تفسير سورة المؤمنون

تفسير الجلالين

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين.
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿قد﴾ للتحقيق ﴿أفلح﴾ فاز ﴿المؤمنون﴾
﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ﴾ مُتَوَاضِعُونَ
﴿وَاَلَّذِينَ هم عن اللغو﴾ من الكلام وغيره {معرضون
﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ مُؤَدُّونَ
﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ عَنْ الْحَرَام
﴿إلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ﴾ أَيْ مِنْ زَوْجَاتهمْ ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ﴾ أَيْ السَّرَارِي ﴿فَإِنَّهُمْ غَيْر مَلُومِينَ﴾ في إتيانهن
﴿فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ﴾ مِنْ الزَّوْجَات وَالسَّرَارِي كَالِاسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ فِي إتْيَانهنَّ ﴿فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ﴾ الْمُتَجَاوِزُونَ إلَى مَا لَا يَحِلّ لَهُمْ
﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ﴾ جَمْعًا وَمُفْرَدًا ﴿وَعَهْدهمْ﴾ فِيمَا بَيْنهمْ أَوْ فِيمَا بَيْنهمْ وَبَيْن اللَّه مِنْ صَلَاة وَغَيْرهَا ﴿رَاعُونَ﴾ حَافِظُونَ
﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتهمْ﴾ جَمْعًا وَمُفْرَدًا ﴿يُحَافِظُونَ﴾ يُقِيمُونَهَا فِي أَوْقَاتهَا
١ -
﴿أُولَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ﴾ لَا غَيْرهمْ
١ -
﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس﴾ هُوَ جَنَّة أَعْلَى الْجِنَان ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ فِي ذَلِكَ إشَارَة إلَى الْمَعَاد وَيُنَاسِبهُ ذِكْر الْمَبْدَأ بَعْده
١ -
﴿وَ﴾ اللَّهْ ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان﴾ آدَم ﴿مِنْ سُلَالَة﴾ هِيَ مِنْ سَلَلْت الشَّيْء مِنْ الشَّيْء أَيْ اسْتَخْرَجْته مِنْهُ وَهُوَ خُلَاصَته ﴿مِنْ طِين﴾ متعلق بسلالة
١ -
﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ﴾ أَيْ الْإِنْسَان نَسْل آدَم ﴿نُطْفَة﴾ مَنِيًّا ﴿فِي قَرَار مَكِين﴾ هُوَ الرَّحِم
١ -
﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة عَلَقَة﴾ دَمًا جَامِدًا ﴿فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة مُضْغَة﴾ لَحْمَة قَدْر مَا يُمْضَغ ﴿فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَام لَحْمًا﴾ وَفِي قِرَاءَة عَظْمًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَخَلَقْنَا فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاث بِمَعْنَى صَيَّرْنَا ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر﴾ بِنَفْخِ الرُّوح فِيهِ ﴿فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ﴾ أَيْ الْمُقَدِّرِينَ وَمُمَيَّز أَحْسَن مَحْذُوف لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ خلقا
١ -
﴿ثم إنكم بعد ذلك لميتون﴾
١ -
﴿ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْم الْقِيَامَة تُبْعَثُونَ﴾ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاء
446
١ -
447
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقكُمْ سَبْع طَرَائِق﴾ أَيْ سَمَاوَات جَمْع طَرِيقَة لِأَنَّهَا طُرُق الْمَلَائِكَة ﴿وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْق﴾ الَّتِي تَحْتهَا ﴿غَافِلِينَ﴾ أَنْ تَسْقُط عَلَيْهِمْ فَتُهْلِكهُمْ بَلْ نُمْسِكهَا كَآيَةٍ ﴿وَيُمْسِك السَّمَاء أَنْ تَقَع عَلَى الْأَرْض﴾
١ -
﴿وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ﴾ مِنْ كِفَايَتهمْ ﴿فَأَسْكَنَاهُ فِي الْأَرْض وَإِنَّا عَلَى ذَهَاب بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ فَيَمُوتُونَ مَعَ دَوَابّهمْ عَطَشًا
١ -
