تفسير سورة الغاشية

معاني القرآن للزجاج

تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج المعروف بـمعاني القرآن للزجاج.
لمؤلفه الزجاج . المتوفي سنة 311 هـ

سُورَةُ الْغَاشِيَةِ
(مَكِّيَّة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله عزَّ وجلَّ: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)
قيل إن الغاشية القيامة لأنها تغشى الخلق، وقيل الغاشية النار لأنها
ْتغشى وجوه الكفار.
* * *
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢)
(خَاشِعَةٌ) خبر (وُجُوهٌ)، ومعنى خاشعة ذليلة.
* * *
(تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤)
ويقرأ (تُصْلَى).
* * *
وقوله (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥)
أي متناهية في شدة الحرِّ: كقوله: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤).
* * *
(لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦)
يعني لأهل النار، والضريع الشبرق.
وهو جنس من الشوك، إذا كان رطباً فهو شبرق، فإذا يبس فهوَ الضَّرِيعُ، قال كفار قريش: إنَّ الضريع لَتَسْمَنُ عليه إبِلُنَا، فقال اللَّه - عزَّ وجلَّ -
* * *
(لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧)
ومعنى (هَلْ أتَاكَ) أي هذا ألم يكن من عِلْمِكَ ولا من علم قَوْمِكَ، وكذلك
الأقاصيص التي أخبر بها النبي - ﷺ -.
قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -: (مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا).
* * *
وَمَعْنَى (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ): قيل إنها عاملة ناصبة في الدنيا لغير ما يقَربُ إلى
الله تعالى، وقيل إنهم الرهبان ومن أشبههم، وقيل (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) في النار.
فوصف مُقاساتها العذاب.
وقوله في صفة أهل الجنة: (لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١)
وقرئت (لَا يَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً)، وقرئت (لَا تُسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةٌ)
أي لا تسمع فيها آئمة.
ويجوز أن يكون لا تسمع فيها كلمة تلغى، أي تسقط، لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة، وحمد اللَّه على مارزَقَهم من نعيمه الدائم.
* * *
وقوله: (وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤)
الأكواب آنية شبيهة بالأباريق لا عرى لها.
* * *
(وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥)
واحدتها نمرقة.
* * *
(وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)
الذرابِي: البسط، واحدتها زربية.
* * *
وقوله: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)
نبههم الله على عظيم من خلقه قَد ذَلَّلَه للصغِيرِ يقوده وينتجهُ وينهضه.
ويحمل عليه الثقيل من الحمل وهو بارك فينهض بثقيل حمله، وليس ذلك في
شيء من الحوامِل غيره، فأراهم عظيماً من خلقه ليدلهم بذلك على توحيده.
* * *
(وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨)
يعنى بغير عَمَدٍ.
* * *
(وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩)
(نُصِبَتْ) مرساة مثبتة لا تزول.
(وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)
أَي دُحِيتَْ وَبُسِطَتْ.
* * *
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١)
هذا قبل أن يؤمر النبي - ﷺ - بالحرب.
* * *
(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)
أي بِمسَلَّط.
* * *
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤)
أي عذابَ جَهنَّمَ
* * *
(إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥)
(إيَّابهم)
وقُرئت إيابَهُمْ، بالتخفيف والتثقيل.
ومعنى إيابهم رجوعهم، ومَعْنَى (إيَّابهم) على مصدر أَيَّبَ إيَّاباً، على معنى فَيْعَلَ فِيعَالاً، من آب يؤوبَ والأصل إيوابا، فأدغمت الياء في الواو، وانقلبت الواو إلى الياء لأنها سبقت بسكونٍ.
سورة الغاشية
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الغاشية) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الذَّاريَات)، وقد افتُتحت بأسلوبِ استفهام لتهويل وصفِ يوم القيامة، وما يجري به من أحداثٍ؛ دلالةً على قدرة الله وعظمتِه، وعِبْرةً لمن خرج عن طريق الهداية حتى يعُودَ إليه، وقد حرَص رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءتها في غير موضع؛ كالجمعة، والعِيدَينِ، والظُّهْرِ.

ترتيبها المصحفي
88
نوعها
مكية
ألفاظها
92
ترتيب نزولها
68
العد المدني الأول
26
العد المدني الأخير
26
العد البصري
26
العد الكوفي
26
العد الشامي
26

* سورة (الغاشية):

سُمِّيت سورة (الغاشية) بهذا الاسمِ؛ لذِكْرِ (الغاشية) في افتتاحها؛ وهي: اسمٌ من أسماءِ يوم القيامة.

* وتُسمَّى كذلك بـ {هَلْ أَتَىٰكَ} أو {هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظ.

 حرَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة (الغاشية) في كثيرٍ من المواطن؛ من ذلك:

* في صلاة العِيدَينِ: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في العِيدَينِ بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أحمد (٢٠١٦١).

* في صلاة الظُّهر: عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّهم كانوا يَسمَعون مِن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الظُّهْرِ النَّغْمةَ بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه ابن حبان (١٨٢٤).

* في صلاة الجمعة: عن سَمُرةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الجمعةِ بـ{سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ اْلْغَٰشِيَةِ}». أخرجه أبو داود (١١٢٥).

1. ثواب وعقاب (١-١٦).

2. آيات القدرة على البعث (١٧-٢٠).

3. وظيفة النبي الداعية (٢١-٢٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /116).

الدلالة على هولِ يوم القيامةِ، وما يَتبَعُه من أحداث؛ لحَثِّ الناس على اتباع طريق الحق، والإيمانِ بالله صاحبِ القدرة المطلقة، والخَلْقِ البديع الذي مَن تأمَّله عرَفَ خالقَه.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /294).