تفسير سورة القمر

تفسير الجلالين

تفسير سورة سورة القمر من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين.
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَة﴾ قَرُبَتْ الْقِيَامَة ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَر﴾ انْفَلَقَ فِلْقَتَيْنِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَقَيْقَعَانَ آيَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُئِلَهَا فَقَالَ اشْهَدُوا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
﴿وَإِنْ يَرَوْا﴾ أَيْ كُفَّار قُرَيْش ﴿آيَة﴾ مُعْجِزَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا﴾ هَذَا ﴿سِحْر مُسْتَمِرّ﴾ قَوِيّ مِنْ الْمِرَّة الْقُوَّة أو دائم
﴿وَكَذَّبُوا﴾ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ فِي الْبَاطِل ﴿وَكُلّ أَمْر﴾ مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ ﴿مُسْتَقِرّ﴾ بِأَهْلِهِ فِي الْجَنَّة أَوْ النَّار
﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاء﴾ أَخْبَار إهْلَاك الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُلهمْ ﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَر﴾ لَهُمْ اسْم مَصْدَر أَوْ اسْم مَكَان وَالدَّال بَدَل مِنْ تَاء الِافْتِعَال وَازْدَجَرْته وَزَجَرْته نَهَيْته بِغِلْظَةٍ وَمَا مَوْصُولَة أَوْ مَوْصُوفَة
﴿حِكْمَة﴾ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف أَوْ بَدَل مِنْ مَا أَوْ مِنْ مُزْدَجَر ﴿بَالِغَة﴾ تَامَّة ﴿فَمَا تغن﴾ تنفع فيهم ﴿النُّذُر﴾ جَمْع نَذِير بِمَعْنَى مُنْذِر أَيْ الْأُمُور المنذرة لهم وما لِلنَّفْيِ أَوْ لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيّ وَهِيَ عَلَى الثَّانِي مفعول مقدم
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ هُوَ فَائِدَة مَا قَبْله وَتَمَّ به الكلام ﴿يوم يدع الداع﴾ هُوَ إسْرَافِيل وَنَاصِب يَوْم يَخْرُجُونَ بَعْد ﴿إلَى شَيْء نُكُر﴾ بِضَمِّ الْكَاف وَسُكُونهَا أَيْ مُنْكَر تنكره النفوس وهو الحساب
﴿خاشعا﴾ أَيْ ذَلِيلًا وَفِي قِرَاءَة خُشَّعًا بِضَمِّ الْخَاء وَفَتْح الشِّين مُشَدَّدَة ﴿أَبْصَارهمْ﴾ حَال مِنْ الْفَاعِل ﴿يَخْرُجُونَ﴾ أَيْ النَّاس ﴿مِنَ الْأَجْدَاث﴾ الْقُبُور ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَاد مُنْتَشِر﴾ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ مِنْ الْخَوْف وَالْحِيرَة وَالْجُمْلَة حَال مِنْ فَاعِل يَخْرُجُونَ وكذا قوله
﴿مُهْطِعِينَ﴾ مُسْرِعِينَ مَادِّينِ أَعْنَاقهمْ ﴿إلَى الدَّاعِ يَقُول الْكَافِرُونَ﴾ مِنْهُمْ ﴿هَذَا يَوْم عَسِر﴾ صَعْب عَلَى الْكَافِرِينَ كَمَا فِي الْمُدَّثِّر ﴿يَوْم عَسِير عَلَى الكافرين﴾
﴿كذبت قبلهم﴾ قبل قريش ﴿قوم نوح﴾ تأنيث الفعل لِمَعْنَى قَوْم ﴿فَكَذَّبُوا عَبْدنَا﴾ نُوحًا ﴿وَقَالُوا مَجْنُون وَازْدُجِرَ﴾ انْتَهَرُوهُ بِالسَّبِّ وَغَيْره
١ -
﴿فدعا ربه أني﴾ بالفتح أي بأني ﴿مغلوب فانتصر﴾
١ -
