تفسير سورة الأعلى

أيسر التفاسير للجزائري

تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير المعروف بـأيسر التفاسير للجزائري.
لمؤلفه أبو بكر الجزائري . المتوفي سنة 1439 هـ

سورة الأعلى
مكية وآياتها تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى (٦) إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى (١٣)
شرح الكلمات:
سبح اسم ربك: أي نزه اسم ربك أن يسمى به غيره وأن يذكر بسخرية أو لعب أي لا يذكر إلا بإجلال وإكبار ونزه ربك عما لا يليق به من الشرك والصاحبة والولد والشبيه والنظير.
الأعلى: أي فوق كل شيء والقاهر لكل شيء.
الذي خلق فسوى: أي الإنسان فسوى أعضاءه بأن جعلها متناسبة غير متفاوتة.
والذي قدر فهدى: أي قدر ما شاء لمن شاء وهداه إلى إتيان ما قدر له وعليه.
والذي أخرج المرعى: أي أنبت العشب والكلأ.
فجعله غثاء أحوى: أي بعد الخضرة والنضرة هشيما يابسا أسود.
سنقرئك فلا تنسى: أي القرآن فلا تنساه بإذننا.
إلا ما شاء الله: أي إلا ما شئنا أن ننسيكه فإنك تنساه وذلك إذا أراد الله تعالى نسخ شيء من القرآن بلفظه فإنه ينسي فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
555
ونيسرك لليسرى: أي للشريعة السهلة وهي الإسلام.
فذكر إن نفعت الذكرى: أي من تذكر أو لم تنفع ومعنى ذكر أي عظ بالقرآن.
ويتجنبها: أي الذكرى أي يتركها جانبا فلا يلتفت إليها.
الأشقى: أي الكافر الذي كتبت شقاوته أزلا.
يصلى النار الكبرى: أي نار الدار الآخرة.
لا يموت فيها ولا يحيى: أي لا يموت فيستريح، ولا يحيا فيهنأ.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ ١ هذا أمر من الله تعالى لرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته تابعة له بأن ينزه اسم٢ ربه عن أن يسمى به غيره، أو أن يذكر في مكان قذر، أو أن يذكر بعدم إجلال وإحترام، والأعلى صفة للرب تبارك وتعالى دالة على علوه على خلقه فالخلق كله تحته وهو قاهر له وحاكم فيه. الذي خلق فسوى أي أوجد من العدم المخلوقات وسوى خلقها كل مخلوق بحسب ذاته فعدل أجزاءه وسوى بينها وفلا تفاوت فيها ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ أي قدر الأشياء في كتاب المقادير من خير غيره وهدى كل مخلوق إلى ما قدره له أو عليه فهو طالب له حتى يدركه في زمانه ومكانه وعلى الصورة التي قدر عليها ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ أي ما ترعاه البهائم من الحشيش والعشب والكلأ. ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى٣﴾ أي فجعله بعد الخضرة والنضرة هشيما متفرقا يابسا بين سواد وبياض وهي الحوة هذه خمس آيات الآية الأولى تضمنت الأمر بتنزيه اسم الله والأربع بعدها في التعريف به سبحانه وتعالى حتى يعظم اسمه وتعظم ذاته وتنزه عن الشريك والصاحبة والولد وقوله تعالى ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ هذه عدة من الله تعالى لرسوله. لعل سببها أنه كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جاءه جبريل بالآيات يخاف نسيانها فيستعجل قراءتها قبل فراغ جبريل عليه السلام من إملائها عليه فيحصل له بذلك شدة فطمأنه ربه أنه لا ينسى ما يقرئه جبريل ﴿إِلاَّ مَا شَاءَ٤ اللهُ﴾ أن ينسيه إياه لحكمة اقتضت ذلك فأنه ينساه فقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينسى وذلك لما أراد الله أن ينسخه من كلامه.
١ روي في السنن لما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اجعلوها في سجودكم". فكانوا يقولون في سجودهم سبحان ربي الأعلى ثلاثاً فأكثر.
٢ إن تنزيه الاسم مستلزم لتنزيه المسمى، فلذا لا حاجة إلى القول بأن اسم صلة قصد بها تعظيم المسمى. استشهاداً بقول لبيد:
إلى الحول تم اسم السلام عليكما
فتنويه اسم الله وتقديسه مطلوب
