تفسير سورة الأعلى

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
اختلف فيها. فقيل مكية، وقيل مدنية، وذلك ضعيف. إنما ذهب إلى ذلك من قاله لأجل قوم من زعم أن ذكر صلاة العيد فيها. وفها موضع واحد :

- قوله تعالى :-ayah text-primary">﴿ قد أفلح من تزكى ( ١٤ ) وذكر اسم ربه فصلى ( ١٥ ) ﴾ :
اختلف في معنى قوله تعالى :﴿ تزكى ﴾، فقيل طهر نفسه ونماها بالخير. وقال قتادة : من تزكى بالعمل الصالح. وقال عكرمة : من قال لا إله إلا الله. وقال ابن عباس : من تزكى من الشرك ١. وليس في الآية على هذه الأقوال حكم. وقال عطاء : معناه : من تصدق يعني الصدقات كلها. وقال قتادة أيضا فيما روي عنه معناه : أدى زكاة ماله. وقال ابن عباس أيضا وابن المسيب وغيرهما المعنى : من أدى زكاة الفطر. والذين ذهبوا إلى هذا اختلفوا في الآية هل هي منسوخة أو محكمة. فذهب قوم إلى أنها محكمة، واختلفوا هل هي فريضة أو سنة. وظاهر الآية على هذا التأويل أنها سنة. وذهب قوم إلى أنها منسوخة بالزكاة المفروضة ولم يروا زكاة الفطر واجبة. قال عمر بن عبد العزيز : نسخت فصارت سنة بعد أن كانت واجبة. واختلف الذاهبون إلى أنها محكمة هل على من تحل له الصدقة زكاة الفطر أم لا ؟ فعند مالك والشافعي أنها عليه، وهو ظاهر الآية لأنها عامة. ولم يرها أبو حنيفة وأصحابه.
١ وفي تنوير المقباس: من اتعظ بالقرآن ووحد الله. راجع ص ٥٠٨..
– وقوله تعالى :﴿ وذكر اسم ربه فصلى ( ١٥ ) ﴾ :
اختلف في معناها، فقيل المراد به الصلوات الخمس. ويأتي على هذا القول المراد بالزكاة الزكاة المفروضة ليقابل الفرض بالفرض. وقيل معناه صلى الصلوات التي فرض الله تعالى عليه وتنفل أيضا بما أمكنه من صلاة. فالآية شاملة للفرض والنفل. وقيل : معناه دعا. وقيل : صلى صلاة العيد. قال أبو سعيد الخدري وابن المسيب وابن عمر : نزلت هذه الآية صبيحة يوم الفطر. فمعنى قوله :﴿ تزكى ﴾ أدى زكاة الفطر. معنى :﴿ وذكر اسم ربه ﴾ ذكر الله في طريق المصلى إلى أن يخرج الإمام، والصلاة هي صلاة العيد. وقد روي هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم. فعلى هنا يستحب أن يخرج الرجل صدقة فطره في غدوه إلى المصلى قبل الصلاة. وقال ابن مسعود : إذا خرجت إلى صلاة العيد فتصدق بشيء إن استطعت، واستشهد بالآية. وظاهر هذا أن الزكاة عندي في الآية إنما هي شيء غير زكاة الفطر ١.
١ "الفطر" كلمة ساقطة في غير (أ)، (ز)..
سورة الأعلى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأعلى) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بتنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص، وإثباتِ العلوِّ المطلق له سبحانه، وجاءت على أمثلةٍ من قدرة الله عز وجل في هذا الكون؛ طلبًا من المؤمن أن يُزكِّيَ نفسَه، ويلجأَ إلى خالق هذا الكونِ وحده، و(الأعلى) هو أحدُ أسماءِ الله الحسنى، وقد حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتِها في غير موضع؛ كالجمعة، والعيدَينِ، والوتر.

ترتيبها المصحفي
87
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
8
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الأعلى):

سُمِّيت سورة (الأعلى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {سَبِّحْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

* أمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُجعَل لفظُ أولِ آيةٍ من سورة (الأعلى) في السجود:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلْعَظِيمِ} [الواقعة: 96]، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «اجعَلوها في ركوعِكم»، فلمَّا نزَلتْ: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: «اجعَلوها في سجودِكم»». أخرجه ابن حبان (١٨٩٨).

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءةِ سورة (الأعلى) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهْرِ: عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} ونحوِها، وفي الصُّبْحِ بأطوَلَ مِن ذلك». أخرجه مسلم (٤٦٠).

* في صلاة الوتر: عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ فيهنَّ في الأولى: بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ: بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (١٧٠١).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجمعة بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. تسبيح وتعظيم (١-٥).

2. تكليف وامتنان (٦-١٣).

3. الحديث عن أهل التذكُّر (١٤-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /110).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «اشتملت على تنزيهِ الله تعالى، والإشارة إلى وَحْدانيته؛ لانفراده بخَلْقِ الإنسان، وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته على تَلقِّي الوحي.
وأنَّ اللهَ مُعطِيه شريعةً سَمْحة، وكتابًا يَتذكَّر به أهلُ النفوس الزكيَّة الذين يَخشَون ربهم، ويُعرِض عنهم أهلُ الشقاوة الذين يؤثِرون الحياة الدنيا، ولا يعبؤون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحيَ إليه يُصدِّقه ما في كتب الرسل من قبله؛ وذلك كلُّه تهوين لِما يَلقَاه من إعراض المشركين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /272).