تفسير سورة المؤمنون

التبيان في تفسير غريب القرآن

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
لمؤلفه ابن الهائم . المتوفي سنة 815 هـ

" أفلح " ظفر بالفلاح.
" خاشعون " يتواضعون.
" اللغو " واللغا الفحش من الكلام قال العجاج :
عن اللغا ورفت التكلم ***
واللغو الباطل من الكلام وأيضا الشيء المسقط الملغى يقال ألغيت الشيء إذا طرحته وأسقطته.
- " زه - " العادون " جمع عاد وهو المتجاوز ما حد له من الحلال والحرام.
" الفردوس " هو البستان بلغة الروم.
" سلالة من طين " يعني آدم عليه السلام استل من طين ويقال سل من كل تربة والسلالة في اللغة ما ينسل من الشيء القليل وكذلك الفعالة نحو الفضالة والنخالة والقلاحة والقوارة والنحاتة وما أشبه ذلك هذا قياسه.
" سبع طرائق " أي سبع سماوات واحدتها طريقة وسميت طرائق لتطارق بعضها فوق بعض.
" تنبت بالدهن " بضم التاء أي تنبت ما تنبته بالدهن كأنه والله أعلم يخرج ثمرها ومعه الدهن وقال قوم الباء الزائدة يعني أنها تنبت الدهن أي ما يعصر فيكون دهنا ومن قرأ تنبت بفتح التاء وضم الباء فتأويله كأنها تنبت ومعها الدهن لا أنها تغذى بالدهن، " وصبغ للآكلين " الصبغ والصباغ ما يصطبغ به أي يغمس فيه الخبز ويؤكل به.
" جنة " أي جنون.
" وفار التنور " يقال لكل شيء هاج وعلا قد فار ومنه فارت القدر إذا ارتفع ما فيها وغلا.
" وأترفناهم " سبق تفسيره في سورة الأنبياء.
" هيهات " كناية عن البعد يقال فيه هيهات ما قلت أي البعد ما قلت وهيهات لما قلت أي البعد عما قلت - زه - والمشهور أنها اسم فعل وفيها نيف وثلاثون لغة.
" غثاء " أي هلكى كالغثاء وهو ما علا السيل من الزبد والقماش لأنه يذهب ويتمزق والمعنى جعلناهم لا بقية فيهم.
" تترا " وتترا فعلى وفعلى من المواترة وهي المتابعة فمن لم يصرفها جعل ألفها للتأنيث ومن صرفها جعل ألفها للإلحاق كأنها ملحقة بفعلل وأصل تترى وترى فأبدلت التاء من الواو كما أبدلت في تراث وتجاه ويجوز في قول الفراء أن تقول في الرفع تتر وفي الخفض تتر وفي النصب تترا فيكون الألف في تترا على هذا بدلا من التنوين، " أحاديث " أي جعلناهم أخبارا وعبرا يتمثل بهم في الشر لا يقال جعلته حديثا في الخير.
" ربوة ذات قرار ومعين " قيل إنها دمشق والربوة والربوة والربوة الارتفاع من الأرض ذات قرار يستقر بها للعمارة ومعين ماء ظاهر جار.
" فتقطعوا أمرهم بينهم " اختلفوا في الاعتقاد والمذاهب، " زبرا " كتبا جمع زبور - زه -
" في غمرة " غطاء.
" يجأرون " يرفعون أصواتهم بالدعاء.
" تنكصون " ترجعون القهقرى يعني إلى خلف.
" سامرا " أي سمارا أي متحدثين ليلا، " تهجرون " من الهجر وهو الهذيان وتهجرون أيضا من الهجر وهو الترك والإعراض وتهجرون بتشديد الجيم تعرضون إعراضا بعد إعراض وتهجرون من الهجر وهو الإفحاش في المنطق.
" أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير " الخرج والخراج إتاوة وغلة " والخرج أخص من الخراج يقال أد خرج رأسك وخراج مدينتك والمعنى إن تسألهم أجرا على ما جئت به فأجر ربك وثوابه خير.
" لناكبون " من نكب عن الطريق إذا عدل عنه ومال ومثله نكب بالتشديد.
" ذرأكم " " خلقكم ".
" همزات الشياطين " نخساتهم وغمزاتهم للإنسان وطعنهم فيه.
" برزخ إلى يوم يبعثون " القبر لأنه بين الدنيا والآخرة وكل شيء بين شيئين فهو برزخ.
" اخسؤوا فيها " ابعدوا فيها بلغة عذرة وبلغة قريش اصبروا وهو إبعاد بمكروه.
" العادين " الحساب.
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).