﴿فَفَتَحْنَا﴾ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد ﴿أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاءٍ مُنْهَمِر﴾ مُنْصَبّ انْصِبَابًا شَدِيدًا
١ -
﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْض عُيُونًا﴾ تَنْبُع ﴿فَالْتَقَى الْمَاء﴾ مَاء السَّمَاء وَالْأَرْض ﴿عَلَى أَمْر﴾ حَال ﴿قَدْ قُدِرَ﴾ قُضِيَ بِهِ فِي الْأَزَل وَهُوَ هَلَاكهمْ غَرَقًا
١ -
﴿وَحَمَلْنَاهُ﴾ أَيْ نُوحًا ﴿عَلَى﴾ سَفِينَة ﴿ذَات أَلْوَاح وَدُسُر﴾ وَهُوَ مَا تُشَدّ بِهِ الْأَلْوَاح مِنْ الْمَسَامِير وَغَيْرهَا وَأَحَدهَا دِسَار كَكِتَابٍ
١ -
﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ بِمَرْأَى مِنَّا أَيْ مَحْفُوظَة ﴿جَزَاء﴾ مَنْصُوب بِفِعْلٍ مُقَدَّر أَيْ أُغْرِقُوا انْتِصَارًا ﴿لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ وَهُوَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام وَقُرِئَ كَفَرَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ أُغْرِقُوا عِقَابًا لَهُمْ
١ -
﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا﴾ أَبْقَيْنَا هَذِهِ الْفِعْلَة ﴿آيَة﴾ لِمَنْ يَعْتَبِر بِهَا أَيْ شَاعَ خَبَرهَا وَاسْتَمَرَّ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر﴾ مُعْتَبِر وَمُتَّعِظ بِهَا وَأَصْله مُذْتَكِرٌ أبدلت التاء دالا مهملة وأدغمت فيها
705
١ -
706
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر﴾ أَيْ إنْذَارِي اسْتِفْهَام تَقْرِير وَكَيْفَ خَبَر كَانَ وَهِيَ لِلسُّؤَالِ عَنْ الْحَال وَالْمَعْنَى حَمْل الْمُخَاطَبِينَ عَلَى الْإِقْرَار بِوُقُوعِ عَذَابه تَعَالَى بِالْمُكَذِّبِينَ لِنُوحٍ مَوْقِعه
١ -
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ﴾ سَهَّلْنَاهُ لِلْحِفْظِ وَهَيَّأْنَاهُ لِلتَّذَكُّرِ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر﴾ مُتَّعِظ بِهِ وَحَافِظ لَهُ وَالِاسْتِفْهَام بِمَعْنَى الْأَمْر أَيْ احْفَظُوهُ وَاتَّعِظُوا بِهِ وَلَيْسَ يُحْفَظ مِنْ كُتُب اللَّه عَنْ ظَهْر الْقَلْب غَيْره
١ -
﴿كَذَّبَتْ عَاد﴾ نَبِيّهمْ هُودًا فَعُذِّبُوا ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر﴾ إنْذَارِي لَهُمْ بِالْعَذَابِ قَبْل نُزُوله أي وقع موقعه وقد بينه بقوله
١ -
﴿إنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ أَيْ شَدِيدَة الصَّوْت ﴿فِي يَوْم نَحْس﴾ شُؤْم ﴿مُسْتَمِرّ﴾ دَائِم الشُّؤْم أَوْ قَوِيّه وَكَانَ يَوْم الْأَرْبِعَاء آخِر الشهر
٢ -
﴿تَنْزِع النَّاس﴾ تَقْلَعُهُمْ مِنْ حُفَر الْأَرْض الْمُنْدَسِّينَ فيها وتصرعهم على رؤوسهم فَتَدُقّ رِقَابهمْ فَتُبَيِّن الرَّأْس عَنْ الْجَسَد ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ وَحَالهمْ مَا ذُكِرَ ﴿أَعْجَاز﴾ أُصُول ﴿نَخْل مُنْقَعِر﴾ مُنْقَطِع سَاقِط عَلَى الْأَرْض وَشُبِّهُوا بِالنَّخْلِ لِطُولِهِمْ وَذُكِّرَ هُنَا وَأُنِّثَ فِي الْحَاقَّة ﴿نَخْل خَاوِيَة﴾ مراعاة للفواصل في الموضعين
٢ -
﴿فكيف كان عذابي ونذر﴾
٢ -
﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾
٢ -
﴿كَذَّبَتْ ثَمُود بِالنُّذُرِ﴾ جَمْع نَذِير بِمَعْنَى مُنْذِر أَيْ بِالْأُمُورِ الَّتِي أَنْذَرَهُمْ بِهَا نَبِيّهمْ صَالِح إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَيَتَّبِعُوهُ
٢ -
﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا﴾ مَنْصُوب عَلَى الِاشْتِغَال ﴿مِنَّا وَاحِدًا﴾ صِفَتَانِ لبَشَرًا ﴿نَتَّبِعهُ﴾ مُفَسِّر لِلْفِعْلِ النَّاصِب لَهُ وَالِاسْتِفْهَام بِمَعْنَى النَّفْي الْمَعْنِيّ كَيْفَ نَتَّبِعهُ وَنَحْنُ جَمَاعَة كَثِيرَة وَهُوَ وَاحِد مِنَّا وَلَيْسَ بِمَلَكٍ أَيْ لَا نَتَّبِعهُ ﴿إنَّا إذًا﴾ إِنِ اتَّبَعْنَاهُ ﴿لَفِي ضَلَال﴾ ذَهَاب عَنْ الصَّوَاب ﴿وَسُعُر﴾ جُنُون
٢ -
﴿أَأُلْقِيَ﴾ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَتَرْكه ﴿الذِّكْر﴾ الْوَحْي ﴿عَلَيْهِ مِنْ بَيْننَا﴾ أَيْ لَمْ يُوحَ إلَيْهِ ﴿بَلْ هُوَ كَذَّاب﴾ فِي قَوْله إنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ ما ذكر ﴿أشر﴾ متكبر بطر قال تعالى
٢ -
﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا﴾ فِي الْآخِرَة ﴿مَنِ الْكَذَّاب الْأَشِر﴾ وَهُوَ هَمّ بِأَنْ يُعَذَّبُوا عَلَى تَكْذِيبهمْ نَبِيّهمْ صالحا
٢ -
﴿إنَّا مُرْسِلُو النَّاقَة﴾ مُخْرِجُوهَا مِنْ الْهَضْبَة الصَّخْرَة كَمَا سَأَلُوا ﴿فِتْنَة﴾ مِحْنَة ﴿لَهُمْ﴾ لِنَخْتَبِرهُمْ ﴿فَارْتَقِبْهُمْ﴾ يَا صَالِح أَيْ انْتَظِرْ مَا هُمْ صَانِعُونَ وَمَا يُصْنَع بِهِمْ ﴿وَاصْطَبِرْ﴾ الطَّاء بَدَل مِنْ تَاء الِافْتِعَال أَيْ اصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ
٢ -
﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَة﴾ مَقْسُوم ﴿بَيْنهمْ﴾ وَبَيْن النَّاقَة يَوْم لَهُمْ وَيَوْم لَهَا ﴿كُلّ شِرْب﴾ نَصِيب مِنْ الْمَاء ﴿مُحْتَضَر﴾ يَحْضُرهُ الْقَوْم يَوْمهمْ وَالنَّاقَة يَوْمهَا فَتَمَادَوْا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَلَّوْهُ فَهَمُّوا بِقَتْلِ النَّاقَة
706
٢ -
707
﴿فَنَادَوْا صَاحِبهمْ﴾ قِدَارًا لِيَقْتُلهَا ﴿فَتَعَاطَى﴾ تَنَاوَلَ السَّيْف ﴿فَعَقَرَ﴾ بِهِ النَّاقَة أَيْ قَتَلَهَا مُوَافَقَة لَهُمْ
٣ -
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر﴾ إنْذَارِي لَهُمْ بِالْعَذَابِ قبل نزوله أي وقع موقعه وبينه بقوله
٣ -
﴿إنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَة وَاحِدَة فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِر﴾ هُوَ الَّذِي يَجْعَل لِغَنَمِهِ حَظِيرَة مِنْ يَابِس الشَّجَر وَالشَّوْك يَحْفَظهُنَّ فِيهَا مِنْ الذِّئَاب وَالسِّبَاع وَمَا سَقَطَ مِنْ ذَلِكَ فَدَاسَتْهُ هُوَ الهشيم
٣ -
﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾
٣ -
707
﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾
٤ -
707
﴿كَذَّبَتْ قَوْم لُوط بِالنُّذُرِ﴾ بِالْأُمُورِ الْمُنْذِرَة لَهُمْ على لسانه
٣ -
