تفسير سورة القمر

تفسير ابن عباس

تفسير سورة سورة القمر من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس.
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿اقْتَرَبت السَّاعَة﴾ يَقُول دنا قيام السَّاعَة بِخُرُوج مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونزول الدُّخان ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَر﴾ نِصْفَيْنِ وَهُوَ من عَلَامَات الْقِيَامَة
﴿وَإِن يَرَوْاْ آيَةً﴾ مثل انْشِقَاق الْقَمَر ﴿يُعْرِضُواْ﴾ يكذبوا بِالْآيَةِ ﴿وَيَقُولُواْ﴾ الْآيَة ﴿سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ﴾ قوي شَدِيد مَصْنُوع سيذهب
﴿وَكَذَّبُواْ﴾ بِالْآيَةِ وَقيام السَّاعَة ﴿وَاتبعُوا أَهْوَآءَهُمْ﴾ بتكذيب الْآيَة وَقيام السَّاعَة وبعبادة الْأَوْثَان ﴿وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ﴾ وَلكُل قَول من الله أَو من رَسُوله فِي الْوَعْد والوعيد والبشرى بِالْجنَّةِ وَالنَّار أَو بِالرَّحْمَةِ أَو بِالْعَذَابِ فعل وَحَقِيقَة سنة مَا يكون فِي الدُّنْيَا فسيظهر وَمِنْه مَا يكون فِي الْآخِرَة فيتبين وَيُقَال وَلكُل فعل وَقَول من الْعباد حَقِيقَة وحقيقتهم فِي الْقلب
﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم﴾ أهل مَكَّة فِي الْقُرْآن ﴿مِّنَ الأنبآء﴾ من أَخْبَار الْأُمَم الْمَاضِيَة كَيفَ هَلَكُوا عِنْد التَّكْذِيب ﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ نهي وازدجار
﴿حِكْمَةٌ﴾ الْقُرْآن ﴿بَالِغَةٌ﴾ حِكْمَة من الله أبلغهم عَن الله ﴿فَمَا تُغْنِ النّذر﴾ يَعْنِي الرُّسُل عَن قوم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه فِي علم الله
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أعرض عَنْهُم يَا مُحَمَّد ثمَّ أَمرهم بِالْقِتَالِ ﴿يَوْمَ يَدْعُ الداع﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ﴾ مُنكر عَظِيم شَدِيد أهل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَأهل النَّار إِلَى النَّار
﴿خُشَّعاً﴾ ذليلة ﴿أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث﴾ من الْقُبُور فِي النفخة الْأُخْرَى ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ يَقُول يجول بَعضهم فِي بعض مثل الْجَرَاد
﴿مُّهْطِعِينَ﴾ مُسْرِعين مقصدين ناظرين ﴿إِلَى الداع﴾ مَاذَا يَأْمُرهُم ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ شَدِيد شدد ذَلِك الْيَوْم
448
عَلَيْهِم
449
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾ قبل قَوْمك يَا مُحَمَّد ﴿قَوْمُ نُوحٍ﴾ نوحًا ﴿فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا﴾ نوحًا ﴿وَقَالُواْ مَجْنُونٌ﴾ يختنق ﴿وازدجر﴾ زجروه عَن مقَالَته وصاحوا بِهِ وَقَالُوا أَنْت مستطير الْفُؤَاد ذَاهِب الْعقل
﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ﴾ مقهور ﴿فانتصر﴾ فأعني بِالْعَذَابِ
﴿فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السمآء﴾ طرق السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا ﴿بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ مطر منصب من السَّمَاء على الأَرْض
﴿وَفَجَّرْنَا﴾ شققنا ﴿الأَرْض عُيُوناً﴾ بِالْمَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ﴿فَالْتَقَى المآء﴾ مَاء السَّمَاء وَمَاء الأَرْض ﴿على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ على مِقْدَار قَدرنَا مَاء السَّمَاء وَمَاء الأَرْض وَيُقَال على قَضَاء قد قضى بِهَلَاك قوم نوح
﴿وَحَمَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي نوحًا وَمن آمن بِهِ ﴿على ذَاتِ أَلْوَاحٍ﴾ عوارض ﴿وَدُسُرٍ﴾ مسامير وَشرط وكل شَيْء يشد بِهِ السَّفِينَة فَهُوَ دسر
﴿تَجْرِي﴾ تسير السَّفِينَة ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ بمنظر منا ﴿جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ يَقُول جَزَاء قوم نوح بِمَا كفرُوا بِهِ
﴿وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً﴾ عَلامَة للنَّاس يَعْنِي سفينة نوح بعد نوح وَيُقَال مثل سفينة نوح ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ فَهَل من متعظ يتعظ بِمَا صنع بِقوم نوح فَيتْرك الْمعْصِيَة
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ فَانْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم وَكَيف كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ نوح فَلم يُؤمنُوا
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن﴾ هونا الْقُرْآن ﴿لِلذِّكْرِ﴾ للْحِفْظ وَالْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة وَيُقَال هونا قِرَاءَة الْقُرْآن ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ فَهَل من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ
