين (٨) كتابٌ مرقوم (٩) ويلٌ يومئذ للمكذبين (١٠) الذين يكذبون بيوم الدين (١١) وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم (١٢) إذا تتلى عليه ءاياتنا قال أساطير الأولين (١٣) كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون (١٤) كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (١٥) ثم إنهم لصالوا الجحيم (١٦) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (١٧) ﴾
٧ - ﴿كَلآ﴾ حقاً أو موضوع للزجر والتنبيه ﴿سِجِّينٌ﴾ سفال أو خسار أو تحت الأرض السابعة أو الأرض السابعة وسجين السماء: الدنيا قاله ابن أسلم أو صخرة في الأرض السابعة يجعل كتابهم تحتها أو جُب في جهنم مفتوح والفلق جب فيها مغطى مأثور أو تحت إبليس أو حجر أسود تحت الأرض يكتب فيه أرواح الكفار أو الشديد أو السِّجين فعيل من سجنته وفيه مبالغة.
٩ - ﴿مَّرْقُومٌ﴾ مكتوب أو مختوم أو رقم أو رقم لهم بِشرٍّ لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد.
١٤ - ﴿رَانَ﴾ طبع أو غلب أو ورود الذنب على الذين حتى يعمى القلب " ح " أو الصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق.
{كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين (١٨) وما أدراك ما عليون (١٩) كتاب مرقوم (٢٠) يشهده
430
المقربون (٢١) إن الأبرار لفي نعيم (٢٢) على الأرائك ينظرون (٢٣) تعرف في وجوههم نضرة النعيم (٢٤) يسقون من رحيق مختوم (٢٥) ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (٢٦) ومزاجه من تسنيم (٢٧) عيناً يشرب بها المقربون (٢٨) }
431
١٨ - ﴿عِلِّيِّينَ﴾ الجنة أو السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين أو قائمة العرش اليمنى أو في علو وصعود إلى الله تعالى " ح " أو سدرة المنتهى.
٢٤ - ﴿نَضْرَةَ النعيم﴾ الطرواة والغضارة أو البياض أو عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم قاله علي رضي الله تعالى عنه.
٢٥ - ﴿رحيقٍ﴾ عين في الجنة مشوب بالمسك " ح " أو شراب أبيض يختمون به شرابهم أو الخمر في قول الجمهور وهي الخمر الصافية أو أقصى الخمر وأجودها قاله الخليل أو الخالصة من الغش أو العتيقة ﴿مَّخْتُومٍ﴾ ممزوج أو ختم إناؤه بختم.
٢٦ - ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ مزاجه أو عاقبته يمزج بالكافور ويختم بالمسك أو طعمه وريحه مسك أو طينه مسك أو ختمه الذي يختم به إناؤه مسك " ع " ﴿فَلْيَتَنَافَسِ﴾ فليعمل أو فليبادر " ع " أخذ التنافس من الشيء النفيس أو من الرغبة فيما تميل إليه النفوس.
٢٧ - ﴿تَسْنِيمٍ﴾ الماء أو عين يشربها المقربون صرفاً وتمزج لأصحاب اليمين أو عين في جنة عدن وهي دار الرحمن وأهل عدن جيرانه أو خفايا أخفاها الله تعالى لأهل الجنة لا يعرف لها مثال " ح " فأصل التسنيم في اللغة أنها عين تجري من علو إلى سفل سنام البعير: لعلوه من بدنه ومنه تسنيم القبور.
{إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون (٢٩) وإذا مروا بهم يتغامزون (٣٠) وإذا
431
انقلوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين (٣١) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون (٣٢) وما أُرسلوا عليهم حافظين (٣٣) فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون (٣٤) على الأرائك ينظرون (٣٥) هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون (٣٦) }
432
٣١ - ﴿فاكهين﴾ معجبين " ع " أو فرحين أو لاهين أو ناعمين.
٣٦ - ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ﴾ هذا سؤال المؤمنين عن الكفار حين فارقوهم أثيبوا على كفرهم أو جوزوا على ما كانوا يفعلون.
432
سورة إذا السماء انشقت
سُورَةُ الانْشِقَاقِ
مكية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿إذا السماء انشقت (١) وأذنت لربها وحقت (٢) وإذا الأرض مدت (٣) وألقت ما فيها وتخلت (٤) وأذنت لربها وحقت (٥) يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه (٦) فأما من أوتيَ كتابه بيمينه (٧) فسوف يحاسب حساباً يسيرا (٨) وينقلب إلى أهله مسرورا (٩) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (١٠) فسوف يدعو ثبوراً (١١) ويصلى سعيرا (١٢) إنه كان في أهله مسرورا (١٣) إن ظن أن لن يحور (١٤) بلى إن ربه كان به بصيرا (١٥) ﴾
وهذا من أشراط الساعة وجوابه ﴿إنك كادح﴾ أو ﴿وأذنت﴾ والواو صلة أو رأى الإنسان ما قدّم من خير وشر أو التقدير اذكر ﴿إذا السماء انشقت﴾
433
سورة المطففين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُطفِّفين) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بوعيد المُطفِّفين الذين يتلاعبون بالميزان بُغْيةَ خداع الناس، متناسِين أنَّ هناك يومًا يبعثُ اللهُ فيه الخلائقَ، يحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، وقد جاء فيها وعيدُ الفُجَّار بالعقاب الأليم، ووعدُ الأبرار بالثواب العظيم، وإكرامُ المؤمنين وإيلامُ المجرمين يوم البعث؛ جزاءً لهم على أعمالهم، وفي هذا كلِّه دعوةٌ للمُطفِّفين أن يؤُوبُوا إلى الله، ويَرجِعوا عن باطلهم.

