تفسير سورة المؤمنون

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه الجصاص . المتوفي سنة 370 هـ

قال الله تعالى :﴿ قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ ؛ رَوَى ابن عون عن محمد بن سيرين قال :" كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلّى رفع رأسه إلى السماء، فلما نزلت :﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ نكس رأسه ". وروى هشام عن محمد قال :" لما نزلت :﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ خفضوا أبصارهم فكان الرجل يحب أن لا يجاوز بصره موضع سجوده ". ورُوي عن جماعة :" الخشوع في الصلاة أن لا يجاوز بصره موضع سجوده ". ورُوي عن إبراهيم ومجاهد والزهري :" الخشوع السكون ". ورَوَى المسعودي عن أبي سنان عن رجل منهم قال : سئل عليٌّ عن قوله :﴿ الّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ قال :" الخشوع في القلب وأن تلين كتفك للمرء المسلم ولا تلتفت في صلاتك ". وقال الحسن :" خاشعون خائفون ".
قال أبو بكر : الخشوع ينتظم هذه المعاني كلها من السكون في الصلاة والتذلّل وتَرْك الالتفات والحركة والخوف من الله تعالى، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" اسْكُنُوا في الصَّلاةِ وكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ في الصَّلاةِ " وقال :" أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ على سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وأَنْ لا أَكُفَّ شَعَراً ولا ثَوْباً " ؛ وأنه نهى عن مسّ الحصى في الصلاة وقال :" إِذَا قَامَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فإنّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فإذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَتْ عَنْهُ ". ورَوَى الزهري عن سعيد بن المسيب :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلمح في الصلاة ولا يلتفت ". وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أبو توبة قال : حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال : حدثني السَّلُولي أنه حدثه سهل ابن الحنظلية أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وذكر الحديث إلى قوله :" مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ ؟ " قال أنس بن أبي مرثد الغنوي : أنا يا رسول الله، قال :" فَارْكَبْ ! " فركب فرساً له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اسْتَقْبِلْ هذا الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ في أَعْلاهُ ولا يُغِرْنَ منْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ " ؛ فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مُصَلاّه فركع ركعتين ثم قال :" هَلْ أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ ؟ " قالوا : يا رسول الله ما أحسسناه ؛ فثُوِّبَ بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي وهو يلتفت إلى الشِّعْبِ حتى إذا قَضَى صلاته وسلَّم قال :" أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ ". فأخبر في هذا الحديث أنه كان يلتفت إلى الشعب وهو في الصلاة، وهذا عندنا كان عذراً من وجهين، أحدهما : أنه لم يأمن من مجيء العدو من تلك الناحية، والثاني : اشتغال قلبه بالفارس إلى أن طلع. ورُوي عن إبراهيم النخعي أنه كان يلحظ في الصلاة يميناً وشمالاً. ورَوَى حمّاد بن سلمة عن حميد عن معاوية بن قُرَّةَ قال : قيل لابن عمر : إن ابن الزبير إذا صلى لم يقل هكذا ولا هكذا ! قال : لكنا نقول هكذا وهكذا ونكون مثل الناس. ورُوي عن ابن عمر أنه كان لا يلتفت في الصلاة ؛ فعلمنا أن الالتفات المنهيَّ عنه أن يولي وجهه يمنةً ويسرةً، فأما أن يلحظ يمنة ويسرة فإنه غير منهيّ عنه. وروى سفيان عن الأعمش قال :" كان ابن مسعود إذا قام إلى الصلاة كأنه ثَوْبٌ مُلْقًى ". وروى أبو مجلز عن أبي عبيدة قال :" كان ابن مسعود إذا قام إلى الصلاة خفض فيها صوته وبدنه وبصره ". ورَوَى علي بن صالح عن زبير الياميّ قال :" كان إذا أراد أن يصلّي كأنه خشبة ".
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ واللغو هو الفعل الذي لا فائدة فيه، وما كان هذا وصفه من القول والفعل فهو محظور. وقال ابن عباس :" اللغو الباطل " ؛ والقول الذي لا فائدة فيه هو الباطل ؛ وإن كان الباطل قد يُبْتَغَى به فوائد عاجلة.
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ يجوز أن يكون المراد عامّاً في الرجال والنساء، لأن المذكر والمؤنث إذا اجتمعا غلب المذكر كقوله :﴿ قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ قد أُريد به الرجال والنساء. ومن الناس من يقول إن قوله :﴿ وَالّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ خاصّ في الرجال بدلالة قوله تعالى :﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ وذلك لا محالة أُريد به الرجال. قال أبو بكر : وليس يمتنع أن يكون اللفظ الأوَّل عامّاً في الجميع والاستثناء خاص في الرجال، كقوله :﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ﴾ [ العنكبوت : ٨ ] ثم قال :﴿ وإن جاهداك لتشرك بي ﴾ [ العنكبوت : ٨ ]، فالأوّل عموم في الجميع والعطف في بعض ما انتظمه اللفظ ؛ وقوله :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ عامّ لدلالة الحال عليه وهو حفظها من مواقعة المحظور بها.