﴿فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّات مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب﴾ هُمَا أَكْثَر فَوَاكِه الْعَرَب ﴿لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِه كَثِيرَة وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ صَيْفًا وَشِتَاء
٢ -
﴿وَ﴾ أَنْشَأْنَا ﴿شَجَرَة تَخْرُج مِنْ طُور سَيْنَاء﴾ جَبَل بِكَسْرِ السِّين وَفَتْحهَا وَمَنْع الصَّرْف لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيث لِلْبُقْعَةِ ﴿تَنْبُت﴾ مِنْ الرُّبَاعِيّ وَالثُّلَاثِيّ ﴿بِالدُّهْنِ﴾ الْبَاء زَائِدَة عَلَى الْأَوَّل وَمُعَدِّيَة عَلَى الثَّانِي وَهِيَ شَجَرَة الزَّيْتُون ﴿وَصِبْغ لِلْآكِلِينَ﴾ عَطْف عَلَى الدُّهْن أَيْ إدَام يَصْبُغ اللُّقْمَةَ بِغَمْسِهَا فِيهِ وهو الزيت
٢ -
﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَام﴾ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم ﴿لَعِبْرَة﴾ عِظَة تَعْتَبِرُونَ بِهَا ﴿نُسْقِيكُمْ﴾ بِفَتْحِ النُّون وَضَمّهَا ﴿مِمَّا فِي بُطُونهَا﴾ اللَّبَن ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِع كَثِيرَة﴾ مِنْ الْأَصْوَاف وَالْأَوْبَار وَالْأَشْعَار وَغَيْر ذلك ﴿ومنها﴾ تأكلون
٢ -
﴿وعليها﴾ الإبل ﴿وعلى الفلك﴾ السفن ﴿تحملون﴾
٢ -
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلَى قَوْمه فَقَالَ يَا قَوْم اُعْبُدُوا اللَّه﴾ أَطِيعُوا اللَّه وَوَحِّدُوهُ ﴿مَا لكم من إله غيره﴾ وَهُوَ اسْم مَا وَمَا قَبْله الْخَبَر وَمِنْ زَائِدَة ﴿أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ تَخَافُونَ عُقُوبَته بِعِبَادَتِكُمْ غَيْره
447
٢ -
448
﴿فَقَالَ الْمَلَأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمه﴾ لِأَتْبَاعِهِمْ ﴿مَا هَذَا إلَّا بَشَر مِثْلكُمْ يُرِيد أَنْ يَتَفَضَّل﴾ يَتَشَرَّف ﴿عَلَيْكُمْ﴾ بِأَنْ يَكُون مَتْبُوعًا وَأَنْتُمْ أَتْبَاعه ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّه﴾ أَنْ لَا يُعْبَد غَيْره ﴿لَأَنْزَلَ مَلَائِكَة﴾ بِذَلِكَ لَا بَشَرًا ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾ الَّذِي دَعَا إلَيْهِ نُوح مِنْ التَّوْحِيد ﴿فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ الْأُمَم الْمَاضِيَة
٢ -
﴿إنْ هُوَ﴾ مَا نُوح ﴿إلَّا رَجُل بِهِ جِنَّة﴾ حَالَة جُنُون ﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ﴾ انْتَظِرُوهُ ﴿حَتَّى حِين﴾ إلَى زَمَن مَوْته
٢ -
﴿قَالَ﴾ نُوح ﴿رَبّ اُنْصُرْنِي﴾ عَلَيْهِمْ ﴿بِمَا كَذَّبُونِ﴾ بِسَبَبِ تَكْذِيبهمْ إيَّايَ بِأَنْ تُهْلِكهُمْ قَالَ تَعَالَى مجيبا دعاءه
٢ -
﴿فَأَوْحَيْنَا إلَيْهِ أَنْ اصْنَعْ الْفُلْك﴾ السَّفِينَة ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ بِمَرْأَى مِنَّا وَحِفْظنَا ﴿وَوَحْينَا﴾ أَمْرنَا ﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرنَا﴾ بِإِهْلَاكِهِمْ ﴿وَفَارَ التَّنُّور﴾ لِلْخَبَّازِ بِالْمَاءِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَة لِنُوحٍ ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا﴾ أَيْ أَدْخِلْ فِي السَّفِينَة ﴿مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ﴾ ذَكَر وَأُنْثَى أَيْ مِنْ كُلّ أَنْوَاعهمَا ﴿اثْنَيْنِ﴾ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَهُوَ مَفْعُول وَمِنْ مُتَعَلِّقَة بِاسْلُكْ وَفِي الْقِصَّة أَنَّ اللَّه تَعَالَى حَشَرَ لِنُوحٍ السِّبَاع وَالطَّيْر وَغَيْرهمَا فَجَعَلَ يَضْرِب بِيَدَيْهِ فِي كُلّ نَوْع فَتَقَع يَده الْيُمْنَى عَلَى الذَّكَر وَالْيُسْرَى عَلَى الْأُنْثَى فَيَحْمِلهُمَا فِي السَّفِينَة وَفِي قِرَاءَة كُلّ بِالتَّنْوِينِ فَزَوْجَيْنِ مَفْعُول وَاثْنَيْنِ تَأْكِيد لَهُ ﴿وَأَهْلك﴾ زَوْجَته وَأَوْلَاده ﴿إلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل مِنْهُمْ﴾ بِالْإِهْلَاكِ وَهُوَ زَوْجَته وَوَلَده كَنْعَان بِخِلَافِ سَام وَحَام وَيَافِث فَحَمَلَهُمْ وَزَوْجَاتهمْ ثَلَاثَة وَفِي سُورَة هُود ﴿وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إلَّا قَلِيل﴾ قِيلَ كَانُوا سِتَّة رِجَال وَنِسَاؤُهُمْ وَقِيلَ جَمِيع مَنْ كَانَ فِي السَّفِينَة ثَمَانِيَة وَسَبْعُونَ نِصْفهمْ رِجَال وَنِصْفهمْ نِسَاء ﴿وَلَا تُخَاطِبنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ كَفَرُوا بِتَرْكِ إهلاكهم ﴿إنهم مغرقون﴾
