تفسير سورة التكاثر

معاني القرآن

تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله عز وجل :﴿ أَلْهاكُمُ التَّكَّاثُرُ ﴾.
نزلت في حيين من قريش تفاخروا : أيهم أكثر عددا ؟ وهما : بنو عبد مناف وبنو سهم، فكثرت [ ١٤٧/ب ] بنو عبد مناف بني سهم، فقالت بنو سهم : إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادّونا بالأحياء وَالأموات، فكثَرتهم بنو سهم، فأنزل الله عز وجل :﴿ أَلْهاكُمُ التَّكَّاثُرُ ﴾ حتى ذكرتم الأموات، ثم قال لهم :﴿ كَلاَّ ﴾ ليس الأمر على ما أنتم [ عليه ]، وقال ﴿ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾. والكلمة قد تكررها العرب على التغليظ والتخويف، فهذا من ذاك.
وقوله عز وجل :﴿ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾.
مثل قوله :﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾. المعنى فيه : لو تعلمون علما يقينا.
وقوله عز وجل :﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾.
﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها ﴾ مرتين من التغليظ أيضا. ﴿ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ عينا لستم بغائبين، فهذه قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل البصرة بفتح التاء من الحرفين.
[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : وحدثني محمد بن الفضل، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رحمه الله أنه قرأ «لَتُرَوُن الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها »، بضم التاء الأولى، وفتح الثانية. والأوّل أشبه بكلام العرب ؛ لأنه تغليظ، فلا ينبغي أن يختلف لفظه، ألا ترى قوله :﴿ سَوْفَ تَعْلَمُون، ثُمَّ كَلاَّ سوْف تَعلَمون ﴾ ؟ وقوله عز وجل :﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْر يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا ﴾.
ومن التغليظ قوله في سورة :﴿ قُلْ يَأَيُّها الْكَافِرُونَ، لاَ أَعْبُدُ ما تَعْبُدونَ ﴾ مكرر، كرر فيها وهو معنى واحد، ولو رفعت التاء في الثانية كما رفعت الأولى كان وجها جيدا.
وقوله عز وجل :﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾.
قال : إنه الأمن والصحة. وذكر الكلبي بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في أمر فرجعوا جياعا، فدخلوا على رجل من الأنصار، فأصابوا تمرا وماء باردا، فلما خرجوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إِنكم ستسألون عن هذه وعن هذا ؛ فقالوا : فما شكرها يا رسول الله ؟ قال : أن تقولوا : الحمد لله[ ١٤٨/ا ].
وذُكِر في هذا الحديث : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث لا يُسأل عنهن المسلم : طعام يقيم صلبه، وثوب يواري عورته، وبيت يكنه من الحر والبرد ".
سورة التكاثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التكاثر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الكوثر)، ومحورُها ذمُّ الاشتغال بالدنيا ومَلذَّاتها، والتفاخرِ فيها، وجاءت بالتخويف من الجحيم؛ ليعودَ الناسُ إلى الله، ويتعلقوا بالآخرة وبما عند الله من الجزاء.

ترتيبها المصحفي
102
نوعها
مدنية
ألفاظها
28
ترتيب نزولها
16
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التكاثر):

سُمِّيت سورة (التكاثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {أَلْهَىٰكُمُ اْلتَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1].

ذمُّ الاشتغال بالدنيا، والتخويفُ من الجحيم (١-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /318).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على التوبيخِ على اللَّهو عن النظر في دلائلِ القرآن ودعوة الإسلام بإيثار المال، والتكاثر به، والتفاخر بالأسلاف، وعدم الإقلاع عن ذلك إلى أن يَصِيروا في القبور كما صار مَن كان قبلهم، وعلى الوعيد على ذلك، وحثِّهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم، وأنهم مبعوثون ومسؤولون عن إهمالِ شُكْرِ المُنعِم العظيم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /518).