تفسير سورة التكاثر

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين ﴾ [ التكاثر : ٣-٥ ].
" كلا " في المواضع الثلاثة، قيل : للرّدع والزجر عن التكاثر، وقيل : بمعنى حقا، وقيل : الأوّلان للردع والزجر( ١ )، والثالث بمعنى حقا، وهو أشهرها.
قوله تعالى :﴿ سوف تعلمون ﴾ ذكره مرتين للتأكيد، أو الأول للقبر، والثاني للقيامة، أو الأول للكفار، والثاني للمؤمنين.
قوله تعالى :﴿ كلا لو تعلمون علم اليقين ﴾.
جواب " لو " محذوف( ٢ )، تقديره : لو تعلمون الأمر يقينا، لشغلكم ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر.
١ - هذا زجر وتهديد، أي ارتدعوا أيها الناس وانزجروا، عن الاشتغال بالدنيا الفانية، وتكديس الأموال والثروات، فسوف تعرفون عاقبة تفريطكم في جنب الله، وغفلتكم عن الآخرة، ثم كرّر الوعيد والتهديد بقوله: ﴿ثم كلا سوف تعلمون﴾ أي تعلمون عاقبة تفاخركم في الدنيا، إذا نزل بكم الموت. قال الحسن البصري: لا يغرنّك كثرة من ترى حولك ! فإنك تموت وحدك، وتُبعت وحدك، وتُحاسب وحدك..
٢ - جواب "لو" محذوف للتهويل، أي لو عرفتم هول ذلك اليوم، لما شغلكم التكاثر في الدنيا عن طاعة الله، ولما خُدعتم بهذه الحياة الفانية، وإنما لم يصلح أن يكون قوله تعالى: ﴿لترونّ الجحيم﴾ جوابا لها، لأن هذا في الآخرة، والخطاب لهم هنا في الدنيا..
قوله تعالى :﴿ لترونّ الجحيم ثم لترونّها عين اليقين ﴾ [ التكاثر : ٦-٧ ].
أعاده بقوله : " ثم لترونّها " تأكيدا، أو الأول قبل دخولهم الجحيم، والثاني بعده، ولهذا قال عقبه " عين اليقين " أو الأول من رؤية العين، والثاني من رؤية القلب.
قوله تعالى :﴿ ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم ﴾ [ التكاثر : ٨ ] يعمّ المؤمن والكافر( ١ )، فالمؤمن يُسأل عن شكره النعمة، والكافر يُسأل عنها سؤال توبيخ.
١ - أي لتُسألنّ عن نعم الله التي أنعم بها عليكم، والآية إنما وردت فيمن لم يشكر ربه على نعمه، أما من شكر النعمة، فقد أدى حقّها..
سورة التكاثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التكاثر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الكوثر)، ومحورُها ذمُّ الاشتغال بالدنيا ومَلذَّاتها، والتفاخرِ فيها، وجاءت بالتخويف من الجحيم؛ ليعودَ الناسُ إلى الله، ويتعلقوا بالآخرة وبما عند الله من الجزاء.

ترتيبها المصحفي
102
نوعها
مدنية
ألفاظها
28
ترتيب نزولها
16
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التكاثر):

سُمِّيت سورة (التكاثر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {أَلْهَىٰكُمُ اْلتَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1].

ذمُّ الاشتغال بالدنيا، والتخويفُ من الجحيم (١-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /318).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على التوبيخِ على اللَّهو عن النظر في دلائلِ القرآن ودعوة الإسلام بإيثار المال، والتكاثر به، والتفاخر بالأسلاف، وعدم الإقلاع عن ذلك إلى أن يَصِيروا في القبور كما صار مَن كان قبلهم، وعلى الوعيد على ذلك، وحثِّهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم، وأنهم مبعوثون ومسؤولون عن إهمالِ شُكْرِ المُنعِم العظيم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /518).