٢ -
﴿فَإِذَا اسْتَوَيْت﴾ اعْتَدَلْت ﴿أَنْتَ وَمَنْ مَعَك عَلَى الْفُلْك فَقُلْ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ﴾ الْكَافِرِينَ وَإِهْلَاكهمْ
448
٢ -
449
﴿وقل﴾ عند نزولك في الْفُلْك ﴿رَبّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا﴾ بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح الزَّاي مَصْدَرًا وَاسْم مَكَان وَبِفَتْحِ الْمِيم وَكَسْر الزَّاي مَكَان النُّزُول ﴿مُبَارَكًا﴾ ذَلِكَ الْإِنْزَال أَوْ الْمَكَان ﴿وَأَنْتَ خَيْر الْمُنْزِلِينَ﴾ مَا ذُكِرَ
٣ -
﴿إنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الْمَذْكُور مِنْ أَمْر نُوح وَالسَّفِينَة وَإِهْلَاك الْكُفَّار ﴿لَآيَات﴾ دَلَالَات عَلَى قُدْرَة اللَّه تَعَالَى ﴿وَإِنْ﴾ مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَاسْمهَا ضَمِير الشَّأْن ﴿كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ مُخْتَبِرِينَ قَوْم نُوح بِإِرْسَالِهِ إلَيْهِمْ وَوَعْظه
٣ -
﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدهمْ قَرْنًا﴾ قَوْمًا ﴿آخَرِينَ﴾ هم عاد
٣ -
﴿فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ هُودًا ﴿أَنْ﴾ بِأَنْ ﴿اُعْبُدُوا اللَّه مَا لَكُمْ مِنْ إلَه غَيْره أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ عِقَابه فَتُؤْمِنُونَ
٣ -
﴿وَقَالَ الْمَلَأ مِنْ قَوْمه الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بلقاء الآخرة﴾ بالمصير إليها ﴿وأترفناهم﴾ نعمناهم ﴿في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون﴾
٣ -
﴿وَ﴾ اللَّهِ ﴿لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلكُمْ﴾ فِيهِ قَسَم وَشَرْط وَالْجَوَاب لِأَوَّلِهِمَا وَهُوَ مُغْنٍ عَنْ جَوَاب الثَّانِي ﴿إنَّكُمْ إذًا﴾ أَيْ إذَا أَطَعْتُمُوهُ ﴿لَخَاسِرُونَ﴾ أَيْ مَغْبُونُونَ
٣ -
﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ هُوَ خَبَر أَنَّكُمْ الْأُولَى وَأَنَّكُمْ الثَّانِيَة تَأْكِيد لَهَا لَمَّا طَالَ الْفَصْل
٣ -
﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ﴾ اسْم فِعْل مَاضٍ بِمَعْنَى مَصْدَر أَيْ بَعُدَ بَعُدَ ﴿لِمَا تُوعَدُونَ﴾ مِنْ الْإِخْرَاج مِنْ الْقُبُور وَاللَّام زَائِدَة لِلْبَيَانِ
٣ -
﴿إنْ هِيَ﴾ أَيْ مَا الْحَيَاة ﴿إلَّا حَيَاتنَا الدنيا نموت ونحيا﴾ بحياة أبنائنا ﴿وما نحن بمبعوثين﴾
٣ -
﴿إنْ هُوَ﴾ مَا الرَّسُول ﴿إلَّا رَجُل افْتَرَى على الله كذبا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ﴾ مُصَدِّقِينَ بِالْبَعْثِ بَعْد الموت
٣ -
{قال رب انصرني بما كذبون
449
٤ -
450
﴿قَالَ عَمَّا قَلِيل﴾ مِنْ الزَّمَان وَمَا زَائِدَة ﴿لَيُصْبِحُنَّ﴾ لَيَصِيرُنَّ ﴿نَادِمِينَ﴾ عَلَى كُفْرهمْ وَتَكْذِيبهمْ
٤ -
﴿فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَة﴾ صَيْحَة الْعَذَاب وَالْهَلَاك كَائِنَة ﴿بِالْحَقِّ﴾ فَمَاتُوا ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء﴾ وَهُوَ نَبْت يَبِسَ أَيْ صَيَّرْنَاهُمْ مِثْله فِي الْيَبَس ﴿فَبُعْدًا﴾ مِنْ الرَّحْمَة ﴿لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ الْمُكَذِّبِينَ
٤ -
﴿ثم أنشأنا من بعدهم قرونا﴾ أقواما ﴿آخرين﴾
٤ -