﴿إنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا﴾ رِيحًا تَرْمِيهِمْ بِالْحَصْبَاءِ وَهِيَ صِغَار الْحِجَارَة الْوَاحِد دُون مِلْء الْكَفّ فَهَلَكُوا ﴿إلَّا آل لُوط﴾ وَهُمْ ابْنَتَاهُ مَعَهُ ﴿نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ مِنْ الْأَسْحَار وَقْت الصُّبْح مِنْ يَوْم غَيْر مُعَيَّن وَلَوْ أُرِيدَ مِنْ يَوْم مُعَيَّن لَمُنِعَ مِنَ الصَّرْف لِأَنَّهُ مَعْرِفَة مَعْدُول عَنْ السَّحَر لِأَنَّ حَقّه أَنْ يُسْتَعْمَل فِي الْمَعْرِفَة بِأَلْ وَهَلْ أُرْسِلَ الْحَاصِب عَلَى آل لُوط أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَبَّرَ عَنْ الِاسْتِثْنَاء عَلَى الْأَوَّل بِأَنَّهُ مُتَّصِل وَعَلَى الثَّانِي بِأَنَّهُ مُنْقَطِع وَإِنْ كَانَ مِنْ الْجِنْس تَسَمُّحًا
٣ -
﴿نِعْمَة﴾ مَصْدَر أَيْ إنْعَامًا ﴿مِنْ عِنْدنَا كَذَلِكَ﴾ أَيْ مِثْل ذَلِكَ الْجَزَاء ﴿نَجْزِي مَنْ شَكَرَ﴾ أَنْعَمْنَا وَهُوَ مُؤْمِن أَوْ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ ورسوله وأطاعهما
٣ -
﴿وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ﴾ خَوَّفَهُمْ لُوط ﴿بَطْشَتنَا﴾ أَخْذَتنَا إيَّاهُمْ بِالْعَذَابِ ﴿فَتَمَارَوْا﴾ تَجَادَلُوا وَكَذَّبُوا ﴿بِالنُّذُرِ﴾ بِإِنْذَارِهِ
٣ -
﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفه﴾ أَنْ يُخَلِّي بَيْنهمْ وَبَيْن الْقَوْم الَّذِينَ أَتَوْهُ فِي صُورَة الْأَضْيَاف لِيَخْبُثُوا بِهِمْ وَكَانُوا مَلَائِكَة ﴿فَطَمَسْنَا أَعْيُنهمْ﴾ أَعْمَيْنَاهَا وَجَعَلْنَاهَا بِلَا شَقّ كَبَاقِي الْوَجْه بِأَنْ صَفَقَهَا جِبْرِيل بِجَنَاحِهِ ﴿فَذُوقُوا﴾ فَقُلْنَا لَهُمْ ذُوقُوا ﴿عَذَابِي وَنُذُر﴾ إنْذَارِي وَتَخْوِيفِي أَيْ ثَمَرَته وَفَائِدَته
٣ -
﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَة﴾ وَقْت الصُّبْح مِنْ يَوْم غَيْر مُعَيَّن ﴿عَذَاب مُسْتَقِرّ﴾ دَائِم مُتَّصِل بِعَذَابِ الآخرة
٣ -
﴿فذوقوا عذابي ونذر﴾
٤ -
﴿وَلَقَدْ جَاءَ آل فِرْعَوْن﴾ قَوْمه مَعَهُ ﴿النُّذُر﴾ الْإِنْذَار عَلَى لِسَان مُوسَى وَهَارُون فَلَمْ يُؤْمِنُوا بل
٤ -
﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلّهَا﴾ التِّسْع الَّتِي أُوتِيَهَا مُوسَى ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿أَخْذ عَزِيز﴾ قَوِيّ ﴿مُقْتَدِر﴾ قَادِر لَا يُعْجِزهُ شَيْء
٤ -
﴿أَكُفَّاركُمْ﴾ يَا قُرَيْش ﴿خَيْر مِنْ أُوْلَئِكُمْ﴾ الْمَذْكُورِينَ مِنْ قَوْم نُوح إلَى فِرْعَوْن فَلَمْ يُعْذَرُوا ﴿أَمْ لَكُمْ﴾ يَا كُفَّار قُرَيْش ﴿بَرَاءَة﴾ مِنْ الْعَذَاب ﴿فِي الزُّبُر﴾ الْكُتُب وَالِاسْتِفْهَام فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى النَّفْي أَيْ لَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ
707
٤ -
708
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ أَيْ كُفَّار قُرَيْش ﴿نَحْنُ جَمِيع﴾ جمع ﴿منتصر﴾ على محمد وَلَمَّا قَالَ أَبُو جَهْل يَوْم بَدْر إنَّا جمع منتصر نزل
٤ -
﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾ فَهُزِمُوا بِبَدْرٍ وَنُصِرَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ
٤ -
﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿وَالسَّاعَة﴾ أَيْ عَذَابهَا ﴿أَدْهَى﴾ أَعْظَم بَلِيَّة ﴿وَأَمَرّ﴾ أَشَدّ مَرَارَة مِنْ عذاب الدنيا
٤ -
﴿إنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَال﴾ هَلَاك بِالْقَتْلِ فِي الدُّنْيَا ﴿وَسُعُر﴾ نَار مُسَعَّرَة بِالتَّشْدِيدِ أَيْ مُهَيَّجَة في الآخرة
٤ -
﴿يَوْم يُسْحَبُونَ فِي النَّار عَلَى وُجُوههمْ﴾ فِي الْآخِرَة وَيُقَال لَهُمْ ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَر﴾ إصَابَة جهنم لكم
٤ -
﴿إنَّا كُلّ شَيْء﴾ مَنْصُوب بِفِعْلٍ يُفَسِّرهُ ﴿خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ بِتَقْدِيرِ حَال مِنْ كُلّ أَيْ مُقَدَّرًا وقرئ كل بالرفع مبتدأ خبره خلقناه
٥ -
﴿وَمَا أَمْرنَا﴾ لِشَيْءٍ نُرِيد وُجُوده ﴿إلَّا﴾ مَرَّة ﴿وَاحِدَة كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ فِي السُّرْعَة وَهِيَ قَوْل كُنْ فَيُوجَد إنَّمَا أَمْره إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون
٥ -
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعكُمْ﴾ أَشْبَاهكُمْ فِي الْكُفْر مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر﴾ اسْتِفْهَام بِمَعْنَى الْأَمْر أَيْ اُذْكُرُوا وَاتَّعِظُوا
٥ -
﴿وَكُلّ شَيْء فَعَلُوهُ﴾ أَيْ الْعِبَاد مَكْتُوب ﴿فِي الزُّبُر﴾ كُتُب الْحَفَظَة
٥ -
﴿وَكُلّ صَغِير وَكَبِير﴾ مِنْ الذَّنْب أَوْ الْعَمَل ﴿مُسْتَطَر﴾ مَكْتُوب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
٥ -
﴿إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات﴾ بَسَاتِين ﴿وَنَهَر﴾ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْس وَقُرِئَ بِضَمِّ النُّون وَالْهَاء جَمْعًا كَأَسَدِ وَأُسْد وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَشْرَبُونَ مِنْ أَنَهَارهَا الْمَاء وَاللَّبَن وَالْعَسَل وَالْخَمْر
٥ -
﴿فِي مَقْعَد صِدْق﴾ مَجْلِس حَقّ لَا لَغْو فِيهِ وَلَا تَأْثِيم أُرِيدَ بِهِ الْجِنْس وَقُرِئَ مَقَاعِد الْمَعْنَى أَنَّهُمْ فِي مَجَالِس مِنْ الْجَنَّات سَالِمَة مِنْ اللَّغْو وَالتَّأْثِيم بِخِلَافِ مَجَالِس الدُّنْيَا فَقَلَّ أَنْ تَسْلَم مِنْ ذَلِكَ وَأُعْرِبَ هَذَا خَبَرًا ثَانِيًا وَبَدَلًا وَهُوَ صَادِق بِبَدَلِ الْبَعْض وَغَيْره ﴿عِنْد مَلِيك﴾ مِثَال مُبَالَغَة أَيْ عَزِيز الْمُلْك وَاسِعه ﴿مُقْتَدِر﴾ قَادِر لَا يُعْجِزهُ شَيْء وهو الله تعالى وعند إشَارَة إلَى الرُّتْبَة وَالْقُرْبَة مِنْ فَضْله تَعَالَى = ٥٥ سورة الرحمن
سورة القمر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَمَر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الطارق)، وقد افتُتحت ببيانِ اقتراب أمر الله؛ من تحقُّقِ وقوع الساعة وشِدَّة اقترابها، وتقسيم الناس في جزائهم إلى أهلِ الجِنان، وأهل النِّيران والخسران؛ من خلال قصِّ سِيَرِ بعض الأنبياء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى.