قوله تعالى :﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ ﴾ يقتضي تحريم نكاح المتعة، إذ ليست بزوجة ولا مملوكة يمين، وقد بينا ذلك في سورة النساء في قوله :﴿ وراء ذلك ﴾ [ النساء : ٢٤ ] معناه : غير ذلك. وقوله :﴿ العَادُونَ ﴾ يعني من يتعدَّى الحلال إلى الحرام، فأما قوله :﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ استثناءٌ من الجملة المذكورة لحفظ الفروح وإخبار عن إباحة وَطءِ الزوجة وملك اليمين، فاقتضت الآية حظر ما عدا هذين الصنفين في الزوجات وملك الأيمان، ودل بذلك على إباحة وَطْءِ الزوجات وملك اليمين لعموم اللفظ فيهن.
فإن قيل : لو كان ذلك عموماً في إباحة وطئهن لوجب أن يجوز وَطْؤُهنَّ في حال الحيض وَوَطْءُ الأمَةِ ذات الزوجة والمعتدَّةِ من وَطْءٍ بشبهة ونحو ذلك. قيل له : قد اقتضى عموم اللفظ إباحة وطئهن في سائر الأحوال، إلا أن الدلالة قد قامت على نخصيص من ذكرت كسائر العموم إذا خُصَّ منه شيء لم يمنع ذلك بقاء حكم العموم فيما لم يخص، وملك اليمين متى أُطلق عُقِلَ به الأَمَةُ والعبد المملوكان، ولا يكاد يُطلق ملك اليمين في غير بني آدم، لا يقال للدار والدابة ملك اليمين ؛ وذلك لأن ملك العبد والأَمَةِ أَخَصُّ من ملك غيرهما، ألا ترى أنه يملك التصرف في الدار بالنقض والبناء ولا يملك ذلك في بني آدم ويجوز عارية الدار وغيرهما من العروض ولا يجوز عارية الفروج ؟
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ رُوي عن جماعة من السلف في قوله تعالى :﴿ يُحَافِظُونَ ﴾ قالوا :" فِعْلُها في الوقت ". ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِ النَّوْمِ إِنَّما التَّفْرِيطُ أنْ يَتْرُكَ الصَّلاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الأُخْرَى ". وقال مسروق :" الحِفَاظُ على الصلاة فعلها لوقتها ". وقال إبراهيم النخعي :" يحافظون دائمون ". وقال قتادة :" يحافظون على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها ". قال أبو بكر : المحافظة عليها مراعاتها للتأدية في وقتها على استكمال شرائطها، وجميع المعاني التي تأوّل عليها السلف المحافظة هي مرادة بالآية، وأعاد ذكر الصلاة لأنه مأمور بالمحافظة عليها كما هو مأمور بالخشوع فيها.
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ الآية. رَوَى وَكِيعٌ عن مالك بن مِغْوَلٍ عن عبدالرّحمن بن سعيد بن وهب عن عائشة قالت : قلت يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وَجِلَةٌ أهو الرجل يشرب الخمر ويسرق ؟ قال :" لا يا عَائِشَةُ ولَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ ويُصَلِّي ويَتَصَدَّقُ ويَخَافُ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُ ". ورَوَى جرير عن ليث عمن حدثه عن عائشة وعن ابن عمر :﴿ يُؤْتُونَ ما آتَوْا ﴾ قال :" الزكاة ". ويروى عن الحسن قال : لقد أدركت أقواماً كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها.
قوله تعالى :﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ في الخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ الخيرات هنا الطاعات يسارع إليها أهل الإيمان بالله ويجتهدون في السبق إليها رغبة فيها وعلماً بما لهم بها من حسن الجزاء ؛ وقوله :﴿ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ قال ابن عباس :" سبقت لهم السعادة ". وقال غيره :" وهم من أهل الخيرات سابقون إلى الجنة ". وقال آخرون :" وهم إلى الخيرات سابقون ".
قوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ ﴾ قال قتادة وأبو العالية :" خطايا من دون الحق ". وعن الحسن ومجاهد :" أعمال لهم من دون ما هم عليه لا بد من أن يعلموها ".
قوله تعالى :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامراً تَهْجُرُونَ ﴾ قرىء بفتح التاء وضم الجيم، وقرىء بضم التاء وكسر الجيم ؛ فقيل في " تهجرون " قولان، أحدهما : قول ابن عباس " تَهْجُرُون الحق بالإعراض عنه " وقال مجاهد وسعيد بن جبير :" تقولون الهجر وهو السيّىء من القول ". ومن قرأ :" تُهْجِرُونَ " فليس إلاّ من الهُجْرِ، عن ابن عباس وغيره :" يقال أهجر المريض إذا هَذَى ". ووَحَّد " سامرا " وإن كان المراد السمّار لأنه في موضع المصدر، كما يقال : قوموا قياماً ؛ وقيل : إنما وحّد لأنه في موضع الوقت بتقدير : ليلاً تهجرون، وكانوا يسمرون بالليل حول الكعبة.
مطلب : في السمر
وقد اختلف في السَّمَرِ، فرَوَى شعبة عن أبي المنهال عن أبي بَرْزَة الأسلميّ عن النبي صلى الله عليه وسلم :" أنه كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها ". ورَوَى شعبة عن منصور عن خيثمة عن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا سَمَرَ إِلاّ لرَجُلَيْنِ : مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ ".
وعن ابن عمر أنه كان ينهى عن السمر بعد العشاء. وأما الرخصة فيه فما رَوَى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : قال عمر :" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر الليلة عند أبي بكر في الأَمْرِ من أمور المسلمين "، وكان ابن عباس يسمر بعد العشاء، وكذلك عمرو بن دينار وأيوب السختياني إلى نصف الليل.
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).