تفسير سورة الغاشية

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا قال له:﴿ فَذَكِّرْ ﴾[الأعلى: ٩] إلى آخره، أَتْبعهُ بذكر الغاشيةِ وأهوالها فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * هَلْ أَتَاكَ ﴾: أي: قَدْ أتاك ﴿ حَدِيثُ ﴾: القيامة ﴿ ٱلْغَاشِيَةِ ﴾: للخلائق بشدائدها ﴿ وُجُوهٌ ﴾: أي: أصحابها ﴿ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾: ذليلة ﴿ عَامِلَةٌ ﴾: في الدنيا ﴿ نَّاصِبَةٌ ﴾: ذات نصب وتعب فيها بما لا ينفعها كالبمتدعة والرُّهبان، جاء شيخ كبيرٌ راهبٌ إلى عُمر رضي الله تعالى عنه في الشَّام، فبكى عمر وقال: هذا المسكين طلب أمرا فلم يصبه ورجا رجاء فأخطأ، وقرأ الآية ﴿ تَصْلَىٰ ﴾: تدخل ﴿ نَاراً حَامِيَةً ﴾: متناهية الحر أو دائمة ﴿ تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾: أي: شديدة الغليان ﴿ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ﴾: من النار، وهو شوك يابس لا ترعاه دابة لخبثه، واسم رطبة شِبْق، والزقومُ والغسلين طعام آخرين كما مر ﴿ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ ﴾: وهما فائدة الطعام ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ﴾: ذات نعمة ﴿ لِّسَعْيِهَا ﴾: في الدنيا ﴿ رَاضِيَةٌ ﴾: لجزيل ثوابه ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً ﴾: لغوا ﴿ فِيهَا عَيْنٌ ﴾: عظيمة ﴿ جَارِيَةٌ ﴾: بأنواع الأشربة اللذيذة ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ﴾: سمكاً وقَدراً ﴿ وَأَكْوَابٌ ﴾: أوان بلا عرى ﴿ مَّوْضُوعَةٌ ﴾: عندهم ﴿ وَنَمَارِقُ ﴾: وسَائدُ ﴿ مَصْفُوفَةٌ ﴾: بعضها بجنب بعض ﴿ وَزَرَابِيُّ ﴾: بسط فاخرة عريضة ﴿ مَبْثُوثَةٌ ﴾: مبسوطة ﴿ أَفَلاَ يَنظُرُونَ ﴾: أي: قريش ﴿ إِلَى ٱلإِبْلِ ﴾: أي: في هيئتها وقوتها ومنافعها ﴿ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ﴾: بلا عمد ﴿ وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴾: راسخة ﴿ وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾: بسطت، خصها لأن العرب يكثرون السفر عليها في القفار منفردين، فلم يروا عندهم إلاَّ إبلاً، وفوقهم السماء وحواليهم الجبال وتحتهم الأرض، وليس معهم الشاعل فلا بد لهم من تفكر ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ﴾: أي: مسلط فتقتلم، ونُخس بالقتال ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ مَن تَوَلَّىٰ ﴾: عن التذكر ﴿ وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ ﴾: بجهنم، واصغره تسلط المسلمين عليهم ﴿ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ﴾: أي: رجوعهم ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾: قدم الخبر مبالغةً في الوعيد.
سورة الغاشية
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الغاشية) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الذَّاريَات)، وقد افتُتحت بأسلوبِ استفهام لتهويل وصفِ يوم القيامة، وما يجري به من أحداثٍ؛ دلالةً على قدرة الله وعظمتِه، وعِبْرةً لمن خرج عن طريق الهداية حتى يعُودَ إليه، وقد حرَص رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتها في غير موضع؛ كالجمعة، والعِيدَينِ، والظُّهْرِ.

ترتيبها المصحفي
88
نوعها
مكية
ألفاظها
92
ترتيب نزولها
68
العد المدني الأول
26
العد المدني الأخير
26
العد البصري
26
العد الكوفي
26
العد الشامي
26

* سورة (الغاشية):

سُمِّيت سورة (الغاشية) بهذا الاسمِ؛ لذِكْرِ (الغاشية) في افتتاحها؛ وهي: اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* وتُسمَّى كذلك بـ {هَلْ أَتَىٰكَ} أو {هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة (الغاشية) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهر: عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّهم كانوا يَسمَعون مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الظُّهْرِ النَّغْمةَ بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه ابن حبان (١٨٢٤).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الجمعةِ بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. ثواب وعقاب (١-١٦).

2. آيات القدرة على البعث (١٧-٢٠).

3. وظيفة النبي الداعية (٢١-٢٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /116).

الدلالة على هولِ يوم القيامةِ، وما يَتبَعُه من أحداث؛ لحَثِّ الناس على اتباع طريق الحق، والإيمانِ بالله صاحبِ القدرة المطلقة، والخَلْقِ البديع الذي مَن تأمَّله عرَفَ خالقَه.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /294).