تفسير سورة المؤمنون

غريب القرآن

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

حدّثنا أبو جعفر قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي عليهما السلام في قولهِ تعالى :﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ معناه لا تَطْمَعُ أبصارُهم، ولا يَلتفِتُون.
وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ معناه يُحافِظُونَ عَلَى أوقاتِها.
وقوله تعالى :﴿ مِن سُلاَلَةٍ ﴾ معناه صَفوةُ المَاءِ.
وقوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ﴾ يعني نَفخُ الروحِ فيهِ. ويقال نَبتُ سِنهِ، وشَعرِ رَأسِهِ، ولحيتِه، وأُبطهِ.
وقوله تعالى :﴿ مِن طُورِ سَيْنَآءَ ﴾ قال : الطُّورُ : الجَبلُ. وسيناءُ اسمُ موضعٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾ معناه ظَهرَ المَاءُ من مَسجدِ الكُوفةِ. وقال : بالهند. ويقال : على وَجهِ الأرضِ. ويقال : طُلوعُ الفَجرِ.
وقوله تعالى :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ معناه ما أبعد ذَلكَ.
وقوله تعالى :﴿ تَتْرَا ﴾ معناه تتابعُ.
وقوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾ معناه مَثَلٌ يُتَمثلُ بهم في الشّرِ. ولا يقالُ ذلك فِي الخَيرِ.
وقوله تعالى :﴿ وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ معناه مُطيعونَ.
وقوله تعالى :﴿ وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴾ معناه ضَمَمناهُما يعني عِيسى وأُمهُ عليهما السلام. ورُبْوَةٌ : مكانٌ مرتفعٌ. ويقال رَبْوةٌ بالفتح والمَعينُ : المَاء الظاهرُ وذَلِكَ بدِمشق. ويقال : بمِصر.
وقوله تعالى :﴿ بَيْنَهُمْ زُبُراً ﴾ معناه قِطعٌ. وزُبَرٌ معناه قِطعةٌ.
وقوله تعالى :﴿ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ﴾ يعني بالمترفِ : المَوسّعِ عليه في الدّنيا حتّى بَغوا وكَفروا. والعَذابُ : بالسّيفِ يَوم بَدر.
وقوله تعالى :﴿ يَجْأَرُونَ ﴾ معناه يَرفَعونَ أَصواتُهم.
وقوله تعالى :﴿ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ ﴾ معناه تَرجَعُون على أعقابِكم.
وقوله تعالى :﴿ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾ يقال إن قُريشاً كَانتْ تَسمرُ بالليلِ عندَ البَيتِ ولاَ تَطوف بهِ، تَفتخرُ بهِ. وتُهجِّرون : معناه تَقولون الهُجرَ للنبي صلى الله عليه وعلى آلهِ وسلم. وهو القَولُ بالقَبيحِ.
وقوله تعالى :﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ ﴾ فالحقُّ : الله عزَّ وجلَّ.
وقوله تعالى :﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً ﴾ معناه غَلَّةٌ.
وقوله تعالى :﴿ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾ معناه لَمايلونَ.
وقوله تعالى :﴿ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ معناه كَيفَ تَعمونَ.
وقوله تعالى :﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾ فالغيبُ : السِّرُ. والشَّهادةُ : العَلانيةُ.
وقوله تعالى :﴿ وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ ﴾ معناه من غَمَزاتِهم.
وقوله تعالى :﴿ وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ ﴾ معناه أمامهُم. وكُلُّ مَا بَينَ شَيئين فهو بَرزخٌ. وما بَين الدُّنيا والآخرةِ فَهو بَرزخٌ. ومَا بَين المَوتِ والبَعثِ بَرزخٌ.
وقوله تعالى :﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾ معناه حَسناتُهُ
﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ معناه سَيئاتُهُ. تَخِفُ وتَثقُلُ.
وقوله تعالى :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ معنا تَشْوِيهِ، حتى تُقلَّص شَفتهُ العُليا، وتَبلغَ وسَطَ رَأسهِ، وَتَسترخِي شَفتهُ السُّفلى.
وقوله تعالى :﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً ﴾ معناه تَسخَرونَ مِنهم وسِخْرِيا : من السَّخرةِ، يُريدُ العَبيدَ والخَدَمَ، سَخَّرهُم لَهم.
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).