تفسير سورة الأعلى

التفسير الميسر

تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب التفسير الميسر
لمؤلفه التفسير الميسر . المتوفي سنة 2007 هـ

﴿ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ( ١ ) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ( ٢ ) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ( ٣ ) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ( ٤ ) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ( ٥ ) ﴾
نَزِّه اسم ربك الأعلى عن الشريك والنقائص تنزيهًا يليق بعظمته سبحانه،
الذي خلق المخلوقات، فأتقن خلقها، وأحسنه،
والذي قدَّر جميع المقدرات، فهدى كل خلق إلى ما يناسبه،
والذي أنبت الكلأ الأخضر،
فجعله بعد ذلك هشيمًا جافًا متغيرًا.
﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى ( ٦ ) إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ( ٧ ) ﴾
سنقرئك –يا محمد- هذا القرآن قراءة لا تنساها،
إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها. إنه - سبحانه- يعلم الجهر من القول والعمل، وما يخفى منهما.
﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ( ٨ ) ﴾
ونيسرك لليسرى في جميع أمورك، ومن ذلك تسهيل تَلَقِّي أعباء الرسالة، وجعل دينك يسرًا لا عسر فيه.
﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى ( ٩ ) ﴾
فعظ قومك – يا محمد- بالقرآن إن نفعت الموعظة. فالتذكير واجب وإن لم ينفع، فالتوفيق بيد الله وحده، وما عليك إلا البلاغ.
﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ( ١٠ ) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى ( ١١ ) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ( ١٢ ) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا ( ١٣ ) ﴾
سيتعظ الذي يخاف ربه،
ويبتعد عن الذكرى الأشقى الذي لا يخشى ربه،
الذي سيدخل نار جهنم العظمى يقاسي حرَّها،
ثم لا يموت فيها فيستريح، ولا يحيا حياة تنفعه.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ( ١٤ ) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ( ١٥ ) ﴾
قد فاز مَن طهر نفسه من الأخلاق السيئة،
وذكر الله، فوحَّده ودعاه وعمل بما يرضيه، وأقام الصلاة في أوقاتها ؛ ابتغاء رضوان الله وامتثالا لشرعه.
﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ( ١٦ ) ﴾
إنكم -أيها الناس- تفضِّلون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة.
﴿ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ( ١٧ ) ﴾
والدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم، خير من الدنيا وأبقى.
﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى ( ١٨ ) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ( ١٩ ) ﴾
إن ما أخبرتم به في هذه السورة هو مما ثبت معناه في الصُّحف التي أنزلت قبل القرآن،
وهي صُحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.
سورة الأعلى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأعلى) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بتنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص، وإثباتِ العلوِّ المطلق له سبحانه، وجاءت على أمثلةٍ من قدرة الله عز وجل في هذا الكون؛ طلبًا من المؤمن أن يُزكِّيَ نفسَه، ويلجأَ إلى خالق هذا الكونِ وحده، و(الأعلى) هو أحدُ أسماءِ الله الحسنى، وقد حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتِها في غير موضع؛ كالجمعة، والعيدَينِ، والوتر.

ترتيبها المصحفي
87
نوعها
مكية
ألفاظها
72
ترتيب نزولها
8
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الأعلى):

سُمِّيت سورة (الأعلى) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1].

* وتُسمَّى كذلك بسورة {سَبِّحْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

* أمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُجعَل لفظُ أولِ آيةٍ من سورة (الأعلى) في السجود:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ اْلْعَظِيمِ} [الواقعة: 96]، قال رسولُ اللهِ ﷺ: «اجعَلوها في ركوعِكم»، فلمَّا نزَلتْ: {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: «اجعَلوها في سجودِكم»». أخرجه ابن حبان (١٨٩٨).

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءةِ سورة (الأعلى) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهْرِ: عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} ونحوِها، وفي الصُّبْحِ بأطوَلَ مِن ذلك». أخرجه مسلم (٤٦٠).

* في صلاة الوتر: عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ فيهنَّ في الأولى: بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ: بـ{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ: بـ{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (١٧٠١).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يَقرأُ في صلاةِ الجمعة بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. تسبيح وتعظيم (١-٥).

2. تكليف وامتنان (٦-١٣).

3. الحديث عن أهل التذكُّر (١٤-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /110).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «اشتملت على تنزيهِ الله تعالى، والإشارة إلى وَحْدانيته؛ لانفراده بخَلْقِ الإنسان، وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته على تَلقِّي الوحي.
وأنَّ اللهَ مُعطِيه شريعةً سَمْحة، وكتابًا يَتذكَّر به أهلُ النفوس الزكيَّة الذين يَخشَون ربهم، ويُعرِض عنهم أهلُ الشقاوة الذين يؤثِرون الحياة الدنيا، ولا يعبؤون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحيَ إليه يُصدِّقه ما في كتب الرسل من قبله؛ وذلك كلُّه تهوين لِما يَلقَاه من إعراض المشركين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /272).