تفسير سورة القمر

تفسير التستري

تفسير سورة سورة القمر من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري.
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

السورة التي يذكر فيها القمر
[سورة القمر (٥٤) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)
قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [١] على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلقتين، حتى ذهبت فلقة وراء جبل حراء، وهي أول علامة من علامات الساعة. وحكي عن أبي عبد الرحمن السلمي «١» قال: كنت مع أبي بالمدائن، وكانت الجمعة، فذهب بي إلى الجمعة وهو آخذ بيدي، فقام حذيفة بن اليمان على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [١]، ألا وإن الساعة قد اقتربت، وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد أدبرت، ألا وإن المضمار اليوم، والسباق غداً. فلما خرجنا قلت: يا أبت، غداً يستبق الناس. قال: يا بني السباق غداً. [فقلت لأبي: أيستبق الناس غداً؟ قال: يا بني] «٢» إنك لجاهل، إنَّما يقول من عمل اليوم سبق في الآخرة «٣».
[سورة القمر (٥٤) : آية ١٧]
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)
قوله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [١٧، ٣٢، ٣٩] أي هوّنا القرآن للذكر، ولولا ذلك لما أطاقت الألسنة أن تتكلم به، فهل من مدكر لهذه النعمة.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣)
قوله تعالى: وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ [٥٢] قال: يعني في الكتب التي تكتبها الحفظة.
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ [٥٣] أي مكتوب في الكتاب، فيعرض عليهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى. وقد حكي عن أبي حازم «٤» أنه قال: ويحك يا أعرج، ينادي يوم القيامة: يا أهل خطيئة كذا فتقوم معهم، ثم ينادى: يا أهل خطيئة كذا فتقوم معهم، وأراك يا أعرج تقوم مع أهل كل خطيئة «٥»، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) أبو عبد الرحمن السلمي: محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي السلمي (٣٢٥- ٤١٢ هـ) :
شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم. بلغت تصانيفه مائة أو أكثر. (الأعلام ٦/ ٩٩).
(٢) ما بين القوسين إضافة من المستدرك على الصحيحين ٤/ ٦٥١ (رقم ٨٨٠٠).
(٣) المستدرك على الصحيحين ٤/ ٦٥١ (رقم ٨٨٠٠) ومصنف ابن أبي شيبة ٧/ ١٣٩ والحلية ١/ ٢٨١ وتاريخ بغداد ١/ ٢٠٢.
(٤) أبو حازم: سلمة بن دينار المخزومي، ويقال له الأعرج (... - ١٤٠ هـ) : عالم المدينة وقاضيها وشيخها.
فارسي الأصل. كان زاهدا عابدا. (الحلية ٣/ ٢٢٩).
(٥) الحلية ٣/ ٢٣٠- ٢٣١ وصفوة الصفوة ٢/ ١٦٤.
سورة القمر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَمَر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الطارق)، وقد افتُتحت ببيانِ اقتراب أمر الله؛ من تحقُّقِ وقوع الساعة وشِدَّة اقترابها، وتقسيم الناس في جزائهم إلى أهلِ الجِنان، وأهل النِّيران والخسران؛ من خلال قصِّ سِيَرِ بعض الأنبياء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى.

ترتيبها المصحفي
54
نوعها
مكية
ألفاظها
342
ترتيب نزولها
37
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
55
العد الكوفي
55
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ ١ وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةٗ يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 1-2]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «سألَ أهلُ مكَّةَ النبيَّ ﷺ آيةً، فانشَقَّ القمرُ بمكَّةَ مرَّتَينِ؛ فنزَلتِ: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ} [القمر: 1] إلى قولِه: {سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 2]، يقولُ: ذاهبٌ». أخرجه الترمذي (٣٢٨٦).

* قوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «جاء مشرِكو قُرَيشٍ يُخاصِمون رسولَ اللهِ ﷺ في القَدَرِ؛ فنزَلتْ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]». أخرجه مسلم (٢٦٥٦).

* سورة (القمر):

سُمِّيت سورةُ (القمر) بذلك؛ لافتتاحها بذكرِ انشقاق القمر، وهي معجزةٌ من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (2820).

1. المقدمة (١-٥).

2. إنذارٌ ووعيد (٦-٨).

3. عاقبة قوم نوحٍ (٩-١٧).

4. عاقبة عادٍ (١٨-٢٢).

5. عاقبة ثمودَ (٢٣-٣٢).

7. عاقبة قوم لوطٍ (٣٣-٤٠).

8. عاقبة المكذِّبين من آلِ فرعون (٤١-٤٢).

9. تعقيبٌ وختام (٤٣-٥٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /515).

مقصدُ السورة بيانُ أمر الساعة، وتحقُّق وقوعها، وشدة قُرْبه، وإثباتُ الجزاء للمؤمنين بالجنان، وللكافرين بالنِّيران والخسران، ويشير ابن عاشور إلى مقصدها بقوله: «تسجيل مكابَرة المشركين في الآيات البيِّنة.

وأمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكابَرتهم.

وإنذارُهم باقتراب القيامة، وبما يَلقَونه حين البعث من الشدائد.

وتذكيرهم بما لَقِيَتْه الأُمَمُ أمثالهم من عذاب الدنيا لتكذيبهم رُسُلَ الله، وأنهم سيَلقَون مثلما لَقِيَ أولئك؛ إذ ليسوا خيرًا من كفار الأمم الماضية.

وإنذارهم بقتالٍ يُهزَمون فيه، ثم لهم عذابُ الآخرة، وهو أشد.

وإعلامهم بإحاطة الله علمًا بأفعالهم، وأنه مُجازيهم شرَّ الجزاء، ومُجازٍ المتقين خيرَ الجزاء.

وإثبات البعث، ووصف بعض أحواله.

وفي خلال ذلك، تكريرُ التنويه بهَدْيِ القرآن وحِكْمته». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /166).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /40).