﴿مَا تَسْبِق مِنْ أُمَّة أَجَلهَا﴾ بِأَنْ تَمُوت قَبْله ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ عَنْهُ ذُكِرَ الضَّمِير بَعْد تأنيثه رعاية للمعنى
٤ -
﴿ثم أرسلنا رسلنا تترا﴾ بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمه مُتَتَابِعِينَ بَيْن كُلّ اثْنَيْنِ زَمَان طويل ﴿كلما جَاءَ أُمَّة﴾ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بَيْنهَا وَبَيْن الْوَاو ﴿رَسُولهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضهمْ بَعْضًا﴾ في الهلاك ﴿وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون﴾
٤ -
﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُون بِآيَاتِنَا وَسُلْطَان مُبِين﴾ حُجَّة بَيِّنَة وَهِيَ الْيَد وَالْعَصَا وَغَيْرهمَا من الآيات
٤ -
﴿إلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا﴾ عَنْ الْإِيمَان بِهَا وَبِاَللَّهِ ﴿وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ﴾ قَاهِرِينَ بَنِي إسْرَائِيل بالظلم
٤ -
﴿فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلنَا وَقَوْمهمَا لَنَا عَابِدُونَ﴾ مطيعون خاضعون
٤ -
﴿فكذبوهما فكانوا من المهلكين﴾
٤ -
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب﴾ التَّوْرَاة ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ قَوْمه بَنِي إسْرَائِيل ﴿يَهْتَدُونَ﴾ بِهِ مِنْ الضَّلَالَة وَأُوتِيَهَا بَعْد هَلَاك فِرْعَوْن وَقَوْمه جُمْلَة وَاحِدَة
٥ -
﴿وجعلنا بن مَرْيَم﴾ عِيسَى ﴿وَأُمّه آيَة﴾ لَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ لِأَنَّ الْآيَة فِيهِمَا وَاحِدَة وِلَادَته مِنْ غَيْر فَحْل ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إلَى رَبْوَة﴾ مَكَان مُرْتَفِع وَهُوَ بَيْت الْمَقْدِس أَوْ دِمَشْق أَوْ فِلَسْطِين أَقْوَال ﴿ذَات قَرَار﴾ أَيْ مُسْتَوِيَة يَسْتَقِرّ عَلَيْهَا سَاكِنُوهَا ﴿وَمَعِين﴾ وَمَاء جَارٍ ظَاهِر تَرَاهُ الْعُيُون
450
٥ -
451
﴿يَأَيُّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَات﴾ الْحَلَالَاتِ ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ مِنْ فَرْض وَنَفْل ﴿إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم﴾ فَأُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ
٥ -
﴿وَ﴾ اعْلَمُوا ﴿إنَّ هَذِهِ﴾ أَيْ مِلَّة الْإِسْلَام ﴿أُمَّتكُمْ﴾ دِينكُمْ أَيّهَا الْمُخَاطَبُونَ أَيْ يَجِب أَنْ تَكُونُوا عَلَيْهَا ﴿أُمَّة وَاحِدَة﴾ حَال لَازِمَة وَفِي قِرَاءَة بِتَخْفِيفِ النُّون وَفِي أُخْرَى بِكَسْرِهَا مُشَدَّدَة اسْتِئْنَافًا ﴿وَأَنَا رَبّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ فَاحْذَرُونِ
٥ -
﴿فَتَقَطَّعُوا﴾ أَيْ الْأَتْبَاع ﴿أَمْرهمْ﴾ دِينهمْ ﴿بَيْنهمْ زُبُرًا﴾ حَال مِنْ فَاعِل تَقَطَّعُوا أَيْ أَحْزَابًا مُتَخَالِفِينَ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرهمْ ﴿كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ﴾ أَيْ عِنْدهمْ مِنْ الدِّين ﴿فَرِحُونَ﴾ مَسْرُورُونَ
٥ -
﴿فَذَرْهُمْ﴾ اُتْرُكْ كُفَّار مَكَّة ﴿فِي غَمْرَتهمْ﴾ ضَلَالَتهمْ ﴿حَتَّى حِين﴾ إلَى حِين مَوْتهمْ
٥ -
﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ﴾ نُعْطِيهِمْ ﴿مِنْ مَال وَبَنِينَ﴾ فِي الدُّنْيَا
٥ -
﴿نُسَارِع﴾ نُعَجِّل ﴿لَهُمْ فِي الْخَيْرَات﴾ لَا ﴿بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِدْرَاج لَهُمْ
٥ -
﴿إنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ﴾ خَوْفهمْ مِنْهُ ﴿مُشْفِقُونَ﴾ خَائِفُونَ مِنْ عَذَابه
٥ -
﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبّهمْ﴾ الْقُرْآن ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يُصَدِّقُونَ
٥ -
﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ﴾ مَعَهُ غَيْره
٦ -
