تفسير سورة المؤمنون

تذكرة الاريب في تفسير الغريب

تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تذكرة الاريب في تفسير الغريب
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ

قد أفلح المؤمنون أي نالوا البقاء الدائم في الخير
والخشوع في الصلاة السكون
واللغو كل لعب ولهو
من سلالة لأنه استل من جميع الأرض
خلقا آخر وهو نفخ الروح فيهأحسن الخالقين قال الأخفش الخالقون الصانعون فالله خير الخالقين
سبع طرائق يعني السموات السبع
بقدر أي بقدر ما يكفيهم
والطور الجبل وسيناء بمعنى الحسن والشجرة شجرة الزيتون تنبت بالدهن الباء زائدة والمعنى تنبت الدهن والمراد بالصبغ الزيت لأنه يلون
ولا يأتل أي يحلف وكان أبو بكر رضي الله عنه حلف لا ينفق على مسطح وكان ابن خالة أبي بكر وكان مهاجرا فقيرا لأنتكلم مع من تكلم قال ابن قتيبة ومعنى أن يؤتوا أن لا يؤتوا فحذف لا فلما نزلت أعاد النفقة
يتفضل عليكم يعلوكم بالفضيلة فيصير متبوعاولو شاء الله ألا تعبدوا سواء لأنزل ملائكة ولم يرسل بشراما سمعنا بهذا يعني التوحيد
والجنة الجنون والحين الموت
فأسلك فيها أدخل
قرنا آخرين يعني عادا ورسولهم هود
نموت ونحيا المعنى نموت ويحيى أولادنا وقيل المعنى نحيا ونموت
والغثاء ما أشبه الزبد المرتفع على السيل مما لا ينتفع به
تترى نتابع بفترة بين كل رسولينفأتبعنا بعضهم بعضا أي أهلكنا بعضهم في إثر بعضأحاديث يتمثل بهم في الشر ولا يقال في الخير حديث
عالين قاهرين للناس
الربوة المكان المرتفع ذات قرار أي مستوية يستقر عليها ساكنوها ومعين هو الماء الظاهر يرى بالعين
والطيبات الحلال وقد سبق بيان ما بعد هذا في الأنبياء
زبرا أي جعلوا دينهم كتبا مختلفةفرحون بما عندهم من الدين الذي ابتدعوه
في غمريهم أي في عمايتهم وجهلهمحين أي إلى وقت إتيان العذاب وهذه منسوخة بآية السيف
يؤتون ما أتوا يفعلون الخير ويخافون من التقصير لأنهم يوقنون بالرجوع إلى الله عز وجل
وهم لها أي من أجلها
ولهم أعمال من دون ذلك أي من دون الشرك
والمترفون الأغنياء والرؤساء والإشارة إلى قريش والعذاب الجوع ويجأرون يضجون
لا تنصرون لا تمنعون من العذاب
تنكصون ترجعون عن الإيمان
مستكبرين منصوب على الحال به أي بالبيت الحرام وهي كناية عن غير مذكور المعنى أنكم تتكبرون افتخارا بالبيت الحرام لأمنكم فيه مع خوف الناسسامرا أي سمارا تهجرون كتاب الله ونبيه قال ابن قتيبة يقولون هجرا
والقول القرآن أم جاءهم أي أليس قد أرسلت الأنبياء إلى الأمم
ولو اتبع الحق أهواءهم الحق الله عز وجل ولو جعل لنفسه شريكا لفسدت السمواتبذكرهم أي بما فيه شرفهم
خرجا أي خراجا فما يعطيك الله خير
والناكيب العادل عن الطريق
والضر جوع أهل مكةوالباب الجوع الذي عذبوا به
والمبلس الساكت المتحير ذكر في الأنعام
قليلا ما تشكرون المعنى ما تشكرون أصلا
يجير أي يمنع من السوء من أرادة ولا يمنع عنه من أرادة بسوء
تسحرون تخدعون
وإنهم لكاذبون فيما يصفونه من الولد والشريك
لذهب كل إله أي لا تفرد بما خلق ولم يرض أن يضاف خلقه إلى غير ولعلا أي غلب
إما تريني أي أن أريتني ما يوعدون من القتل والعذاب فاجعلني خارجا عنهم
ادفع بالتي هي أحسن أي بالصفح عن إساءه المسيء بما يصفون من الشرك
وهمزات الشياطين دفعهم بالإغواء إلى المعاصي
فيما تركت من العملوالبرزخ الحاجز وهو ما بين موت الميت وبعثته
ولا يتساءلون لاشتغال كل واحد بنفسه
كالحون الكالح الذي قد تشمرت شفته عن أسنانه
أخرجنا منها أي من النار
فاتخذتموهم سخريا أي سخرتم منهم حتىأنسوكم أي أنساكم اشتغالكم بالاستهزاء بهم ذكري
بما صبروا على أذاكم
قال كم لبثتم وهذا سؤال من الله تعالى للكفار يوم البعث
قالوا لبثنا يوما المعنى أنهم لم يعلموافاسأل العادين أي الحساب
إلا قليلا لأنه متناه ومكثكم في النار دائم
والعبث الفعل لغير غرض صحيح
حسابه أي جزاؤه
سورة المؤمنون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (المؤمنون) من السُّوَر المكية التي اهتمت بذِكْرِ دلائل وَحْدانية الله تعالى، كما اهتمت بذِكْرِ صفاتِ المؤمنين المفلحين؛ كما في فاتحة السورة الكريمة، وقد صح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن أقامَ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَلَ الجنَّةَ، وبالأخذِ بهذه الصفات التي ذكَرها الله للمؤمنين، تصلُحُ للعبد دنياه وآخرتُه، ويحقِّقُ معنى التوحيد التام.

