تفسير سورة المطفّفين

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة المطففين من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
اختلف فيها هل هي مكية ؟ واحتج الذاهبون إلى ذلك بذكر الأساطير وهو على أن تطفيف الكيل والوزن كان بمكة على حسب ما هو بكل أمة لاسيما مع كفرهم. وقيل هي مدنية. قال السدي : كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص فنزلت السورة ١ ويقال إنها أول سورة نزلت بالمدينة. وقال ابن عباس أيضا فيما روي عنه نزل بعضها بمكة ونزل أمر التطفيف بالمدينة لأنهم كانوا أشد الناس فسادا في هذا المعنى فأصلحهم الله تعالى بهذه السورة٢. وقال قوم نزلت السورة بين المدينة ومكة. وفيها موضعان :
١ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٣٣٤..
٢ راجع م. س. ، ن. ص..

- أولهما قوله تعالى :-ayah text-primary">﴿ ويل للمطففين ( ١ ) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ( ٢ ) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ( ٣ ) ﴾.
أراد الله تعالى بالتطفيف في الكيل والوزن. والتطفيف النقصان. وقيل تجاوز الحد في وفاء أو نقصان، وهو أحسن. فذم الله تعالى في هذه الآية التجاوز بين الحد الواجب في ذلك وأثبت لهم الويل. ﴿ اكتالوا على الناس ﴾ معناه : قبضوا منهم. و ﴿ كالوهم ﴾ معناه : أقبضوهم. وظاهر هذه الآية يقتضي أن الكيل على البائع، وليس بالجلي. وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة يوسف عليه السلام.
– وقوله تعالى :﴿ وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ( ٣٢ ) وما أرسلوا عليهم حافظين ( ٣٣ ) ﴾ :
اختلفوا في الضمير الذي في : رأوا لمن هو. فقال الطبري وغيره : هو للكفار، وأنهم يرمون المؤمنين بالضلال، ولم يرسلوا على المؤمنين حفظة ١. وقيل : بل المعنى بالعكس، والضمير فيها للمؤمنين. والمعنى : أنهم يرمون الكفار بالضلال، وهو قول حق.
١ راجع جامع البيان..
﴿ وما أرسلوا عليهم حافظين ( ٣٣ ) ﴾ أي المؤمنون لم يرسلوا حفظة على الكفار. ففي الآية على هذا موادعة. وهذا منسوخ على هذا التأويل بآية السيف.
سورة المطففين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُطفِّفين) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بوعيد المُطفِّفين الذين يتلاعبون بالميزان بُغْيةَ خداع الناس، متناسِين أنَّ هناك يومًا يبعثُ اللهُ فيه الخلائقَ، يحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، وقد جاء فيها وعيدُ الفُجَّار بالعقاب الأليم، ووعدُ الأبرار بالثواب العظيم، وإكرامُ المؤمنين وإيلامُ المجرمين يوم البعث؛ جزاءً لهم على أعمالهم، وفي هذا كلِّه دعوةٌ للمُطفِّفين أن يؤُوبُوا إلى الله، ويَرجِعوا عن باطلهم.

ترتيبها المصحفي
83
نوعها
مكية
ألفاظها
170
ترتيب نزولها
86
العد المدني الأول
36
العد المدني الأخير
36
العد البصري
36
العد الكوفي
36
العد الشامي
36

* قوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، كانوا مِن أخبَثِ الناسِ كَيْلًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ فأحسَنوا الكَيْلَ بعد ذلك». أخرجه ابن حبان (٤٩١٩).

* سورة (المُطفِّفين):

سُمِّيت سورة (المُطفِّفين) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]؛ وهم: الذين يتلاعبون في المكيال بُغْيةَ خداع الناس.

1. إعلان الحرب على المُطفِّفين (١-٦).

2. وعيد الفُجَّار بالعقاب الأليم (٧-١٧).

3. وعد الأبرار بالثواب العظيم (١٨-٢٨).

4. إكرام المؤمنين، وإيلام المجرمين (٢٩-٣٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /66).

يقول ابن عاشور: «اشتملت على التحذيرِ من التطفيف في الكيل والوزن، وتفظيعِه بأنه تحيُّلٌ على أكلِ مال الناس في حال المعاملة أخذًا وإعطاءً.
وأن ذلك مما سيُحاسَبون عليه يوم القيامة.
وتهويل ذلك اليوم بأنه وقوفٌ عند ربهم؛ ليَفصِلَ بينهم، وليجازيَهم على أعمالهم، وأن الأعمال مُحصاةٌ عند الله.
ووعيد الذين يُكذِّبون بيوم الجزاء، والذين يُكذِّبون بأن القرآن منزل من عند الله.

وقوبل حالُهم بضدِّه من حال الأبرار أهلِ الإيمان، ورفعِ درجاتهم، وإعلان كرامتهم بين الملائكة والمقربين، وذكرِ صُوَرٍ من نعيمهم.
وانتقل من ذلك إلى وصف حال الفريقين في هذا العالم الزائل؛ إذ كان المشركون يَسخَرون من المؤمنين، ويَلمِزونهم، ويستضعفونهم، وكيف انقلب الحالُ في العالم الأبدي». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /188).