ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾، قال أبو عبيدة (٢)، والمبرد (٣): المطفف الذي يبخس في الكيل، والوزن، ولا يوفي، والمطففون: الذين ينقصون المكيال والميزان.وقال أهل اللغة: يقال هذا طَفُّ المِكْيال أو طِفافُه إذا قارب ملأه ولما يمتلئ، ولهذا قيل للذي يُسيء الكيل ولا يُوَفِّيه مطفِّف، يعني: أنه إنما يبلغ (٤) الطِّفاف، وهذا إنما أخذ (٥) طَفّ الشيء وهو جانبه، يقال: طف الوادي، والإناء إذا بلغ ما فيه حَرفه ولم يمتلئ فهو طَفافه وطِفافه وطَفَفُهُ.
وقال أبو إسحاق: إنما قيل الذي ينقص المكيال والميزان مطفف،
أحدها: أنها مكية في قول جماعة المفسرين.
الثاني: أنها مدنية.
الثالث: أنها نزلت بين مكة والمدينة.
انظر: " النكت والعيون" ٦/ ٢٢٥، "زاد المسير" ٨/ ١٩٩.
(٢) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩، وعبارته: المطفف الذي لايوفي على الناس من الناس.
(٣) "الوسيط" ٤/ ٤٤٠.
(٤) في (أ): بلغ.
(٥) بياض في (ع). ولعلها (من).
قال الكلبي: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسيئون كيلهم ووزنهم لغيرهم، ويستوفون لأنفسهم فنزلت هذه الآية (٢).
وقال أبو هريرة: نزلت في عمي أبي جهينة (٣): كان له صَاعان يأخذ
(٢) "الوسيط" ٤/ ٤٤٠، ولم أجدها عند غيره مما بين يدي من كتب، وقد وردت رواية من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة كانوا من أخبث الناس كيلًا، فأنزل الله: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ فأحسنوا الكيل.
انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٩١، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٢/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٥، "معالم التزيل" ٤/ ٤٥٧، "الكشاف" ٤/ ١٩٤ من غير عزو، "زاد المسير" ٨/ ١٩٩، "الجامع لأحكام القرآن" ٩/ ٢٤٨، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٩، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٦، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤١ وعزاه إلى النسائي، وابن ماجه، وابن جرير، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في "شعب الإيمان" بسند صحيح عن ابن عباس، وزاد الحافظ ابن حجر في: تخريج "الكشاف" ١٨٢، لابن حبان والحاكم، "فتح القدير" ٥/ ٣٩٨.
الحديث أخرجه ابن ماجه في "سننه" ٢/ ٢٠: ح ٢٢٤٢: كتاب التجارات: باب ٣٥، قال الألباني: حسن. انظر: صحيح ابن ماجه: ٢/ ١٩: ح ١٨٠٨، والنسائي في: تفسيره: ٢/ ٥٠٢: ح: ٦٧٤، قال محققه: إسناده حسن، والطبراني في "المعجم الكبير" ١١/ ٣٧١: ح ١٢٠٤١، وابن حبان في "موارد الظمآن" ٤٣٨/ ح ١٧٧٠، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣٣: كتاب البيوع، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٤/ ٣٢٧: ح: ٥٢٨٦ وانظر: "لباب النقول" للسيوطي: ٢٢٨ قال: أخرجه النسائي وابن ماجه بسند صحيح عن ابن عباس، وفي الصحيح المسند: للوادعي: ٢٣٢، وقد ذكر طرق الرواية كما جاءت في كتب السنة السابق ذكرها -وعلق عليها وبين ضعف بعض رجالاتها وخلص بقوله: ولكن مجموع هذه المتابعات تدل على ثبوت الحديث والله أعلم.
(٣) في (أ): جهلينه.
ثم بين أن المطففين من هم فقال:
٢ - (قوله تعالى) (٢): ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾
الاكتيال: الأخذ بالكيل كالاتزان: الأخذ بالوزن (٣).
قال الفراء: يريد اكتالوا من الناس. و"على"، و"من" في هذا الموضع تعتقبان، لأنه حق عليه فإذا قال: اكتلتُ عليك، فكأنه قال: أُخُذتُ مَا عليك، وإذا قال: اكتلتُ منك، فهو كقولك: استوفيت منكْ (٤).
وقال أبو إسحاق: المعنى: إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل، ولم يذكر اتَّزَنوُا؛ لأن الكيل والوَزن بهما (٥) الشراء والبيع،
وعزاه إلى ابن سعد، والبزار، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٨/ ٤٤٢: باب استخلافه على المدينة حين خرج إلى خيبر سباع عن عُرفُطة، "كشف الأستار" عن "زوائد البزار" ٣/ ٨٩: ح: ٢٢٨١، وقال البزار: لا نعلم رواه عن أبي هريرة إلا عِراك.
(٢) ساقط من (ع).
(٣) انظر: "التفسير الكبير" ٣١/ ٨٨
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٦ بنصه، قال الزمخشري: لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالًا يضرهم ويتحامل فيه عليهم أبدل على مكان "من" للدلالة على ذلك، "الكشاف" ٤/ ١٩٤.
(٥) في (أ): بها.
قال المفسرون (٢): يعني الذين إذا اشتروا لأنفسهم استوفوا في الكيل والوزن، وإذا باعوا أو وزنوا لغيرهم نقصوا. وهو قوله:
٣ - ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾
أي كَالُوا لهم أو وَزنوا لهم تقول: كلتني الطعام، كِلْتُك الطعام، تريد كِلتَ لي، وكلت لك (٣). قال الفراء: وهذا من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم (٤).
وأنشد (أبو عبيدة) (٥):
يصيد قاصدًا والمخُّ رَارُ (٦)
(٢) قال بذلك الطبري في "جامع البيان" ٣٠/ ٩١، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٦، والماوردي في "النكت والعيون": ٦/ ٢٢٦، وانظر أيضا "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٠، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٩، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٦، ونقل الشوكاني قول الواحدي عن المفسرين: "فتح القدير" ٥/ ٣٩٨.
(٣) قال بذلك ابن قتيبة في: "تفسير غريب القرآن" ٥١٩، و"تأويل مشكل القرآن" ٢٢٨، وهو أيضًا معنى قول الفراء في "معانى القرآن" ٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦
(٥) ساقط من (أ).
(٦) نسبه أبو عبيدة إلى خفاف، ونسبه المبرد إلى السليك قاله في رثاء فرسه وكان يقال له النَّخَّام.
وقد ورد في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩، برواية "قافلًا" بدلًا من "قاصدًا".
والبيت كاملًا:
وقال الكسائي يقول: زني كذا، كلني كذا. كالوهم يكيلونهم (١)، ووزنوهم يزنونهم (٢). في موضع نصب (٣). ولا يجوز الوقف على كالوا حتى تصل بـ"هم" كما تقول: ضربهم. ذكر ذلك الفراء (٤)، والزجاج (٥)، وزاد الزجاج فقال: ومن الناس من يجعل "هم" توكيدًا لما في "كالوا" ويجيز الوقف، والاختيار الأول (٦)؛ لأنه لو كان بمعنى "كالوا" "هم" لكان
(١) في (أ): يكيلوهم.
(٢) ورد معنى قوله في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٥، ومعنى قوله: أنه يجعل قوله: "وإذا كالوهم أو وزنوهم" حرفًا واحداً كالوهم أي كالوا لهم، وكذلك وزنوا لهم. "بحر العلوم" المرجع السابق.
(٣) أي الهاء في "كالوهم" و"وزنوهم".
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٧.
(٦) وإلى هذا ذهب: الطبري: "جامع البيان" ٣٠/ ٩١، والماوردي في "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٦، والزمخشري في "الكشاف" ٤/ ١٩٤، والأخفش في "معاني القرآن" ٢/ ٧٣٤ وإليه ذهب أبو عمرو بن العلاء، وهو مذهب أيضا سيبويه. "إعراب القرآن" للنحاس: ٥/ ١٧٤.
قال الزمخشري: ولا يصح أن يكون ضميرًا مرفوعًا للمطففين، لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد، وذلك أن المعنى إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا أعطوهم أخسروا، وإن جعلت الضمير للمطففين انقلب إلى قولك إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا وهو كلام، متنافر، لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر. "الكشاف" ٤/ ١٩٤.
