تفسير سورة الليل

حومد

تفسير سورة سورة الليل من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد.
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

﴿الليل﴾
(١) - يُقْسِمُ تَعَالَى بِاللَّيْلِ حِينَ يَلُفَّ الأَرْضَ وَمَنْ فِيهَا بِظَلاَمِهِ، فَتَخْلُدُ المَخْلُوقَاتُ إِلَى النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ مِنْ عَنَاءِ النَّهَارِ.
يَغْشَى - يُغَطَّي الكَوْنَ بِظُلْمَتِهِ.
(٢) - وَأَقْسَمَ تَعَالَى بِالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى بِضِيَائِهِ وَإِشْرَاقِهِ لِتَتَحَرَّكَ المَخْلُوقَاتُ لِطَلَبِ مَعَاشِهَا وَأَرْزَاقِهَا.
تَجَلَّى - ظَهَرَ بِضَوْئِهِ.
(٣) - نُمَّ أَقْسَمَ تَعَالَى بِدَايِهِ الكَرِيمَةِ فَهْوَ تَعَالَى خَالِقُ الذَّكَر والأُنْثَى مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ.
(٤) - وَقَدْ أَقْسَمَ تَعَالَى بِمَا سَبَقَ عَلى أَنَّ أَعْمَالَ العِبَادِ مُتَخَالفَةٌ، مُتَفَرِّقٌ بَعْضُهَا عَن بَعْضٍ، بَعْضُهَا ضَلاَلٌ وَعمَايَةٌ، وَبَعْضُهَا هُدًى وَنُورٌ.
لَشَتَّى - لَعَمَلُكُمْ مُخْتَلِفٌ فِي الجَزَاءِ.
(٥) - فَأَمَّا مَنْ بَذَلَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَاتْقَاهُ، وَصَرَفَ نَفْسَهُ عَن الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ.
(٦) - وَصَدَّقَ بِفِعْلِ الخَيْرِ وَفَضَّلَهُ عَلَى الشَّرِّ، وَفَضَّلَ الإِيْمَانَ عَلَى الكُفْرِ.
(٧) - فَإِنَّهُ تَعَالَى سَيُيَسِّرُهُ لأَيْسرِ الخُطَّتَينِ فِي فِطْرَةِ الإِنْسَانِ، وَهِيَ فطْرَةُ فِعْلِ الخَيْرِ، الذِي تَبْلُغُ بِهِ النَفْسُ الإِنْسَانِيَّةُ أَوْجَ سَعَادَتِهَا.
(٨) - وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بِمَالِهِ، وَأَمْسَكَ عَنْ إِنْفَاقِهِ فِي سَبِيلِ الخَيْرِ، وَفِيمَا يُقَرِّبُهُ مِنَ اللهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَاسْتَغْنَى عَنْ رَبِّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ.
(٩) - وَكَذِّبَ بِأَنَّ الخَيْرَ أَفْضَلُ مِنَ الشَّرِّ، وَأَنَّ الإِيْمَانَ خَيْرٌ مِنَ الكُفْرِ، وَأَنَّ مَرْضَاةَ اللهِ خَيْرٌ مِنْ غَضَبِهِ، وَأَنَّ الجَنَّةَ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
(١٠) - فَمَنْ مَرَنَتْ نَفْسُهُ عَلَى فِعْلِ الشَّرِّ، وَعَلَى الإِمْسَاكِ عَنْ فِعْلِ الخَيْرِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُيَسِّرُهُ إِلَى أَعْسَرِ الخُطَّتَينَ، وَهُوَ طَرِيقُ فِعْلِ الشَّرِّ وَالغَوَايَةِ.
(١١) - وَإِذَا يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْعُسَرى، فَأَيُّ شَيءٍ يُغَنِيهِ عَنْهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، هَذَا المَالُ الذِي بَخِلَ بِهِ عَلَى النَّاسِ، وَلَمْ يَنْفِقْهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالخَيْرِ وَمَرْضَاةِ رَبِّهِ، فَكَانَ ذَلِكَ البُخْلُ سَبَباً لِتَرَدِّيهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ مَا يُغْنِي - مَا يَدْفَعُ وَيُفِيدُ.
تَرَدَّى - هَلَكَ وَهَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
