تفسير سورة المؤمنون

تفسير ابن أبي حاتم

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم.
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

سورة المؤمنون
٢٣ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قَالَ: الْحَافِظُ الْكَبِيرُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ الله.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا
١٤٠٤٣ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ
١٤٠٤٤ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ضَالِّينَ يَقُولُ: جَاهِلِينَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُون
١٤٠٤٥ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ «١» حَدَّثَنَا أَبُو الزَّعْرَاءِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَا يُخْرِجُ مِنْهُمْ أَحَدًا، يَعْنِى مِنْ جَهَنَّمَ، غَيْرَ وُجُوهِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ «فَيَجِيءُ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ» «٢» يَشْفَعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ. يَقُولُ مَنْ عَرَفَ أَحَدًا فَيُخْرِجْهُ فَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَنْظُرُ فيعرف أحدا فيقول: يا فلان فيه أنا فلان، فيقول: أعرفك فعند ذلك يقول: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فعند ذلك يقول: اخسؤا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ، طُبِّقَتْ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ بَشَرٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: اخسؤا
١٤٠٤٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي مُوسَى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَوْلُهُ: اخسؤا يعني: اصغروا.
(١). المثبت من تفسير ابن كثير ٥/ ٤٩٢.
(٢). اضافة من المرجع السابق.
قوله تعالى :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ آية١٠٧
حدثنا أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، حدثنا أبو الزعراء قال : قال عبد الله بن مسعود لا يخرج منهم أحدا، يعني من جهنم، غير وجوههم وألوانهم.
" فيجيء الرجل المؤمن " يشفع فيقول : يا رب. يقول من عرف أحدا فيخرجه فيجيء الرجل فينظر فيعرف أحدا فيقول : يا فلان فيه أنا فلان، فيقول : أعرفك فعند ذلك يقول :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ فعند ذلك يقول :﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ فإذا قال ذلك، طبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر.
قوله تعالى :﴿ اخسئوا ﴾ آية ١٠٨
حدثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتم، ثنا عبد الرحمن ابن أبي حماد، عن أسباط، عن السدي، عن أبي مالك قوله :﴿ اخسئوا ﴾ يعني : اصغروا.
قوله تعالى :﴿ فيها ولا تكلمون ﴾ حدثنا أبي ثنا عبدة بن سليمان المروزي، ثنا بن المبارك، ثنا سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيوب عبد الله بن عمرو قال :[ إن أهل جهنم يدعون مالكا، فلا يجيبهم أربعين عاما ثم يرد عليهم : إنكم ماكثون، قال : هانت دعوتهم والله على مالك ورب مالك. ثم يدعون ربهم فيقولون ﴿ ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ قال : فيسكت، عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يرد عليهم ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ قال : والله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم. قال : فشبهت أصواتهم بأصوات الحمير ؛ أولها زفير وآخرها شهيق.
أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إلي، حدثني أبي، ثنا عمي، حدثني أبي، عن ابن عباس ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ قال : هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه. حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد، ثنا عبد الرزاق، ثنا عبد الله ابن عيسى الكلاعي، عن زياد بن سعد في قول الله :﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ قال : فيطبق عليهم فلا يسمع فيها إلا مثل طنين " الطست ".
قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ
١٤٠٤٧ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا بن المبارك، ثنا سعيد ابن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: [إِنَّ أَهْلَ جَهَنَّمَ يَدْعُونَ مَالِكًا، فَلا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ، قَالَ: هَانَتْ دَعْوَتُهُمْ وَاللَّهِ عَلَى مَالِكٍ وَرَبِّ مَالِكٍ. ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ: فَيَسْكُتُ، عَنْهُمْ قَدْرَ الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يرد عليهم اخسؤا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا نَبَسَ الْقَوْمُ بَعْدَهَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا هُوَ إِلا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. قَالَ: فَشُبِّهَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِأَصْوَاتِ الْحَمِيرِ أَوَّلُهَا زَفِيرٌ وَآخِرُهَا شَهِيقٌ] «١».
١٤٠٤٨ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي أَبِي ثنا عَمِّي حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ابن عباس اخسؤا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الرَّحْمَنِ حِينَ انْقَطَعَ كَلامُهُمْ مِنْهُ.
١٤٠٤٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا عبد الله ابن عِيسَى الْكَلاعِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ فِي قول الله: اخسؤا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ قَالَ:
فَيُطْبَقُ عَلَيْهِمْ فَلا يُسْمَعُ فِيهَا إِلا مِثْلُ طَنِينِ «الطَّسْتِ» «٢».