قوله: ﴿يُخْسِرُونَ﴾
أي ينقصون كقوله: ﴿وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ وقد مر (٢).
قال المفسرون (٣): يريد إذا باعوا وكَالوا لغيرهم، أو وزنوا نقصوا في الكيل والوزن. ثم خوفهم فقال:
٤ - ﴿أَلَا يَظُنُّ﴾ (٤) أي ألا يعلم أولئك الذين يطففون.
٥ - ﴿أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ وهو يوم القيامة.
قال ابن عباس: يريد ألا يستيقن المطفف في الكيل والوزن بالبعث يوم القيامة (٥).
ثم أخبر عن ذلك اليوم فقال:
﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ (٦) قال الزجاج: يوم منصوب بقوله "مبعوثون"،
(٢) ومما جاء في تفسير قوله: ﴿وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ الرحمن: ٩، قال ابن عباس، والمفسرون: لا تنقصوا ولا تبخسوا وهذا كقوله تعالى ذكره: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ أي ينقصون وروى أهل اللغة أخسرت الميزان وخسرته.
(٣) والعبارة التي وردت عن بعض المفسرين في معنى يخسرون أي ينقصون، قال بذلك ابن قتية في: "تفسير غريب القرآن": ٥١٩، والطبري في "جامع البيان" ٣٠/ ٩١، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٦.
وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٨، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٠، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٩، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٦.
(٤) ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤)﴾.
(٥) "الوسيط" ٤/ ٤٤١.
(٦) ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقال (٣) الفراء: وقد يكون في موضع خفض إلا أنه أضيف إلى (يفعلُ) فنصب (٤).
وهذا كما ذكرنا في قوله: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ﴾ [الانفطار: ١٩].
وقوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ﴾ أي: من قبورهم (٥).
﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أي لأمره ولجزائه وحسَابه، وروي مرفوعًا، وبه قال جماعة المفسرين أن المعنى يقومون في رشحهم إلى أنصاف آذانهم (٦).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٨.
(٣) في (أ): قال.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٦.
(٥) قال بذلك سعيد بن جبير انظر: "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٧، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٨ وعنه أنه قال أنه جبريل يقوم لرب العالمين، وبعضهم قال يقومون بين يديه للقضاء وقيل غير ذلك "النكت والعيون" المرجع السابق.
(٦) الحديث أخرجه البخاري في: "الجامع الصحيح" ٣/ ٣٢١ - ٣٢٢: ح: ٤٩٣٨: كتاب التفسير: باب: ٨٣ والحديث: عن نافع عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه، كما وردت بنفس المرجع: ٤/ ١٩٧: ح ٦٥٣١: كتاب الرقاق: باب: ٤٧ وأخرجه مسلم في "صحيحه" ٧/ ٢٠١: ح ٦٠: كتاب الجنة وصفة نعيمها: باب: ١٥ والترمذي في "سننه" ٥/ ٤٣٤: ح ٣٣٣٥ و٣٣٣٦، كتاب التفسير: باب: ٧٥، وقال هذا حديث حسن صحيح.
كما ورد هذا الحديث من طريق أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: يعَرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عَرَقهم في الأرض سبعين ذِراعًا ويُلجمهم حتى يبلغ آذانهم، وحده الرواية قد أخرجها:
البخاري "الجامع الصحيح" ٤/ ١٩٧: ح ٦٥٣٢: كتاب الرقاق: باب: ٤٧.
وتمام الكلام هَاهنا (٣). وعند أبي حاتم "كلا" ابتداء يتصل بما بعده (٤).
على معنى حقًا إن كتاب الفجار لفي سجين. وهو قول الحسن (٥).
(١) في (أ): فليس تدعوا.
(٢) ما بين القوسين من قول الزجاج انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٩٨.
(٣) أي عند قوله: "لرب العالمين كلا" فالوقف عند كلا وهو ما ذهب إليه: نصير ومحمد بن جرير قاله النحاس.
انظر: "القطع والائتناف" ٢/ ٧٩٥. وقال أبو عمرو: يوقف عليها ردًا وزجرًا لما كانوا عليه من التطفيف.
"منار الهدى في بيان الوقف والابتداء" ٤٢١، كما عزاه ابن الجوزي هذا القول إلى كثير من العلماء: "زاد المسير" ٨/ ٢١١.
(٤) بمعنى ألا التي للتنبيه يبتدأ بها الكلام، "القطع والائتناف" ٢/ ٧٩٥، "منار الهدى" ٤٢١، وانظر: "علل الوقوف" للسجاوندي: ٣/ ١١٠٥.
(٥) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٥، وانظر: "النكت والعيون" -من غير عزو- ٦/ ٢٢٧.
فالأكثرون على أنه: الأرض السابعة السفلى، وهو قول قتادة (١)، ومقاتل (٢)، ومجاهد (٣)، والضحاك (٤)، وابن زيد (٥)، (ومُغِيث بن سُمَيّ (٦) (٧)، وعبد الله بن عمرو (٨)، وابن عباس (٩) في رواية عطاء) (١٠).
وروي ذلك مرفوعًا من طريق البراء بن عازب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ أ، "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٧، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٢.
(٣) "جامع البيان" ٣٠/ ٩٥، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٨، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٤ وعزاه أيضًا إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) المراجع السابقة عدا "الدر المنثور".
(٥) المراجع السابقة عدا "معالم التنزيل"، و"الدر المنثور".
(٦) مُغِيِثْ بن سُمَيّ الأوزاعي، أبو أيوب الشامي، روى عن عبد الله بن الزبير، وعنه جَبَلَة بن سُحَيْم، ثقة، روى له ابن ماجه، من تابعي أهل الشام.
انظر: "كتاب الثقات" لابن حبان: ٥/ ٤٤٧، "حلية الأولياء" ٦/ ٦٧: ت ٣٢٩، "تهذيب الكمال" ٢٨/ ٣٤٨: ت ٦١٢١.
(٧) ورد قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ٩٤.
(٨) ورد قوله في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٤ وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٩) "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٤ وعزاه إلى ابن أبي حاتم.
(١٠) ما بين القوسين ساقط من (أ).
قال عطاء الخراساني: وفيها إبليس وذريته (٢).
وروى أبو هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سجين جُب في جهنم" (٣)
(٢) "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٣/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥١ من غير عزو، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٥.
(٣) ورد بنحوه في "جامع البيان" ٣٠/ ٩٥ - ٩٦، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٣/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٦، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٧، وقال ابن كثير عنه: وقد روى ابن جرير حديثًا غريبًا منكرًا لا يصح. ثم ساق الحديث المذكور، وفي الإسناد الذي ذكره الطبري مسعود بن موسى بن مسكان الواسطى قال عنه ابن حجر: قال العقيلي إسماعيل وهو من روى عنه لا يعرف ومسعود نحو منه: "لسان الميزان" ٦/ ٢٧. وفيه شعيب بن صفوان بن الربيع الثقفي قال عنه ابن حجر إنه مقبول. -قلت أي ضعيف-. وعن يحيى بن =
وقال عكرمة: (لفي سجين) لفي خسارة (٤).
هذا مَا ذكره المفسرون في تفسير (سجين).
وقال (٥) أبو عبيدة (٦)، والمبرد (٧) ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ لفي حبس (٨).
وهو فِعّيْل من السجن، كما تقول: فسِّيق من الفِسق.
ونحو هذا حكى الزجاج عن أهل اللغة (٩).
الخلاصة: أن سند الرواية ضعيف لوجود مسعود بن موسى وشعيب بن صفوان والله أعلم.
(١) "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٣/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩.
(٢) "جامع البيان" ٣٠/ ٩٦، "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٧، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٤/ أ، النكت والعيون: ٦/ ٢٢٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٥.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٧، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٤/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٧، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥١، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٦، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٥ وعزاه إلى ابن المنذر.
(٥) في (أ): فقال.
(٦) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩ بنصه، والنص لأبي عبيدة.
(٧) "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٣.
(٨) في (أ): جهس.
(٩) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٨.
