تفسير سورة القمر

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة القمر من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله عز وجل: ﴿ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ﴾ [١].
أخبرنا أبو حكيم: عَقِيل بن محمد الجُرْجَاني إجازة بلفظة، أن أبا الفرج القاضي أخبرهم، قال: أخبرنا محمد بن جرير، قال: حدَّثنا الحسين بن أبي يحيى المقدسي، قال: حدَّثنا يحيى بن حماد، قال: حدَّثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي الضُّحَى، عن مَسْروق، عن عبد الله، قال:
انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: هذا سحر بن أبي كَبْشَةَ سَحَرَكُم، فاسألوا السُّفَّار، فسألوهم فقالوا: نعم قد رأَينا، فأنزل الله عز وجل: ﴿ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ﴾ إلى ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾. [٤٧-٤٩].
حدَّثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج إملاء، قال: حدَّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى الكَعْبي، قال: حدَّثنا حمدان بن صالح الأشَجّ، قال: حدَّثنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رَوّاد، قال: حدَّثنا سفيان الثوري، عن زياد بن إسماعيل المخزومي، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن أبي هريرة، قال:
جاءت قريش يختصمون في القدر، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن سفيان.
قال الشيخ: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بِجُرْجَان، قال: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نعُيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز قال: أشهد بالله لقد سمعت علي بن جندل يقول: أشهد بالله لسمعت أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي بخراسان يقول: أشهد بالله لسمعت عبد الله بن الصَّقْر الحافظ يقول: أشهد بالله لسمعت عفير بن معدان يقول: أشهد بالله لسمعت سليم بن عامر يقول: أشهد بالله لسمعت أبا أمامة الباهلي يقول:
أشهد بالله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذه الآية نزلت في القدرية: ﴿إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ...﴾ الآيات.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأصفهاني، قال: حدَّثنا جرير بن هارون، قال: حدَّثنا علي بن الطَّنَافِسِي، قال: حدَّثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدَّثنا بحر السقاء، عن شيخ من قريش، عن عطاء، قال:
جاء أسقف نَجْران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، تزعم أن المعاصي بقدَر، والبحار بقدر، والسماء بقدر، وهذه الأمور تجري بقدر، فأما المعاصي فلا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم خصماء الله، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ﴾ إلى قوله: ﴿خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.
أخبرنا أبو بكر، قال: أخبرنا عبد الله، قال: حدَّثنا عمرو بن عبد الله بن الحسن، قال: حدَّثنا أحمد بن الخليل، قال: حدَّثنا عبد الله بن رجاء الأزْدي، قال: حدَّثنا عمرو بن العلاء أخو أبي عمرو بن العلاء، قال: حدَّثنا خالد بن سلمة القرشي، قال: حدَّثنا سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي، عن ابن أبي زُرارة الأنصاري، عن أبيه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ﴾ قال: نزلت هذه الآية في أناس من آخر هذه الأمة يكذبون بقدر الله تعالى.
أخبرنا أحمد بن الحسن الحِيري، قال: حدَّثنا محمد بن يعقوب المعقلي، قال: حدَّثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج، قال: حدَّثنا بقية، قال: حدَّثنا ابن ثوبان، عن بكير بن أسيد، عن أبيه، قال:
حضرت محمد بن كَعْب وهو يقول: إذا رأيتموني أنطلق في القدر فغلوني فإني مجنون، فوالذي نفسي بيده ما أنزلت هذه الآيات إلا فيهم. ثم قرأ: ﴿إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ﴾ إلى قوله: ﴿خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.
سورة القمر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَمَر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الطارق)، وقد افتُتحت ببيانِ اقتراب أمر الله؛ من تحقُّقِ وقوع الساعة وشِدَّة اقترابها، وتقسيم الناس في جزائهم إلى أهلِ الجِنان، وأهل النِّيران والخسران؛ من خلال قصِّ سِيَرِ بعض الأنبياء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى.

ترتيبها المصحفي
54
نوعها
مكية
ألفاظها
342
ترتيب نزولها
37
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
55
العد الكوفي
55
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ ١ وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةٗ يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 1-2]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «سألَ أهلُ مكَّةَ النبيَّ ﷺ آيةً، فانشَقَّ القمرُ بمكَّةَ مرَّتَينِ؛ فنزَلتِ: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ} [القمر: 1] إلى قولِه: {سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 2]، يقولُ: ذاهبٌ». أخرجه الترمذي (٣٢٨٦).

* قوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «جاء مشرِكو قُرَيشٍ يُخاصِمون رسولَ اللهِ ﷺ في القَدَرِ؛ فنزَلتْ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]». أخرجه مسلم (٢٦٥٦).

* سورة (القمر):

سُمِّيت سورةُ (القمر) بذلك؛ لافتتاحها بذكرِ انشقاق القمر، وهي معجزةٌ من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (2820).

1. المقدمة (١-٥).

2. إنذارٌ ووعيد (٦-٨).

3. عاقبة قوم نوحٍ (٩-١٧).

4. عاقبة عادٍ (١٨-٢٢).

5. عاقبة ثمودَ (٢٣-٣٢).

7. عاقبة قوم لوطٍ (٣٣-٤٠).

8. عاقبة المكذِّبين من آلِ فرعون (٤١-٤٢).

9. تعقيبٌ وختام (٤٣-٥٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /515).

مقصدُ السورة بيانُ أمر الساعة، وتحقُّق وقوعها، وشدة قُرْبه، وإثباتُ الجزاء للمؤمنين بالجنان، وللكافرين بالنِّيران والخسران، ويشير ابن عاشور إلى مقصدها بقوله: «تسجيل مكابَرة المشركين في الآيات البيِّنة.

وأمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكابَرتهم.

وإنذارُهم باقتراب القيامة، وبما يَلقَونه حين البعث من الشدائد.

وتذكيرهم بما لَقِيَتْه الأُمَمُ أمثالهم من عذاب الدنيا لتكذيبهم رُسُلَ الله، وأنهم سيَلقَون مثلما لَقِيَ أولئك؛ إذ ليسوا خيرًا من كفار الأمم الماضية.

وإنذارهم بقتالٍ يُهزَمون فيه، ثم لهم عذابُ الآخرة، وهو أشد.

وإعلامهم بإحاطة الله علمًا بأفعالهم، وأنه مُجازيهم شرَّ الجزاء، ومُجازٍ المتقين خيرَ الجزاء.

وإثبات البعث، ووصف بعض أحواله.

وفي خلال ذلك، تكريرُ التنويه بهَدْيِ القرآن وحِكْمته». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /166).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /40).