قَوْلُهُ تعالى: إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي
١٤٠٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: فَرِيقٌ يًعْنِى: طَائِفَةً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا
١٤٠٥١ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلُهُ: آمَنَ يَعْنِى: صَدَّقَ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَوْلُهُ تعالى: فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا
١٤٠٥٢ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عُبَيْدٌ الْعَبْدِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
(١). ما بين معكوفين طمس في الأصل والإضافة، عن ابن كثير ٥/ ٤٩٢. [.....]
(٢). إضافة عن الطبري ٢١/ ٦٠.
عِمْرَانَ الْجَنَدِيَّ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ إِلا رَحِمَه، وَلَوْ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ لَرَحِمَهُمْ، وَلَكِنْ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ.
١٤٠٥٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا قَالَ: [هما مختلفان سخريا وسخرنا، وَيَقُولُ اللَّهُ: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا قال: يَسْخَرُونَ] «١» وَالآخَرُونَ الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ سِخْرِيًّا وَالْآخَرُونَ: اسْتَهْزَءُوا بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ هُمْ سُخْرِيًّا يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ، فَهُمَا مختلفان.
قوله تعالى: حتى أنسوكم
١٤٠٥٤ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أُمَيَّةَ قَالَ: إِنَّ فِي جَهَنَّمَ «٢».... فِيهَا «٣».... سَبْعِينَ عَامًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ذِكْرِي
١٤٠٥٥ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، ثنا ابْنُ ذِئْبٍ قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ قَوْلِهِ: الذِّكْرَ قَالَ: الْقُرْآنُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ
١٤٠٥٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قوله: تَضْحَكُونَ قَالَ: فِي الدُّنْيَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ
١٤٠٥٧ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: الْيَوْمَ قَالَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى بِمَا صَبَرُوا
١٤٠٥٨ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا شُعَيْبٌ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ: بِمَا صَبَرُوا، عن معصية الله.
(١). غير واضحة بالأصل والاضافة، عن الطبري ٢٩/ ٦١.
(٢). طمس بالأصل.
(٣). طمس بالأصل.
قوله تعالى :﴿ إني جزيتهم اليوم ﴾ آية١١١
حدثنا أبي، ثنا هشام بن خالد، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله :﴿ اليوم ﴾ قال : يوم القيامة.
قوله تعالى :﴿ بما صبروا ﴾
حدثنا أبي، ثنا هشام بن خالد، ثنا شعيب، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله :﴿ بما صبروا ﴾، عن معصية الله.
قوله تعالى :﴿ أنهم هم الفائزون ﴾
حدثنا أبي، ثنا هشام بن خالد، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله :﴿ أنهم هم الفائزون ﴾ أي الناجون من النار إلى الجنة ومن عذاب الله إلى رحمته.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ
١٤٠٥٩ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ أَيِ النَّاجُونَ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَى رَحْمَتِهِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
١٤٠٦٠ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا صَفْوَانُ، عَنْ أَيْفَعَ ابن عَبْدٍ الْكَلاعِيِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَدْخَلَ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. قَالَ: لَنِعْمَ مَا اتَّجَرْتُمْ فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ، رَحْمَتِي وَرِضْوَانِي وَجَنَّتِي امْكُثُوا فِيهَا خَالِدِينَ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ النَّارِ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟ قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. فَيَقُولُ: بِئْسَ مَا اتَّجَرْتُمْ فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ، نَارِي وَسُخْطِي امْكُثُوا فِيهَا خَالِدِينَ مُخَلَّدِينَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ
١٤٠٦١ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَيْفَعَ بْنِ عَبْدِ الْكَلاعِيِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَدْخَلَ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ. قَالَ: يَقُولُ: يَا أَهْلَ النَّارِ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. فَيَقُولُ: لَبِئْسَ مَا اتَّجَرْتُمْ فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ، نَارِي وَسُخْطِي امْكُثُوا فِيهَا خَالِدِينَ مُخَلَّدِينَ.
قوله تعالى: فسئل العادين
[الوجه الأول]
١٤٠٦٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا زَيْدُ بن الحباب، ثنا الحسين بن زائد، عن، زيد النحوي، عن عكرمة فسئل الْعَادِّينَ قَالَ: الَّذِينَ يَحْسِبُونَ.
١٤٠٦٣ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عن معمر، عن قتادة فسئل العادين قال: [فسئل الحساب.] «١»
(١). طمس بالأصل والمثبت عن الطبري ٢١/ ٦٣.
قوله تعالى :﴿ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ﴾ آية١١٣
حدثنا أبي، ثنا محمد بن الوزير الدمشقي، ثنا الوليد، ثنا صفوان بن عمرو، عن أيفع بن عبد الكلاعي أنه سمعه يخطب الناس فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله إذا أدخل أهل النار النار. قال : يقول : يا أهل النار كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم. فيقول : لبئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم، ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين مخلدين.