ضَرْبًا تواصتْ به الأبْطالُ سِجِّينا (٣)
(هو فعيل من السجن كَأنه يلبث من وقع به فلا يبرح مكانه، وقال أبو عمرو: السجين في هذا البيت الشديد. وأما ابن الأعرابي فإنه رواه: سِخيِنًا، أي سُخْنًا) (٤) (٥)
فإذًا ليس السجِّين المذكور في القرآن من كلام العرب، وما كانت تعرفه (٦)، وهو على ما قاله المفسرون، والمعنى: إن كتاب عملهم لا يُصَعد
(٢) تقدم ترجمته في سورة البقرة.
(٣) وصدر البيت كما في الديوان:
وَرَجْلَةِ يَضْربونَ البيض عَن عُرُضٍ
وقد ورد البيت في: ديوانه: ١٣٦: تح: د. تورك برواية: تَواصى به بدلًا تواصت به، مادة: (سجن): "تهذيب اللغة" ١٠/ ٥٩٥،"الصحاح" ٥/ ١٣٣، "لسان العرب" ٣/ ٢٠٣، "تاج العروس" ٩/ ٢٣١.
(٤) سُخْنًا أي الضّرْبَ، "تهذيب اللغة" ١٠/ ٥٩٥: مادة: (سجن).
(٥) ما بين القوسين نقلة عن "تهذيب اللغة" المرجع السابق.
(٦) وقد جمع بعض من المفسرين بين المعنيين، أي بين القول أنها اسم للأرض السابعة السفلى، وبين القول أنها فعيل من السجن، من هؤلاء: ابن جرير الطبري، والماوردي، والزمخشري، وابن كثير، وابن تيميه.
وهذا معنى ما ذكره ابن عباس عن كعب لما سَأله عن تفسير سجين (١)، ومن قال إنه: صخرة تحت الأرض السَابعة قال: فقلت تلك الصخرة فيجعل كتاب الكفار إذا مَات تحتها. ذكره ابن أبي نجيح عن مجاهد (٢)، والكلبي (٣).
والدليل على أن سجين ليس مما كانت العرب تعرفه.
(١) "جامع البيان" ٣٠/ ٩٤، وكان جواب كعب، أما سجين فإنها الأرض السابعة السفلى وفيها أرواح الكفار تحت حد إبليس، وفي رواية أخرى: قال: إن روح الفاجر يُصعد بها إلى السماء فتأبى السماء تقبلها وُيهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فتهبط فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين وهو حد إبليس فيخرج لها من سجين من تحت حد إبليس رَقّ فيرقم ويختم يوضع تحت خد إبليس بمعرفتها الهلاك إلى يوم القيامة، وانظر أيضا: "الكشف والبيان": ج ١٣: ٥٣/ أ - ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٥، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٣، وعزاه إلى ابن المبارك في: الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٢) سبق ذكره في أول تفسير هذه الآية.
(٣) سبق ذكره في أول تفسير هذه الآية.
٩ - (وقوله) (٤): ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾، (٥) ذكر الكلبي (٦)، (ومقاتل (٧) (٨) أن هذا تفسير وبيان للسجين. قال الكلبي: ثم أخبره فقال: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ (٩).
وهذا بعيد؛ لأنه لا يمكن أن يجعل الكتاب المرقوم تفسير لسجين وليس السجين من الكتاب المرقوم في شيء على ما حكينا عن المفسرين في تأويله (١٠).
والوجه أن نجعل هذا بيانًا للكتاب المذكور في قوله: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي﴾ على تقدير: هو كتاب مرقوم، يعني كتاب الفجار.
(٢) قال القرطبي: وليس في قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ ما يدل على أن لفظ سجين ليس عربيًا، ونفى أن يكون في القرآن لفظ غير عربي. "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٥٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٨ بنصه.
(٤) ساقط من (ع).
(٥) ورد قول أبي إسحاق السابق ذكره في الآية: ٨، وهو مكرر، وليس هذا بموضعه، وإنما موضعه كما مر عند تفسير آية: ٨
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ أ.
(٨) ساقط من (أ).
(٩) لم أعثر على مصدر لقوله.
(١٠) قال ابن كثير عن القرظي وقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ ليس تفسيرًا لقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد.
"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٨.
وقال أبو العباس (١): ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ أي مكتوب، وأنشد (٢):
ويُحْضِرُ فوق جُهْدِ الحُضْرِ نَصًّا | يصيدكَ قافلًا والمخُّ رَارُ |
سأُرقُمُ في المَاءِ القُرَاحِ إليكُمُ | على بُعدِكُم إن كان في الماء راقم (٣) |
وأما التفسير، فقال قتادة: رُقِم لهم بشرٍّ (٥). ونحوه قال مقاتل (٦).
وعلى هذا من الرقم. الذي هو العلامة، كأنه أعلم بعلامة يعرف بها أنه لكَافر. ويجوز أن يكون المعنى: مرقوم في سجين، على قول من يقول: إنها صخرة.
(٢) بيت الشعر لأوس بن حجر.
(٣) ورد في البيت في ديوانه: ١١٦ برواية: "بالماء" بدلًا من: "في الماء"، و"على نأيكم" بدلًا من "على بعدكم"، و"للماء" بدلًا من "في الماء".
مادة: (رقم) في: "تهذيب اللغة" ٩/ ١٤٣، "مقاييس اللغة" ٢/ ٤٢٥، "لسان العرب" ١٢/ ٢٤٨، وفي "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٦، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٠، وكلها برواية "للماء" بدلًا من "في الماء"، وفي معجم المقاييس رواية "على نأيِكُمْ" بدلًا من "على بعدكم".
(٤) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ٩/ ١٤١ - ١٤٢: مادة (رقم)، وانظر أيضا "لسان العرب" ١٢/ ٢٤٨: مادة (رقم).
(٥) "جامع البيان" ٣٠/ ٩٦، "الكشف والبيان" ج: ١٣: ٥٤/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٦، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٤، وعزاه إلى عبد بن حميد، "فتح القدير" ٥/ ٣٩٩.
(٦) ورد معنى قوله في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "فتح القدير" ٥/ ٣٩٩.
وهذا معنى قول الكلبي: مكتوب في صخرة تحت الأرضين (١).
ويدل على هذا ما روى عن البراء مرفوعًا قال: يقول الله اكتبوا كتابه في سجين (٢). وذكر أيضًا أن المرقوم معناه: -هَاهنا- المختوم (٣). وهو صحيح، لأن الختم علامة، فيجوز أن يسمى المختوم مرقومًا (٤)، و ﴿سِجِّينٌ﴾ على قول من يقول إنه اسم لصخرة إنما صرف ذهَابًا إلى الحجر الذي فيه الكتاب، فلا يجتمع التأنيث، والعجمة. ذكره الفراء (٥).
وذكر بعض المفسرين -أيضًا- أن معنى الكتاب مثبت عليهم، كالرقم في الثوب لا ينمحي (٦).
١٠ - فقال: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾، ذكر صاحب النظم: أن هذا منتظم بقوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ وإن قوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ﴾ ما اتصل به، معترض بينهما:
(٢) سبق تخريجه. عند تفسير قوله "سجين".
(٣) وهو قول الضحاك قال: مرقوم، مختوم بلغة حمير. "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٦.
(٤) والرقم في اللغة الكتابة والختم. انظر: "الصحاح" ٥/ ١٩٣٥: مادة: (رقم).
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٦، ونص قوله: ذكروا أنها الصخرة التي تحت الأرض ونرى أنها صفة من صفاتها، لأنه لو كان لها اسمًا لم يجر، وإن قلت: أجريته، لأني ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجهًا.
(٦) وهذا القول ورد في "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٤/ أ، وانظر أيضًا: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٤.
١١ - ثم أخبر بهم فقال: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ﴾ وهو ظاهر، إلى قوله: "كلا" قال مقاتل: أي لا يؤمن (٢).
١٤ - ثم استأنف: ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
قال أبو عبيدة: ران على قلوبهم غلب عليها، والخمر تريِن على قلب السكران، والموت يَرين على الميِّت فيذهب به، وأنشَد لأبي زُبيد (٣) فقال (٤):
ثمَّ لَمَّا رَآه رانتْ به الخمر | وأن لا تَرِينَهُ باتِّقاءِ (٥) (٦) |
وقال الليث: ران النعاس، والخمر في الرأس: إذا رسخ فيه، وهو
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩.
(٣) أبو زبيد هو المنذر بن حَرْملة من طيء وكان جاهليًا قديمًا وأدرك الإسلام إلا أنه لم يُسلم ومات نصرانيًا، وكان من المعمرين، يقال أنه عاش ١٥٠ سنة، وكان نديم الوليد بن عُقبة. ولم يصف أحد من الشعراء الأسد وصفه.