(١٢) - يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ خَلَقَ الإِنْسَانَ، وَأَعْطَاهُ قَوَّةَ التَّمْيِيزِ بِينَ الخَيْرِ وَالشَّرِ، وَبَعَثَ إِلَيهِ الرُّسُلَ مُبَشِرِّينَ وَمُنْذِرِينَ، وَوَضَعَ الشَّرَائِعَ التِي تَهْدِيهِ إِلَى سَبِيلِ الهُدَى وَالرَّشَادِ.
لَلْهُدَى - الدَّلاَلَةَ عَلَى الحَقِّ وَبََيَانِ طَرِيقِهِ.
﴿لَلآخِرَةَ﴾
(١٣) - وَإِنَّهُ تَعَالَى مَالِكُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَجَمِيعُ مَنْ فِي الوُجُودِ خَلْقُهُ وَعِبِيدُهُ، وَهُوَ المُتَصَرِّفُ بِالكَوْنِ تَصَرُّفاً مُطْلَقاً.
(١٤) - وَإِنَّهُ تَعَالَى أَنْذَرَ الكُفَّارَ وَحَذَّرَهُمْ مِنَ العَذَابِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ المُلْتَهِبَةِ، وَذَلِكَ رَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ، وَقَطْعاً لِحُجَّتِهِمْ.
تَلَظَّى - تَتَلَهَّبُ وَتَتَوقدُ.
﴿يَصْلاَهَآ﴾
(١٥) - وَهَذِهِ النَّارُ المُلْتَهِبَةُ لاَ يُعَذَّبُ فِيهَا إِلاَّ الشَّقِيُّ.
لاَ يَصْلاَهَا - لاَ يَدْخُلُها وَيُقَاسِي حَرَّهَا.
(١٦) - الذِي كَفَرَ بِرَبِّهِ، وَكَذَّبَ بِآيَاتِهِ وَرُسُلِهِ، وَأَعْرَضَ عَنِ اتِّبَاعِ شَرْعِ اللهِ (تَوَلَّى).
(١٧) - وَهَذِهِ سَيَنْجُو مِنَ العَذَابِ فِيهَا الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ التَّقِيُّ الصَّالِحُ، الذِي خَافَ رَبَّهُ، وَخَشَعَتْ نَفْسُهُ لَهُ.
سَيُجَنَّبهَا - سَيُبْعَدُ عَنْهَا.
(١٨) - الذِي يُنْفِقُ مَالَهُ فِي وُجُوهِ البِرِّ وَالخَيْرِ طَالِباً بِذَلِكَ طَهَارَةَ نَفْسِهِ، وَالفَوْزَ بِرضْوَانِ رَبِّهِ.
يُؤْتِي مَالَهُ - يَتَصَدَّقُ بِهِ وَيُعْطِيهِ الفُقَرَاءَ.
يَتَزَكَّى - يَتَطَهَّرُ مِنَ الذُنُوبِ.
(١٩) - وَهُوَ لاَ يَبْذُلُ مَالَهُ رَدّاً لِجَمِيلٍ أُسْلِفَ إِلَيهِ وَأُسْدِيَ.
تُجْزَى - تُكَافَأُ.
(٢٠) - وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ إِنْفَاقِ المَالِ، ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِ، وَطَلَباً لِمَثُوبَتِهِ وَحْدَهُ. (وَهَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).
(٢١) - وَلَسَوْفَ يُرضِي اللهُ بِثَوَابِهِ العَظِيمِ مَنْ بَذَلَ مَالَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِ.
سورة الليل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (اللَّيل) مكية، نزلت بعد سورة (الأعلى)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(اللَّيل)، وهو آيةٌ من آيات الله الدالةِ على عظمته وقُدْرته وتصرُّفه في هذا الكون، وبيَّنت السورة الكريمة تبايُنَ مَساعي البشر، المؤديَ إلى تبايُنِ مستقرَّاتهم في الدار الآخرة، وفي ذلك دعوةٌ إلى السعيِ إلى الخير، وتركِ الشر.

ترتيبها المصحفي
92
نوعها
مكية
ألفاظها
71
ترتيب نزولها
9
العد المدني الأول
21
العد المدني الأخير
21
العد البصري
21
العد الكوفي
21
العد الشامي
21

* سورة (اللَّيل):

سُمِّيت سورة (اللَّيل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(اللَّيل).

1. القَسَم على تبايُنِ سعي البشر (١-٤).

2. اعملوا فكلٌّ مُيسَّر (٥-١٣).

3. إنذار وتحذير (١٤- ٢١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9/172).

بيانُ قدرة الله عزَّ وجلَّ، وتصرُّفِه في هذا الكون، وتبايُنِ سعيِ البشر المؤدي إلى تباين مآلاتهم.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /378).