تفسير سورة الليل

تفسير البيضاوي

تفسير سورة سورة الليل من كتاب أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بـتفسير البيضاوي.
لمؤلفه البيضاوي . المتوفي سنة 685 هـ
سورة الليل مكية وآيها إحدى وعشرين آية.

(٩٢) سورة والليل
مكية، وآيها إحدى وعشرون آية
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى أي يغشى الشمس أو النهار أو كل ما يواريه بظلامه.
وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ظهر بزوال ظلمة الليل، أو تبين بطلوع الشمس.
وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى والقادر الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل نوع له توالد، أو آدم وحواء وقيل مَا مصدرية.
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى إن مساعيكم لأشتات مختلفة جمع شتيت.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ٥ الى ٧]
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧)
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى تفصيل مبين لتشتت المساعي. والمعنى من أعطى الطاعة واتقى المعصية وصدق بالكلمة الحسنى وهي ما دلت على حق ككلمة التوحيد.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى فسنهيئه للخلة التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة، من يسر الفرس إذا هيأه للركوب بالسرج واللجام.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ٨ الى ١٠]
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بما أمر به. وَاسْتَغْنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى.
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى بإنكار مدلولها.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى للخلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١١ الى ١٣]
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣)
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ نفي أو استفهام إنكار. إِذا تَرَدَّى هلك تفعل من الردى، أو تردى في حفرة القبر أو قعر جهنم.
إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى للإرشاد إلى الحق بموجب قضائنا أو بمقتضى حكمتنا، أو إِنَّ عَلَيْنا طريقة الهدى كقوله سبحانه وتعالى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ.
وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء، أو ثواب الهداية للمهتدين، أو فلا يضرنا ترككم الاهتداء.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١٤ الى ١٨]
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى تتلهب.
لاَ يَصْلاها لا يلزمها مقاسياً شدتها. إِلَّا الْأَشْقَى إلا الكافر فإن الفاسق وإن دخلها لا يلزمها ولذلك سماه أشقى ووصفه بقوله:
الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى أي كذب الحق وأعرض عن الطاعة.
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الذى اتقى الشرك والمعاصي فإنه لا يدخلها فضلاً عن أن يدخلها ويصلاها، ومفهوم ذلك أن من اتقى الشرك دون المعصية لا يجنبها ولا يلزم ذلك صليها فلا يخالف الحصر السابق.
الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يصرفه في مصارف الخير لقوله: يَتَزَكَّى فإنه بدل من يُؤْتِي أو حال من فاعله.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١٩ الى ٢١]
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١)
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى فيقصد بإيتائه مجازاتها.
إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى استثناء منقطع أو متصل عن محذوف مثل لا يؤتى إلا ابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة.
وَلَسَوْفَ يَرْضى وعد بالثواب الذي يرضيه. والآيات نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين اشترى بلالاً في جماعة تولاهم المشركون فأعتقهم، ولذلك قيل: المراد بالأشقى أبو جهل أو أمية بن خلف.
عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من قرأ سورة والليل أعطاه الله سبحانه وتعالى حتى يرضى وعافاه من العسر ويسر له اليسر».
سورة الليل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (اللَّيل) مكية، نزلت بعد سورة (الأعلى)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(اللَّيل)، وهو آيةٌ من آيات الله الدالةِ على عظمته وقُدْرته وتصرُّفه في هذا الكون، وبيَّنت السورة الكريمة تبايُنَ مَساعي البشر، المؤديَ إلى تبايُنِ مستقرَّاتهم في الدار الآخرة، وفي ذلك دعوةٌ إلى السعيِ إلى الخير، وتركِ الشر.

ترتيبها المصحفي
92
نوعها
مكية
ألفاظها
71
ترتيب نزولها
9
العد المدني الأول
21
العد المدني الأخير
21
العد البصري
21
العد الكوفي
21
العد الشامي
21

* سورة (اللَّيل):

سُمِّيت سورة (اللَّيل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(اللَّيل).

1. القَسَم على تبايُنِ سعي البشر (١-٤).

2. اعملوا فكلٌّ مُيسَّر (٥-١٣).

3. إنذار وتحذير (١٤- ٢١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9/172).

بيانُ قدرة الله عزَّ وجلَّ، وتصرُّفِه في هذا الكون، وتبايُنِ سعيِ البشر المؤدي إلى تباين مآلاتهم.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /378).