تفسير سورة الأعلى

الوجيز للواحدي

تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي.
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي تسع عشر آية

﴿سبِّح اسم ربك الأعلى﴾ نزِّه ذات ربِّك من السُّوء وقيل: معناه: قل: سبحان ربِّي الأعلى
﴿الذي خلق فسوَّى﴾ خلق الإنسان مُستوي الخلق
﴿والذي قدَّر فهدى﴾ قدَّر الأرزاق ثمَّ هدى لطلبها
﴿والذي أخرج﴾ من الأرض ﴿المرعى﴾ النَّبات
﴿فجعله غثاء﴾ يابساً وهو ما يحمله السَّيل ممَّا يجف من النَّبات ﴿أحوى﴾ أسود بالياً
﴿سنقرئك﴾ سنجعلك قارئاً لما يأتيك به جبريل عليه السَّلام من الوحي ﴿فلا تنسى﴾ شيئاً وهذا وعدٌ من الله سبحانه لنبيِّه عليه السَّلام أن يحفظ عليه الوحي حتى لا ينفلت منه شيءٌ
﴿إلاَّ ما شاء الله﴾ أن ينسخه وقيل: إلاَّ ما شاء الله وهو لا يشاء أن تنسى ﴿إنَّه يعلم الجهر﴾ من القول والفعل ﴿وما يخفى﴾
﴿ونيسِّرك لليسرى﴾ أَيْ: نُهوِّن عليك الشَّريعة اليسرى وهي الحنيفيَّة السَّمحة
﴿فذكر﴾ فَعِظْ بالقرآن ﴿إن نفعت الذكرى﴾ التَّذكير
﴿سيذكر﴾ سيتَّعظ ﴿من يخشى﴾ الله
﴿ويتجنبها﴾ ويتجنب الذكرى ويباعد عنها ﴿الأشقى﴾ في علم الله
﴿الذي يصلى النار الكبرى﴾ الذي يدخل جهنَّم
﴿ثمَّ لا يموت فيها ولا يحيا﴾ لا يموت فيها موتاً يستريح به من العذاب ولا يحيا حياةً يجد فيها روح الحياة
﴿قد أفلح﴾ صادف البقاء في الجنَّة ﴿مَنْ تزكَّى﴾ أكثر من العمل الصالح
﴿وذكر اسم ربه فصلى﴾ أَيْ: الصَّلوات الخمس
﴿بل تؤثرون﴾ تختارون ﴿الحياة الدنيا﴾
﴿والآخرة خير وأبقى﴾ من الدُّنيا
﴿إن هذا﴾ الذي ذكرت من فلاح المُتزكِّي وكون الآخرة خيراً من الدُّنيا ﴿لفي الصحف الأولى﴾ مذكورٌ في الكتب المتقدِّمة
﴿صحف إبراهيم وموسى﴾ يعني: ما أنزل الله عليهما من الكتب
سورة الأعلى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأعلى) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بتنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص، وإثباتِ العلوِّ المطلق له سبحانه، وجاءت على أمثلةٍ من قدرة الله عز وجل في هذا الكون؛ طلبًا من المؤمن أن يُزكِّيَ نفسَه، ويلجأَ إلى خالق هذا الكونِ وحده، و(الأعلى) هو أحدُ أسماءِ الله الحسنى، وقد حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتِها في غير موضع؛ كالجمعة، والعيدَينِ، والوتر.

ترتيبها المصحفي
87
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
8
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الأعلى):

سُمِّيت سورة (الأعلى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {سَبِّحْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

* أمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُجعَل لفظُ أولِ آيةٍ من سورة (الأعلى) في السجود:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلْعَظِيمِ} [الواقعة: 96]، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «اجعَلوها في ركوعِكم»، فلمَّا نزَلتْ: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: «اجعَلوها في سجودِكم»». أخرجه ابن حبان (١٨٩٨).

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءةِ سورة (الأعلى) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهْرِ: عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} ونحوِها، وفي الصُّبْحِ بأطوَلَ مِن ذلك». أخرجه مسلم (٤٦٠).

* في صلاة الوتر: عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ فيهنَّ في الأولى: بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ: بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (١٧٠١).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجمعة بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. تسبيح وتعظيم (١-٥).

2. تكليف وامتنان (٦-١٣).

3. الحديث عن أهل التذكُّر (١٤-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /110).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «اشتملت على تنزيهِ الله تعالى، والإشارة إلى وَحْدانيته؛ لانفراده بخَلْقِ الإنسان، وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته على تَلقِّي الوحي.
وأنَّ اللهَ مُعطِيه شريعةً سَمْحة، وكتابًا يَتذكَّر به أهلُ النفوس الزكيَّة الذين يَخشَون ربهم، ويُعرِض عنهم أهلُ الشقاوة الذين يؤثِرون الحياة الدنيا، ولا يعبؤون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحيَ إليه يُصدِّقه ما في كتب الرسل من قبله؛ وذلك كلُّه تهوين لِما يَلقَاه من إعراض المشركين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /272).