انظر: "الشعر والشعراء" ١٨٥.
(٤) ساقط من (ع).
(٥) ورد البيت تحت مادة: (رين) في: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥، "لسان العرب" ١٣/ ١٩٣، "تاج العروس" ٩/ ٢٢٣، "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ ب، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٨، "الحجة" ٦/ ٣٨٦، وكتب التفسير. برواية "وألا" بدلًا من "أن".
(٦) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩.
(٧) بيت الشعر وبيان معناه نقله عن "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: مادة: (رين).
قال أبو زيد: يقال رِين بالرَّجُل رَيْنًا، إذا وقَع فيما لا يَستطيع الخروج منه ولا قِبلَ له به (٣).
وقال أبو عبيد (٤): كل ما غَلبك وعَلاك فقد ران بك، وران عليك، وأنشد بيت أبي زُبَيْد (٥).
وقال أبو معَاذ النحوي: الرين، أن يسوَّد القلب من الذنوب، والطبع أن يطبع على القلب، وهو أشد من الرين، والإقفال أشد من الطبع وهو أن يقفل على القلب (٦).
وقال الفراء: هو أنه كثرت المعاصي والذنوب فأحاطت بقلوبهم فذلك الرَّين عليها (٧).
وقال أبو إسحاق: ران على قلوبهم بمعنى غطى على قلوبهم، يُقال
(٢) ورد في: "البداية والنهاية" ٢/ ٢٩٠ - ٢٩١، كما ورد في كتب اللغة السابق ذكرها، وانظر أيضًا "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٨.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: مادة: (رين)، "الصحاح" ٥/ ٢١٢٩: مادة: (رين)، "لسان العرب" ١٣/ ١٩٢: مادة: (رين).
(٤) في (أ): أبو عبيدة.
(٥) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: مادة: (رين).
(٦) ورد قوله في: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: ممادة: (رين)، وانظر: "لسان العرب" ١٣/ ١٩٣: مادة: (رين)، "تاج العروس" ٩/ ٢٢٣: مادة: (رين)، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٠.
(٧) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٦ بيسير من التصرف.
قال الحسن (٣)، ومجاهد (٤) هو: الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه فيموت القلب، ونحو هذا قال مقاتل: غمر بها أعمالهم الخبيثة (٥)، ومن المفسرين من يجعل الرين: الطبع (٦)،
وفي اللسان: وغين على قلبه غَيْنًا: تغشَّتْه الشهوة، وقيل غِين على قلبه غُطِّي عليه وأُلْبِسَ. ١٣/ ٣١٦: مادة: (غين).
وعن ابن تيمية أنه قال: الغين ألطف من الرين، واستدل بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله سبعين مرة. "صحيح مسلم" ٤/ ٢٠٧٥: كتاب الذكر: باب ١٢ "مجموع الفتاوى" ١٧/ ٥٢٣.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٩ بيسير من التصرف.
(٣) ورد بنحو من قوله في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٦، "جامع البيان" ٣٠/ ٩٨، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "الكشاف" ٤/ ١٩٦، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٥، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤١، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٨، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٠٤، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٧، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٠.
(٤) ورد معنى قوله في: "تفسير الإمام مجاهد" ٧١١، "جامع البيان" ٣٠/ ٩٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٧، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٨، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٥، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٧ وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) وهو قول ابن عباس في معنى: الران: قال: هو الطبع. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٩٩، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، والكلبي في "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٨.
١٥ - قوله (تعالى (٥)): ﴿كَلَّا﴾ (٦) قال ابن عباس: يريد لا
وفي "القاموس المحيط" ١/ ٢٠ (صدأ): الصدأ: الحديد علاه الطبع والوسخ.
(٢) في (أ): كالصدأ.
(٣) ورد معنى قوله في "الوسيط" ٤/ ٤٤٥، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٥ وعزاه إلى آخرين.
(٤) إسناده حسن، والحديث أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" ٢/ ٢٩٧، ولفظه كما ورد عنده، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ذاك الرين الذي ذكر الله -عز وجل- في القرآن: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
وابن ماجه في: سننه ٢/ ٤٣٧: ح ٤٢٩٨: أبواب الزهد: باب: ٢٩، والترمذي في "سننه" ٥/ ٤٣٤: ح ٣٣٣٤: كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة ويلٌ للمطففين، وقال هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في: تفسيره: ٢/ ٥٠٥: ح ٦٧٨ والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٥١٧: كتاب التفسير: تفسير سورة المطففين، وقال عنه حديث صحيح، ووافقه الذهبي، وابن حبان في "موارد الظمآن" ٤٣٩/ ح ١٧٧١.
وقال الألباني: حسن، انظر: صحيح سنن ابن ماجه: ٢/ ٤١٧: ح ٣٤٢٢. كما خرج له في كتب التفسير: أسوق منها: "جامع البيان" ٣٠/ ٩٨، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٤/ ب، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٨، وعزاه إلى الترمذي وقال حسن صحيح والنسائي وأحمد، و"الدر المنثور" ٨/ ٤٤٥، وزاد السيوطي نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، والبهيقي، "شعب الإيمان" ٥/ ٤٤٠: ح ٧٢٠٣: فصل في الطبع على القلب أو الرين.
(٥) ساقط من (ع).
(٦) ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾.
ثم استأنف: ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾
قال مقاتل: يعني أنهم بعد العرض والحسَاب لا ينظرون إليه، وينظر المؤمنون إلى ربهم (٢).
وقال الكلبي: يقول إنهم عن النظر إلى رؤية ربهم لمحجوبون، والمؤمن لا يحجب عن رؤيته (٣).
وقال أبو علي البجلي (٤): كما حجبهم في الدنيا عن توحيده، حجبهم في الآخرة عن رؤيته (٥).
وسئل مَالك بن أنس عن هذه الآية: لمَّا حجب أعداءه فلم يروه، تجلى (٦) لأوليائه حتى رأوه (٧).
وروى مالك لنا عن الشافعي -رحمه الله (٨) - أنه أجاب في هذه الآية لمَّا حجب قومًا بالسُّخْطِ دل على أن قومًا يرونه بالرضا (٩).
(٢) ورد بنحو قوله في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٧.
(٣) المرجع السابق، وفي "الوسيط" ٤/ ٤٤٦ عزاه إلى الكلبي عن ابن عباس.
(٤) أبو علي البجلي هو الحسين بن الفضل بن عمير البجلي -سبقت ترجمته.
(٥) "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٥/ أ، "معالم التنزيل" ٥/ ٤٦٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٩، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٠.
(٦) غير واضحة في (ع).
(٧) ورد قوله في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢.
(٨) في (ع): -رضي الله عنه-.
(٩) "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٩، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦١، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤١، "روح المعاني" ٣٠/ ٧٣.
وقوم ذهبوا إلى (أن) (٢) معنى أنهم محجوبون عن رحمة الله وما أعد لأوليائه من النعيم (٣).
قال السفاريني: لم يمتنع سبحانه من أن يمكن عباده من رؤيته في دار القرار إلا عن الكافر بالله -تعالى- وبكل مكفر اتصف به فكل من حكم الشرع بكفره فهو محجوب عن رؤية ربه، قال علي بن المديني: سألت عبد الله بن المبارك عن رؤية الله تعالى، فقال ما حجب الله -عز وجل- أحدًا عنه إلا عذبه ثم قرأ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)﴾ قال بالرؤية.
"لوامع الأنوار" ٢/ ٢٤٥.
والرؤية حق لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ (القيامة: ٢٢ - ٢٣) وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلى كل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا.
قاله الطحاوي. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ٢٦ - ٢٧.
(١) ساقط من (ع).
(٢) ساقط من (أ).
(٣) قال بهذا القول: المعتزلة، ونفاة الرؤية. انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٧، "رؤية الله تعالى": د. آل حمد: ٢٢١.