قوله تعالى :﴿ فسئل العادين ﴾
حدثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا زيد بن الحباب، ثنا الحسين بن زايد، عن زيد النحوي، عن عكرمة ﴿ فسئل العادين ﴾ قال : الذين يحسبون.
حدثنا أبي، ثنا سعيد بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن سعد، عن معمر، عن قتادة ﴿ فسئل العادين ﴾ قال :[ فسئل الحساب ].
الوجه الثاني :
حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله :﴿ فسئل العادين ﴾ الملائكة.
وروى، عن الربيع بن أنس مثل ذلك.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
١٤٠٦٤ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قوله: فسئل الْعَادِّينَ الْمَلائِكَةَ.
وَرُوِيَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
١٤٠٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَقَالَ: كَمْ لَبِثْتُمْ فَقَالُوا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. وَكُلُّ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ.
١٤٠٦٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: إِنَّ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا أَيْ فِي الدُّنْيَا، تَحَاقَرَتِ الدُّنْيَا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَقَلَّتْ حِينَ عَايَنُوا يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا
١٤٠٦٧ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، عن الريع بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا قَالَ: مَا خَلَقْتُكُمْ لَعِبًا، وَلَكِنْ خَلَقْتُكُمْ لِلْعِبَادَةِ.
١٤٠٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا لَا وَاللَّهِ مَا خَلَقَ شَيْئًا عَبَثًا وَلا تَرَكَ شَيْئًا سُدًى.
قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ
١٤٠٦٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ ابن سُلَيْمَانَ شَيْخُ أَهْلِ الطُّرُقِ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: إِنَّ آخِرَ خُطْبَةٍ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثًا وَلَنْ تُتْرَكُوا سُدًى وَإِنَّ لَكُمْ مَعَادًا يَنْزِلُ اللَّهُ فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْنَكُمْ، وَيَفْصِلُ بَيْنَكُمْ، فَخَابَ وَخَسِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ رَحْمَةِ الله وحرم جنته عرضها
قوله تعالى :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ﴾ آية١١٥
حدثنا أبي، ثنا عمرو بن رافع، ثنا سليمان بن عامر، عن الربيع بن أنس في قوله :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ﴾ قال : ما خلقتكم لعبا، ولكن خلقتكم للعبادة.
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا العباس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريع، ثنا سعيد، عن قتادة قوله :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ﴾ لا والله ما خلق شيئا عبثا ولا ترك شيئا سدى. قوله تعالى :﴿ وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾
حدثنا علي بن الحسين، ثنا علي بن محمد الطنافسي، ثنا إسحاق ابن سليمان شيخ أهل الطرق، ثنا شعبة، عن صفوان، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال : إن آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال : أما بعد فإنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم، ويفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنته عرضها السماوات والأرض ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم وخافه [ وباع نافذا بباق ] وقليلا بكثير، وخوفا بأمان ألا ترون إنكم من أصلاب [ الهالكين وسيكون من بعدكم الباقون ] حين تردون إلى خير الوارثين ؟ ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى اجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض، في بطن صدع غير ممتد ولا موسد، قد فارق الأحباب، وباشر التراب، وواجه الحساب، مرتهن بعمله، غني عن ما ترك، فقير إلى ما قدم، فاتقوا الله قبل انقضاء مواثيقه، ونزول الموت بكم. ثم رفع [ جعل طرف ] ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله.
السماوات وَالأَرْضُ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ غَدًا إِلا مَنْ حَذِرَ الْيَوْمَ وَخَافَهُ [وَبَاعَ نَافِذًا بِبَاقٍ] «١» وَقَلِيلا بِكَثِيرٍ، وَخَوْفًا بِأَمَانٍ إِلا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ مِنْ أَصْلابِ [الْهَالِكِينَ وَسَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمُ الْبَاقُونَ] «٢» حِينَ تُرَدُّونَ إِلَى خَيْرِ الْوَارِثِينَ؟ ثُمَّ إِنَّكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُشَيِّعُونَ غَادِيًا وَرَائِحًا إِلَى اللَّهِ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ وَانْقَضَى أَجَلُهُ حَتَّى تُغَيِّبُوهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الأَرْضِ، فِي بَطْنِ صَدْعٍ غَيْرِ مُمْتَدٍّ وَلا مُوَسَّدٍ، قَدْ فَارَقَ الأَحْبَابَ، وَبَاشَرَ التُّرَابَ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ، مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِهِ، غَنِيٌّ عَنْ مَا تَرَكَ، فَقِيرٌ إِلَى مَا قَدَّمَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مَوَاثِيقِهِ، وَنُزُولِ الْمَوْتِ بِكُمْ. ثُمَّ رَفَعَ [جَعَلَ طَرْفَ] «٣» رِدَائِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ.