ترتيبها المصحفي
23
نوعها
مكية
ألفاظها
1052
ترتيب نزولها
74
العد المدني الأول
119
العد المدني الأخير
119
العد البصري
119
العد الكوفي
118
العد الشامي
119

* قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاء أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا مُحمَّدُ، أنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ؛ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني: الوَبَرَ والدَّمَ -؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦]». أخرجه ابن حبان (٩٦٧).

* سورةُ (المؤمنون):

سُمِّيت سورة (المؤمنون) بذلك؛ لأنَّ فاتحتها أفصَحتْ عن ذِكْرِ صفات المؤمنين.

 * أنَّ مَن أقام أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ من سورة (المؤمنون) دخَل الجنَّة:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «كان إذا نزَلَ على رسولِ اللهِ ﷺ الوحيُ يُسمَعُ عند وجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فمكَثْنا ساعةً، فاستقبَلَ القِبْلةَ، ورفَعَ يدَيهِ، فقال: «اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا»، ثم قال: «لقد نزَلتْ عليَّ عَشْرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ»، ثم قرَأَ علينا: {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] حتى ختَمَ العَشْرَ». أخرجه الترمذي (3097).

* كانت تَتجلَّى صفاتُ رسول الله ﷺ من خلالِ هذه السورة:

فعن يَزيدَ بن بابَنُوسَ، قال: «دخَلْنا على عائشةَ، فقُلْنا: يا أمَّ المؤمنين، ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان خُلُقُه القُرْآنَ، تَقرَؤون سورةَ المؤمنين؟ قالت: اقرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ}، قال يَزيدُ: فقرَأْتُ {قَدْ أَفْلَحَ اْلْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إلى: {لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ} [المؤمنون: 5]، قالت: هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ ﷺ». أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٤٨).

* هي السورةُ التي قرأها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفتحِ:

عن عبدِ اللهِ بن السائبِ رضي الله عنه، قال: «حضَرْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يومَ الفتحِ وصلَّى في الكعبةِ، فخلَعَ نَعْلَيهِ فوضَعَهما عن يسارِه، ثم افتتَحَ سورةَ (المؤمنون)، فلمَّا بلَغَ ذِكْرَ عيسى أو موسى، أخَذَتْهُ سَعْلةٌ، فركَعَ». أخرجه أبو داود (٦٤٨).

جاءت سورةُ (المؤمنون) على ذِكْرِ الموضوعات الآتية:

1. صفات المؤمنين (١-١١).

2. أدلة وَحْدانية الله (١٢-٢٢).

3. الإيمان بالرسل، ومواقف أقوامهم منهم (٢٣-٥٢).

4. تفرُّق الأُمَم بعد رسلهم (٥٣-٧٧).

5. أدلة إثبات وَحْدانية الله وقدرته (٧٨-٩٨).

6. مِن مشاهِدِ يوم القيامة (٩٩- ١١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /124).

ظهَر مقصودُ سورة (المؤمنون) في اسمها؛ وهو اختصاصُ المؤمنين بالفلاح، وقد دارت آيُها حول مِحوَرِ تحقيقِ الوَحْدانية، وإبطالِ الشرك ونقضِ قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه؛ فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلَّوْا به من أصول الفضائل الرُّوحية والعلمية، التي بها تزكيةُ النَّفس، واستقامةُ السلوك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /303)، و"التحرير والتنوير" لابن عاشور (18 /6).