﴿كَذَّبَتْ عَادٌ﴾ قوم هود هوداً ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم وَنذر كَيفَ كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ الرَّسُول هود فَلم يُؤمنُوا
﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَا﴾ سلطنا ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على قوم هود ﴿رِيحاً صَرْصَراً﴾ بَارِدًا شَدِيدا وَهُوَ ريح الدبور ﴿فِي يَوْم نحس مُسْتَمر﴾ مشئوم عَلَيْهِم مُسْتَمر ذَاهِب على الصَّغِير وَالْكَبِير
﴿تَنزِعُ النَّاس﴾ تقلع قوم هود من أماكنهم ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ﴾ كَأَنَّهُمْ أوراك نخل وَيُقَال أسافل نخل ﴿مُّنقَعِرٍ﴾ منقلع من أُصُولهَا
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي﴾ انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم ﴿وَنُذُرِ﴾ فَكيف كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ هود فَلم يُؤمنُوا
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن﴾ هونا الْقُرْآن ﴿لِلذِّكْرِ﴾ للْحِفْظ وَالْقِرَاءَة ﴿فَهَل من مدكر﴾ من متعظ يتعظ بِمَا صنع بِقوم هود فَيتْرك الْمعْصِيَة
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ قوم صَالح ﴿بِالنذرِ﴾ صَالحا وَجُمْلَة الرُّسُل
﴿فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا﴾ آدَمِيًّا مثلنَا ﴿وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ﴾ فِي دينه وَأمره ﴿إِنَّآ إِذاً﴾ إِن فعلنَا ﴿لَّفِي ضَلاَلٍ﴾ فِي خطأ بَين ﴿وَسُعُرٍ﴾ تَعب وعناء
﴿أؤلقي الذِّكْرُ﴾ أخص بِالنُّبُوَّةِ ﴿عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا﴾ وَنحن أشرف مِنْهُ ﴿بَلْ هُوَ كَذَّابٌ﴾ يكذب على الله ﴿أَشِرٌ﴾ بطر مرح يعنون صَالحا فَقَالَ لَهُم صَالح
﴿سَيَعْلَمُونَ غَداً﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿مَّنِ الْكذَّاب﴾ على الله ﴿الأشر﴾ البطر المرح فَقَالَ الله لصالح
﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقة﴾ مخرجو النَّاقة من الصَّخْرَة ﴿فِتْنَةً لَّهُمْ﴾ بلية لقَوْمك ﴿فارتقبهم﴾ فانتظرهم إِلَى خُرُوج النَّاقة ﴿واصطبر﴾ اصبر على أذاهم وعَلى قَتلهمْ النَّاقة
﴿وَنَبِّئْهُمْ﴾ أخْبرهُم ﴿أَنَّ المآء﴾ مَاء الْبِئْر ﴿قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾ وَبَين النَّاقة يَوْم لَهَا وَيَوْم لَهُم ﴿كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ﴾ كل شَارِب لحضور صَاحبه فَأخْبرهُم صَالح فرضوا بذلك ومكثوا على ذَلِك زَمَانا فغلب عَلَيْهِم الشَّقَاء
﴿فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ﴾ نَادَى مصدع وقدار بن سالف بعد مَا رَمَاهَا مصدع بن دهر بِسَهْم ﴿فتعاطى﴾ فَتَنَاول قدار بِسَهْم آخر ﴿فَعَقَرَ﴾ فَقتلُوا النَّاقة وقسموا لَحمهَا
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ فَانْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ عَذَابي عَلَيْهِم وَكَيف كَانَ حَال منذري لمن أَنْذرهُمْ صَالح فَلم يُؤمنُوا
﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ أَي صَيْحَة جِبْرِيل بِالْعَذَابِ بعد ثَلَاثَة أَيَّام من قتل النَّاقة ﴿فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر﴾ فصاروا كالشيء الَّذِي داسته الْغنم فِي الحظيرة
﴿وَلَقَد يَسَّرْنَا الْقُرْآن﴾ هونا الْقُرْآن ﴿لِلذِّكْرِ﴾ للعظة وَالْحِفْظ وَالْقِرَاءَة ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ فَهَل من متعظ فيتعظ بِمَا صنع بِقوم صَالح فَيتْرك الْمعْصِيَة وَيُقَال فَهَل من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ
﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنذرِ﴾
449
لوطاً وَجُمْلَة الرُّسُل
450
﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَا﴾ أنزلنَا ﴿عَلَيْهِمْ حَاصِباً﴾ حِجَارَة ﴿إِلاَّ آلَ لُوطٍ﴾ إِلَّا على لوط وابنتيه زاعورا وريثا ﴿نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ﴾ عِنْد السحر
﴿نِّعْمَةً﴾ رَحْمَة ﴿مِّنْ عِندِنَا كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي مَن شَكَرَ﴾ من وحد وشكر نعْمَة الله بالنجاة
﴿وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ﴾ خوفهم لوط ﴿بَطْشَتَنَا﴾ عذابنا ﴿فَتَمَارَوْاْ بِالنذرِ﴾ فتجاحدوا بالرسل أَي كذبُوا لوطاً بِمَا قَالَ لَهُم
﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ﴾ أَرَادوا أضيافه جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة بعملهم الْخَبيث ﴿فَطَمَسْنَآ﴾ ففقأنا ﴿أَعْيُنَهُمْ﴾ أعمى جِبْرِيل أَعينهم ﴿فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ فَقلت لَهُم ذوقوا عَذَابي وَنذر منذري
﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُم﴾ أَخذهم ﴿بُكْرَةً﴾ وَهِي طُلُوع الْفجْر ﴿عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ﴾ دَائِم مَوْصُول بِعَذَاب الْآخِرَة
﴿فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ فَقلت لَهُم ذوقوا عَذَابي وَنذر منذري من أَنْذرهُمْ لوط فَلم يُؤمنُوا
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن﴾ هونا الْقُرْآن ﴿لِلذِّكْرِ﴾ للْحِفْظ وَالْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة ﴿فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ﴾ متعظ يتعظ بِمَا صنع بِقوم لوط فَيتْرك الْمعْصِيَة
﴿وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ النّذر﴾ إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه مُوسَى وَهَارُون
﴿كذبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا﴾ التسع ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ﴾ منيع قوي بالعقوبة ﴿مُّقْتَدِرٍ﴾ قَادر بِالْعَذَابِ
﴿أَكُفَّارُكُمْ﴾ يَا مُحَمَّد وَيُقَال يَا أهل مَكَّة ﴿خَيْرٌ مِّنْ أولئكم﴾ من الَّذين قَصَصنَا عَلَيْكُم ﴿أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزبر﴾ نجاة فِي الْكتب من الْعَذَاب
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ كفار مَكَّة ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ﴾ مُمْتَنع من الْعَذَاب
﴿سَيُهْزَمُ الْجمع﴾ جمع الْكفَّار يَوْم بدر ﴿وَيُوَلُّونَ الدبر﴾ منهزمين يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه فَمنهمْ من قتل يَوْم بدر وَمِنْهُم من هزم
﴿بَلِ السَّاعَة﴾ بل قيام السَّاعَة ﴿مَوْعِدُهُمْ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿والساعة﴾ بِالْعَذَابِ ﴿أدهى﴾ أعظم ﴿وَأَمَرُّ﴾ أَشد من عَذَاب يَوْم بدر
﴿إِنَّ الْمُجْرمين﴾ الْمُشْركين أَبَا جهل وَأَصْحَابه ﴿فِي ضَلاَلٍ﴾ فِي خطأ بَين فِي الدُّنْيَا ﴿وَسُعُرٍ﴾ تَعب وعناء فِي النَّار
﴿يَوْمَ﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يُسْحَبُونَ﴾ يجرونَ ﴿فِي النَّار﴾ تجرهم الزَّبَانِيَة ﴿على وُجُوهِهِمْ﴾ إِلَى النَّار فَتَقول لَهُم الزَّبَانِيَة ﴿ذوقوا مس سقر﴾ عَابَ سقر
﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ﴾ من أَعمالكُم ﴿خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ فجحدتم ذَلِك نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْقدر
﴿وَمَآ أَمْرُنَآ﴾ بِقِيَام السَّاعَة ﴿إِلاَّ وَاحِدَةٌ﴾ كلمة وَاحِدَة لَا تثنى ﴿كَلَمْحٍ بالبصر﴾ فِي السرعة كطرف الْبَصَر وَيُقَال إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر يَقُول خلقنَا لكل شَيْء شكله وَمَا يُوَافقهُ من الثِّيَاب وَالْمَتَاع
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ﴾ أهل دينكُمْ وأشباهكم يَا أهل مَكَّة ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ متعظ يتعظ بِمَا صنع بهم فَيتْرك الْمعْصِيَة
﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ﴾ فِي الشّرك بِاللَّه من الْمعْصِيَة والجفاء بالأنبياء ﴿فِي الزبر﴾ فِي الْكتب مَكْتُوب وَيُقَال فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْقدر أَيْضا
﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر ﴿مُّسْتَطَرٌ﴾ مكتتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ نزلت هَذِه الْآيَة أَيْضا فِي أهل الْقدر وجحدوا ذَلِك
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش ﴿فِي جَنَّاتٍ﴾ بساتين ﴿وَنَهَرٍ﴾ أَنهَار كَثِيرَة وَيُقَال فِي رياض وسعة
﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ فِي أَرض كَرِيمَة أَرض الْجنَّة ﴿عِندَ مَلِيكٍ﴾ ملك عَلَيْهِم ﴿مُّقْتَدِرِ﴾ قَادر بالثواب وَالْعِقَاب على عباده
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الرَّحْمَن وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سِتّ وَسَبْعُونَ وكلماتها ثَلَاثمِائَة وَإِحْدَى وَخَمْسُونَ وحروفها ألف وسِتمِائَة وَسِتَّة وَثَلَاثُونَ حرفا
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
سورة القمر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَمَر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الطارق)، وقد افتُتحت ببيانِ اقتراب أمر الله؛ من تحقُّقِ وقوع الساعة وشِدَّة اقترابها، وتقسيم الناس في جزائهم إلى أهلِ الجِنان، وأهل النِّيران والخسران؛ من خلال قصِّ سِيَرِ بعض الأنبياء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى.