ترتيبها المصحفي
83
نوعها
مكية
ألفاظها
170
ترتيب نزولها
86
العد المدني الأول
36
العد المدني الأخير
36
العد البصري
36
العد الكوفي
36
العد الشامي
36

* قوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، كانوا مِن أخبَثِ الناسِ كَيْلًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ فأحسَنوا الكَيْلَ بعد ذلك». أخرجه ابن حبان (٤٩١٩).

* سورة (المُطفِّفين):

سُمِّيت سورة (المُطفِّفين) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ وهم: الذين يتلاعبون في المكيال بُغْيةَ خداع الناس.

1. إعلان الحرب على المُطفِّفين (١-٦).

2. وعيد الفُجَّار بالعقاب الأليم (٧-١٧).

3. وعد الأبرار بالثواب العظيم (١٨-٢٨).

4. إكرام المؤمنين، وإيلام المجرمين (٢٩-٣٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /66).

يقول ابن عاشور: «اشتملت على التحذيرِ من التطفيف في الكيل والوزن، وتفظيعِه بأنه تحيُّلٌ على أكلِ مال الناس في حال المعاملة أخذًا وإعطاءً.
وأن ذلك مما سيُحاسَبون عليه يوم القيامة.
وتهويل ذلك اليوم بأنه وقوفٌ عند ربهم؛ ليَفصِلَ بينهم، وليجازيَهم على أعمالهم، وأن الأعمال مُحصاةٌ عند الله.
ووعيد الذين يُكذِّبون بيوم الجزاء، والذين يُكذِّبون بأن القرآن منزل من عند الله.

وقوبل حالُهم بضدِّه من حال الأبرار أهلِ الإيمان، ورفعِ درجاتهم، وإعلان كرامتهم بين الملائكة والمقربين، وذكرِ صُوَرٍ من نعيمهم.
وانتقل من ذلك إلى وصف حال الفريقين في هذا العالم الزائل؛ إذ كان المشركون يَسخَرون من المؤمنين، ويَلمِزونهم، ويستضعفونهم، وكيف انقلب الحالُ في العالم الأبدي». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /188).