﴿وَاَلَّذِينَ يُؤْتُونَ﴾ يُعْطُونَ ﴿مَا آتَوْا﴾ أَعْطَوْا مِنْ الصَّدَقَة وَالْأَعْمَال الصَّالِحَة ﴿وَقُلُوبهمْ وَجِلَة﴾ خَائِفَة أَنْ لَا تُقْبَل مِنْهُمْ ﴿أَنَّهُمْ﴾ يُقَدَّر قَبْله لَام الجر ﴿إلى ربهم راجعون﴾
٦ -
﴿أولئك يسارعون في الخيرات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ فِي عِلْم اللَّه
٦ -
﴿وَلَا نُكَلِّف نَفْسًا إلَّا وُسْعهَا﴾ طَاقَتهَا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ جَالِسًا وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصُوم فَلْيَأْكُلْ ﴿وَلَدَيْنَا﴾ عِنْدنَا ﴿كِتَاب يَنْطِق بِالْحَقِّ﴾ بِمَا عَمِلْته وَهُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ تُسْطَر فِيهِ الْأَعْمَال ﴿وَهُمْ﴾ أَيْ النُّفُوس الْعَامِلَة ﴿لَا يُظْلَمُونَ﴾ شَيْئًا مِنْهَا فَلَا يُنْقَص مِنْ ثَوَاب أَعْمَال الْخَيْرَات وَلَا يُزَاد في السيئات
٦ -
﴿بَلْ قُلُوبهمْ﴾ أَيْ الْكُفَّار ﴿فِي غَمْرَة﴾ جَهَالَة ﴿مِنْ هَذَا﴾ الْقُرْآن ﴿وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ﴾ الْمَذْكُور لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ فَيُعَذَّبُونَ عليها
451
٦ -
452
﴿حَتَّى﴾ ابْتِدَائِيَّة ﴿إذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ﴾ أَغْنِيَاءَهُمْ وَرُؤَسَاءَهُمْ ﴿بِالْعَذَابِ﴾ أَيْ السَّيْف يَوْم بَدْر ﴿إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ يَضِجُّونَ يُقَال لَهُمْ
٦ -
﴿لَا تَجْأَرُوا الْيَوْم إنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ﴾ لا تمنعون
٦ -
﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي﴾ مِنْ الْقُرْآن ﴿تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ تَنْكِصُونَ﴾ تَرْجِعُونَ الْقَهْقَرَى
٦ -
﴿مُسْتَكْبِرِينَ﴾ عَنْ الْإِيمَان ﴿بِهِ﴾ أَيْ بِالْبَيْتِ أَوْ الْحَرَم بِأَنَّهُمْ أَهْله فِي أَمْن بِخِلَافِ سَائِر النَّاس فِي مَوَاطِنهمْ ﴿سَامِرًا﴾ حَال أَيْ جَمَاعَة يَتَحَدَّثُونَ بِاللَّيْلِ حَوْل الْبَيْت ﴿تَهْجُرُونَ﴾ مِنْ الثُّلَاثِيّ تَتْرُكُونَ الْقُرْآن وَمِنْ الرُّبَاعِيّ أَيْ تَقُولُونَ غَيْر الحق في النبي والقرآن قال تعالى
٦ -
﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا﴾ أَصْله يَتَدَبَّرُوا فَأُدْغِمَتْ التَّاء فِي الدَّال ﴿الْقَوْل﴾ أَيْ الْقُرْآن الدَّالّ عَلَى صِدْق النبي ﴿أم جاءهم ما لم يآت آباءهم الأولين﴾
٦ -
﴿أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون﴾
٧ -
﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّة﴾ الِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ بِالْحَقِّ مِنْ صِدْق النَّبِيّ وَمَجِيء الرُّسُل لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَة وَمَعْرِفَة رَسُولهمْ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَة وَأَنْ لَا جُنُون بِهِ ﴿بَلْ﴾ لِلِانْتِقَالِ ﴿جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ أَيْ الْقُرْآن المشتمل على التوحيد وشرائع الإسلام ﴿وأكثرهم للحق كارهون﴾
٧ -
﴿وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقّ﴾ أَيْ الْقُرْآن ﴿أَهْوَاءَهُمْ﴾ بِأَنْ جَاءَ بِمَا يَهْوَوْنَهُ مِنْ الشَّرِيك وَالْوَلَد لِلَّهِ تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ ﴿لَفَسَدَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ خَرَجَتْ عَنْ نِظَامهَا الْمُشَاهَد لِوُجُودِ التَّمَانُع فِي الشَّيْء عَادَة عِنْد تَعَدُّد الْحَاكِم ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ﴾ أَيْ الْقُرْآن الَّذِي فِيهِ ذكرهم وشرفهم ﴿فهم عن ذكرهم معرضون﴾
٧ -
﴿أَمْ تَسْأَلهُمْ خَرْجًا﴾ أَجْرًا عَلَى مَا جِئْتهمْ به من الإيمان ﴿فخراج ربك﴾ أجره وثوابه ورزقه ﴿خير﴾ وفي قراءة خرجا في الموضعين وفي قراءة أُخْرَى خَرَاجًا فِيهِمَا ﴿وَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ﴾ أَفْضَل مَنْ أَعْطَى وَآجَرَ