ومن أمثلة قائليه من أصحاب هذه الفرقة: عبد الجبار قال في معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ إنهم ممنوعون من -رحمة الله-؛ لأن الحجب هو المنع، ولذلك يقال فيمن يمنع الوصول إلى الأمير: إنه حاجب له، وإن كان الممنوع مشاهدًا له، وقال أهل الفرائض في الأخوة إنهم يحجبون الأم عن الثلث =
رؤية الله تعالى د. آل حمد: ٢٢١، نقلًا عن "متشابه القرآن" لعبد الجبار: ٦٨٣، وانظر: تفسير الفخر: ٣١/ ٩٦، وقال الزمخشري أيضًا: كلا ردع عن الكسب الرائن على قلوبهم، وكونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم واهانتهم لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء المكرمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء المهانون عندهم. "الكشاف" ٤/ ١٩٦.
وقد ذهب بعض المفسرين كابن عباس إلى القول أنهم محجوبون عن رحمة الله وذهب إليه أيضًا قتادة، وابن أبي مليكة، ومجاهد، ولكن هذا القول منهم على خلاف ما ذكرت المعتزلة من نفي الرؤية إطلاقاً، إذ قوله: وإنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون تحمل معانٍ عدة وليس فيها دلالة ظاهرة ولا دليل يخصص عمومها. كغيرها من الآيات نحو ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾.
ومما يدل على أنهم يثبتون هؤلاء المفسرين من الصحابة والتابعين قول ابن عباس في معنى الآية قال: إنهم عن النظر إلى ربهم يومئذ لمحجوبون، والمؤمن لا يحجب عن رؤيته.
والخلاصة: قال ابن جرير: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال هم محجوبون عن رؤيته، وعن كرامته إذ كان الخبر عامًا لا دلالة على خصوصه. "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٠ - ١٠١.
ولكن ثبت بالأخبار التي بلغت حد التواتر المعنوي عن المصطفى رؤية المؤمنين لربهم تبارك وتعالى في الدار الآخرة لهذا ذهب جمهور المفسرين إلى تفسير حجب الكفار عن ربهم في الآية بالمنع من رؤيته، فمفهوم الآية يدل على ما دل عليه صريح الآيات المثبتة لرؤية المؤمنين لربهم والأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها بين علماء السنة والحديث كذلك فيها النص الصريح على رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة. - (قلت: سبق ذكر الأدلة في سورة القيامة آية ٢٣) - انظر: "رؤية الله تعالى" د. آل حمد: ٢٢٢
١٧ - ثم يقول لهم الخزنة: ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾.
١٨ - ﴿كَلَّا﴾ (٢) قال مقاتل: لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه (٣).
(ثم أعلم أين محل كتاب الأبرار، فرفع كتابهم على قدر مرتبتهم، كما خَسّسَ كتاب الفجار بقوله:
١٨ - ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾) (٤) قال مقاتل: يعني المطيعين لله (٥).
واختلفوا في تفسير "عليين": فقال ابن عباس (في رواية الوالبي (٦)): هو الجنة (٧).
وقال في رواية عطية: هي السماء (٨). (وقال في رواية عطاء: هي
(٢) ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾.
(٣) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، ولم أعثر على قوله في تفسيره.
(٤) ما بين القوسين نقلًا عن "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٩.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله من غير عزو في "الوسيط" ٤/ ٤٤٧، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢، وقد سبق بيان معنى الأبرار في سورة الانفطار: ١٣.
(٦) ساقط من (أ).
(٧) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٢، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، عن عطاء عن ابن عباس، وكذا في "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦١، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩.
(٨) ورد معنى قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩.
وقال قتادة (٣)، ومقاتل (٤): هي قائمة العرش اليمنى فوق السماء السابعة.
وقال الضحاك: هي سدرة المنتهى (٥). وقال مجاهد: في السماء السَابعة (٦) (هذا قول المفسرين) (٧).
وأما أهل اللغة والمعاني، فقال الفراء: يعني ارتفاعًا بعد ارتفاع لا غاية له (٨).
وله رواية في أنها السماء السابعة. انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٦، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٢، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠ "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٨، وعزاه أيضا إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ أ، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، وعبارته فيهما: قال لفي ساق العرش، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨.
(٥) المرجعان السابقان عدا "تفسير مقاتل"، وانظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٢، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٨، مطولًا وعزاه إلى عبد بن حميد، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢.
(٦) "تفسير الإمام مجاهد" ٧١٢، "جامع البيان" ٣٥/ ١٠١، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، "الجامع الأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٧، بنصه.
وأما إعراب ﴿عليين﴾ فقال الفراء: إذا جمعت جمعًا (٤) لا يذهبون فيه إلى أن له بناءً (٥) من واحد، واثنين -قالوا- في المؤنث، والمذكر بالنون، لأنه جمع لما لا يحد واحده نحو ثلاثون، وأربعون، وكذلك قول الشاعر:
قد رَوِيتْ إلا دُّهَيْدهيْنا | قُلَيِّصاتٍ وَأُبَيْكرِينْا (٦). |
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٩.
(٣) ورد بنحوه في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨ وعزاه إلى آخرين، كما ورد معناه في "لسان العرب" ١٥/ ٩٤: مادة: (علا). قال: وقيل: أراد أعلى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله في الدار الآخرة، وقال ابن كثير: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩ قال الطبري: والصواب أن يقال في ذلك كما قال جل ثنائُه: إن كتاب أعمال الأبرار لفي ارتفاع إلى حد قد علم الله جل وعز منتهاه، ولا علم عندنا بغايته غير أن ذلك لا يقصر عن السماء السابعة لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٣.
(٤) وهذا قول العرب، قاله الفراء في: معانيه: ٣/ ٢٤٧.
(٥) غير واضحة في: ع.
(٦) ورد البيت في "معاني القرآن" الفراء: ٣/ ٢٤٧ برواية الدهيدهينا بدلًا من دهيدهينا، وانظر: مادة: (دهده) في: "تهذيب اللغة" ٥/ ٣٥٧، "الصحاح" ٦/ ٢٢٣٢، "لسان العرب" ٣/ ٤٩٠، "المخصص" لابن سيده: م ٢/ ٧: ٢٢ و٦١ وفيه، قد رويت غير الدهيدهبنا. "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠، برواية قد شربت الادهيدهبنا، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٣ برواية: الدهيدهبنا، كتاب سيبويه: ٣/ ٤٩٤.
قال البغدادي في "الخزانة" ٣/ ٤١٠ وهذا الرجز مع كثرة الاستشهاد به لم يعرف قائله، وفي جميع المراجع السابقة لم ينسب.
وقال الزجاج: إعراب هذا الاسم، كإعراب الجمع؛ لأنه لفظ الجمع، كما نقول: هذه قِنَّسْرون، ورأيت قنّسرين (٣).
وقال أبو الفتح الموصلي: "عِلّيِيّنَ" جمع "عِلِّيّ" وهوَ فِعِّيْل من العُلُوّ، وكأنه مما كان سبيله أن يكون عِلّيّة، فيُذهب بتأنيثه إلى الرِّفْعَة والنَّبَاوة كما قالوا: للغرفة: عِلّية (٤)؛ لأنها من العُلُوّ فلمَّا حذفت الهاء من "علِّىّ" عوضوا منها الجمع، بالواو، والنون، كما قلنا في أرضين (٥)، وقدم تقدم القول في هذا الكتاب (٦).
٢٠ - وقوله (تعالى) (٧): ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾
(ليس بتفسير "عليين" (٨)، والكلام كما ذكرنا فيما تقدم.
المعنى: الدَّهداه: حاشية الإبل. وقُلَيّصات، جمع قُلَيِّص، وهو تصغير قَلُوص وهي الناقة الشابة، وأبيكرين: جمع أبيكر، وهو تصغير أَبْكُر وهذا جمع بَكْرٍ، وهو في الإبل بمنزلة الشاب في الناس. شرح أبيات "معاني القرآن" ٣٦٤.
(١) في (أ): وحدود لمعلوم.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٧.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠.
(٤) في (أ): عليية.
(٥) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٢٥ - ٦٢٧ نقله عنه باختصار.
(٦) راجع في ذلك: المرجع السابق: ٢/ ٦١٣ - ٦١٦.
(٧) ساقط من (ع).
(٨) قال النحاس: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨)﴾ قطع كاف. "القطع والائتناف" ٢/ ٧٩٦، وانظر: "منار الهدى" الأشموني: ٤٢٢.
أحدهما: أن الكتاب المرقوم كتاب أعمالهم (٣).
