تفسير سورة المؤمنون

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٣٧٠- أنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، نا جعفرٌ، عن أبي عمران، نا يزيدُ بنُ بابنُوسَ قال: قُلنا لعائشة يا أُمَّ المُؤمنين: كيف كان خلقُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالت: كان خُلُقَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم القُرآنُ؛ فقرأتْ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ [١] حتَّى انتهتْ ﴿ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [٩] قالت:/ هكذا كان خُلُقُ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ٣٧١- أنا أحمدُ بنُ سُليمان، نا عُبيدُ اللهِ، عن إسرائيل، عن عبدِ الأعلى أنهُ سمع سعيد بن جُبيرٍ يُحدِّثُ عن ابن عباسٍ، قال: إنما كُره السَّمَرُ حتى نزلت هذهِ الآيةُ:﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾[٦٧] فقال: ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ ﴾ بالبيتِ يقولون: نحن أهلُهُ ﴿ سَامِراً ﴾ قال: كانوا: [يَتكَّبرون ويسمُرُونَ فيهِ] فلا يعمرونَهُ، يهجرونهُ. ٣٧٢- أنا محمدُ بن عقيلٍ، أنا عليُّ بن الحُسين، نا أبي، ناني يزيدُ عن عكرمةَ عن ابن عباسٍ قال: جاءَ أبو سُفيان إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا مُحمدُ! أنشُدُكَ الله والرَّحم، فقد أكلنا الْعِلْهِز - يعني الوبر والدم - فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾[٧٦]٣٧٣- أنا محمدُ بن جعفر بن مُحمدٍ، نا عليُّ بن المدينيِّ، نا بشارُ بن عيسى، عن عبد اللهِ بن المُبارك، قال: حدَّثني موسى ابن عُقبة، قال سمعتُ عكرمة، عن ابن عباسٍ في قوله﴿ بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ ﴾[٦٤-٦٥] قال: هُم أهلُ بدرٍ. ٣٧٤- قال حمزةُ بنُ محمدٍ: - نا محمدُ بن جعفر بن الإِمام قال: حدَّثني عليُّ بن المدِينِيِّ، بإسنادهِ مِثلَهُ.
قوله تعالى: ﴿ ٱخْسَئُواْ فِيهَا ﴾ [١٠٨]٣٧٥- أنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، نا اللَّيثُ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ عن أبي هُريرة قال:" لما فُتحتْ خيبرُ، أُهديت لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شاةٌ فيها سُمٌّ فقال رسولُّ الله صلى الله عليه وسلم: " اجمعوا لي من كان هاهُنا من اليهود " فجُمعُوا له، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني سائلُكم عن شيءٍ فهل أنتم صادقوني فيه؟ " قالوا: نعم يا أبا القاسمِ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أبُوكُمْ " قالوا: فُلانٌ. قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كذبتم، بل أبُوكم فُلانٌ " قالوا: صدقتَ وبررتَ. قال: " هل أنتم صادقوني عن شيءٍ إن سألتكم عنهُ؟ " قالوا: نعم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفت في أبِينا. فقال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " من أهلُ النار؟ " فقالوا: نكونُ فيها يسيراً ثم تخلفوننا فيها... فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخسأُوا فيها، والله لا نَخلُفُكُم فيها أبداً "وساقَ الحديثَ.
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).