تفسير سورة الأعلى

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله عز وجل :﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ﴾، و﴿ باسم ربك ﴾.
كل ذلك قد جاء وهو من كلام العرب.
وقوله عز وجل :﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾.
قدّر خلْقه فهدى الذكر لِمأتى الأنثى من البهائم.
ويقال : قدّر فهدى وأضل، فاكتفي من ذكر الضلال بذكر الهدى لكثرة ما يكون معه. والقراء مجتمعون على تشديد ( قدّر ). وكان أبو عبد الرحمن السلمي يقرأ : قَدَر مخففة، ويرون أنها من قراءة علي بن أبي طالب ( رحمه الله ) [ ١٣٥/ا ] والتشديد أحب إليّ لاجتماع القراء عليه.
وقوله عز وجل :﴿ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾.
إذا صار النبت يبساً فهو غثاء. والأحوى : الذي قد اسودّ عن العتق ويكون أيضاً : أخرج المرعى أحوى، فجعله غثاءً، فيكون مؤخَّرا معناه التقديم.
وقوله عز وجل :﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ ما شَاء اللَّهُ ﴾.
لم يشأ أن ينسى شيئا، وهو كقوله :﴿ خَالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السَّماوَاتُ والأَرْضُ إِلاَّ ما شَاء رَبُّك ﴾ ولا يشاء. وأنت قائل في الكلام : لأعطينك كل ما سألت إلاَّ ما شئتُ، وإلاَّ أَن أشاء أن أمنعَك، والنية ألا تمنعه، وعلى هذا مجارى الأيمان يستثنى فيها. ونية الحالف التمام.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ وَيَتَجَنَّبُها الأَشْقَى ﴾.
يتجنب الذكرى فلا يذكر.
وقوله جل وعز :﴿ النارَ الْكُبْرَى ﴾.
هي السفلى من أطباق النار.
وقوله عز وجل :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴾.
عمِل بالخير وتصدق، ويقال : قد أفلح من تزكى : تصدق قبل خروجه يوم العيد.
﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾.
شهد الصلاة مع الإمام.
وقوله عز وجل :﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾.
اجتمع القراء على التاء، وهي في قراءة أبيّ :«بَلْ أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ » تحقيقاً لم قرأ بالتاء.
وقد قرأ بعض القراء :«بَلْ يُؤْثِرُونَ ».
وقوله عز وجل :﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى ﴾.
يقول : مَن ذكر اسم ربه فصلى وعمل بالخير، فهو في الصحف الأولى كما هو في القرآن.
سورة الأعلى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأعلى) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بتنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص، وإثباتِ العلوِّ المطلق له سبحانه، وجاءت على أمثلةٍ من قدرة الله عز وجل في هذا الكون؛ طلبًا من المؤمن أن يُزكِّيَ نفسَه، ويلجأَ إلى خالق هذا الكونِ وحده، و(الأعلى) هو أحدُ أسماءِ الله الحسنى، وقد حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتِها في غير موضع؛ كالجمعة، والعيدَينِ، والوتر.

ترتيبها المصحفي
87
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
8
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الأعلى):

سُمِّيت سورة (الأعلى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {سَبِّحْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

* أمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُجعَل لفظُ أولِ آيةٍ من سورة (الأعلى) في السجود:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلْعَظِيمِ} [الواقعة: 96]، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «اجعَلوها في ركوعِكم»، فلمَّا نزَلتْ: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: «اجعَلوها في سجودِكم»». أخرجه ابن حبان (١٨٩٨).

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءةِ سورة (الأعلى) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهْرِ: عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} ونحوِها، وفي الصُّبْحِ بأطوَلَ مِن ذلك». أخرجه مسلم (٤٦٠).

* في صلاة الوتر: عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ فيهنَّ في الأولى: بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ: بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (١٧٠١).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجمعة بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. تسبيح وتعظيم (١-٥).

2. تكليف وامتنان (٦-١٣).

3. الحديث عن أهل التذكُّر (١٤-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /110).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «اشتملت على تنزيهِ الله تعالى، والإشارة إلى وَحْدانيته؛ لانفراده بخَلْقِ الإنسان، وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته على تَلقِّي الوحي.
وأنَّ اللهَ مُعطِيه شريعةً سَمْحة، وكتابًا يَتذكَّر به أهلُ النفوس الزكيَّة الذين يَخشَون ربهم، ويُعرِض عنهم أهلُ الشقاوة الذين يؤثِرون الحياة الدنيا، ولا يعبؤون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحيَ إليه يُصدِّقه ما في كتب الرسل من قبله؛ وذلك كلُّه تهوين لِما يَلقَاه من إعراض المشركين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /272).