والثاني: أنه كتابه في عليين كتب هناك مَا أعد الله لهم من الكرامة والثواب (٤).
وهو معنى قول مقاتل: مكتوب (٥) لهم بالخير في سَاق العرش (٦).
وروي عن ابن عباس أنه قال: هو مكتوب في لوح من زبرجده (٧) معلق تحت العرش (٨).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ورد هذا القول من غير عزو في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨، وورد معناه عن عطية في "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٥/ ب.
(٤) ورد هذا القول من غير عزو في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨. ونصه "أنه كتاب موضوع في عليين كتب فيه ما أعد الله لهم من الكرامة والثواب".
(٥) مكتوب: كررت في نسخة: أ.
(٦) ورد قوله في "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ أ، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٥/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠.
(٧) زبرجده: الزَّبرجد: جوهر معروف -قاله الجوهري- "الصحاح" ٢/ ٤٨٠: مادة: (زبرجد)، انظر: "القاموس المحيط" ١/ ٢٩٦: مادة: (زبرجد). وفي اللسان: الزَّبرجد: الزُّمزُّد. ٣/ ١٩٤: مادة: (زبرجد).
الزبرجد حجر يشبه الزمرد، وهو ألوان كثيرة، والمشهور منها الأخضر المصري، والأصفر القبرسي.
"الوافي" للبستاني: ٢٥٤ - لم أجد تعريفًا جيدًا إلا عند الوافي- وبقية المراجع تذكر أنه حجر معروف.
(٨) ورد بنحو قوله في "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٥/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، =
ويدل على هذا المعنى قوله:
٢١ - ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ يعني: الملائكة الذين هم في عليين يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب (٢).
ومن قال إنه كتاب الأعمال قال: يشهد ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين المقربون من الملائكة، كرامة للمؤمنين (٣).
وقوله (٤) تعالى: ﴿يَنْظُرُونَ﴾ (٥) أي إلى ما أعطوا من النعيم والكرامة (٦).
(١) ورد بنحوه في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨ وقد عزاه إلى آخرين.
(٢) ورد معنى هذا القول عن: ابن عباس، والضحاك، وابن زيد. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٤، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٢، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢. وذهب إليه السمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٨، والثعلبي في "الكشف والبيان" ج: ١٣/ ٥٦/ أ.
(٣) قال بذلك عطية وعبارته: أعمالهم في كتاب الله عند الله في السماء. "الكشف والبيان" ج: ١٣/ ٥٥/ ب.
(٤) في (أ): قوله.
(٥) ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾.
(٦) وهو قول ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٢، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٢، وول قال الثعلبي في "الكشف والبيان" ج: ١٣/ ٥٦/ أ.
(قوله تعالى): ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)﴾ قال: إذا رأيتهم عرفت أنهم أهل نعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض (٢).
قال عطاء: وذلك أن الله -تعالى- زاد في جمالهم، وفي ألوانهم ما لا يصفه واصف (٣).
وتفسير النضرة قد سبق عند قوله: "ناضرة" (٤).
قوله تعالى: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ﴾ (٥) قال الليث: الرَّحِيق الخَمْر (٦)، وأنشد لحسان:
بردى (٧) يُصَفّقُ، بالرَّحِيِق السَّلْسَلِ (٨)
(٢) وبمثل قوله قال الطبري في "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٥، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٨، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٥، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦١.
(٣) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠.
(٤) انظر: سورة القيامة: ٢٢.
(٥) يسقون من رحيق مختوم.
(٦) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٧: مادة: (رحق)، ولم ينشد لحسان.
(٧) في (أ): بردًا
(٨) صدر البيت: * يَسْقونَ من وَرَدَ البَريص عليهم *
وقد ورد البيت في: ديوانه: ١٨٠ دار صادر، "لسان العرب" ١٠/ ٢٠٢: مادة: (صفق)، "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠ برواية بردًا، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٥، =
ونحو هذا قال المفسرون في الرحيق أنه: الخمر (٥).
قوله تعالى: ﴿مَخْتُومٍ﴾
قال أبو عبيدة (٦)، والمبرد (٧)، (والزجاج (٨)) (٩) يعني الذي له ختام،
معنى البيت: البريص: نهر بدمشق. وقوله بردى: أراد ماء بردى، وهو نهر في دمشق، ويروى بردًا أي ثلجًا أي باردًا، يصفق: يمزج، الرحيق: الخمر. السلسل: اللينة السهلة الدخول في الحلق. شرح ديوان حسان: وضعة عبد الرحمن البرقوقي: ٣٦٢.
(١) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩.
(٢) "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢.
(٣) "معانى القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٥.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) قال بذلك: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، والحسن، ومقاتل، وابن مسعود.
انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٥ - ١٠٦، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩، وعزاه الماوردي إلى جمهور المفسرين: "النكت والعيون" ٦/ ٢٣٠، وكذلك ابن الجوزي: "زاد المسير" ٨/ ٢٠٥. وانظر: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، وهناك قول آخر: قال الحسن: أنه عين في الجنة مشوبة بالمسك، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣٠، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٥.
(٦) "مجاز القرآن" ٢/ ١٩٠، ونص له.
(٧) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠ - ٣٠١.
(٩) ساقط من (أ).
مَّمّا يِفَتّق في الحانوتِ ناطِفُها | بالفُلفُل الجَوْنِ (١) والرُّمَّان مختومٌ (٢) |
وروى عن عبد الله في مختوم: ممزوج (٣)، وهو معنى وليس بتفسير، لأن الختم لا يكون تفسيره المزج ولكن لما كان له عاقبة بريح المسك، فسره بالممزوج، لما يوجد معه من ريح المسك، ولو لم يمازجه لم يعلق به ريحه.
وقال مجاهد: مختوم: مطين (٤)، كأنه ذهب إلى معنى الختم بالطين ويكون المعنى على هذا: أنه ممنوع من أن تمسَّه يد إلى أن ينفك ختمه للأبرار.
٢٦ - ثم فسر المختوم بقوله: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ (٥)
(٢) لم ينشد أبو عبيدة في مجازه بيت الشعر، وإنما أورد صاحب الحجة قول أبي عبيدة، ثم أتبعه بيت القصيد لابن مقبل، انظر: "الحجة" ٦/ ٣٨٧ وقد ورد البيت منسوبًا إلى ابن مقبل في: ديوان ابن مقبل: ٢٦٨ براوية "في النَّاجُودِ نَاطِلُهَا" بدلًا من "الحانوت ناطِفها"، "الحجة" ١/ ٢٩٢ - ٢٩٤ - ج ٦/ ٣٨٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣ برواية "الجوز" بدلا من "الجون"، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣٠ غير منسوب، وذكرته تلك المراجع عند تفسير قوله ختامه مسك ومعناه:
ترقرف: أي تتلألأ. الناجود: رواق الخمر الذي تصفى وتعتق منه. الناطل: مكيال الخمر. الجون: بمعنى الأسود هاهنا. والمعنى: آخر ما تجد من طعم هذه الخمر هو طعم الفلفل والرمان، أي ختامها طعم الفلفل والرمان.
(٣) "النكت والعيون" ٦/ ٢٣٠، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٥، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١، وعزاه إلى ابن المنذر.
(٤) "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٦/ أ، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢.
(٥) ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
وهذا اختيار جميع أهل المعاني (١٢)، قالوا: ختامه: عاقبته
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٦، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) ورد معنى قوله في "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١ وعزاه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢، "تفسير سعيد بن جير" ٣٦٩.
(٦) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠.
(٧) ساقط من (أ).
(٨) ورد معنى قوله في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٦، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٦، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٦/ أ، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١ وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.
(٩) "جامع البيان" ٣٥/ ١٠٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٠٦.
(١٠) ساقط من (أ).
(١١) ساقط من (أ).
(١٢) ورد معنى هذا القول عن: الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٨ قال: إن أحدهم إذا شرب وجد آخر كأسه ريح المسك. وعن أبي عبيدة قال: ختامه عاقبته.
(والمعنى: إنهم إذا شربوا هذا الرحيق ففنى (٢) ما في الكأس وانقطع الشرب انختم ذلك بطعم المسك ورائحته) (٣). (والمعنى لذاذة (٤) المقطع (٥)، وذكاء الرائحة وأرجها مع طيب الطعم) (٦).