٧ -
﴿وَإِنَّك لَتَدْعُوهُمْ إلَى صِرَاط﴾ طَرِيق ﴿مُسْتَقِيم﴾ أَيْ دين الإسلام
452
٧ -
453
﴿وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ بِالْبَعْثِ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب ﴿عَنْ الصِّرَاط﴾ أَيْ الطَّرِيق ﴿لَنَاكِبُونَ﴾ عَادِلُونَ
٧ -
﴿وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرّ﴾ أَيْ جُوع أَصَابَهُمْ بِمَكَّة سَبْع سِنِينَ ﴿لَلَجُّوا﴾ تَمَادَوْا ﴿فِي طُغْيَانهمْ﴾ ضَلَالَتهمْ ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يَتَرَدَّدُونَ
٧ -
﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ﴾ الْجُوع ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا﴾ تَوَاضَعُوا ﴿لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ يَرْغَبُونَ إلَى اللَّه بِالدُّعَاءِ
٧ -
﴿حَتَّى﴾ ابْتِدَائِيَّة ﴿إذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا﴾ صَاحِب ﴿عَذَاب شَدِيد﴾ هُوَ يَوْم بَدْر بِالْقَتْلِ ﴿إذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ آيِسُونَ مِنْ كُلّ خَيْر
٧ -
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ﴾ خَلَقَ ﴿لَكُمْ السَّمْع﴾ بِمَعْنَى الْأَسْمَاع ﴿وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة﴾ الْقُلُوب ﴿قَلِيلًا مَا﴾ تَأْكِيد لِلْقِلَّةِ ﴿تشكرون﴾
٧ -
﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ﴾ خَلَقَكُمْ ﴿فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ تبعثون
٨ -
﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي﴾ بِنَفْخِ الرُّوح فِي الْمُضْغَة ﴿وَيُمِيت وَلَهُ اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ بِالسَّوَادِ وَالْبَيَاض وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ صُنْعه تَعَالَى فَتَعْتَبِرُونَ
٨ -
﴿بل قالوا مثل ما قال الأولون﴾
٨ -
﴿قالوا﴾ أي الأولون ﴿أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لَمَبْعُوثُونَ﴾
لَا وَفِي الْهَمْزَتَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ التَّحْقِيق وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ
٨ -
﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا﴾ أَيْ الْبَعْث بَعْد الْمَوْت ﴿مِنْ قَبْل إنْ﴾ مَا ﴿هَذَا إلَّا أَسَاطِير﴾ أَكَاذِيب ﴿الْأَوَّلِينَ﴾ كَالْأَضَاحِيكِ وَالْأَعَاجِيب جَمْع أسطورة بالضم
٨ -
﴿قُلْ﴾ لَهُمْ ﴿لِمَنْ الْأَرْض وَمَنْ فِيهَا﴾ مِنْ الْخَلْق ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ خَالِقهَا وَمَالِكهَا
٨ -
﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ﴾ لَهُمْ ﴿أَفَلَا تَذَّكَّرُونَ﴾ بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الذَّال تَتَّعِظُونَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ الْقَادِر عَلَى الْخَلْق ابْتِدَاء قَادِر عَلَى الْإِحْيَاء بعد الموت
٨ -
﴿قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم﴾ الكرسي
٨ -
﴿سيقولون الله قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ تَحْذَرُونَ عِبَادَة غَيْره
453
٨ -
454
﴿قل من بيده ملكوت﴾ ملك ﴿كل شيء﴾ وَالتَّاء لِلْمُبَالَغَةِ ﴿وَهُوَ يُجِير وَلَا يُجَار عَلَيْهِ﴾ يحمي ولا يحمى عليه ﴿إن كنتم تعلمون﴾
٨ -
﴿سيقولون الله﴾ وَفِي قِرَاءَة لِلَّهِ بِلَامِ الْجَرّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ لَهُ مَا ذُكِرَ ﴿قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ تُخْدَعُونَ وَتُصْرَفُونَ عَنْ الحق عبادة اللَّه وَحْده أَيْ كَيْفَ تَخَيَّلَ لَكُمْ أَنَّهُ باطل
٩ -
﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ﴾ بِالصِّدْقِ ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ فِي نفيه وهو