بل من أسمى المطالب، وتنزيه الله تعالى يكون بنفي الشريك عنه والولد ونفي كل نقص عنه قولا واعتقاداً وما يقرر أن تنزيه الاسم مستلزم لتنزيه المسمى قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجعلوها في سجودكم. لأنها دالة على تعظيم الرب تعالى وتعظيمه.
٣ الأحوى: الموصوف بالحوة وهي لون من الألوان سمرة تقرب من السواد، وأحوى صفة لغثاء الذي هو اليابس من النبات.
٤ الاستثناء مفرغ أي إلا الذي شاء الله أن تنساه فإنك تنساه؟.
556
وقوله تعالى ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ هذه الجملة تعليلية لقدرة الله تعالى على أن يحفظ على رسوله القرآن فلا ينساه ومعنى يعلم الجهر وما يخفى أي أن الله تعالى يعلم ما يجهر به المرء من قراءة أو حديث وما يخفيه الكل يعلمه الله بخلاف عباده فإنهم لا يعلمون ما يخفى عليهم ويسر به وقوله تعالى ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ أي للطريقة السهلة الخالية من الحرج وهي الشريعة الإسلامية التي بنيت على أساس أن لا حرج في الدين (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله تعالى ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ١ الذِّكْرَى﴾ من آيسناك من إيمانهم أو لم تنفع. لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مأمور بالبلاغ فيبلغ الكافر والمؤمن ويذكر الكافر والمؤمن. والأمر بعد لله. وقوله تعالى ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ أي سيذكر ويتعظ من يخشي عقاب الله لإيمانه به ومعرفته له ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ أي الذكرى ﴿الأَشْقَى﴾ أي أشقى الفريقين فريق من يتذكر وفريق من لا يتذكر ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ أي يدخل النار الكبرى نار يوم القيامة ﴿ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا﴾ من جراء عذابها فيستريح ﴿وَلا يَحْيَى﴾ ٢ فيهنأ ويسعد إذ الشقاء لازمه. وهذه حال أهل النار ونعوذ بالله من حال أهل النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- وجوب تسبيح اسم الله وتنزيهه عما لا يليق به كوجوب تنزيه ذات الله تعالى عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله.
٢- مشروعية قول سبحان ربي الأعلى عند قراءة هذه الآية سبح اسم ربك الأعلى.
٣- وجوب التسبيح بها في السجود في كل سجدة من الصلاة سبحان ربي الأعلى ثلاثا فأكثر.
٤- مشروعية قراءة هذه السورة في الوتر فيقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة والأعلى وفي الثانية بالفاتحة والكافرون، وفي ركعة الوتر بالفاتحة والصمد أو الصمد والمعوذتين.
٥- أحب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة الأعلى لأنها سورة ربه وأن ربه بشره فيها بشارتين عظيمتين الأولى أنه ييسره لليسرى، ومن ثم ما خير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين شيئين إلا اختار أيسرهما والثانية أنه حفظه من النسيان بأن جعله لا ينسى. ولذا كان يصلي بهذه السورة الجمع والأعياد والوتر في كل ليلة فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
١ في الجملة تعريض بأن بين كفار قريش من لم تنفعهم الذكرى، ومع هذا فالتذكير متعين للجميع إقامة للحجة.
٢ قوله ولا يحيا في الجملة احتراس مما قد يظن أنه ما دام الجهنمي أنه لا يموت فسوف يحيى حياة عادية لا عذاب فيها فرفع هذا التوهم بهذه الجملة (ولا يحيى) أي حياة راحة من العذاب كما قال القائل:
ألا ما لنفس لا تموت فينقضي
عناها ولا تحيا حياة لها طعم
557
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)
شرح الكلمات:
أفلح: أي فاز بأن نجا من النار، ودخل الجنة.
من تزكى: أي تطهر بالإيمان وصالح الأعمال بعد التخلي عن الشرك والمعاصي.
وذكر اسم ربه أي في كل أحايينه عند الأكل وعند الشرب وعند النوم وعند الهبوب منه وفي الصلاة وخارج الصلاة من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير.

