تفسير سورة التكاثر

معاني القرآن للفراء

تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء.
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

وقوله عز وجل: كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ.
لأن ألوانها مختلفة، كألوان العهن.
وقوله عزَّ وجل: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦).
ووزنه، والعرب تَقُولُ: هَلْ لَكَ فِي درهم بميزان درهمك ووزن درهمك، ويقولون: داري بميزان دارك ووزن دارك، وقَالَ الشَّاعِر:
قَدْ كنتُ قبلَ لقائِكم ذا مِرَّةٍ عندي لكلٍ مخاصم ميزانه «١»
يريد: عندي وزن كلامه ونقضه.
وقوله جل وعز: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩).
صارت مأواه، كما تؤوي المرأة ابنها، فجعلها إِذ لا مأوى لَهُ غيرها أمًّا لَهُ.
ومن سورة التكاثر
قوله عز وجل: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١).
نزلت فى حيين من قريش تفاخروا: أيهم أكثر عددًا؟ وهما: بنو عَبْد مناف وبنو سهم فكثرت [١٤٧/ ب] بنو عَبْد مناف بني سهم، فَقَالَت بنو سهم: إن البغي أهلكنا فِي الجاهلية، فعادّونا بالأحياء وَالأموات فكثَرتهم بنو سهم، فأنزل اللَّه عز وجل: «أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ» حتَّى ذكرتم الأموات، ثُمَّ قَالَ لهم: «كَلَّا» (٣) ليس الأمر عَلَى ما أنتم [عَلَيْهِ «٢» ]، وقَالَ: [ «سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ] «٣» » (٤). والكلمة قَدْ تكررها العرب عَلَى التغليظ والتخويف، فهذا من ذاك.
وقوله عزَّ وجلَّ: عِلْمَ الْيَقِينِ (٥).
مثل قوله: «إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «٤» »، المعنى فيه: لو تعلمون علما يقينا.
(١) فى تفسير القرطبي: ٢٠/ ١٦٦: وقيل: إن الموازين الحجج والدلائل، قاله عبد العزيز بن يحيى، واستشهد بقول الشاعر: قد كنت قبل لقائكم..... البيت.
(٢) زيادة فى ش.
(٣) اضطربت العبارة التي بين الرقمين فى ش.
(٤) سورة الواقعة: ٩٥. [.....]
287
وقوله عز وجل: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦).
«ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» (٧) مرتين من التغليظ أيضًا. «لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ» (٧) عينًا لستم عَنْهَا بغائبين، فهذه قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل «١» البصرة بفتح التاء من الحرفين.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «٢» ] حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَرَأَ «لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها»، بِضَمِّ التَّاءِ الأُولَى، وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ «٣». وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ بِكَلامِ الْعَرَبِ، لأَنَّهُ تَغْلِيظٌ، فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ لَفْظُهُ، أَلا تَرَى قوله: «سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ» ؟ وقوله عز وجل: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً «٤» ».
ومن التغليظ قوله فى سورة: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ «٥» » مكرر، كرر فيها وهو معنى واحد، ولو رفعت التاء فِي الثَّانية، كما رفعت الأولى كَانَ وجهًا جيدًا.
وقوله عزَّ وجلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨).
قَالَ «٦» : إنه الأمن والصحة. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي أَمْرٍ فَرَجَعُوا جِيَاعًا، فَدَخَلُوا عَلَى رجل من الأنصار، فأصابوا تمرا وماءا بَارِدًا، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتُسْأَلُونَ عَنْ هَذِهِ وَعَنْ هَذَا فَقَالُوا: فَمَا شُكْرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَقُولُوا: الْحَمْدُ لله [١٤٨/ ا].
وَذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «٧» (ثَلَاثٌ لَا يُسْأَلُ عَنْهُنَّ الْمُسْلِمُ: طَعَامٌ يُقِيمُ صُلْبَهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عورته، وبيت يكنه من الحر والبرد).
(١) سقط من ش.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(٣) هى قراءة الكسائي وابن عامر، من أريته الشيء، أي: تحشرون إليها فترونها. (القرطبي ٢٠/ ١٧٤).
(٤) سورة الشرح: ٦، ٧ وأول الآية الأولى: (فإن) بالفاء.
(٥) سورة الكافرون الآيتان: ١، ٢.
(٦) فى ش: يقال.
(٧) فى تفسير القرطبي ٢٠/ ١٧٦: هذا الحديث بنص آخر رواه أبو نعيم الحافظ عن أبى عسيب مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وفيه الثلاث التي لا يسأل عنهن المسلم: (كسرة يسد بها جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو جحر يأوى فيه من الحر والقر).
288
سورة التكاثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التكاثر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الكوثر)، ومحورُها ذمُّ الاشتغال بالدنيا ومَلذَّاتها، والتفاخرِ فيها، وجاءت بالتخويف من الجحيم؛ ليعودَ الناسُ إلى الله، ويتعلقوا بالآخرة وبما عند الله من الجزاء.

ترتيبها المصحفي
102
نوعها
مدنية
ألفاظها
28
ترتيب نزولها
16
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التكاثر):

سُمِّيت سورة (التكاثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {أَلْهَىٰكُمُ اْلتَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1].

ذمُّ الاشتغال بالدنيا، والتخويفُ من الجحيم (١-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /318).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على التوبيخِ على اللَّهو عن النظر في دلائلِ القرآن ودعوة الإسلام بإيثار المال، والتكاثر به، والتفاخر بالأسلاف، وعدم الإقلاع عن ذلك إلى أن يَصِيروا في القبور كما صار مَن كان قبلهم، وعلى الوعيد على ذلك، وحثِّهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم، وأنهم مبعوثون ومسؤولون عن إهمالِ شُكْرِ المُنعِم العظيم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /518).