والختام آخر كل شيء، ومنه يقال: ختمت القرآن، والأعمال بخواتيمها، ونحو ذلك الخاتَم والخاتِم، وهو قراءة علي -رضي الله عنه- (٧)، (واختيار الكسائي (٨) فإنه يقرأ خَاتَمُهُ مِسكٌ أي آخره، كقوله: ﴿خاتم النبيين﴾ (٩).
قال الفراء: وهما متقاربان في المعنى (١٠) إلا أن الخَاتِم الاسم،
(١) ساقط من (أ).
(٢) في (أ): بقى.
(٣) ما بين القوسين قول الزجاج انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠ - ٣٠١.
(٤) في (أ): ارادَه.
(٥) في (أ): المطعم.
(٦) ما بين القوسين من قول أبي علي من: "الحجة" ٦/ ٣٨٧.
(٧) وردت قراءة علي -رضي الله عنه- في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٢.
(٨) قرأ الكسائي وحده بفتح الخاء والتاء والألف بينهما.
وقرأ الباقون خِتَامُهُ مِسْك بكسر الخاء والألف بعد التاء. انظر: كتاب "السبعة" ٦٧٦، "الحجة" ٦/ ٣٨٦ - ٣٨٧، "حجة القراءات" ٧٥٥، "الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٣٦٦، "المهذب" ٢/ ٣٢٧.
(٩) ما بين القوسين نقله عن أبي علي، انظر: "الحجة" ٦/ ٣٨٧.
(١٠) يعني القراءة بالخاتم والختام.
وقال عبد الله: خلطه مسك (٢).
وقال مجاهد: طينه مسك (٣)، وهو قول ابن زيد، قال: ختامه عند الله مسك، وختامها اليوم في الدنيا طين (٤).
٢٦ - ثم رغب فيه فقال: (قوله تعالى) (٥): ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾، يقال: نَفِسْت عليه الشيء أنفسه نفاسهَ إذا ضننت به ولم تحب أن يصير إليه (٦).
والتنافس: تفاعل منه كأن كل واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به دون صَاحبه وهو تمني كل واحد من النفيسين أن يكون له (٧).
(٢) ورد معنى قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٦، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١ وعزاه إلى الفريابي والطبراني والحاكم والبيهقي، "المستدرك" ٢/ ٥١٧، كتاب التفسير: تفسير سورة المطففين: وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) ورد قوله في: تفسير مجاهد: ٧١٢ وعنه برواية أخرى طيبه مسك، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٢٠ وعنه طيبه مسك.
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣.
(٥) ساقط من (ع).
(٦) نقله عن "تهذيب اللغة" ١٣/ ٩: نفس وهو من قول الأصمعي، وانظر: "لسان العرب" ٦/ ٢٣٨.
(٧) وهذا القول بمعنى ما ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٧/ أ، قال، وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس وتطلبه وتتمناه ويريده كل واحد منهم لنفسه، وينفس به على غيره أي يضن.
٢٧ - قوله تعالى: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾، أي مَا يمزج به ذلك الشراب من تسنيم، وهو اسم عين في الجنة. (قاله عبد الله (٣)) (٤): وهو قول أكثر المفسرين (٥).
وروى ميمون بن مهران أن ابن عباس سئل عن قوله: "تسنيم"، فقال: هذا مما يقول الله: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: ١٧] (٦).
(٢) وممن قال بمعنى ذلك من المفسرين: المقاتلان، وعطاء، وزيد بن أسلم، ومجاهد، وأبو بكر بن عياش، والكلبي انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٨، "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٨، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٦/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣١، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٤، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٢٠.
(٣) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٨، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٤، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٢، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥٢، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن المبارك، وسعيد ابن منصور، وهناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) منهم: مسروق، ومالك بن الحارث، وابن عباس، وقتادة، وابن زيد، وحذيفة بن اليمان، والحسن، وأبو صالح، وعطاء.
"جامع البيان" ٣٠/ ١٠٩ - ١١٠، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥٢ وعزاه إلى ابن المنذر، "كتاب البعث" للبيهقي: ٢٠٩: رقم ٣٣٠.
(٦) ورد قوله في "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠١، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٢، ووردت هذه =
وعلى هذا لا يعرف له اشتقاق، وهو اسم معرفة كالتنعيم (٢) (٣).
وذكر أهل المعاني، وجماعة من المفسرين اشتقاقه، قال مقاتل: هو مَا يتسنم (فينصب) (٤) عليهم انصبابًا من فوقهم (٥). (وهو قول مجاهد (٦)) (٧).
وقال أهل المعاني: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ (أي يتنزل عليهم من معَالٍ) (٨) و (تَتسنمُ (٩) عليهم من فوق الغرف) (١٠).
(١) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٩، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠١، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٠٦.
(٢) التَّنْعِيْم: موضع بمكة في الحل، وهو بين مكة وسرِف، منه يحرم المكيون بالعمرة. "معجم البلدان" ٢/ ٤٩، "معجم ما استعجم" للبكري: ١/ ٣٢١.
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٧/ أ.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ ب، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٦، وبمثله قال الكلبي انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٣٩.
(٦) "تفسير الإمام مجاهد" ٧١٣ وعبارته: التسنيم يعني تسنيم يعلو شراب أهل الجنة، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣.
(٧) ساقط من (أ).
(٨) ما بين القوسين قول الفراء: "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٩.
(٩) تنسم، هكذا وردت عند الزجاج في افسخة المطبوعة، أما المخطوط فقد وردت بمثل ما أثبته وبمثل ما جاء عن الواحدي، راجع ذلك: "معاني القرآن وإعرابه" ٢٧/ أ.
(١٠) ما بين القوسين قول الزجاج: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠١.
وموضوع هذه الحروف على هذا الترتيب (للعُلو، والارتفاع، ومنه سنام البعير. وتسنمت الحائط، إذا علوته) (١).
وهذا معنى قول مجاهد في رواية ابن أبي نجيح: تسنيم يعلو عليهم من فوقها (٢).
٢٨ - (وقوله (٣) تعالي) (٤): ﴿عَيْنًا﴾ (٥)
في انتصابه وجوه: إن جعلنا "التسنيم" اسمًا للماء، فـ"عينًا" تنتصب على وجهين، أحدهما: أعْني عينًا.
والثاني على الحال، والقطع؛ لأن "تسنيم" معرفة، وعينًا نكرة، وإن جعلنا التسنيم مشتقًا من السنام انتصب "عينًا" على أنه مفعول له، كما قال: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا﴾ [البلد: ١٤ - ١٥] ويجوز أن يكون منصوبًا بقوله "يسقون عينًا"، أي من عين. وهذا قول الفراء (٦) والزجاج (٧)، (والأخفش) (٨) (٩).
(٢) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٨ قال: تسنيم يعلو.
(٣) في (أ): قوله.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٥) ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾.
(٦) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٩.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠١.
(٨) "معاني القرآن" ٢/ ٧٣٤ - ٧٣٥.
(٩) ساقط من (أ).
(كقوله ﴿يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ (٢) -وقد مر (٣).
قال عبد الله: يشرب بها المقربون) (٤) صرفًا، ويمزج لأصحاب اليمين (٥).
ونحو ذلك قال مالك بن الحرث (٦) (٧)، ومقاتل (٨)
٢٩ - وقوله (تعالى) (٩) ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا﴾ (١٠)، يعني كفار
(٢) سورة الدهر: آية ٦، الشاهد قوله تعالى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾.
(٣) راجع سورة الدهر آية: ٦.
(٤) ما بين القوسين ساقط من: أ.
(٥) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٨ بنحوه، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٧/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣١، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٢، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٦، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٢، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٢٠.
(٦) مالك بن الحرث -الحارث- السُّلَمِيُّ الرَّقّيُّ، روى عنه أبيه الحارث السلمي وعنه منصور بن المعتمر، ثقة، مات سنة ٥٩٤.
انظر: "كتاب الثقات" ٧/ ٤٦٤، "جامع التحصيل" ٣٣٤: ت ٧٢٤، "تهذيب الكمال" ٢٧/ ١٢٩: ت ٥٧٣٢.
ملاحظة تذكر مراجع ترجمة أن اسم أبيه الحارث وليس الحرث -ولعل ذلك راجع إلى الإملاء في كتابة الحرف نحو معوية، وسفين، أي معاوية وسفيان.