قوله تعالى: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ
١٤٠٧٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلانِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ حَنَشِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلا مُصَابًا مُرَّ بِهِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَرَأَ فِي أُذُنِهِ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ فَبَرَأَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَاذَا قَرَأْتَ فِي أُذُنِهِ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلا مُوقِنًا قَرَأَهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَالَ.
١٤٠٧١ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فتعالى الله قال: هو الانكفاف أَنْكَفَ نَفْسَهُ أَنْكَفَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَمَا سَبَّحَ لَهُ.
قوله تعالى الْمَلِكُ
١٤٠٧٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْعَلافُ الْوَاسِطِيُّ، ثنا أَبُو الْمُسَيَّبِ (سَلَمَةُ) «٤» بْنُ سَلامٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ نَهْشَلِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَانٌ لأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا فِي السُّفُنِ، بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ
(١). ما بين معكوفين اضافة، عن ابن كثير ٥/ ٤٩٤.
(٢). ما بين معكوفين اضافة، عن ابن كثير ٥/ ٤٩٤.
(٣). ما بين معكوفين اضافة، عن ابن كثير ٥/ ٤٩٤.
(٤). في الأصل (سلم) انظر ابن كثير ٥/ ٤٩٤.
2513
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قبضته يوم القيامة والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
قوله تعالى: الحق
[الوجه الأول]
١٤٠٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عن إسماعيل، عن علي ابن صَالِحٍ قوله: الْحَقُّ قَالَ: الْحَقُّ هُوَ اللَّهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
١٤٠٧٤ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: الْحَقُّ قَالَ: الْعَدْلُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى لَا إِلَهَ إِلا هُوَ
١٤٠٧٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَيْسِ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عمر ابن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي السَّلُولِيُّ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ كَلِمَةُ الإِخْلاصِ.
١٤٠٧٦ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ قوله: لا إِلَهَ إِلا هُوَ قَالَ: إِنَّ النصارى أتو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَمُوهُ فِي عيسى بن مَرْيَمَ، وَقَالُوا لَهُ: مَنْ أَبُوهُ؟ وَقَالُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَالْبُهْتَانَ. لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا. فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لا يَكُونُ وَلَدٌ إِلا وَهُوَ أَبَاهُ. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّنَا حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَأَنَّ عِيسَى يَأْتِي عَلَيْهِ الْفِنَاءُ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّنَا قَيِّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَتَوَلاهُ وَيَحْفَظُهُ وَيَرْزُقُهُ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ فَهَلْ يَمْلِكُ عيسى بن مَرْيَمَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفْلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ؟ قَالُوا: بَلَى فَإِنَّ رَبَّنَا صَوَّرَ عِيسَى فِي الرَّحِمِ كَيْفَ يَشَاءُ.
قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّنَا لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَلا يَشْرَبُ وَلا يُحْدِثُ الْحَدَثَ؟ قَالُوا:
بَلَى. قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عِيسَى حَمَلْتَهُ أُمُّهُ كَمَا تَحْمِلُ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ كَمَا تَضَعُ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا، ثُمَّ غُذِّيَ كَمَا يُغَذَّى الصَّبِيُّ، ثُمَّ كَانَ يُطْعَمُ الطَّعَامَ وَيَشْرَبُ الشَّرَابَ
2514
وَيُحْدِثُ الْحَدَثَ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَكَيْفَ يَكُونَ هَذَا كَمَا زَعَمْتُمْ؟ فَعَرَفُوا، ثُمَّ أَبَوْا إِلا جُحُودًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ
١٤٠٧٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو غَسَّانَ زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ أَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكٌ فِي أَمْرِهِ.
قوله تعالى: رَبُّ الْعَرْشِ
١٤٠٧٨ - حَدَّثَنَا أَبِي ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ثنا مُطْعِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ تَجَمَّدَتِ الأَنْفُسُ، وَضَاعَ الْعِيَالُ، وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَهَلَكَتِ الأَنْعَامُ فَاسْتَسْقِ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ: فَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ على سماواته، وسماواته عَلَى أَرْضِهِ، قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ، وَإِنَّهُ ليأط بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّكْبِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: الْكَرِيمِ
١٤٠٧٩ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قوله: الكريم يعني الحسن.
آخر تفسير سورة المؤمنون.
2515
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).