ﰡ
- ٢ - وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى
- ٣ - وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى
- ٤ - إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى
- ٥ - فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى
- ٦ - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى
- ٧ - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى
- ٨ - وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى
- ٩ - وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى
- ١٠ - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى
- ١١ - وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى
أقسم تعالى بالليل ﴿إِذَا يَغْشَى﴾ أَيْ إِذَا غَشِيَ الْخَلِيقَةَ بِظَلَامِهِ، ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ أَيْ بِضِيَائِهِ وَإِشْرَاقِهِ، ﴿وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى﴾ كقوله تعالى: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً﴾، ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ أَيْ أَعْمَالُ الْعِبَادِ الَّتِي اكتسبوها متضادة وَمُتَخَالِفَةٌ، فَمِنْ فَاعِلٍ خَيْرًا وَمِنْ فَاعِلٍ شَرًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ أَيْ أَعْطَى مَا أُمِرَ بِإِخْرَاجِهِ، وَاتَّقَى اللَّهَ في أموره، ﴿وَصَدَّقَ بالحسنى﴾ بالمجازاة على ذلك أي بالثواب، وقال ابن عباس، ومجاهد: ﴿صدّق بالحسنى﴾ أي بالخُلْف، وقال الضحّاك: بلا إله إلا الله، وقال أُبيّ بن كعب: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسنى قال: "الحسنى: الجنة" (أخرجه ابن أبي حاتم). وقوله تعالى: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي لِلْخَيْرِ، وقال زيد بن أسلم: يعني للجنة، ﴿وَأَمَّا مَن بَخِلَ﴾ أَيْ بِمَا عِنْدَهُ ﴿وَاسْتَغْنَى﴾ قال ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ بَخِلَ بِمَالِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْ ربه عزَّ وجلَّ: ﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾ أَيْ بِالْجَزَاءِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ أَيْ لِطَرِيقِ الشَّرِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُجَازِي مَنْ قَصَدَ الْخَيْرَ بِالتَّوْفِيقِ لَهُ، وَمَنْ قَصَدَ الشَّرَّ بِالْخِذْلَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَدَرٍ مُقَدَّرٍ، وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى هذا المعنى كثيرة. روى البخاري عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه
- ١٣ - وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالْأُولَى
- ١٤ - فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى
- ١٥ - لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ الْأَشْقَى
- ١٦ - الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى
- ١٧ - وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى
- ١٨ - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى
- ١٩ - وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى
- ٢٠ - إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى
- ٢١ - وَلَسَوْفَ يَرْضَى
قَالَ قَتَادَةُ ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾: أَيْ نُبَيِّنُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْهُدَى وَصَلَ إِلَى اللَّهِ، وَجَعَلَهُ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَلَى الله قَصْدُ السبيل﴾، وقوله تعالى: ﴿وَإِن لَنَا لَلآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾ أَيِ الْجَمِيعُ مِلْكُنَا وأنا المتصرف فيهما، وقوله تعالى: ﴿فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ:
أَيْ تَوَهَّجُ، وفي الحديث: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي منهما دماغه» أخرجه البخاري. وفي رواية
[مقدمة]
يستحب التكبير من آخر الضحى لآخر سورة الناس، وقد ذكر القراء أن ذلك سنّة مأثورة وذكروا فِي مُنَاسَبَةِ التَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ (سُورَةِ الضُّحَى) أَنَّهُ لَمَّا تَأَخَّرَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَرَ تِلْكَ الْمُدَّةَ ثم جاء الْمَلَكُ فَأَوْحَى إِلَيْهِ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ السورة بتمامها كبّر فرحاً وسروراً (قال ابن كثير: لم يُرْوَ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِصِحَّةٍ وَلَا ضَعْفٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ).