تفسير سورة التكاثر

فتح الرحمن في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن.
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سُوْرَةُ التَّكَاثُرُ
مكية، وآيها: ثماني آيات، وحروفها: مئة وتسعة عشر حرفًا، وكلمها: ثمان وعشرون كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)﴾.
[١] ﴿أَلْهَاكُمُ﴾ شَغَلَكم ﴿التَّكَاثُرُ﴾ المباهاةُ والمفاخرة بكثرة الأموال والرجال عن طاعة الله.
* * *
﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)﴾.
[٢] ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ فَعَدَدْتم قبور موتاكم، وذلك أن جماعة تفاخروا، فتعادُّوا الأحياء والأموال، وزاروا القبور فتعادُّوا الأموات تفاخرًا، فنزلت (١)، وهذا خبر فيه تقريع وتوبيخ، وقيل: معنى (حَتَّى زُرْتُمُ) يعني: متُّم ودُفنتم في المقابر.
* * *
(١) انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (٨/ ٥٠٥).
﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)﴾.
[٣] ﴿كَلَّا﴾ زجرًا؛ أي: ليس الأمر بالتكاثر ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ عاقبةَ تفاخركم إذا حل بكم الموت.
* * *
﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾.
[٤] ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ كَرَّرَ الوعيدَ ثانيًا (١) تأكيدًا.
* * *
﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥)﴾.
[٥] ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ﴾ الأمرِ ﴿الْيَقِينِ﴾ وجواب (لَو) محذوف، تقديره: لو تعلمون ماذا يُفعل بكم يوم القيامة علمَ يقين لا شك فيه، لشغلكم عن التفاخر والتكاثر.
* * *
﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦)﴾.
[٦] ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ القسمُ مضمر فيه، معناه: والله لَتَرَوُنَّ. قرأ ابن عامر، والكسائي: (لَتُرَوُنَّ) بضم التاء مجهولًا من أَريتُه الشيء (٢). وقرأ الباقون: بفتح التاء (٣)، وهي الأرجح؛ أي: ترونها بأبصاركم عن بعيد (٤).
(١) "ثانيًا" ساقطة من "ت".
(٢) "الشيء" ساقطة من "ت".
(٣) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٩٥)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٢٥)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٦٧٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٢٢٥).
(٤) "عن بعيد" زيادة من "ت".
﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧)﴾.
[٧] ثمّ كرر الرؤية تهويلًا لشأنها، فقال: ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ الرؤية الّتي هي نفس اليقين بالمشاهدة، وذلك حين يؤتى بالصراط، فينصب بين جسري جهنم.
* * *
﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)﴾.
[٨] ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ﴾ أيها النَّاس ﴿يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ في الدنيا.
روي أنّها خمس: شبع بطن، وبارد الشراب، ولذة النوم، وظلال المساكن، واعتدال الخلق (١).
وأكلَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - هو وبعض أصحابه رُطَبًا، وشربوا عليه ماءً، فقال لهم: "هذا من النعيم الّذي تُسألونَ عنه" (٢)، والله أعلم.
* * *
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (١٠/ ٢٨١).
(٢) رواه النسائي (٣٦٣٩)، كتاب: الوصايا، باب: قضاء الدِّين قبل الميراث، والترمذي (٢٣٦٩)، كتاب: الزهد، باب: ما جاء في معيشة أصحاب النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، وقال: حسن صحيح، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
سورة التكاثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التكاثر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الكوثر)، ومحورُها ذمُّ الاشتغال بالدنيا ومَلذَّاتها، والتفاخرِ فيها، وجاءت بالتخويف من الجحيم؛ ليعودَ الناسُ إلى الله، ويتعلقوا بالآخرة وبما عند الله من الجزاء.

ترتيبها المصحفي
102
نوعها
مدنية
ألفاظها
28
ترتيب نزولها
16
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التكاثر):

سُمِّيت سورة (التكاثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {أَلْهَىٰكُمُ اْلتَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1].

ذمُّ الاشتغال بالدنيا، والتخويفُ من الجحيم (١-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /318).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على التوبيخِ على اللَّهو عن النظر في دلائلِ القرآن ودعوة الإسلام بإيثار المال، والتكاثر به، والتفاخر بالأسلاف، وعدم الإقلاع عن ذلك إلى أن يَصِيروا في القبور كما صار مَن كان قبلهم، وعلى الوعيد على ذلك، وحثِّهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم، وأنهم مبعوثون ومسؤولون عن إهمالِ شُكْرِ المُنعِم العظيم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /518).