فصلى: أي الصلوات الخمس والنوافل من رواتب وغيرها.


تؤثرون: أي تقدمون وتفضلون الدنيا على الآخرة.
إن هذا لفي الصحف الأولى: أي إن هذا وهو قوله قد أفلح إلى قوله وأبقى.
صحف إبراهيم: إذ كانت عشر صحف.
وموسى: أي توراته.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى﴾ يخبر تعالى بفلاح عبد مؤمن زكى ١نفسه أي طهرها بالإيمان وصالح الأعمال، وذكر اسم ربه على كل أحايينه عند القيام من النوم عند الوضوء بعد الوضوء في الصلاة وبعد الصلاة وعند الأكل والشرب وعند اللباس فلا يخلو من ذكر الله ساعة فصلى الصلوات الخمس وصلى النوافل. ومعنى الفلاح الفوز والفوز هو النجاة من المرهوب والظفر بالمرغوب المحبوب. والمراد منه في الآية النجاة من النار ودخول الجنة لآية آل عمران ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾. وقوله تعالى ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أيها الناس أي تفضلونها على الآخرة فتعلمون لها وتنسون الآخرة فلا تقدمون لها شيئا.
١ قوله تزكى فيه معنى المعالجة وهي أنه عمل على تزكية نفسه بإبعادها عما يخبثها من الشرك والآثام، ثم بتحليتها بالعبادات المزكية لها وهي الإيمان وصالح الأعمال.
558
هذا هو طبعكم أيها الناس إلا من ذكر الله فصلى بعد أن آمن واهتدى في حين أن الآخرة خير من الدنيا وأبقى خير نوعاً وأبقى مدة حتى قال الحكماء١ لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف.. طين لاختار العاقل ما يبقى على ما يفنى، لأن الدنيا فانية والآخرة باقية وقوله تعالى ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ أي إن قوله تعالى قد أفلح من تزكى إلى قوله خير وأبقى مذكور في كل من صحف إبراهيم وكانت له عشر صحف ولموسى٢، التوراة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- الترغيب في الزكاة والذكر والصلاة، ويحصل هذا للمسلم كل عيد فطر إذ يخرج زكاة الفطر أولا ثم يأتي المسجد يكبر، ثم يصلي حتى أن بعضهم يرى أن هذه الآية نزلت في ذلك.
٢- التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة لفناء الدنيا وبقاء الآخرة.
٣- توافق الكتب السماوية دليل أنها وحي الله وكتبه أنزلها على رسله عليهم السلام.
١ قال مالك بن دينار ونص كلمته كالتالي: لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى على ذهب يفنى. قال فكيف والآخرة من ذهب يبقى والدنيا من خزف يفنى؟
٢ لقد كان لموسى صحف كثيرة إذ هي مجموع صحف أسفار التوراة والصحف جمع صحيفة على غير قياس إذ القياس صحائف وصار صحف أشهر وأفصح من صحائف كما قالوا في جمع سفينة سفن فكان أفصح من سفائن.
559
سورة الغاشية
مكية وآياتها ست وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً (١١) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)
559
سورة الأعلى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأعلى) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بتنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص، وإثباتِ العلوِّ المطلق له سبحانه، وجاءت على أمثلةٍ من قدرة الله عز وجل في هذا الكون؛ طلبًا من المؤمن أن يُزكِّيَ نفسَه، ويلجأَ إلى خالق هذا الكونِ وحده، و(الأعلى) هو أحدُ أسماءِ الله الحسنى، وقد حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتِها في غير موضع؛ كالجمعة، والعيدَينِ، والوتر.

ترتيبها المصحفي
87
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
8
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الأعلى):

سُمِّيت سورة (الأعلى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {سَبِّحْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

* أمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُجعَل لفظُ أولِ آيةٍ من سورة (الأعلى) في السجود:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلْعَظِيمِ} [الواقعة: 96]، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «اجعَلوها في ركوعِكم»، فلمَّا نزَلتْ: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: «اجعَلوها في سجودِكم»». أخرجه ابن حبان (١٨٩٨).

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءةِ سورة (الأعلى) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهْرِ: عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} ونحوِها، وفي الصُّبْحِ بأطوَلَ مِن ذلك». أخرجه مسلم (٤٦٠).

* في صلاة الوتر: عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ فيهنَّ في الأولى: بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ: بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (١٧٠١).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجمعة بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. تسبيح وتعظيم (١-٥).

2. تكليف وامتنان (٦-١٣).

3. الحديث عن أهل التذكُّر (١٤-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /110).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «اشتملت على تنزيهِ الله تعالى، والإشارة إلى وَحْدانيته؛ لانفراده بخَلْقِ الإنسان، وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته على تَلقِّي الوحي.
وأنَّ اللهَ مُعطِيه شريعةً سَمْحة، وكتابًا يَتذكَّر به أهلُ النفوس الزكيَّة الذين يَخشَون ربهم، ويُعرِض عنهم أهلُ الشقاوة الذين يؤثِرون الحياة الدنيا، ولا يعبؤون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحيَ إليه يُصدِّقه ما في كتب الرسل من قبله؛ وذلك كلُّه تهوين لِما يَلقَاه من إعراض المشركين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /272).