تفسير سورة الأعلى

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ يَأْمُرُ تعالى بتسبيحه المُتَضَمِّنِ لِذِكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ والخضوعِ لجلاله، وأن يكونَ تَسْبِيحًا يليقُ بعظمةِ اللهِ تعالى بأن تُذْكَرَ أسماؤُه الحسنى العاليةُ عَلَى كُلِّ اسْمٍ بمعناها العظيمِ الجليلِ.
﴿خَلَقَ فَسَوَّى﴾ أي: خَلَقَ المخلوقاتِ فَسَوَّاهَا، أي: أَتْقَنَ وَأَحْسَنَ خَلْقَهَا.
﴿قَدَّرَ فَهَدَى﴾ تَقْدِيرًا تَتْبَعُهُ جميعُ المُقَدَّرَاتِ، فَهَدَى إلى ذلك جميعَ المخلوقاتِ.
﴿أَخْرَجَ المَرْعَى﴾ أي: أَنْبَتَ العشبَ والكلأَ.
﴿فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى﴾ أي: بَعْدَ الخُضْرَةِ والنُّضْرَةِ جَعَلَهُ هَشِيمًا يَابِسًا أَسْوَدَ.
﴿سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى﴾ أي: سَنَحْفَظُ ما أَوْحَيْنَاهُ إليكَ من الكتابِ ونُوعِيهِ قَلْبَكَ، فلا تَنْسَى منه شَيْئًا.
وهذه بشارةٌ من اللهِ لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - ﷺ - أَنَّ اللهَ سُيَعَلِّمُهُ عِلْمًا لا يَنْسَاهُ.
﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ إنَّ اللهَ يُيَسِّرُ رَسُولَهُ - ﷺ - لليُسْرَى في جميعِ أُمُورِهِ ويجعل شَرْعَهُ وَدِينَهُ يَسِيرًا.
﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ عِظِ الناسَ يا محمدُ بالقرآنِ وَأَرْشِدْهُمْ إلى ما فِيهِ مِنْ نَفْعٍ دَائِمٍ.
﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ سَيَتَّعِظُ وَيَقْبَلُ التذكيرَ مَنْ يَخْشَى اللهَ ورسولَه.
﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ وَيَتَبَاعَدُ عن الذِّكْرَى فلا يَقْبَلُهَا الشقيُّ الَّذِي اخْتَارَ أن يعيشَ في هذه الدنيا كَافِرًا بربِّه جَاحِدًا لِنِعَمِهِ.
﴿النَّارَ الْكُبْرَى﴾ النارَ العظيمةَ الفظيعةَ.
﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ أي: لا يَمُوتُ فَيَسْتَرِيحُ، ولا يَحْيَا فَيَهْنَأُ.
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ أي: فَازَ مَنْ تَطَهَّرَ بالإيمانِ وصالحِ الأعمالِ بَعْدَ التخليِّ عن الشركِ والمعاصي.
﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ ذَكَرَهُ بِلِسَانِهِ وَاسْتَحْضَرَ جلالَه في قَلْبِهِ، فَصَلَّى فَرْضَهُ.
﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ أي: إنَّ هذا وهو قولُه: «قَدْ أَفْلَحَ» إلى قوله: «وَأَبْقَى».
﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ أي الكُتُبُ المُنَزَّلَةُ عليهما، ولم يُرِدْ أن هذه الألفاظَ بعينِها موجودةٌ في تلك الصُّحُفِ وإنما معنى هذا الكلامِ واردٌ فيها.
19
سُورة الْغَاشِيَة
سورة الأعلى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأعلى) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بتنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص، وإثباتِ العلوِّ المطلق له سبحانه، وجاءت على أمثلةٍ من قدرة الله عز وجل في هذا الكون؛ طلبًا من المؤمن أن يُزكِّيَ نفسَه، ويلجأَ إلى خالق هذا الكونِ وحده، و(الأعلى) هو أحدُ أسماءِ الله الحسنى، وقد حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتِها في غير موضع؛ كالجمعة، والعيدَينِ، والوتر.

ترتيبها المصحفي
87
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
8
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الأعلى):

سُمِّيت سورة (الأعلى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {سَبِّحْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

* أمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُجعَل لفظُ أولِ آيةٍ من سورة (الأعلى) في السجود:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلْعَظِيمِ} [الواقعة: 96]، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «اجعَلوها في ركوعِكم»، فلمَّا نزَلتْ: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: «اجعَلوها في سجودِكم»». أخرجه ابن حبان (١٨٩٨).

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءةِ سورة (الأعلى) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهْرِ: عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} ونحوِها، وفي الصُّبْحِ بأطوَلَ مِن ذلك». أخرجه مسلم (٤٦٠).

* في صلاة الوتر: عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ فيهنَّ في الأولى: بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ: بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (١٧٠١).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجمعة بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. تسبيح وتعظيم (١-٥).

2. تكليف وامتنان (٦-١٣).

3. الحديث عن أهل التذكُّر (١٤-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /110).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «اشتملت على تنزيهِ الله تعالى، والإشارة إلى وَحْدانيته؛ لانفراده بخَلْقِ الإنسان، وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته على تَلقِّي الوحي.
وأنَّ اللهَ مُعطِيه شريعةً سَمْحة، وكتابًا يَتذكَّر به أهلُ النفوس الزكيَّة الذين يَخشَون ربهم، ويُعرِض عنهم أهلُ الشقاوة الذين يؤثِرون الحياة الدنيا، ولا يعبؤون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحيَ إليه يُصدِّقه ما في كتب الرسل من قبله؛ وذلك كلُّه تهوين لِما يَلقَاه من إعراض المشركين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /272).