(٧) ورد قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٨.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله، والذي ورد عنه في تفسيره، قال يشربون الخمر من ذلك الماء وهم أهل جنة عدن وهي أربعة جنان وهي قصبة الجنة ماء تسنيم يخرج من جنة عدن، والكوثر، والسلسبيل. "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ ب.
(٩) ساقط من (ع).
(١٠) ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾.
﴿يَضْحَكُونَ﴾ على وجه السخرية (٥) منهم.
٣٠ - وقوله (٦): ﴿يَتَغَامَزُونَ﴾ (٧)
(يتفاعلون من الغمز، وهي الإشارة بالجَفنِ، والحَاجبِ، ويكون الغمز بمعنى العيب، غمزه إذا عابه، وما في فلان غميزة، أي مَا يعاب به (٨)). والمعنى أنهم يشيرون إليهم بالأعين استهزاء، ويعيبونهم.
٣١ - ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا﴾ (٩) يعني الكفار إلى أهلهم، ﴿انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ معجبين بما هم فيه، يتفكهون بذكرهم. قاله الفراء (١٠)، ومقاتل (١١)
(٢) تقدم ترجمته في سورة النساء.
(٣) تقدم ترجمته في سورة النحل.
(٤) تقدم ترجمته في سورة النحل.
(٥) وبنحو من هذا القول جاء في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٨، و"الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٧/ ب، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٢، "الكشاف" ٤/ ١٩٧، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٨، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٢، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٢.
(٦) في (أ): قوله.
(٧) ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾.
(٨) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة": ٨/ ٥٥ - ٥٦: مادة: (غمز)، وانظر: "لسان العرب" ٥/ ٣٨٨، ٣٩٠: مادة: (غمز).
(٩) ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾.
(١٠) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٩ واللفظ للزجاج.
(١١) لم أعثر على قوله.
٣٢ - ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ﴾ (٤) رأوا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ذاهبين إليه.
﴿قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾
٣٣ - قال الله (تعالى (٥)): ﴿وَمَا أُرْسِلُوا﴾ (٦) يعني الكفار، ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على الذين آمنوا ﴿حَافِظِينَ﴾ يحفظون عليهم (أعمالهم) (٧) ﴿فَالْيَوْمَ﴾ (٨) يعني في الآخرة. ﴿الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ قال المفسرون: إن أهل الجنة إذا أرادوا نظروا من منازلهم إلى أعدائهم وهم يعذبون في النار فضحكوا منهم، كما ضحكوا هم في الدنيا منهم (٩).
قال كعب: إن بين أهل الجنة، وأهل النار كُوى (١٠)، لا يشاء رجل
(٢) ساقط من (أ)
(٣) وقد تقدم تفسيره عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾ [يس: ٥٥] ومما جاء في تفسيرها: عن ابن عباس: ناعمون، وقال قتادة، ومقاتل: أي معجبون، ولكل منهما أصل في اللغة، فمن قال فاكهين: ناعمين، فأصله من الفكيهة، والفاكهة، وهي المزاج والكلام الطب. ومن قال الفاكهة المعجب: فإن العرب تقول: فكهنا من كذا، أي تعجبنا.
(٤) ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾.
(٥) ساقط من (ع).
(٦) ﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ﴾.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾.
(٩) فمن قال بنحو ذلك: ابن عباس، وسفيان. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١١١، "إعراب القرآن للنحاس" ٢/ ١٨٤.
(١٠) الكَوّةُ: نقب البيت، والجمع كواء بالمد، وكِوى أيضًا مقصورًا، والكُوّه بالضم لغة، وتجمع على كوى، "الصحاح" ٦/ ٢٤٧٨: مادة: (كوى).
وقال أبو صَالح: يقال لأهل النار وهم فيها أخرجوا، ويفتح لهم أبوابها فإذا رأوها قد فتحت اقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك، فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، فذلك قوله: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ (٣).
٣٥ - ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُو﴾ إلى عذاب عدوهم
٣٦ - (قوله تعالى) (٤): ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (أي هل جوزوا بسخرتهم (٥) بالمؤمنين في الدنيا) (٦).
ومعنى الاستفهام -هَاهنا- التقدير: و"ثوب" يعني أثيب، وهو فُعل
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٣٣/ أ، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٧ بمعنى ذلك، وقوله: لكل رجل من أهل الجنة ثلمة ينظرون إلى أعداء الله كيف يعذبون، فيحمدون الله على ما أكرمهم به، فهم يكلمون أهل النار، ويكلمونهم إلى أن تطبق النار على أهلها فتسد حينئذ الكوى.
(٣) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٢، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٧، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٦، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٢.
(٤) ساقط من (ع)
(٥) هكذا وردت في النسختين، بالإضافة إلى مصدر القول، وهو "معاني القرآن وإعرابه" المخطوط: ٢٧/ أ، أما المطبوع فكتبت: بسخريتهم، وورد بمثل ذلك في "الوسيط" ٤/ ٤٥٠.
(٦) ما بين القوسين نقله عن الزجاج. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠١ بنصه.
أنشد أبو عبيدة:
ألا أبلغ أبا حنش رسولًا | فما لك لا تجيء إلى الثواب (٢) |
(وقُرِىءَ "هل ثوب" بالادغام، والاظهار (٥).
وذكر سيبويه: إدغام (اللام) في (الثاء)، قال: وإدغامها حسن فيها؛ لأنه قد أدغم في الشين (٦)، فيما أنشده.
(٢) ورد البيت غير منسوب في: "الأغاني" ١٢/ ٢٤٨ ط. دار الكتب العلمية، ونسبه إلى كرب أخي شرحيل، وقيل سلمة بن الحارث. وانظر أيضًا: "التفسير الكبير" - ٣١ - ١٠٣ غير منسوب.
(٣) لا أعرف من القائل، ولم أعثر على مصدر لهذا القول.
(٤) انظر: "الدر المصون" ٦/ ٤٩٥، البيان في غريب "إعراب القرآن" لابن الأنباري: ٢/ ٥٠٢.
(٥) قرأ علي بن نصر بن هارون عن أبي عمرو: ﴿هَلْ ثُوِّبَ﴾ بإدغام اللام في الثاء، وكذلك يونس بن حبيب عن أبي عمرو، وحمزة، والكسائي. وقرأ الباقون بإظهار اللام.
انظر: "الحجة" ٦/ ٢٨٩، "المبسوط" ٤٠٤، "إتحاف فضلاء البشر" ٤٣٥.
(٦) "كتاب سيبويه" ٤/ ٤٥٧، نقله عنه بالمعنى وباختصار، فقد بين سيبويه أن لام المعرفة تدغم في ثلاثة عشر حرفًا، لا يجوز فيها معهن إلا الإدغام، وكثرة موافقتها لهذه الحروف، واللام من طرف اللسان، وهذه الحروف إحدى عشر حرفًا، منها =
والشين أشدُّ تراخيًا عن "اللام" من "الثاء"، وإنما أدغمت فيها؛ لأنها تتصل مخارجها لتفشيها، والإظهار لتفاوت المخرجين) (٢).
(تمت) (٣)
(١) البيت لطريف بن تميم العنبري. والبيت كاملًا:
تقول إذا استهلكت مالًا للذة | فُكيهَةُ هَشَّ يكَفَّيْك لائقُ |
ومعنى البيت، استهلكت: أتلفت وأنفقت، وفكيهة: علم امرأة، واللائق: المحتبس الباقي، يقال: ما يليق بكفه درهم: أي ما يحتبس.
والشاهد فيه: إدغام لام "هل" في الشين لاتساع مخرج الشين وتفشيها واختلاطها بطرف اللسان، واللام من حروف طرف اللسان، فأدغمت فيها لذلك، وإظهارها جائز؛ لأنهما من كلمتين مع انفصالهما في المخرج. انظر حاشية (٥): "كتاب سيبويه" ٤/ ٤٥٨.
كما ورد البيت في "شرح المفصل" لابن يعيش: ١٠/ ١٤١ من غير نسبة، "لسان العرب" ١٠/ ٣٣٤: مادة: (ليق) من غير عزو وبرواية: هل شيء.
(٢) ما بين القوسين نقله من "الحجة" ٦/ ٣٨٩.
(٣) ساقطة من (ع).