٩ -
﴿مَا اتَّخَذَ اللَّه مِنْ وَلَد وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَه إذًا﴾ أَيْ لَوْ كَانَ مَعَهُ إلَه ﴿لَذَهَبَ كُلّ إلَه بِمَا خَلَقَ﴾ انْفَرَدَ بِهِ وَمَنَعَ الْآخَر مِنْ الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ ﴿وَلَعَلَا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض﴾ مُغَالَبَة كَفِعْلِ مُلُوك الدُّنْيَا ﴿سُبْحَان اللَّه﴾ تَنْزِيهًا لَهُ ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ هُ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ
٩ -
﴿عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة﴾ مَا غَابَ وَمَا شُوهِدَ بِالْجَرِّ صِفَة وَالرَّفْع خَبَر هُوَ مُقَدَّرًا ﴿فَتَعَالَى﴾ تَعَظَّمَ ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ هُ مَعَهُ
٩ -
﴿قُلْ رَبّ إمَّا﴾ فِيهِ إدْغَام نُون إنْ الشَّرْطِيَّة فِي مَا الزَّائِدَة ﴿تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ﴾ هـ مِنْ الْعَذَاب هُوَ صَادِق بِالْقَتْلِ بِبَدْرٍ
٩ -
﴿رَبّ فَلَا تَجْعَلنِي فِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ﴾ فَأَهْلِك بإهلاكهم
٩ -
﴿وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون﴾
٩ -
﴿ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن﴾ أَيْ الْخَصْلَة مِنْ الصَّفْح وَالْإِعْرَاض عَنْهُمْ ﴿السَّيِّئَة﴾
أَذَاهُمْ إيَّاكَ وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ ﴿نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَصِفُونَ﴾ يَكْذِبُونَ وَيَقُولُونَ فَنُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ
٩ -
﴿وَقُلْ رَبّ أَعُوذ﴾ أَعْتَصِم ﴿بِك مِنْ هَمَزَات الشَّيَاطِين﴾ نَزَعَاتهمْ بِمَا يُوَسْوِسُونَ بِهِ
٩ -
﴿وَأَعُوذ بِك رَبّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ فِي أُمُورِي لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَحْضُرُونِ بِسُوءٍ
٩ -
﴿حَتَّى﴾ ابْتِدَائِيَّة ﴿إذَا جَاءَ أَحَدهمْ الْمَوْت﴾ وَرَأَى مَقْعَده مِنْ النَّار وَمَقْعَده مِنْ الْجَنَّة لَوْ آمَنَ ﴿قَالَ رَبّ ارْجِعُونِ﴾ الْجَمْع لِلتَّعْظِيمِ
١٠ -
﴿لَعَلِّي أَعْمَل صَالِحًا﴾ بِأَنْ أَشْهَد أَنْ لَا إله إلا الله يكون ﴿فِيمَا تَرَكْت﴾ ضَيَّعْت مِنْ عُمُرِي أَيْ فِي مقابلته قال تعالى ﴿كَلَّا﴾ أَيْ لَا رُجُوع ﴿إنَّهَا﴾ أَيْ رَبّ ارْجِعُونِ ﴿كَلِمَة هُوَ قَائِلهَا﴾ وَلَا فَائِدَة لَهُ فِيهَا ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ﴾ أَمَامهمْ ﴿بَرْزَخ﴾ حَاجِز يَصُدّهُمْ عَنْ الرُّجُوع ﴿إلَى يَوْم يُبْعَثُونَ﴾ وَلَا رُجُوع بعده
454
١٠ -
455
﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور﴾ الْقَرْن النَّفْخَة الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَة ﴿فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ﴾ يَتَفَاخَرُونَ بِهَا ﴿وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ عَنْهَا خِلَاف حَالهمْ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَشْغَلهُمْ مِنْ عِظَم الْأَمْر عَنْ ذَلِكَ فِي بَعْض مَوَاطِن الْقِيَامَة وَفِي بَعْضهَا يُفِيقُونَ وَفِي آيَة ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يتساءلون﴾
١٠ -
﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه﴾ بِالْحَسَنَاتِ ﴿فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ الفائزون
١٠ -
﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه﴾ بِالسَّيِّئَاتِ ﴿فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ﴾ فَهُمْ ﴿فِي جَهَنَّم خَالِدُونَ﴾
١٠ -
﴿تَلْفَح وُجُوههمْ النَّار﴾ تُحْرِقهَا ﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ شَمَّرَتْ شِفَاههمْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى عَنْ أَسْنَانهمْ وَيُقَال لهم