ترتيبها المصحفي
54
نوعها
مكية
ألفاظها
342
ترتيب نزولها
37
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
55
العد الكوفي
55
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ ١ وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةٗ يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 1-2]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «سألَ أهلُ مكَّةَ النبيَّ ﷺ آيةً، فانشَقَّ القمرُ بمكَّةَ مرَّتَينِ؛ فنزَلتِ: {اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ} [القمر: 1] إلى قولِه: {سِحْرٞ مُّسْتَمِرّٞ} [القمر: 2]، يقولُ: ذاهبٌ». أخرجه الترمذي (٣٢٨٦).

* قوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «جاء مشرِكو قُرَيشٍ يُخاصِمون رسولَ اللهِ ﷺ في القَدَرِ؛ فنزَلتْ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اْلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٖ} [القمر: 48-49]». أخرجه مسلم (٢٦٥٦).

* سورة (القمر):

سُمِّيت سورةُ (القمر) بذلك؛ لافتتاحها بذكرِ انشقاق القمر، وهي معجزةٌ من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (القمر) في عيدَيِ الفطر والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (2820).

1. المقدمة (١-٥).

2. إنذارٌ ووعيد (٦-٨).

3. عاقبة قوم نوحٍ (٩-١٧).

4. عاقبة عادٍ (١٨-٢٢).

5. عاقبة ثمودَ (٢٣-٣٢).

7. عاقبة قوم لوطٍ (٣٣-٤٠).

8. عاقبة المكذِّبين من آلِ فرعون (٤١-٤٢).

9. تعقيبٌ وختام (٤٣-٥٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /515).

مقصدُ السورة بيانُ أمر الساعة، وتحقُّق وقوعها، وشدة قُرْبه، وإثباتُ الجزاء للمؤمنين بالجنان، وللكافرين بالنِّيران والخسران، ويشير ابن عاشور إلى مقصدها بقوله: «تسجيل مكابَرة المشركين في الآيات البيِّنة.

وأمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكابَرتهم.

وإنذارُهم باقتراب القيامة، وبما يَلقَونه حين البعث من الشدائد.

وتذكيرهم بما لَقِيَتْه الأُمَمُ أمثالهم من عذاب الدنيا لتكذيبهم رُسُلَ الله، وأنهم سيَلقَون مثلما لَقِيَ أولئك؛ إذ ليسوا خيرًا من كفار الأمم الماضية.

وإنذارهم بقتالٍ يُهزَمون فيه، ثم لهم عذابُ الآخرة، وهو أشد.

وإعلامهم بإحاطة الله علمًا بأفعالهم، وأنه مُجازيهم شرَّ الجزاء، ومُجازٍ المتقين خيرَ الجزاء.

وإثبات البعث، ووصف بعض أحواله.

وفي خلال ذلك، تكريرُ التنويه بهَدْيِ القرآن وحِكْمته». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /166).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /40).