ترتيبها المصحفي
54
نوعها
مكية
ألفاظها
342
ترتيب نزولها
37
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
55
العد الكوفي
55
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ ١ وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةٗ يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 1-2]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «سألَ أهلُ مكَّةَ النبيَّ ﷺ آيةً، فانشَقَّ القمرُ بمكَّةَ مرَّتَينِ؛ فنزَلتِ: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ} [القمر: 1] إلى قولِه: {سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 2]، يقولُ: ذاهبٌ». أخرجه الترمذي (٣٢٨٦).

* قوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «جاء مشرِكو قُرَيشٍ يُخاصِمون رسولَ اللهِ ﷺ في القَدَرِ؛ فنزَلتْ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]». أخرجه مسلم (٢٦٥٦).

* سورة (القمر):

سُمِّيت سورةُ (القمر) بذلك؛ لافتتاحها بذكرِ انشقاق القمر، وهي معجزةٌ من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (2820).

1. المقدمة (١-٥).

2. إنذارٌ ووعيد (٦-٨).

3. عاقبة قوم نوحٍ (٩-١٧).

4. عاقبة عادٍ (١٨-٢٢).

5. عاقبة ثمودَ (٢٣-٣٢).

7. عاقبة قوم لوطٍ (٣٣-٤٠).

8. عاقبة المكذِّبين من آلِ فرعون (٤١-٤٢).

9. تعقيبٌ وختام (٤٣-٥٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /515).

مقصدُ السورة بيانُ أمر الساعة، وتحقُّق وقوعها، وشدة قُرْبه، وإثباتُ الجزاء للمؤمنين بالجنان، وللكافرين بالنِّيران والخسران، ويشير ابن عاشور إلى مقصدها بقوله: «تسجيل مكابَرة المشركين في الآيات البيِّنة.

وأمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكابَرتهم.

وإنذارُهم باقتراب القيامة، وبما يَلقَونه حين البعث من الشدائد.

وتذكيرهم بما لَقِيَتْه الأُمَمُ أمثالهم من عذاب الدنيا لتكذيبهم رُسُلَ الله، وأنهم سيَلقَون مثلما لَقِيَ أولئك؛ إذ ليسوا خيرًا من كفار الأمم الماضية.

وإنذارهم بقتالٍ يُهزَمون فيه، ثم لهم عذابُ الآخرة، وهو أشد.

وإعلامهم بإحاطة الله علمًا بأفعالهم، وأنه مُجازيهم شرَّ الجزاء، ومُجازٍ المتقين خيرَ الجزاء.

وإثبات البعث، ووصف بعض أحواله.

وفي خلال ذلك، تكريرُ التنويه بهَدْيِ القرآن وحِكْمته». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /166).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /40).