ﰡ
هي في قراءة عبد الله «والذكرِ والأنثى » فلو خفض في قراءتنا «الذكر والأنثى » يجعل «وما خلق » كأنه قال : والذي خلق من الذكر والأنثى، وقرأه العوام على نصبها، يريدون : وخلقه الذكر والأنثى.
هذا جواب القسم، وقوله :«لشتى » يقول : لمختلف، نزلت في أبي بكر بن أبي قحافة رحمه الله، وفي أبي سفيان، وذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه اشترى تسعة رجال كانوا في أيدي المشركين من ماله يريد به الله تبارك وتعالى ؛ فأنزل الله جل وعز فيه ذلك :﴿ فَأَمّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾ ﴿ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾ أبو بكر.
وقوله :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾.
يقول : قد خلق على أنه شقي ممنوع من الخير، ويقول القائل : فكيف قال :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ فهل في العسرى تيسير ؟ فيقال في هذا إِجازته بمنزلة قول الله تبارك وتعالى :﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾. والبشارة في الأصل على المفرح والسار ؛ فإذا جمعت في كلامين : هذا خير : وهذا شر جاز التيسير فيهما جميعا.
وقوله عز وجل :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ ﴾ سنهيئه. والعرب تقول : قد يسّرَت الغنم إذا ولدت وتهيأت للولادة : وقال الشاعر :
هما سيدانا يزعمان وإنما | يسوداننا أن يسَّرت غنماها |
يقول : من سلك الهدى فعلى الله سبيله، ومثله قوله :﴿ وَعلى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾ يقول : من أرادَ اللهَ فهو على السبيل القاصد، ويقال : إن علينا للهدى والإضلال، فترك الإضلال كما قال :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرّ ﴾، وهي تقي الحرّ والبرد.
لثواب هذه، وثواب هذه.
معناه : تتلظى فهي في موضع رفع، ولو كانت على معنى فعل ماض لكانت : فأنذرتكم نارا تلظّت.
[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء، قال : حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال، «فاتت عبيدَ بن عمير ركعةٌ من المغرب، فقام يقضيها فسمعته يقرأ :﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ﴾ : قال الفراء ورأيتُها في مصحف عبد الله :«تتلظّى » بتاءين.
إِلاّ من كان شقيا في علم الله.
لم يكن كذّب بردٍّ ظاهر، ولكنه قصّر عما أمِر به من الطاعة، فجُعل تكذيبا، كما تقول : لقي فلان العدو ؛ فكذب إِذا نكَل ورجع. قال الفراء : وسمعت أبا ثَرْوان يقول : إِنّ بني نمير ليس لجدهم مكذوبة. يقول : إذا لَقُوا صدقوا القتال ولم يرجعوا، وكذلك قول الله تبارك وتعالى :﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ ﴾ يقول : هي حق.
يقول : لم ينفق نفقته مكافأة ليد أحد عنده، ولكن أنفقها ابتغاء وجه ربه، فإلاّ في هذا الموضع بمعنى ( لكن ) وقد يجوز أن تجعل الفعل في المكافأة مستقبلا، فتقول : ولم يُرد مما أنفق مكافأةً من أحد. ويكون موقع اللام التي في أحدٍ في الهاء التي [ ١٤١/ب ] خفضتها عنده، فكأنك قلت : وماله عن أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها، وكلا الوجهين حسن، قال الفراء : ما أدري أي الوجهين أحسن، وقد تضع العرب الحرف في غير موضعه إذا كان المعنى معروفا.
وقد قال الشاعر :
لقد خفت حتى ما تزيدُ مخافتي | على وعلٍ في ذي المكاره عاقِل |
إن سراجا لكريم مفخره | تحلى به العين إذا ما تجهره |
وبلدةٍ ليس بها أنيس | إِلاّ اليعافير وإِلاّ العيس |