١٠ -
﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي﴾ مِنْ الْقُرْآن ﴿تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ تخوفون بها ﴿فكنتم بها تكذبون﴾
١٠ -
﴿قَالُوا رَبّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتنَا﴾ وَفِي قِرَاءَة شَقَاوَتنَا بِفَتْحِ أَوَّله وَأَلِف وَهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنَى ﴿وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ عَنْ الْهِدَايَة
١٠ -
﴿رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا﴾ إلَى الْمُخَالَفَة ﴿فإنا ظالمون﴾
١٠ -
﴿قَالَ﴾ لَهُمْ بِلِسَانِ مَالِك بَعْد قَدْر الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ ﴿اخْسَئُوا فِيهَا﴾ اُبْعُدُوا فِي النَّار أَذِلَّاء ﴿وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ فِي رَفْع الْعَذَاب عَنْكُمْ لِيَنْقَطِع رجاؤهم
١٠ -
﴿إنَّهُ كَانَ فَرِيق مِنْ عِبَادِي﴾ هُمْ الْمُهَاجِرُونَ ﴿يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين﴾
١١ -
﴿فاتخذتموهم سُخْرِيًّا﴾ بِضَمِّ السِّين وَكَسْرهَا مَصْدَر بِمَعْنَى الْهُزْء مِنْهُمْ بِلَال وَصُهَيْب وَعَمَّار وَسَلْمَان ﴿حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي﴾ فَتَرَكْتُمُوهُ لِاشْتِغَالِكُمْ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ فَهُمْ سبب الإنساء فنسب إليهم ﴿وكنتم منهم تضحكون﴾
١١ -
﴿إنِّي جَزَيْتهمْ الْيَوْم﴾ النَّعِيم الْمُقِيم ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ عَلَى اسْتِهْزَائِكُمْ بِهِمْ وَأَذَاكُمْ إيَّاهُمْ ﴿إنَّهُمْ﴾ بِكَسْرِ الْهَمْزَة ﴿هُمْ الْفَائِزُونَ﴾ بِمَطْلُوبِهِمْ اسْتِئْنَاف وَبِفَتْحِهَا مَفْعُول ثان لجزيتهم
١١ -
﴿قَالَ﴾ تَعَالَى لَهُمْ بِلِسَانِ مَالِك وَفِي قِرَاءَة قُلْ ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْض﴾ فِي الدُّنْيَا وَفِي قُبُوركُمْ ﴿عَدَد سِنِينَ﴾ تَمْيِيز
455
١١ -
456
﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْض يَوْم﴾ شَكُّوا فِي ذَلِكَ وَاسْتَقْصَرُوهُ لِعِظَمِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْعَذَاب ﴿فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ﴾ أَيْ الْمَلَائِكَة الْمُحْصِينَ أعمال الخلق
١١ -
﴿قَالَ﴾ تَعَالَى بِلِسَانِ مَالِك وَفِي قِرَاءَة قُلْ ﴿إنْ﴾ أَيْ مَا ﴿لَبِثْتُمْ إلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ مِقْدَار لُبْثكُمْ مِنْ الطُّول كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى لُبْثكُمْ فِي النَّار
١١ -
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ لَا لِحِكْمَةٍ ﴿وَأَنَّكُمْ إلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَلِلْمَفْعُولِ لَا بل لنتعبدكم بالأمر والنهي ترجعوا إلينا ونجازي على ذلك ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾
١١ -
﴿فَتَعَالَى اللَّه﴾ عَنْ الْعَبَث وَغَيْره مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ ﴿الْمَلِك الْحَقّ لَا إلَه إلَّا هو رب العرش الكريم﴾ الكرسي هو السرير الحسن
١١ -
﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّه إلَهًا آخَر لَا بُرْهَان لَهُ بِهِ﴾ صِفَة كَاشِفَة لَا مَفْهُوم لَهَا ﴿فَإِنَّمَا حِسَابه﴾ جَزَاؤُهُ ﴿عِنْد رَبّه إنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ﴾ لَا يَسْعَدُونَ
١١ -
﴿وَقُلْ رَبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ﴾ الْمُؤْمِنِينَ فِي الرَّحْمَة زِيَادَة عَنْ الْمَغْفِرَة ﴿وَأَنْتَ خَيْر الرَّاحِمِينَ﴾ أَفْضَل رَاحِم = ٢٤ سُورَة النُّور
مَدَنِيَّة وَهِيَ اثْنَتَانِ أَوْ أربع وستون آية بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).